صورة أرشيفية

المبادرة المصرية: محكمة النقض ترسي بحكمها في قضية "تعذيب بائع الأقصر" مبادئ سيادة القانون وتُفعِّل مفاهيم المحاسبة لدى موظفي إنفاذ القانون

بيان صحفي

29 أكتوبر 2017

تشيد المبادرة المصرية بقرار محكمة النقض الصادر بتاريخ ٢٥ أكتوبر الحالي بتأييد الأحكام الصادرة سابقًا بمعاقبة ملازم أول وخمسة مخبرين سريين في مباحث الأقصر في قضية ضرب طلعت شبيب حتى الموت، والمعروفة إعلاميًّا بقضية "تعذيب بائع الأقصر"، وتؤكد أن هذا الحكم يساهم في إرساء مبادئ سيادة القانون وفي تفعيل مفاهيم ومبادئ المحاسبة المؤسسية وتطبيقها على الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون. وقد رفضت محكمة النقض الإسبوع الماضي الطعن المقدم من الضابط في الحكم الصادر ضده بالسجن المشدد سبع سنوات بتهمة الضرب المفضي إلى الموت، وبهذا أصبح الحكم باتًّا ونهائيًّا. وتَعتبِر المبادرة المصرية أن محكمة النقض في هذه القضية تؤكد على أهمية مبادئ المحاسبة والمسئولية على الموظفين العموميين، التي لا يستقيم بدونها أداء مرفق العدالة، إذ أنها لم تتردد في تأكيد حكم يقضي بمعاقبة رجال الشرطة الذين اعتادوا العمل في مناخ من التحصين القانوني أو الحصول على عقوبات مخففة في أسوأ الحالات، على الانتهاكات التي نتج عنها أكثر من مرة إزهاق أرواح مواطنين مصريين.  

وتؤكد المبادرة المصرية على أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به المؤسسات القضائية في معاقبة جرائم إساءة استخدام القوة من الشرطة والموظفين المكلفين بإنفاذ القانون للحدِّ من تفشي ظاهرة الوفاة داخل أماكن الاحتجاز بسبب الضرب والتعذيب، وبخاصة في ظل غياب أي رقابة حقيقية وفعَّالة على أماكن الاحتجاز سواء من أجهزة محاسبة مستقلة أو حتى من الجهات القضائية المنوط بها التفتيش عليها  بموجب المادة ٥٥ من الدستور وقوانين السلطة القضائية وتنظيم السجون والإجراءات الجنائية.

كانت محكمة جنايات الأقصر بدائرة قنا قد قضت في تاريخ ١٢ يوليو ٢٠١٦ بالسجن المشدد ٧ سنوات ضد الملازم أول سمير هاني والشغل ٣ سنوات لخمسة مخبرين سريين بتهمة ضرب طلعت شبيب ضربًا أفضى إلى الموت داخل قسم شرطة الأقصر، كما قضت ببراءة معاون مباحث قسم الأقصر وضابطين آخرين و٤ مجندين آخرين من التهم المنسوبة إليهم. وألزمت المحكمة وزير الداخلية بصفته المسؤول عن أفعال المتهمين بدفع مبلغ مليون ونصف المليون جنيه إلى المدعين بالحق المدنى كتعويضٍ، وإلزامه بدفع المصروفات.

تعود الواقعة إلى ٢٤ نوفمبر ٢٠١٥ عندما أوقفت قوةُ شرطةٍ الضحيةَ "طلعت شبيب" في منطقة الحوامدية في الأقصر بجوار أحد المقاهي، للتحقق من أوراقه الشخصية مشيرة إليه ببعض ألفاظ السباب, ولمَّا اعترض الضحية على الإهانة وأسلوب أحد الضباط غير المبرر أثناء أداء مهمة روتينية لا تتطلب أي شكل من أشكال المواجهة أو استخدام القوة, عاجله الضابط بصفعة على الوجه - طبقًا لروايات الشهود - وهو ما لم يقبله المجني عليه فتطور الأمر بينهما إلى اشتباك بالأيدي، وهو ما تم على إثره القبض عليه واقتياده إلى قسم شرطة الأقصر، حيث تعرض للضرب المبرح لمدة ساعتين على الأقل، خرج بعدها جثة هامدة من قسم الشرطة. تظهر تحقيقات النيابة في القضية - التي أثارت جدلًا واسعًا وخرجت على إثرها مظاهرات في الأقصر - أن مباحث القسم حاولت التعتيم على وفاة طلعت شبيب في أثناء التحقيق، وطلبت إيداعه غرفة الاستيفاء بصفته محتجزًا، إلى حين وصول سيارة الإسعاف، لكن مسؤول الاستيفاء بالقسم رفض استلامه، مقرِرًا أنه تُوفي  بالفعل، وأن رجال المباحث أحضروه جثة هامدة إلى غرفة الاستيفاء. وهو ما أكده التقرير الطبي المبدئي بأن المجني عليه وصل المستشفى بعد أن وافته المنية نتيجة الضرب والتعذيب الذي تعرض له.

وقد كشف تقرير الطب الشرعي عن وجود كدمات وإصابات عدة بجسد المجني عليه، من ضمنها كسر بالفقرات العنقية أدت إلى الوفاة. وانتهت تحقيقات النيابة في نهاية ٢٠١٥ إلى إحالة ١٣ شرطيًّا إلى المحاكمة الجنائية في القضية رقم ٢٢٨٠ لسنة ٢٠١٥، وصدرت أحكام الدرجة الأولى في يوليو ٢٠١٦.

كانت منظمات حقوقية قد وثقت ٩ حالات وفاة داخل أماكن الاحتجاز في نفس الشهر الذي سقط فيه طلعت شبيب قتيلًا. وتؤكد المبادرة المصرية على أن وتيرة العنف الشرطي لن تنخفض بدون اتخاذ خطوات حقيقية في طريق المحاسبة والرقابة ومحاولة منع العنف والتعذيب قبل وقوعه. وفي هذا الصدد تعيد المبادرة المصرية التوكيد على أهمية تلك الخطوات الأولى بالإضافة إلى التغييرات الهيكلية المطلوب تنفيذها من أجل تحقيق قدرًا من الرقابة على أداء جهاز الشرطة وهي:

  • التعامل بجدية مع الشكاوى المقدمة ضد الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون والتحقيق الفوري في الادعاءات المتعلقة بالتعذيب؛
  • تفعيل دور النيابة في التفتيش المفاجئ على أماكن الاحتجاز طبقًا للمادة ٤٢ من قانون الإجراءات الجنائية؛
  • تعديل المواد المتعلقة باستخدام القوة في قانون هيئة الشرطة والمواد التي تنص على معاقبة جريمة التعذيب بقانون العقوبات المصري لكي يصبح أكثر اتساقًا مع الممارسات التشريعية المُثلى والقوانين الدولية؛
  • إنشاء آليات مستقلة للرقابة على أماكن الاحتجاز والتحقيق في حالات الوفاة الناتجة عن التعامل الشرطي.