استمرار علا القرضاوي وحسام خلف في الحبس الانفرادي يرقى إلى التعذيب، وينبغي إنهاءُ حبسِهما في الحال
بيان صحفي
تدعو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى إطلاق سراح فوريّ لكلٍّ من علا القرضاوي وزوجها حسام خلف والإفصاح عن التُّهم التي كانت سببًا في إلقاء القبض عليهما. كذلك تكرّر المبادرة المصرية أنَّ لجميع المحتجزين احتياطيًّا دونَ محاكمةٍ الحقَّ في زيارة أسبوعية، وأنَّ ممارسةَ الدولة للحبس الانفرادي المطوّل يمكن أن يرقى إلى التعذيب أو سوء معاملة بحسب قواعد المعايير الدُّنيا للأمم المتحدة فيما يخصُّ معاملة السجناء (قواعد مانديلا) ولا يجب فرضُه تحتَ أيّ ظروفٍ لمدة طويلة وَفقًا لما يفيدُه في هذا السياق المقرّر الخاصّ للأمم المتحدة حول التعذيب.
كانت قوّاتُ أمن الدولة قد ألقت القبضَ على علا القرضاوي (55 سنة) وحسام خلف (58 سنة) يوم ٣٠ يونيو بدون مذكّرة على أساس ما زعم من ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين بينما كانا يقضيان إجازةً في الساحل الشمالي بمصر. ووَفقًا لمحامي الأسرة، فإنّ ضباط الأمن الوطني ألقوا القبض عليهما في منزلهما في المصيف بغرض التحقيق معهما في أقرب قسم شرطة. وعلى الرغم من أن أسرتيهما ظلتا دون علم بمكانهما، فقد أبلغهما أحدُ المحامين أنه رآهما مصادفةً في مبنى نيابة أمن الدولة العليا في القاهرة. وقد تمَّ نقلُ حسام بعد ذلك إلى سجنٍ شديد الحراسة في مجمع سجون طُرة "العقرب"، بينما نُقلت علا إلى سجن النساء في القناطر. وقد عقِب عملية النقل إصدارُ أمرِ احتجازٍ لمدة خمسةَ عشرَ يومًا عن نيابة أمن الدولة التي أجرت تحقيقًا معهما في 2 يوليو في غياب أيّ محامٍ وبدون تقديم أي نسخة مكتوبة من التُّهم الموجّهة، حارمين إيّاهما من إمكانية الحصول على دفاع قانوني فيما يتعلّق بالقضية.
وقد زعمت الجهاتُ الأمنية المصرية أنّ السببَ وراءَ التحقيقات كان حضورَ الزوجين إلى منزلهما الصيفي، الذي يملكه والد علا القرضاوي (يوسف القرضاوي)، رجلُ الدين الإسلامي الذي حُكم عليه بالإعدام غيابيًّا والذي تجمّدت أصولُه لما زُعم من وجود صلات بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين المحظورة. غير أنّ ابنة علا القرضاوي (آية)، قد أبلغت جماعات حقوقية أنّ المنزلَ يتبع رسميًّا والدة علا المتوفّاة. أمّا حسام الذي كان عضوًا في حزب الوسط (بين 2011 و2013) فقد ألقي القبضُ عليه في 2014 واعتُقل مدّة عامين بدون محاكمة، وسط هجمة حكومة واسعة على المعارضين، استهدفت أعضاءً كثيرين من حزب الوسط.
ومنذُ القبض عليهما، جدّدت نيابة أمن الدولة حبس علا وحسام مدّة خمسة عشر يومًا وإصدار ستة أوامر بالحبس الانفرادي آخرها في الرابع والعشرين من سبتمبر 2017 –ما يعني حبسهم ما يزيد على 90 يومًا، بدون أيّة تهمة في حبس انفرادي وظروف لا إنسانية في السجن. ووَفقًا لتصريحات أحد محامي علا وحسام، فإنّ حبس الزوجين الانفرادي صاحبَه منعَهما من استقبال الزيارات حتّى من محاميهما، الذين لم تواتهم الفرصةُ للقائهما إلا في أثناء جلسات تجديد الحبس – وهو ما يكون عادةً مدة لا تزيد على خمس دقائق. وفي أثناء آخر جلسة لتجديد الحبس، عقدت النيابة جلستين منفصلتين لكلٍّ من علا وحسام (على غير ما اعتيد في الجلسات السابقة من ضمّ الاثنين في جلسة واحدة) وهو ما يعني منعهما حتّى من رؤية بعضهما بعضًا في أثناء تلك الدقائق السريعة قبل جلسة تجديد الحبس.
