صورة كنيسة مارجرجس للأقباط الكاثوليك -قرية حجارة-مركز قوص-محافظة قنا

المبادرة المصرية تنتقد قيام أجهزة الدولة بغلق كنائس قدَّمت طلبات تقنين أوضاعها وتطالب بالإفراج عن المقبوض عليهم، غلق 14 كنيسة منذ صدور قانون بناء الكنائس، كانت تجرى فيها الصلوات الدينية بانتظام

بيان صحفي

30 أبريل 2018

أدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية _اليوم_ قيام أجهزة الدولة بغلق عدد من الكنائس التي قدمت طلبات رسمية إلى لجنة توفيق أوضاع الكنائس للحصول على التراخيص اللازمة وفقًا لقانون بناء الكنائس رقم 80 لسنة 2016. كما انتقدت المبادرة المصرية طريقة تعامل الأجهزة الأمنية مع الاحتجاجات الرافضة وجودَ هذه الكنائس، لا سيما أنها تطورت في عدد من الحالات إلى اعتداءات طائفية، حيث قامت الأجهزة الأمنية بالقبض على أعداد من الطرفين، للضغط على الأقباط للقبول بالصلح العرفي، للإفراج عن المقبوض عليهم مع استمرار غلق هذه الكنائس.

كانت عدة قرى في محافظات مختلفة، قد شهدت توترات واعتداءات على الأقباط لقيام لجان محلية بمعاينة كنائس قدمت أوراقها إلى لجنة توفيق الأوضاع، كان آخرها ما جرى في قرى: بني منين في مركز الفشن، كومير والحليلة في مركز إسنا، الطود في مركز أبو تشت كما سيرد في بيان الأحداث.

ورصدت المبادرة المصرية قيام مؤسسات الدولة بغلق 14 كنيسة قائمة، جرت إقامة الشعائر الدينية فيها في فترات سابقة على قرار الغلق، وذلك منذ صدور قانون بناء الكنائس في 28 سبتمبر 2016 وحتى إبريل 2018، أربع منها منذ بداية العام الحالي، حيث تم منع الأقباط من الوصول إلى الكنائس أو إقامة أية صلوات في داخلها، وهو ما يخالف قانون بناء الكنائس الذي نصَّ على استمرار الصلاة في الكنائس القائمة قبل صدور القانون حتى لو لم تنطبق عليها شروط توفيق الأوضاع الواردة في القانون وفي قرار رئيس الوزراء الخاص بتشكيل اللجنة المعنية بذلك.

وقال إسحق إبراهيم مسئول ملف حرية الدين والمعتقد في المبادرة المصرية:

"أدت الصعوبات القانونية التي تواجه عملية بناء الكنائس، بالإضافة إلى رفض قطاع من المواطنين المسلمين، ورضوخ أجهزة الدولة لهذه الاعتراضات المحلية إلى ظهور ما يمكن تسميته بالكنائس التي تتخذ شكل البيوت. فالحاجة خلقت نوعًا من التحايل على صعوبات البناء. ففي كثير من اﻷحيان يلجأ مواطنون أقباط إلى شراء منزل وهدم حوائطه الداخلية وتفريغه ليكون ملائمًا لممارسة الشعائر الدينية، ثم تبدأ ممارسة الشعائر الدينية بعدها بانتظام، ويعين رجل دين للقيام بالطقوس الدينية. وبعد ذلك، يسري إلى علم الأجهزة الأمنية تحويل المكان إلى كنيسة، ويتعارف عليه من جميع المسئولين والجيران بأنه كنيسة".

وأضاف إبراهيم: "أنشئت نسبة كبيرة من الكنائس خلال العقود الأخيرة بهذه الصورة. هذه الكنائس لا تحوز ترخيصًا رسميًّا، لكنها أصبحت بقوة الأمر الواقع كنيسة، وقدمت هذه الكنائس أوراقها إلى لجنة توفيق الأوضاع وفقًا للقانون".

