المبادرة المصرية للحقوق الشخصية

تقارير الحالة الدينية في مصر: صور التنوع التي تزعج الدولة والأزهر والإسلاميين

خبر

10 مايو 2017

واجهت محاولات إصدار تقارير شاملة عن الحالة الدينية في مصر من منظور معرفي أو حقوقي تحديات كبيرة، أهمها سياسة الدولة في إنكار التنوع الديني والتوترات الطائفية، بالإضافة إلى الاستقطاب السياسي الديني الذي تصاعد بعنف منذ انطلاق الثورة وبلغ ذروته مع حكم الإخوان المسلمين ثم الصراعات التي تلت إسقاطه.
جاء ذلك في النقاش الذي نظمه "منتدى الدين والحريات" أمس الثلاثاء 9 مايو في مقر "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، تحت عنوان: "الحالة الدينية في مصر: مناقشة ثلاث تجارب للتوثيق والتحليل". هدف النقاش إلى إلقاء الضوء على مشروعات دراسة الحالة الدينية في مصر، ومناقشة بواعثها ومناهجها والتحديات التي واجهتها وخلاصاتها وكيف تم استقبال هذه التجارب من جانب الدولة والمجتمع والمهتمين بالشأن الديني في مصر.

فقد تحدث عمرو عزت، الباحث في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن الدولة ضاقت بمحاولة إصدار تقرير للحالة الدينية من إحدى مؤسساتها، وهو "تقرير الحالة الدينية في مصر"، الصادر عن "مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية"، الذي انطلق عام 1995 وصدر منه عددان، وتوقف بتوصية أمنية بحسب مصادر عديدة، رغم أن التقرير لم يتناول تنوعات كثيرة وركز في الأساس في رصد المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية، وبدأ في تناول الحركات الإسلامية من منظور مساند للدولة في معركتها ضد هذه الحركات، ولكن يبدو أن هناك قلقًا وموقفًا عامًّا ضد إتاحة المعلومات بخصوص الشأن الديني.

ويقول إسحق إبراهيم _أحد محرري "التقرير ربع السنوي لحرية الدين والمعتقد في مصر"  الصادرعن المبادرة المصرية  بالفترة من 2008 حتى 2010_   " إن تجربة تقرير الأهرام كانت محدودة بسقف مرحلة التسعينيات وكانت في الأساس استجابة لعنف الجماعات الإسلامية في الصعيد، وتلاها تجربة تقرير "الأقليات في العالم العربي" الصادر عن مركز ابن خلدون، الذي تم اتهامه بـ"إثارة النعرات الدينية". ولكن مدخل تقارير المبادرة ربع السنوية تبنى منظورًا حقوقيًّا أكثر شمولية من منظور الأقليات ومرتبطًا بجهد المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في الدفاع عن ضحايا الانتهاكات والتمييز سواء كانوا من الأقباط أو من فئات دينية مهمشة أو حتى من الأغلبية، مثل بعض قضايا التمييز ضد السلفيين أو أصحاب الآراء الدينية المختلفة عن السائد من المسلمين الذين يواجهون قضايا ازدراء الأديان، وأشار إلى أن تصاعد حدة انتهاكات حرية الدين والمعتقد بعد الثورة جعل المبادرة تغير من سياسة إصداراتها وتوقف التقرير ربع السنوي، وبدأت تقارير خاصة تصدر لكل موضوع على حدة مثل تقرير "حصار التفكير" عن قضايا ازدراء الأديان وتقرير "في عُرْف من؟"، عن أسلوب الجلسات العرفية في التعامل مع الصدامات الطائفية.
 

وتحدث د.سامح إسماعيل، رئيس هيئة تحرير تقرير "الحالة الدينية المعاصرة في مصر 2010-2014" الصادر عن مؤسسة  مؤمنون بلا حدود،  إن السيولة اﻻجتماعية والدينية والثقافية التي شهدتها مصر بعد ثورة يناير 2011 كانت هي الدافع لإصدار تقرير مفصل وشامل، وأِشار إلى أن الفشل في تجديد الخطاب الديني وإدارة التنوع الثقافي والديني في مصر يعود إلى أسباب كثيرة، منها نقص الإطار المعرفي والمعلوماتي القادر على حل تلك اﻹشكاليات وهو ما حاول التقرير أن يعالجه.

وأوضح إسماعيل أن التقرير كسر الصورة النمطية التي يتم تناول بها "شخصية مصر" وهي أن مصر دولة إسلامية يعيش بها مسيحيون، ولا يوجد بها مجموعات دينية أخرى، وتناول التقرير التنوعات الإسلامية غير السنية مثل الشيعة والأحمديين والقرآنيين والتنوعات المسيحية غير المعترف بها مثل طائفة شهود يهوه وطوائف دينية أخرى مثل البهائيين باﻹضافة إلى وجود ملحدين ولادينيين، وحذر إسماعيل من أن إنكار التنوع الموجود في مصر قد يؤدي إلى انفجار الحالة الدينية في مصر، وأن على الدولة التعامل معه بجدية وتعزيز حقوق المواطنة لكل الفئات.

وعن اﻻنتقادات التي تم توجيهها إلى التقرير بأنه منحاز ضد جماعة اﻹخوان المسلمين وضد الإسلام السياسي، قال إسماعيل إن التقرير وجه نقدًا إلى كل من يقف ضد التنوع والحرية ومنهم اﻹخوان المسلمون، الذين تصدروا المشهد السياسي من بعد 2011، وكانت لهم مواقف "بالغة الاستفزازية" فيما يخص التعامل مع الحالة الدينية، وأضاف أن التقرير شارك فيه أكثر 100 باحث كانوا في قلب الصراع الموجود وأن عدم اﻻنحياز أكذوبة ولكن على صعيد آخر تناول التقرير بالنقد أيضًا الجماعات السلفية ومؤسسة اﻷزهر والجماعات المسيحية التي ترى أن المسيحية في مصر أرثوذكسية فقط وتنكر التنوعات المسيحية اﻷخرى، وفي النهاية يرى إسماعيل أن ما قام به التقرير تشريح للحالة الدينية وليس هجومًا على أحد بالضرورة.

وأشار إسماعيل إلى تجربة هامة وهي تنظيم نقاش حول التقرير في كلية اللغات والترجمة بجامعة اﻷزهر وبحضور أساتذة وباحثين وطلاب، وقال إن التقرير أحدث حالة من الجدل بين مُرحِّب ورافض.

وأن هذا الحوار كشف عن وجود تيار فكري جديد داخل الأزهر من باحثين منفتحين وأكثر تسامحًا وتحررًا ويتبنون نقدًا للتفكير الديني السائد وهم من قاموا بدعوته للنقاش في الأزهر، ولكن أغرب التعليقات كانت من أحد المشايخ الأزهريين _وهو من المسئولين عن ملف تجديد الخطاب الديني في وزارة اﻷوقاف_ الذي قال إن التقرير كان جيدًا في تناول وجود البهائيين والشيعة لكي يتم دراسة حالتهم و"اقتلاعهم من جذورهم عن طريق الحوار"، على حد تعبيره.

رابط لمتابعة فاعليات منتدى الدين والحريات عبر فايسبوك