انتقادات نسوية للمؤسسات الدينية في "منتدى الدين والحريات": حوارات مُبَشِّرة انتهت بعد 2013... ورفض لاحتكار الأزهر للخطاب الديني حول قضايا المرأة
خبر
وجهت ناشطات نسويات انتقادات حادة إلى مواقف قيادات مؤسسات الأزهر والأوقاف والإفتاء لموقفهم المحافظ من مطالب المرأة، وعبرن في النقاش الذي دار أمس في "منتدى الدين والحريات"، عن بعض التفاؤل من نتائج الحوار والتواصل مع بعض من الأئمة والدعاة الذين تواصلوا مع الحركات النسوية بعيدًا عن القيادات والدولة، مشيرات إلى أن الحوار مع قيادات الأزهر حدث به بعض التقدم النسبي فقط في الفترة من 2011 حتى 2013، وأكدن ضرورة كسر احتكار المؤسسات الدينية للخطاب الديني والإنتاج المعرفي الإسلامي وأهمية إنتاج خطاب نسوي يشتبك مع الأفكار الدينية التقليدية عن المرأة.
"الأزهر وقضايا المرأة: مفاوضات الفقه والقانون والنسوية الإسلامية" كان عنوان الندوة التي نظمها "منتدى الدين والحريات" في مقر "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" أمس الاثنين، وتناول تفاصيل الحوارات والصدامات بين أطياف الحركة النسوية والمؤسسات الدينية منذ 2011 وحتى الآن. شارك في الندوة الناشطات والباحثات النسويات: د. أميمة أبو بكر، وعزة سليمان، وكوثر الخولي، وأدار النقاش عمرو عزت، الباحث في "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية".
وقالت د.أميمة أبوبكر، أبرز رائدات اتجاه "النسوية الإسلامية" وإحدى مؤسِسات مركز "المرأة والذاكرة"، إن أهم الصعوبات التي تواجه الحوار مع المؤسسات الدينية أنها من جانب جزء من الدولة ولا يمكن أن تقف في جانب لا ترضى عنه الدولة سياسيًّا، ومن جانب آخر أنها في الغالب ذات ميل محافظ على المستوى الفكري وبخاصة من قضايا المرأة.
وأضافت أن تواصل الحوار مع قيادات المؤسسات الدينية الآن يواجه إشكالية نظرًا إلى المواقف السياسية لهذه القيادات التي تجعل في العمل المشترك معهم أحيانًا "موقف غير أخلاقي" على حد تعبيرها، ولكن في المقابل فإن آراء هؤلاء المشايخ تعترض طريق التعديلات التشريعية وتوجهات الدولة نحو قضايا المرأة، ويكون الحوار معهم ضروريًّا.
وأوضحت أنه لا يمكن تجاهل دور الأزهر والمؤسسات الدينية كهيئات علمية ودعوية ولكن الدور الرسمي والسياسي لهم هو مكمن الأزمة، مؤكدة على ضرورة كسر احتكار المؤسسات الدينية للإنتاج المعرفي الديني مشيرة إلى تجرية "النسوية الإسلامية" في تقديم قراءات مختلفة للشريعة والتراث الإسلامي من منظور نسوي يرتكز على قيم المساواة والعدالة.
وقالت إنها وشريكاتها في مجموعة "النسوية الإسلامية" واجهن كثيرًا من السخرية والاستعلاء من جانب علماءِ دينٍ أثناء الحوار معهم. ولكن، استطعن مع الوقت تقديم خطاب نسوي إسلامي ونجحن في صنع بعض الجسور بعد 2011 تكللت بالاشتراك في نقاشات مع المشيخة من أجل صياغة "وثيقة الأزهر للمرأة" في 2013، ولكن الأمور اتجهت إلى الركود منذ ذلك الوقت.