وحذرت المبادرة المصرية من أن هذه الوقائع مرشحة للتكرار بمعدل متزايد، طالما استجابت مؤسسات الدولة لرغبات الرافضين وجودَ الكنائس ومنحت الجهات الأمنية وسلطات الحكم المحلي سلطة غلق الكنائس بالمخالفة للدستور والقانون، وأكدت خطورة أن يتحكم قطاع من المواطنين عمليًّا في حق ممارسة الشعائر الدينية لقطاع آخر من المواطنين.

كانت المبادرة المصرية قد انتقدت سابقًا أداء لجنة توفيق أوضاع الكنائس البطيء في دراسة الطلبات المقدمة إليها، وإضفاء طابع السرية على عملها، وهو ما ينتهك حق المواطنين في معرفة الأسس الحاكمة لعملية منح أو رفض الترخيص لكنيسة أو مبنى خدمات، وعدم تحديد مدة زمنية للانتهاء من نظر الطلبات والرد عليها، وهو ما يعطي الفرصة للمماطلة ويوفر أجواءً للتوتر خصوصًا في القرى التي توجد فيها أعداد قليلة من المسيحيين.

وطالبت المبادرة المصرية بإعادة فتح الكنائس المغلقة وتمكين المواطنين من أداء شعائرهم الدينية، مع الإفراج عن المقبوض عليهم عشوائيًّا من أقباط قريتي بني منين في مركز الفشن، وكومير في مركز إسنا، ومحاسبة الأطراف التي قامت بالتحريض والاعتداءات على منازل الأقباط. كما جددت المبادرة مطلبها بضرورة الموافقة على كل طلبات الكنائس والمباني الخدمية المقدمة إليها لتوفيق أوضاعها بدون إرسال لجان محلية للمعاينة.
 

لمزيد من التفاصيل حول التوترات والاعتداءات الطائفية الخاصة ببناء الكنائس:

بيان تفصيلي عن وقائع غلق الكنائس منذ بداية العام 2018

أولًا: وقائع الاعتداءات على أقباط قرية بني منين وغلق الكنيسة

السبت 14 إبريل 2018، اعتدت مجموعات من أهالي قرية بني منين مركز الفشن جنوب محافظة بني سويف على أقباط القرية ومبنى كنسي تحت اسم "كنيسة السيدة العذراء والبابا كيرلس" يستخدم لإقامة الشعائر الدينية، تم الاعتداء بالطوب والحجارة والعصي، وذلك لرفض أهالي القرية المسلمين وجود كنيسة في القرية. وشهدت القرية توترات قبل عدة أيام من الاعتداءات نتيجة قيام أجهزة الأمن باستدعاء عدد من الأقباط والتحري عن وجود كنيسة في القرية بدون الحصول على التراخيص اللازمة من الجهات الأمنية.

بدأت أزمة كنيسة السيدة العذراء والبابا كيرلس يوم الأربعاء 11 إبريل، على خلفية اتصالات من مسئولي قسم شرطة الفشن بعدد من الأقباط، ثم استدعاء منصور شحاتة، محامٍ من أقباط القرية، وسؤاله عن وجود كنيسة في القرية دون الحصول على تصريح رسمي.

وقال منصور شحاتة في شهادة للمبادرة المصرية: تلقيت اتصال تليفوني من أمين شرطة يدعى محمد ربيع مسئول نقطة الشرطة بالقرية يستفسر عن الكنيسة، وقال أمين الشرطة: إنتو عاملين جمعية وبتصلوا فيها، ورديت: الكنيسة موجودة من زمان ومعروفة وبنصلي فيها. بعدها جاء اتصال تليفوني من النقطة يبلغني أن المأمور عايز يشوفني، رحت قسم شرطة الفشن، وبعد عدة ساعات قابلت الضابط أحمد حسن بالبحث الجنائي، قاللي: إيه إللى إنت قولته ده يا عم منصور، رايح تقول لرئيس النقطة إنك هتجيب جرس كبير وسماعات وتصلي بصوت عالي. فرديت عليه بأن ده محصلش طبعًا، إحنا بنصلي فى المكان من زمان، وهوَّه دور واحد ولا توجد قبة عشان نركب صليب أو جرس يعني ده مش حقيقي، وقال المأمور: كلامك ده ممكن يعمل فتنة ويولع في البلد وطلب من منصور إنه يكتفي بدار المناسبات تستخدم للعزاء ومتصليش عشان متحصلش زيطة".

