المبادرة المصرية تستنكر انتهاك حرمة الحياة الخاصة وتطالب بتوفير محاكمة عادلة للمتهمين

بيان صحفي

20 ديسمبر 2014

انتقدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم الملابسات والظروف الإجراءات المتعلقة بقيام إدارة مكافحة جرائم الآداب العامة في السابع من ديسمبر 2014 بإلقاء القبض على 26 شخصًا داخل أحد الحمَّامات العامة في حي رمسيس بالقاهرة بتهمة ممارسة “الشذوذ” ودعت الى محاكمة عادلة في القضية التي يبدأ نظرها في أحد محاكم القاهرة غدًا الأحد.

وبينما يمثل هذا الحادث انتهاكًا فجًّا للحق في الخصوصية إلا أنه يبدو جزءًا من حملة أمنية منظمة تشنها مباحث الآداب العامة ضد الأشخاص المثليين أو ذوي الميول الجنسية غير المقبولة اجتماعيًّا، ويعاونها في ذلك عدد من المنابر الإعلامية. وكانت مقدمة البرامج التلفزيونية منى العراقي، قد أعلنت في السابع من ديسمبر 2014 من خلال صفحة برنامجها "المستخبي" على مواقع التواصل الاجتماعي عن دورها في كشف "وكر الشذوذ الجماعي" على حد تعبيرها وقيامها بإبلاغ الشرطة عن مرتادي الحمام.

ويعد هذا العدد هو العدد الأكبر الذى ألقى القبض عليه بتهمة مماثلة منذ محاكمة عشرات المتهمين فيما عرف بقضية "كوين بوت" في عام 2001.

هذا وقد صاحبت عملية القبض عدة انتهاكات فجة لنصوص الدستور وللقوانين السارية، فالشرطة قد سمحت لوسائل الإعلام بالتواجد في أثناء القبض علي المتهمين وقيامهم بتصويرهم واستغلال تلك المواد المصورة في التشهير بهم بدعوي السبق الصحفي، مما يعد انتهاكًا لمبدأ الحق في الخصوصية وعصفًا بمبدأ سرية التحقيق الابتدائي المنصوص عليه في المادة 75 من قانون الإجراءات الجنائية، والتي تنص علي اعتبار إجراءات التحقيق ذاتها، والنتائج التي تسفر عنها من الأسرار ويجب على قضاة التحقيق وأعضاء النيابة العامة ومساعديهم من كتاب وخبراء وغيرهم ممن يتصلون بالتحقيق أو يحضرونه، بسبب وظيفتهم أو مهنتهم عدم إفشائها، ومن يخالف ذلك منهم يعاقب طبقًا للمادة 310 من قانون العقوبات. وكذلك لم تسمح الشرطة للمقبوض عليهم من الاتصال بذويهم أو بمحامييهم فور إلقاء القبض عليهم وذلك بالمخالفة لما نصت عليه المادة 54 من الدستور، الأمر الذي أدى عمليًّا إلى عدم تمكن معظم المتهمين من الاستعانة بمحامييهم لتمثيلهم قانونيًّا في أثناء التحقيقات.

وتشير تقديرات المبادرة المصرية المبدئية إلى أنه خلال الـ 18 شهرًا الماضية قد جرى القبض على ما يزيد على مائة وخمسين شخصًا بدعوى "اعتيادهم ممارسة الفجور"، وعلى الرغم من غياب الحصر الدقيق لأعداد من حُكِم عليهم في مثل هذه القضايا إلا أن الثابت، أن أحكام السجن ضد بعضهم وصلت إلى ثمانٍ وتسع سنوات، وكانت معظم القضايا في محافظتي القاهرة والجيزة، ولكن المبادرة رصدت أيضًا قضايا مماثلة في محافظات الإسكندرية والبحر الأحمر والإسماعيلية.

وتستنكر المبادرة المصرية الممارسات المنسوبة لقوات الشرطة خلال حملات القبض على المواطنين الذين تشتبه في ميولهم الجنسية في نفس هذه الفترة المشار اليها، بدءًا من التجسس على الأفراد وإنشاء حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي واستخدامها لاستدراج أفراد للقبض عليهم، واحتجاز أشخاص بسبب طريقة مشيهم أو ملبسهم في الاماكن العامة وتفتيش قوائم اتصالات الأفراد المقبوض عليهم للوصول إلى أصدقائهم ومعارفهم، وممارسة العنف الجسدي والجنسي تجاه المحتجزين الذين ادعى معظمهم تعرضهم لجلسات من الضرب العنيف وقص الشعر والتهديد بالعنف الجنسي، وممارسته في بعض الأحيان، وتؤكد المبادرة أهمية التزام وزارة الداخلية بمعايير حقوق الإنسان داخل أماكن الاحتجاز .

وكما تستنكر المبادرة المصرية هذه الحملة الأمنية فإنها تعرب عن صدمتها إزاء الأداء الإعلامي غير المهني لعدة قنوات تلفزيونية وصحف، وهو الأداء الذي انتهك أبسط حقوق الأشخاص المحتجزين، إذ تقوم بعض هذه القنوات والصحف بنشر البيانات الشخصية للمقبوض عليهم، كما قامت بعض المواقع بالتسجيل مع أشخاص مقبوض عليهم دون موافقتهم ونشر صورهم أو شرائط فيديو لهم دون طمس وجوههم لحماية هويتهم وتوجيه أسئلة لهم تتعمد إهانتهم والحط من كرامتهم.

وترفض المبادرة المصرية المزاعم المتعلقة بالحماية من مخاطر فيروس نقص المناعة المكتسبة، والتي تستخدم على حد سواء من قبل الشرطة والإعلام لتبرير انتهاك خصوصية الأفراد وملاحقتهم الأمنية بناءً على ما يعتقد أنه ميلهم الجنسي أو ممارساتهم الجنسية، وإذا كانت الشرطة محقة في مزاعمها بشأن التخوف من انتشار فيروس نقص المناعة، فالأولى بها إذن ألَّا تعتبر الواقي الذكري دليلًا ضد الأشخاص المقبوض عليهم، وتضعه ضمن أحراز القضية، حيث أنه وسيلة وقاية. وتعرب المبادرة المصرية عن قلقها من إقحام أحد حقوق الصحة الإنجابية، وهو حق الخلو من الأمراض المنقولة جنسيًّا في هذه الحملة المشينة، وكذلك حقوق المتعايشين مع الفيروس في الوصول إلى العلاج والخدمات دون وصم أو تمييز.

هذا وتطالب المبادرة وزارة الداخلية، وشرطة مكافحة جرائم الآداب العامة على وجه الخصوص، بكف أيديها عن حياة الأفراد الخاصة واحترام حرمة الممارسات الشخصية وإعمال الدستور الذي يؤكد على الحق في الخصوصية، كما تطالب بتوفير ضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين المقبوض عليهم في "حادثة الحمَّام" والسماح للمحامين بالاطلاع على أوراق القضية وهو ما لم يتم السماح به حتى الآن. وتدعو المبادرة المصرية إدارة القناة الخاصة التي تذيع برنامج "المستخبي" بالتحقيق مع مقدمة البرنامج لمخالفتها آداب المهنة من حيث استخدامها لوسائل النشر الصحفي، لاتهام مواطنين دون سند وكذلك استخدام حياة الأفراد الشخصية للتشهير بهم وتشويه سمعتهم.