تقرير حقوقي يطالب بمراجعة شاملة لسياسات الإنفاق العام على الصحة في مصر
بيان صحفي
حذرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية من استمرار تدني المخصصات المالية الموجهة لخدمات الرعاية الصحية في الموازنة العامة لعام 2009-2010 التي يناقشها البرلمان حالياً، وأكدت على أن استمرار الإنفاق الحكومي على الصحة عند مستوياته الحالية لا يتناسب على الإطلاق مع حجم التحديات التي تواجه القطاع الصحي في مصر وكفالة حق المواطنين في الصحة. وطالب تقرير أصدرته المبادرة المصرية اليوم بعنوان (إشكاليات الإنفاق الصحي في مصر) بزيادة الإنفاق الحكومي على الصحة، والاستخدام الرشيد للموارد المتاحة، وإشراك المجتمع المدني في صنع القرارات والسياسات المتعلقة بالقطاع الصحي.
وتشمل حزمة التحديات التي تواجه النظام الصحي والتي يرصدها التقرير عدم قدرة قطاع واسع قد يصل إلى نصف عدد السكان على تحمل أعباء وتكلفة الخدمات الصحية، خاصة فيما يتعلق بالأمراض الكارثية التي تؤدي بطبيعتها إلى الإفقار، إلى جانب زيادة نسبة الإنفاق المباشر من جيوب المواطنين على الخدمات الصحية بما يتجاوز 60% من جملة الإنفاق على الصحة، هو ما يعكس بدوره ضعف كفاءة النظام الصحي وغياب مبدأ الإنصاف فيما يتصل بالقدرة على الحصول على خدمات الرعاية الصحية، فضلاً عن تفاوت هذه القدرة بين الريف والحضر، وكذلك بين الأغنياء والفقراء.
وطبقاً لما أعلنته الحكومة بشأن موازنة العام الجديد، فإن مخصصات الصحة لعام 2009-2010 ستصل إلى حوالي 15 مليار جنيه (بنسبة 4,7% من إجمالي المصروفات)، وهي نفس النسبة التي تم تخصيصها للصحة في موازنة عام 2005-2006 (حوالي 9,7 مليار جنية مصري، بنسبة 4,7% من مصروفات موازنة ذلك العام). وأكدت المبادرة المصرية أن هذه النسبة تقل عن الإنفاق الصحي في دول أخرى تتشابه مع مصر من حيث كل من مستوى النمو ومستوى الدخل القومي، وتقل أيضاً عن النسب التي تقترحها منظمة الصحة العالمية.
وقال الدكتور علاء غنام، مدير برنامج الصحة وحقوق الإنسان في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "إن استمرار إلإنفاق الحكومي على الصحة عند نسبة متدنية لا تكاد تصل إلى 5% من إجمالي المصروفات العامة يعكس في الواقع إنخفاضاً في نصيب الفرد من الإنفاق العام على الصحة، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار معدلات التضخم والزيادة السكانية وزيادة أسعار الخدمات الصحية والأدوية. ومن غير المفهوم أن يستمر مسئولو الدولة في الحديث عن إصلاح القطاع الصحي وتوسيع مظلة التغطية التأمينية في الوقت الذي تظهر فيه ممارساتهم تراجعاً واضحاً في الاهتمام بالصحة."
ويعرض تقرير (إشكاليات الإنفاق الصحي في مصر) ملخصاً لأعمال مائدة مستديرة كانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قد قامت بتنظيمها في أغسطس 2008 من أجل تبادل الرؤى حول هذه القضية بين مجموعة من الخبراء في مجالي السياسات والنظم الصحية وسياسات المالية العامة، واستشراف الرؤى المستقبلية لتحسين الحالة الصحية وكفالة حق المصريين في رعاية وحماية صحية متكاملة ومستندة إلى معايير حقوق الإنسان. ويتضمن التقرير المداخلتين الرئيسيتين التي تم تقديمهما في المائدة المستديرة: الأولى حول الإنفاق العام على الرعاية الصحية وقدمها أ. عبد الفتاح الجبالي، رئيس وحدة البحوث الاقتصادية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام ومستشار وزير المالية السابق؛ والثانية عن الإنفاق الكلي على الرعاية الصحية من واقع الحسابات القومية للصحة، قدمها د. علاء غنام مدير برنامج الصحة وحقوق الإنسان بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والذي سبق له العمل كمدير عام للسياسات والاستراتيجيات ببرنامج إصلاح القطاع الصحي في وزارة الصحة.
ومن خلال نشرها لهذا التقرير، تسعى المبادرة المصرية إلى إطلاق حوار مع جميع الجهات المعنية حول آلية تخصيص الموارد للقطاعات الحيوية مثل قطاع الصحة، وتتبع الخطوات التي تم تغافلها عند تحديد مخصصات الصحة رغم الأهمية الشديدة لهذه الخطوات، وعلى رأسها تحديد المشكلات والاحتياجات وطبيعة العبء المرضي في المجتمع، وخصوصاً في ظل عدم قدرة نسبة كبيرة من المواطنين على تحمل تكلفة الرعاية الصحية وحدهم.
وأضاف الدكتور علاء غنام: "لقد آن الأوان ليتخلص نظامنا الصحي من التوجه السلطوي لدى المؤسسات التي تحتكر صنع القرارات في هذا المجال الهام، وتقوم بتطبيقها دون رقابة جادة من جانب المجتمع المدني، ودون تفعيل لآليات المحاسبية والشفافية أو ضمان إتاحة المعلومات المتعلقة بطريقة تخصيص الموارد وكفاءة استخدامها، وفي ظل استبعاد كامل للمنتفعين والمرضى وباقي المواطنين من أصحاب الحق في تلقي الخدمات الصحية."
ويمكن الاطلاع على التقرير على موقع المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.