في اليوم الثاني_الخميس_ قام مسئولو قسم شرطة الفشن باستدعاء بباوي حكيم غالي، وهو مالك سابق لجزء من المبنى، وقد باعه إلى رشدي لبيب مواطن مسيحي في القرية، الذي بدوره باع المبنى منذ عشر سنوات إلى الأنبا إسطفانوس أسقف ببا والفشن، وقامت نيابة الفشن بالتحقيق مع بباوي غالي، بناءً على محضر حررته الوحدة المحلية لمركز ومدينة الفشن رقم 6969 جنح مركز الفشن ضد كلٍّ من بباوي حكيم غالي وبباوي منير سليمان مقيمين بقرية منين واتهامهما بإدخال تعديلات داخل منزل مملوك لهما وتحويله إلي كنيسة وتم وقف الأعمال بالقرار رقم 16 لسنة 2018 وقررت نيابة الفشن إخلاء سبيلهما من ديوان قسم الشرطة.

وفي قسم شرطة الفشن، طلب رئيس المباحث من بباوي حكيم التوقيع على محضر إزالة للمبنى لأنه مخالف فرفض التوقيع، ثم طلبوا منه التوقيع على محضر وقف المخالفات فوقع عليه مع إضافة أن المبنى كان ملك والده، وقام ببيعه منذ عشر سنوات، وهو حاليًّا عبارة عن كنيسة تقام فيها الشعائر الدينية.

يذكر أن مبنى الكنيسة كان عبارة عن عدة منازل متجاورة، قام أصحابها ببيعها جميعًا إلى رشدي لبيب منصور، الذي ضمها إلى منزله، وبدوره قام ببيع المبنى للأنبا إسطفانوس أسقف ببا والفشن.

وحصلت المبادرة المصرية على صورة من عقد مؤرخ في 7 مايو 2010 بين رشدي لبيب منصور والأنبا إسطفانوس، جاء فيه أن الطرف الأول باع وأسقط وتنازل للطرف الثاني بصفته مساحة قدرها 460 مترًا مربعًا بناحية بني منين عبارة عن مبنى تقام فيه الشعائر الدينية لطائفة الأقباط الأرثوذكس وبه حجرة القربان وهياكل ودورة مياه ومبنى خدمات، والعقد عليه صحة توقيع بحكم من محكمة الفشن الجزئية بتاريخ 11 مارس 2017. كما حصلت المبادرة على صورة من كشف حصر الكنائس والمباني الخدمية المراد ترخيصها بإيبارشية ببا والفشن، وورد في مسلسل 52 من الكشف اسم كنيسة السيدة العذراء والبابا كيرلس بقرية بني مني، وكذلك شهادة صلاحية المبنى للإشغال من نقابة المهندسين المصريين، ومكتوب أن المبنى عبارة عن كنيسة العذراء والبابا كيرلس دور عبادة.

كانت الصلاة تتم بشكل غير منتظم، حيث بدأت بقداس كل شهر ينظم عادة في الساعات الأولى من اليوم، وبحضور أعداد قليلة من الأقباط لعدم لفت الانتباه، ثم تطور مع مرور الوقت إلى قداس أسبوعي، وبحضور من يريد، عادة ما كان يعقد كل يوم سبت صباحًا.