أفادت علا وحسام أنّهما حُبسا في زنازينَ لا تتعدّى مساحتَها (1.6 x 1.8 مترًا) بدون نوافذ أو تهوية على مدى 24 ساعة يوميًا. وأفادت علا أيضًا أنّه على غير ما يجري مع زملائها، قد حرمت من الخروج من زنزانتها، ولم يسمح لها إلا بخمس دقائقَ كلَّ صباحٍ لاستخدام حمّام خارجي. ونتيجةَ ذلك بدأت علا في العزوف عن الطعام لتجنُّب الذهاب إلى الحمّام وفي أثناء ذلك فقدت قدرًا كبيرًا من وزنها وَفقًا لتصريحات المحامين الذين رأَوها في جلسات نيابة أمن الدولة. وقد كرّر نجلُ علا (أحمد) وزوجته وطفلهما، وكذلك شقيقه حسام محاولة زيارة الزوجين في القناطر والعقرب. غير أن سلطات السجن في 25 يونيو أخبرتهم باتخاذ قرار بمنع الزيارة عنهما لمدة ثلاثة أشهر، حتى من المحامين دون إخبارهم بأسباب ذلك. وقد تجدّد الأمر مدّة ثلاثة أشهر أخرى في 25 سبتمبر. وعندما حاول أحمد زيارة والدته في 30 سبتمبر في سجن القناطر بمناسبة رأس السنة الهجرية (أحد الأعياد الرسمية التي تسمح فيها سلطات السجن بزيارات استثنائية فضلًا عن الزيارة الأسبوعية المعتادة المسموح بها للمعتقلين قبل المحاكمة) عاد أحمد وزوجته وطفله بعد انتظار عدّة ساعات دون زيارة والدته. وعندما حاولت شقيقة حسام زيارته، منذ أسبوعين في سجن العقرب، عادت أيضًا وذووها من عند المدخل الرئيس – وكل هذا برغم أنّ المحبوسين احتياطيًّا مسموح لهم بزيارة أسبوعية وَفقًا للقانون المصري. فضلًا عن ذلك، فإنّ عزل السجن لكلٍّ من علا وحسام في القناطر والعقرب يعدُّ انتهاكًا لدعوة الأمم المتحدة إلى حظر الاستخدام المطوّل للحبس الانفرادي، الذي ازداد إلى حدٍّ كبيرٍ في سياق "الحرب على الإرهاب" و"تهديدات الأمن القومي". والمعروف عن سجن العقرب سمعته السيّئة لما التصق به من انتهاكات منتظمة لحقوق السجناء وكذلك الظروف غير الإنسانية التي يتّصف بها هذا السجن، ومن ثم، تدعو المبادرة المصرية إلى إغلاق سجن العقرب والتحقيق في ادعاءات المسجونين بالانتهاكات التي يتعرضون لها.
مع هذه الملابسات من إساءة استخدام الدولة الممنهج للحبس الانفرادي والحظر غير المبرّر للزيارات التي يكفلها القانون، وكذلك ما تمثّله حالة علا وحسام من قضية خاصة تتمثّل في حبسهما انفراديًّا مدّة تزيد على 90 يومًا، تدعو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الحكومة المصرية إلى: (1) إطلاق سراح علا وحسام في الحال وإصدار ما يقضي بجبر الضرر الطبّي على الإهمال الصحي الذي تسبّبت فيه ظروف السجن غير الإنسانية والحبس الانفرادي المطوّل. (2) وقف ممارسة الدولة للحبس الانفرادي المطوّل الذي يمثّل تعذيبًا وفقًا لمعايير الأمم المتّحدة. (3) إنهاء ممارسة الحظر المتعسِّف والممنهج للزيارات والالتزام بالحقّ القانوني للمحتجزين قيد المحاكمة بزيارة واحدة أسبوعيًّا.