وقالت عزة سليمان، المحامية الحقوقية ورئيس مؤسسة "قضايا المرأة"، إنها توقفت بشكل شخصي عن حضور لقاءات قيادات المؤسسات الدينية ولكن على المستوى المؤسسي يتم التواصل أحيانًا، موضحة أن موقف المجموعات النسوية من المؤسسات الدينية تطور من محاولة التواصل إلى الاشتباك والنقد، وأحيانًا إلى الهجوم الشديد، وشددت على ضرورة تطور الخطاب في مواجهة المؤسسات الدينية وخطابها المعادي لحقوقهن من الأسلوب الدفاعي إلى الهجوم لكشف تناقضات هذا الخطاب وأزماته وتخاذله السياسي والاجتماعي، حيث يعتبر قضايا المرأة هي "الحيطة المايلة" التي يتم ممارسة التسلط تجاهها.
وأكدت على أن نتائج الحوارات ودورات التدريب مع أئمةٍ ودعاةٍ بعيدًا عن سيطرة القيادات الدينية كانت مُبَشِّرة، وقالت إن التواصل مع أئمةٍ ودعاةٍ خارج القاهرة كان أكثر إيجابية نظرًا إلى أن تقييد المؤسسات الدينية لحرية الأفراد أقل، وأيضًا للتخفف النسبي من قيود الأجهزة الأمنية عليهم وتمكنهم من التواصل مع أنشطة المجتمع المدني والمجموعات النسوية، مضيفة أن أسلوب إدارة المؤسسات الدينية الرسمية لا يستهدف إنتاج كوادر فاعلة ولكن "تابعين" لقياداتها، على حد تعبيراتها.
وأضافت عزة سليمان، أن الجدل مع الأزهر والأوقاف والاهتمام بموقف الشريعة من قضايا المرأة ليس هدفًا في حد ذاته ولكنه وسيلة أو أداة من أجل انتزاع الحقوق وحتى لا يحدث احتكار للمعرفة والخطاب الديني من قِبَل المؤسسة اﻷزهرية، ومن أجل مواجهة التسلط على النساء المرتكز على خطاب ديني ودعم من المشايخ والدعاة وبخاصة في الطبقات الشعبية وفي الريف.
وقالت كوثر الخولي، مديرة مركز "نون" لقضايا المرأة واﻷسرة الذي يعمل في شراكة مع الأزهر، إن ساحة الأزهر كانت ساحة جامعة منذ انطلاق الثورة وبخاصة بعد صعود التيار الإسلامي للسلطة، وأن الحوار مع المشيخة كان إيجابيًّا وكان من نتائجه طرح قضايا نسوية على قيادات المؤسسة اﻷزهرية.
وأضافت الخولي أنه تم عقد اجتماعين مع مشيخة اﻷزهر بحضور ممثلين عن منظمات المجتمع المدني ونتج عنه وثيقة الأزهر للمرأة التي تم إرسالها من المكتب الإعلامي لمشيخة اﻷزهر إلى الصحفيين في يونيو 2013 ولكن نتيجة التقلبات السياسية في ذلك الوقت لم يتم إطلاقها بشكل رسمي كما كان مخططًا،
وأوضحت أن المشاركين والمشاركات في صياغة الوثيقة طلبوا إلى المشيخة أن يتم إصدار الوثيقة من مكتبة الإسكندرية، وحدث ذلك بالفعل بحضور محمود عزب، المستشار السابق لشيخ اﻷزهر، وصدرت الوثيقة عن مكتبة الإسكندرية تحت عنوان "إعلان اﻹسكندرية لحقوق المرأة".
وقالت الخولي إن مركز "نون" عقد عدة دورات تدريبية مع أئمةٍ ودعاةٍ، تم التركيز فيها في قيم المساواة ومناقشة مفهوم "قوامة الرجل على المرأة" وقضية تعدد الزوجات، وتم الاستعانة بباحثات من تيار "النسوية الإسلامية" مثل د. أميمة أبو بكر لخوض حوارات مع الأئمة والدعاة، ورغم وجود حواجز نفسية في البداية إلا أن الحوار كان مثمرًا في أوقات كثيرة.
وأبدت الخولي قلقها من أن المؤسسة الأزهرية أصبحت أقل انفتاحًا على أطياف المجتمع بعد 2013 وأصبحت أكثر تورطًا في الجانب السياسي في مقابل الاهتمام بالجوانب الاجتماعية.
فيديو من البث الحي للندوة
الجزء الأول – الجزء الثاني