وقال أحد كهنة إيبارشية ببا والفشن:

"إحنا بنصلى في الكنيسة من 2010، حيث باع رشدي لبيب المبنى للمطرانية، وبدأ الصلاة وقتها على فترات متباعدة كل شهر ثم كل 15 يومًا، وكنا بنعمل القداسات بدري قبل ما الناس تروح أشغالها، وبمرور الوقت عملنا القداس كل يوم سبت يجي أبونا (القس المسئول) يعمل القداس ويمشي، وإحنا في الأيام التانية بنعمل اجتماعات، والمكان كان معروف إننا بنصلي فيه. الكنيسة مبنيه بالبلوك الحجري ومن دور واحد ومسقوفة بالخشب وتقع وسط منازل مسيحيين، ملحق بها دار مناسبات يعقد فيها العزاء، ومن الداخل توجد قاعة الصلاة ومذبحين وكنب خشب وتقام فيها الصلوات. وعندما عمل أهالي القرية بالمبنى لم يعترضوا، وقالوا صلوا فيها لا توجد موانع ولم يتقدم أي منهم بشكوى رسمية.

في يوم الجمعة، كان مقرر قيام عدد من مسئولي محافظة بني سويف ومركز الفشن بافتتاح مسجد اليتيم بالقرية، وفي السادسة صباح قام مدير أمن المحافظ وعدد من المسئولين التنفيذية والمحلية بزيارة الكنيسة وتفقدها، واستخدمت قاعة المناسبات كغرفة لإراحة قوات الأمن التي حضرت إلى القرية، ووفقًا لشهادة مسيحيين بالقرية فإن مدير الأمن قال لهم: "مبروك عليكم الكنيسة"، وهذا وقدم قدم عدد من مسيحيي القرية التهنئة ومياه غازية للمصلين عقب صلاة الجمعة على افتتاح المسجد والذين بدورهم قاموا بتهنئة المسيحيين على الكنيسة.

وقد تلقى منصور شحاتة اتصالًا تليفونيًّا من أحد أفراد الأمن يدعى عاطف للسؤال عن ميعاد الصلاة القادمة في الكنيسة، للتنسيق مع قوة الحراسة على الكنيسة، وسأل: هل يتم تنظيم قداس صباح الأحد؟ وقال منصور في شهادته: سألت الآباء الكهنة وقررنا تنظيم اجتماع للصلاة مساء السبت (6-8) مساء. وفي الوقت المحدد للاجتماع غادر ثلاثة من أفراد الشرطة هم: شعبان محمد وجمعه عبد الحميد ومحمد جاب الله كانوا يحرسون المبنى من اليوم السابق، وعندما اتصل بهم أحد الأقباط قالوا: "إحنا مش في الخدمة وملناش دعوة خلصوا صلاة مع نفسكم".

بينما أشارت بعض المصادر إلى أن أجواء التوتر عادت إلى القرية عقب نشر أحد أقباط القرية يدعى "جمال" يوم الجمعة _13 إبريل_ دعوة عن تنظيم احتفال ديني في الكنيسة، عبر صفحته الشخصية على الفيس بوك، وهو ما اعتبره بعض المسلمين استفزازًا لمشاعرهم، حيث يعتبرون المبنى جمعية وليس كنيسة رسمية. على أثر ذلك، وصلت بعض التهديدات بوجود نية بالاعتداء على المبنى، وبدورها قامت قيادات الكنيسة بإبلاغ مسئولي الأمن الوطني الذين طالبوهم بإلغاء الحفل والتهدئة وعدم نشر الواقعة. وقد أنهى أقباط القرية الاجتماع بعد نصف ساعة من بدايته بناءً على اتصال القيادات الدينية.

