بيان المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والمركز الدولي للحماية القانونية لحقوق الإنسان (إنترايتس) أمام اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب

بيان صحفي

21 مايو 2006

فيما يلي ترجمة نص البيان الذي قدمته كل من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والمركز الدولي للحماية القانونية لحقوق الإنسان (إنترايتس) أمام الجلسة نصف السنوية للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والمنعقدة حالياً في مدينة بانجول عاصمة جامبيا حتى يوم 25 مايو 2006. واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب هي إحدى أجهزة الاتحاد الأفريقي وتختص بمراقبة تنفيذ الدول أعضاء الاتحاد للميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، الذي صدقت عليه الحكومة المصرية وأصبح جزءاً من التشريع المصري في عام 1984. وقد تناول البيان قضيتي حرية المعتقد وقانون الطوارئ في مصر بمناسبة نظر اللجنة للدعوى المقامة من المنظمتين ضد الحكومة المصرية بشأن اعتقال العالم الأزهري متولي إبراهيم متولي بسبب معتقداته الدينية قبل الإفراج عنه في الشهر الماضي.
"سيادة الرئيسة، السادة المفوضون،
إن المركز الدولي للحماية القانونية لحقوق الإنسان (إنترايتس) والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية يتوجهان لكم بالشكر على السماح لنا بإلقاء هذا البيان المختصر بشأن قضية متولي إبراهيم متولي ضد جمهورية مصر العربية (البلاغ رقم 312 لسنة 2005).
لعلكم تعلمون أن السيد متولي قد أخلي سبيله في يوم 23 إبريل 2006 بعد أن قضى قرابة ثلاث سنوات رهن الاعتقال الإداري. وقد طلب منا السيد متولي أن نقوم بسحب قضيته المنظورة أمام لجنتكم الموقرة. ومع التزامنا بتلبية رغبة السيد متولي، فإننا نود انتهاز هذه الفرصة للتأكيد على أن العوامل والأسباب التي أدت إلى إلقاء القبض عليه ثم اعتقاله غير القانوني لمدة ثلاث سنوات بسبب تعبيره السلمي عن معتقداته الدينية لا تزال قائمة. كما أننا نعرب عن قلقنا حيال كون السيد متولي مجرد فرد واحد ضمن كثير من الضحايا الحاليين والمستقبليين لجهاز أمن الدولة. ونود هنا أن نلفت انتباهكم إلى قضيتين تبعثان على القلق بشأن خاص وتتعلقان بمحنة السيد متولي.
إن السيد متولي من خريجي جامعة الأزهر، وهي أبرز مؤسسة تعليمية إسلامية في العالم، حيث درس فيها علوماً مختلفة تتعلق بأصول الفقه والدراسات القرآنية. وبناء على هذه الخلفية الدراسية فقد انخرط السيد متولي في الجهد البحثي الذي أدى في النهاية إلى إلقاء القبض عليه بموجب قانون الطوارئ سيئ السمعة، والذي كان وقتها قد دخل عامه الثالث والعشرين من التطبيق المستمر.
أولاً: حرية المعتقد
من المؤسف أن إلقاء القبض على السيد متولي واعتقاله بسبب تعبيره السلمي عن معتقداته الدينية لا يعد واقعة فريدة من نوعها في مصر. فالمادة 98 (و) من قانون العقوبات بشأن "ازدراء الأديان" – والتي تم إلقاء القبض على السيد متولي في البداية بموجبها- بعباراتها الفضفاضة تمنح أجهزة الأمن سلطات غير مقيدة في القبض على الأفراد واعتقالهم لا لشيء إلا لأن معتقداتهم الدينية لا تعجب الدولة. ولازالت هذه المادة مطبقة حتى يومنا هذا، ولا يزال جهاز أمن الدولة يستخدمها في إسكات كافة أصوات الاختلاف الديني. وما زالت الدولة تمارس التمييز المنهجي ضد المواطنين بسبب معتقداتهم الدينية، في انتهاك لكل من الدستور المصري والقانون الدولي لحقوق الإنسان. ومازالت الحكومة كذلك تحرم المواطنين المصريين من الحصول على الوثائق الرسمية الضرورية كبطاقات الهوية وشهادات الميلاد إذا تحولوا من الإسلام إلى ديانة أخرى، أو كانوا من أتباع ديانة غير الديانات الثلاثة المعترف بها رسمياً: الإسلام والمسيحية واليهودية. 
لقد دخل السيد متولي إلى المعتقل وخرج منه بعد ثلاث سنوات دون أن تشهد مصر أي تحسن سواء فيما يتعلق بالمواد العقابية المطاطة، أو القوانين والممارسات التمييزية، أو حرمان المواطنين من وثائقهم الثبوتية الأساسية بسبب معتقداتهم الدينية.   
ثانياً: قانون الطوارئ
لقد تم إخلاء سبيل السيد متولي في الشهر الماضي بعد صدور ما لا يقل عن ثمانية أحكام قضائية نهائية أمرت بإنهاء اعتقاله. وقد رفضت وزارة الداخلية تنفيذ جميع هذه الأحكام الثمانية، واكتفت بإصدار قرار اعتقال إداري جديد بعد كل حكم قضائي بالإفراج.
إن هذه المتاهة القانونية يواجهها ما لا يقل عن عشرة آلاف مصري اليوم في أكثر التقديرات تحفظاً وفقاً للمجلس القومي لحقوق الإنسان والذي يتبع الدولة المصرية. ولا يزال معظم هؤلاء الضحايا رهن الاعتقال دون اتهام أو محاكمة لمدد يتجاوز بعضها عشر سنوات. أما الباقون فقد قضوا عقوباتهم القضائية ليكتشفوا أنهم سيبقون داخل السجن لأن وزارة الداخلية تعتبرهم خطراً على الأمن القومي. إن هذا النظام القانوني الموازي الذي يسمح لأجهزة الأمن بالتصرف دون رقابة وبحرية انتهاك القانون المصري والدولي هو نتاج خمسة وعشرين عاماً من حالة الطوارئ التي تم تمديدها خلال الشهر الجاري لعامين إضافيين. ومنذ صدور قرار التمديد فقد سقط ما لا يقل عن ثلاثمائة ضحية جديدة لقانون الطوارئ ألقي القبض عليهم خلال الشهر الماضي بسبب اشتراكهم في تظاهرات سلمية تطالب باستقلال القضاء والإصلاح السياسي. ومنذ يومين فقط أعلن وزير الداخلية أن أي شخص سيمارس حقه في التظاهر السلمي سيواجه حزمة من التهم وفقاً لقانون العقوبات ويعرض نفسه للقبض والاحتجاز بشكل فوري.
إن قانون الطوارئ يهزأ بالتزامات مصر القانونية بموجب الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. والإفراج عن شخص واحد – وهو محل ترحيب – لا يغير شيئاً من هذه الحقيقة.
شكراً على إصغائكم."
ويمكن الإطلاع على المذكرتين القانونيتين اللتان قدمتما المبادرة المصرية وإنترايتس إلى اللجنة الأفريقية بشأن القضية في شهري نوفمبر وفبراير الماضيين في القسم الخاص بالحملات على موقع المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: www.eipr.org