المبادرة المصرية تطالب الحكومة بالإفصاح وباحترام الدستور في اتفاقيات محطة الضبعة
بيان صحفي
طالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الحكومة المصرية بالإفصاح عن تفاصيل اتفاقيات محطة الضبعة النووية، كما طالبتها بالالتزام بالدستور وبعرض اتفاقية إنشاء محطة الضبعة النووية واتفاقية القرض المتعلق بها على البرلمان والحصول على موافقته قبل التنفيذ وعدم المضي قدمًا في المشروع في ظل هذه الأوضاع، كما حثت البرلمان على تحمل مسئوليته ومطالبة الحكومة بعرض ومراجعة الاتفاقيتين.
قالت د. راجية الجرزاوي الباحثة البيئية في المبادرة المصرية: "إن إدارة الملف النووي بهذا الأسلوب الذي يعصف بالدستور والقانون وبموارد الأجيال الحالية والقادمة وبسياسات الأمان النووي، يدفع بنا نحو عواقب وخيمة، وأضافت أن الطاقة النووية شأن يخص المجتمع كله".
وكان يوم 11 ديسمبر 2017 الماضي قد شهد مراسيم التوقيع على وثيقة إعطاء إشارة البدء في مشروع الضبعة النووي، وذلك في حضور الرئيسين المصري والروسي أثناء زيارة الأخير إلى مصر، وقد صرح السيد وزير الكهرباء في عدد من اللقاءات الإعلامية التالية، أنه بتوقيع هذه الوثيقة تكون العقود الأربعة المتعلقة بإنشاء المحطة قد دخلت حيز التنفيذ، وأن العمل في المشروع سيبدأ مباشرة.
وكانت الحكومة المصرية قد عقدت في 19 من نوفمبر 2015 اتفاقيتين مع الحكومة الروسية، عقدت الأولى بين وزارة الكهرباء المصرية وشركة روس آتوم الروسية الحكومية لبناء محطة نووية، تتكون من أربعة مفاعلات قدرة كل منها 1200 ميجا وات في منطقة الضبعة، وعقدت الاتفاقية الثانية بين وزارتي المالية المصرية والروسية بتقديم قرض من الحكومة الروسية إلى مصر بقيمة 25 مليار دولار يستخدم في بناء المحطة، بالإضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم بين هيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية و الجهاز الفيدرالي لرقابة البيئة في روسيا. وقد شهد الرئيس المصري مراسم التوقيع.
وفي 24 من ديسمبر سنة 2015 وافق السيد رئيس الجمهورية على الاتفاقية المتعلقة بتقديم القرض، مع التحفظ بشرط التصديق من البرلمان، لكن الاتفاقية لم تنشر في الجريدة الرسمية، سوى بعد حوالي خمسة شهور وذلك في 19 مايو 2016، ولم تعرض اتفاقية القرض على البرلمان حتى الآن كما يوجب نص المادة 151 من الدستور، رغم تقدم عدد من النواب بطلبات إحاطة لمناقشة الاتفاقية، وهو ما يعني أن الاتفاقية لم تدخل قانونيًّا حيز التنفيذ ولا يجوز بالتالي استخدامها.
وتنص اتفاقية القرض على حصول مصر على قرض حكومي روسي بقيمة 25 مليار دولار، لتمويل 85% من الأعمال والخدمات الخاصة بمشروعات محطة الضبعة النووية، على أن يستخدم القرض لمدة 13 عامًا خلال الفترة الزمنية من 2016 إلى 2028، ويدفع الطرف المصري الفائدة من القرض بمعدل 3% سنويًّا، يبدأ حسابها من اليوم الأول للأقساط، وفى حالة عدم سداد أيٍّ من الفوائد المذكورة خلال 10 أيام عمل، يخضع كمتأخرات لفائدة قيمتها 150% من معدل الفائدة المذكورة تحسب يوميًّا، على أن يسد القرض على مدار 22 عامًا، تبدأ اعتبارًا من عام 2029.
سيؤدي هذا القرض إلى زيادة كبيرة في الديون الخارجية على مصر والتي تبلغ حاليًّا حوالي 79 مليار دولار، حيث توجد تساؤلات ضخمة حول جدوى هذا الإنفاق الضخم لتوليد ما سيعادل 7% فقط من احتياجات مصر عندما يبدأ التشغيل حوالي عام 2029، وحول مدى احتياج مصر إلى الكهرباء النووية في ظل توفر الغاز ووفرة المصادر المتجددة وحيث توجد شكوك أيضًا في قدرة المحطة على سداد هذا الدين الضخم من بيع الكهرباء، خصوصًا وأن الطاقة النووية على مستوى العالم أصبحت تواجه خسائر اقتصادية كبيرة.
من ناحية أخرى لم تنشر الاتفاقية المتعلقة بإنشاء وتشغيل المحطة النووية والموقعة بين وزارة الكهرباء والشركة الروسية في الجريدة الرسمية حتى الآن، ولم تعرض على البرلمان ولم يتم الموافقة عليها حتى تصبح نافذة المفعول وهذا بالمخالفة لنص المادتين 151، 225 من الدستور. حيث لم يعلن مضمون العقود الأربعة التي تتضمنها وهي، طبقًا لتصريحات السيد وزير الكهرباء: العقود المتعلقة بالإنشاءات، وبتوريد الوقود النووي، والوقود المستنفد، والتشغيل والدعم الفني.
وقد ترددت أخبار عن وجود عدد من الإشكاليات فيما يخص العقود تتعلق بـ لغة العقود الفضفاضة إلى درجة كبيرة، بصورة تعني أن مصر في الواقع تقبل بمسؤوليات ربما تكون مبهمة وربما تكون لها عواقب بالغة الصعوبة من الناحيتين الأمنية والمالية. فضلًا عن مشاكل معالجة الوقود المستنفد وحول قدرة مصر حاليًّا على التعامل مع هذه المخاطر.
فضلًا عن ذلك فإن ما تم إصداره أخيرًا من القوانين المتعلقة بالهيكل التنظيمي والرقابي للأنشطة النووية، والتي تحفَّظ عليها مجلس الدولة ووزارة المالية ومراكز دراسات بحثية، يشوبها العوار الشديد وتضر بسياسات الأمان النووي بشكل كبير.