مع الساعة السابعة مساء، نظم عشرات من مسلمي القرية مسيرة بشوارعها خصوصًا في المناطق التي توجد بها تجمعات مسيحية، وهم يرددون هتافات عدائية، ويرشقون منازل المسيحيين بالطوب والحجارة، ويقرعون الأبواب والشبابيك بعنف، ثم توجهوا إلى المنطقة التي فيها الكنيسة، وحدث تراشق بالطوب والحجارة ثم جاءت قوات الأمن ووقفت بجوار الكنيسة وعملت كردونًا أمنيًّا، وفرضت سيطرتها على القرية، وحرر قسم الشرطة محضر رقم 2003 لسنة 2018 إداري الفشن.

وقال أشرف سمير في شهادته للمبادرة:

"بيوتنا حوالين الكنيسة، لما عرفنا بالهجوم، كل واحد رجع وقفل باب البيت وطلع فوق، كانوا شباب كتير من القرية معهم زلط وعصيان وبيرموا طوب على البيوت، وبيخبطوا على الأبواب وبيشتموا فينا، والكهرباء قطعت مع بداية الهجوم، وفيه ناس حدفت عليهم طوب من فوق البيوت عشان يمشوا، وقد تدخل بعض المسلمين ومشوا الشباب، مثل الشيخ جمعة عباس، دافع عن بيت الأستاذ صبري هو وزوجته ومشوهم. في الناحية التانية عند الكنيسة، كان فيه شباب مسيحي لمَّا لاقوا الهجوم قرب الكنيسة رموا طوب على المتظاهرين عشان يبعدوهم، استمرت الأحداث حوالى 3 ساعات، والأمن بعدها وصل".

بسبب الهجوم تضررت بعض أبواب ونوافذ عدد من المنازل، وزجاج سيارة نص نقل وواجهة صيدلية الدكتور مكرم، ومحتويات مخبز بلدي.

تجددت الاعتداءات في الثامنة مساء الاثنين 16 إبريل، حيث نظم عشرات الشباب مسيرة تردد هتافات عدائية تجاه الأقباط، ثم أشعلت النيران في حظيرتين للماشية ملك سمير عزيز وعزت عزيز، كما أشعلت النيران في حظيرة ملك مواطن مسلم يدعى شحاتة كمال كان قد اشتراها من آخر مسيحي، كما تم إتلاف ماكينتين للري، وحرر محضر 2033 إداري الفشن.

بينما أفاد علي رياض عضو مجلس النواب عن مركز الفشن:

"الوضع آمن ومستقر، إللي عمل كدا أطفال مش شباب يعني، الوحدة المحلية قالت لو لهم لو معاه تصريح تمام، وفي شروط للكنائس والمساجد، إذا كانت متوافرة يبنوا الكنيسة مفيش حد فوق القانون، أنا وهو كان فيه مبنى هناك بيتجمعوا يصلوا فيه والأمن مستتب مفيش حاجة وهو حادث زي إللي بتحصل في أي حتة وهتخلص الأمن مسيطر على الوضع الآن".

فجر الأحد 15 إبريل، قامت قوات الأمن بالقبض على أحد عشر شخصًا من كل طرف، وقامت بإحالة 11 مسلمًا و9 مسيحيين إلى النيابة العامة التي قامت بالتحقيق مع المتهمين، ووجهت إليهم تهم: التجمهر والبلطجة واستخدام أسلحة بيضاء (حجارة) وإثارة الشغب، وقد أنكر جميع المتهمين التهم المنسوبة إليهم، وأصدرت النيابة قرارًا بالحبس 4 أيام ثم تم التجديد 15 يومًا على ذمة التحقيقات، ولا يزالون محبوسين على ذمة التحقيقات.

بينما تم التحفظ على مسيحيينِ اثنين هما ميلاد محروس عدلي، ناجح حكيم غالي، بحجز قسم شرطة الفشن، ولم يتم إحالتهما إلى النيابة العامة، ثم عقب تجدد الاعتداءات ألقت قوات الأمن القبض على 5 أقباط آخرين: ميلاد رشدي لبيب، عوض عياد صادق، هاني رؤوف عدلي، فرج الله شحاتة فرج الله، عماد بباوي، وبذلك أصبح عدد المحتجزين داخل قسم شرطة الفشن 7 مسيحيين.


ثانيًا: غلق كنيسة مار جرجس في قرية كومير

في 31 مارس 2018، قام عدة مئات من مسلمي قرية الكومير في مركز إسنا بمحافظة الأقصر بتنظيم مسيرة داخل شوارع القرية اعتراضًا على إجراءات تقنين كنيسة مار جرجس، ومطالبين بغلقها، حيث قاموا بقطع خط السكة الحديد الخاص بقطار قصب السكر، كما قاموا برشق منازل الأقباط بالطوب والحجارة، مع ترديد هتافات دينية منها: "لا إله إلا الله" وأخرى عدائية ضد أقباط القرية منها: "الكنيسة وقعت والقسيس مات، مش عاوزين كنيسة"، بينما التزم أقباط القرية الذين يبلغ عددهم نحو ألف شخص داخل منازلهم وفقًا لمسئولين دينيين محليين، وقد جاءت قوات الأمن بأعداد كبيرة وفضت التجمهر.

وفقًا للشهادات التي حصلت عليها المبادرة المصرية فإن الاحتجاجات جاءت عقب قيام لجنة تابعة للجنة توفيق أوضاع الكنائس مكونة من أعضاء في المجلس المحلي لقرية كومير وبعض موظفي لجنة الإسكان في مركز إسنا بمعاينة الكنيسة قبل 5 أيام من الاحتجاجات، حيث أن مطرانية إسنا قدمت الأوراق والمستندات الخاصة بالكنيسة لتوفيق أوضاعها.

ويعود وجود الكنيسة إلى عام 1985، حيث اعتاد أقباط القرية الصلاة في أحد المنازل المكون من طابق واحد، والمبني من الطوب اللبن وسقفه من الخشب، ذلك على فترات متقطعة خصوصًا أن منازلهم متجاورة داخل منطقة واحدة في القرية، وبمرور الوقت تمت إقامة الشعائر الدينية بانتظام بعد تهيئة المكان، وفي العام 2006 قامت مطرانية إسنا بشراء المنزل ليصبح كنيسة مار جرجس ومساحتها 221 مترًا مربعًا، ثم اشترت مبنًى مجاورًا مساحته 139 مترًا مربعًا مكون من ثلاثة طوابق يستخدم حاليًّا كحضانة ومضيفة واستراحة للكاهن الذي يقيم الصلوات الدينية.

وقال أحد أقباط القرية:

"الكنيسة موجودة من الثمانينيات ومعروفة لجميع الناس، وفيه أب كاهن لإقامة القداسات والخدمات الدينية من مدارس أحد وغيرها، ويتردد أهالي القرية المسلمين على مبنى المناسبات المجاور لحضور المناسبات الاجتماعية. لكن عندما جاءت لجنة توفيق أوضاع الكنائس المكونة من موظفين من المحليات والمجلس القروي وعاينت الكنيسة، تم التحريض ضدنا، إحنا صلينا عشية حد الزعف (في مساء يوم السبت الذي يسبق أحد السعف) وروحنا بيوتنا، ومئات من الشباب والكبار كان يرموا الطوب علينا ويشتموا في الأقباط وراحوا قطعوا شريط السكة الحديد بتاع قطر القصب".

في اليوم التالي _الأحد_ قامت حملة من قوات الأمن بالقبض على عدد من المواطنين من داخل منازلهم، حيث قبضت على 15 من المسلمين و7 أقباط، وبتاريخ 31 مارس 2018 حرر محضر رقم 2041 لسنة 2018 إداري إسنا بمعرفة مأمور قسم شرطة إسنا يفيد بتردد شائعات داخل قرية كومير بأن الأقباط سيحولون مضيفة موجودة بين منازلهم إلى كنيسة، بينما أفاد المتهمون الأقباط في أقوالهم بأن المبنى كنيسة تقام بداخلها الشعائر الدينية منذ عام 1985 وليست مضيفة، وأن ملكية المكان لمطرانية إسنا.

وجاء بالمحضر أن أهالي القرية تجمعوا في مدخل القرية، ونظموا مظاهرة، ورددوا شعارات منها: "الله أكبر، لا للكنيسة" وقد انتقلت قوات الأمن وقامت بتفريق المتجمهرين.

وبناء على شهادة أشرف شكير محامي مطرانية إسنا فإن محضر التحريات حول الواقعة، جاء به أن مظاهرة في القرية نظمت لرفض تحويل مضيفة إلى كنيسة، وتم ترديد هتافات ضد المسيحيين، ووجهت النيابة العامة إلى المتهمين من الجانبين المسلمين والمسيحيين، عدة تهم منها: قطع الطريق العام (سكة حديد) وتأخير قطار قصب السكر، تكدير الأمن والسلم الداخلي، بث القلق والرعب في نفوس الأهالي الآمنين من المسلمين والمسيحيين.

وقررت النيابة العامة حبس المتهمين 15 يومًا على ذمة التحقيقات، ثم تم التجديد 28 إبريل 15 يومًا.

وقد نظمت جلسة عرفية في 26 إبريل حضرها كبار العائلات من القرية والقرى المجاورة ولجنة المصالحات بالمركز، ووقع محضر للصلح قدم إلى النيابة العامة يتضمن عددًا من البنود مفادها أن ما حدث هو مشاجرة بين مسيحيي ومسلمي القرية، وأنهم اتفقوا على إنهاء النزاع بالقرية، وتنازل كل طرف عن حقوقه القانونية. ولم يناقش وضع الكنيسة، فقد أغلقتها الأجهزة الأمنية ووضعت حراسة عليها ومنعت دخولها، ويضطر الأقباط للصلاة بكنيسة دير الشهداء بإسنا على مسافة 13 كيلو مترًا من القرية.

ووفقًا لعدة شهادات من أهالي القرية، فقد حاول الجانب المسيحي عدة مرات أن يضع بندًا في الاتفاق ينص على حق أقباط القرية في إقامة الشعائر الدينية وفقًا للقانون، فرفض المشاركون من الجانب المسلم، كما رُفض النص على حق الأقباط في حرية العبادة وفقًا للدستور والقانون رقم 80 لسنة 2016. وفقًا لمصادر كنسية فإن أهالي القرية المسلمين يرفضون بشدة وجود كنيسة بالقرية حتى لو صدر تصريح رسمي من الجهات الأمنية.

 

ثالثًا: غلق كنيسة الأنبا كراس في قرية الحليلة

16 إبريل 2018، قامت قوات الأمن بغلق كنيسة الأنبا كراس في قرية الحليلة بمركز إسنا محافظة الأقصر، إثر تجمهر عشرات من شباب القرية أمام الكنيسة، وهم يرددون هتافات ضد وجود كنيسة أو رجل دين مسيحي بالقرية، وجاءت قوات الأمن بسرعة، وأنهت التجمهر مباشرة. وطالبت الأجهزة الأمنية مسيحيي القرية بغلق الكنيسة وعدم ممارسة أية شعائر دينية بها، وعينت حراسة عليها.

وأفاد مسئولو الكنيسة للمبادرة المصرية: "الكنيسة تأسست في التسعينيات، كان شكلها بسيط جدًّا، وتجرى فيها الصلوات بشكل غير منتظم، ثم جرت توسيعها، والصلاة فيها بانتظام منذ 2015 وبشكل رسمي، وبمعرفة أهالي القرية المسلمين وأجهزة الأمن، وقدمت طلبًا رسميًّا مدعومًا بالمستندات للجنة توفيق أوضاع الكنائس، وقبل الأحداث بعدة أيام قامت لجنة من المحليات تابعة للجنة توفيق أوضاع الكنائس بزيارة الكنيسة ومعاينتها، وهى مبنية علي مساحة 200 متر مربع، و تخدم حوالي 120 أسرة: 86 أسرة في قرية الحليلة و34 أسرة في النجوع المجاورة. هذا، وقام مسئولو المحليات بقطع التيار الكهرباء يوم 28 إبريل عن المكان.


رابعًا: غلق كنيسة السيدة العذراء في قرية الطود

21 مارس 2018، تجمهر المئات من مسلمي قرية الطود مركز أبو تشت شمال محافظة قنا، معترضين على تقنين كنيسة العذراء في القرية، ومطالبين بغلقها. وكانت لجنة مكونة من عدد من مسئولي المحليات وإدارة الإسكان في طريقها لمعاينة الكنيسة التي قدمت الأوراق المطلوبة إلى لجنة توفيق أوضاع الكنائس، لكن تم منعها من إجراء المعاينة.

وأفاد عدد من شهود العيان أنه جرى تسريب خبر قيام اللجنة بمعاينة الكنيسة في اليوم السابق للأحداث، حيث تم التحريض ضد الكنيسة في شوارع القرية وعدد من مساجدها. وقد اعتدى المتظاهرون على مبنى الكنيسة من الخارج، وقاموا بتكسير زجاج النوافذ وعداد الكهرباء إلا أن بعض العقلاء طالبوهم بالابتعاد، وعدم اقتحام الكنيسة، فرشقوا منازل الأقباط المجاورة بالحجارة، ثم قاموا ببناء سور من الطوب الحجري ارتفاعه قرابة المتر والنصف على مدخل الشارع المؤدي إلى الكنيسة، وهم يرددون هتافات منها: "بالطول والعرض هنجيب الكنيسة الأرض". وعندما جاءت لجنة الإسكان في الثالثة عصرًا وجدت الأوضاع مشتعلة داخل القرية، وغادرت بدون إجراء المعاينة، وفور مغادرة اللجنة تفرق المتظاهرون، لاسيما بعد وصول قوات الأمن إلى القرية، التي لم تقبض على أيٍّ من الأهالي.

كما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حملات للتحريض على غلق الكنيسة بحسابات منسوبة إلى أشخاص ينتمون إلى القرية _لدى المبادرة المصرية نسخة منها_ مثل:

"الحمد الله الذي تتم به الصالحات، بشرى سارة لأهل الطود الكرام بعد معاينة اللجنة المكلفة من مجلس مدينة أبو تشت بخصوص تجديد وبناء كنيسه بالقرية، وبعد شهادة الشهود وهو الأخ جاد الله شاكر مسعود، هل من قبل كان يوجد كنيسه بهذا المكان وأجاب بأن هذا المكان بيت وما زال بيت ولا توجد كنيسة".

وكتب آخر: "الطود تمرض ولكن لن تموت، تحية تقدير وإجلال لكل شباب الطود. الطود فوق الجميع عذرًا أيها الأقباط لن يكون ببلدنا الحبيبة إلا دار العبادة للمسلمين فقط".

22 مارس، عقدت جلسة عرفية في منزل أحد أعيان القرية، انتقد فيها مسلمو القرية قيام المسيحيين بتقديم طلب لتقنين وضع الكنيسة إلى لجنة توفيق أوضاع الكنائس، معتبرين ذلك سبب الفتنة، وانتهت الجلسة إلى رفض وجود كنيسة في القرية وغلق المكان. وخلال الجلسة لم يسمح للأقباط بالحديث عن حقهم في ممارسة الشعائر الدينية، كما لم تتم مناقشة الاعتداءات التي وقعت على بعض المنازل وبناء سور وغلق الشارع عن المنطقة التي يسكنها أقباط.