أوقفوا التعذيب الآن

بيان صحفي

17 نوفمبر 2002

تناقش مصر في هذه الأيام، تقريرها الرسمي المقدم للجنة الدولية لمناهضة التعذيب . وقد اعترفت الدولة بتقريرها الماضي ،1998 بتلقى450 شكوى عن حالات تعذيب. وقد أوصت اللجنة الدولية بضرورة التزام الدولة بمنع التعذيب، وتعديل القوانين المحلية التي تتعارض مع نصوص الاتفاقية ولكن رغم مرور 4 سنوات، على مناقشة هذا التقرير، إلا أن الحال مازال كما هو عليه، فلم يجرى تعديل مواد قانون العقوبات التي تحرم ضحية التعذيب من حق التقاضى المباشر. ولم تسحب أجهزة الصعق الكهربائي من أماكن الاحتجاز، ولم يوقف رجال الأمن المتهمين بالتعذيب أو العنف الجماعي عن العمل، لحين البت في القضايا المرفوعة ضدهم .

وحتى الآن فالقدر الأكبر من قضايا التعذيب، يغلق ملفها قبل إحالته للقضاء، أما القضايا المحدودة التي تحال للقضاء، فأنها تأخذ سنوات قبل صدور قرار الإحالة. و تلك التي حكم فيها على المتهمين بالتعذيب، كان الحكم لا يتناسب مع حجم الجرم الذي أرتكب، ليس في حق الضحية فقط، بل في حق المجتمع كله، الذي أصبح كل مواطن فيه معرضا للتعذيب بدون أسباب.

فكثير من ضباط الشرطة يتعاملون مع أنفسهم على أنهم دولة داخل الدولة، وأنهم فوق القانون، مستغلين في ذلك سطوة المنصب، وحصانة الوظيفة، وسرية مكان التعذيب، فوق كل ذلك ترسانة من القوانين الاستثنائية التي تجعل الأرض ممهدة أمام الضباط للاحتجاز بدون إذن النيابة ، و إصدار قرارات بالاعتقال وفقا لأهوائهم .

فبعد استخدام العنف في التعامل مع مظاهرات تأييد الشعب الفلسطيني في النصف الأول من هذا العام والتي راح ضحيتها طالب بجامعة الإسكندرية وإصابة ستة من الطلاب في عيونهم ، يأتى النصف الثاني من عام 2002 ليشهد تنكيلا جماعيا ضد أهالي عزبة أبو ماضي،مركز بلقاس، محافظة الدقهلية. و تنكيلا جماعيا آخر بقرية البيضاء، مركز الحسينية، محافظة الشرقية. ووفاة اثنان نتيجة للتعذيب، بكفر الجزيرة، زفتى، محافظة الغربية.

وسنلقى الضوء على القضايا الثلاث الأخيرة ، ونضعها أمام أعين المسئولين وأمام الرأي العام ، منتظرين أن تتحرك الجهات المعنية في التحقيق في تلك البلاغات وسرعة إصدار تقارير الطب الشرعي وسرعة إحالتها لساحات القضاء.

1- عزبة أبو ماضي، بلقاس، الدقهلية
في 7/6/2002 تحركت وحدة تنفيذ الأحكام بمركز بلقاس إلى عزبة أبو ماضي ، للقبض على المواطن نصر عبد المقصود، المتهم بقضية شيك بدون رصيد ، وأثناء القبض عليه قام الضابط بالاعتداء على نصر بالضرب والسب أمام أهله بعد تقييده بالحبال، مما أثار ابنه البالغ من العمر ستة عشر عاما ، فأطلق عيارا ناريا في الهواء احتجاجا على إهانات ضابط الشرطة. ذهبت القوة بعد القبض على السيد/ نصر وابنه وعادت في مساء نفس اليوم بثمان سيارات أمن مركزي، في حملة انتقامية شرسة من أهالي العزبة، ومعظمهم من عائلة واحدة تتكون من ثلاثة أخوة يناهزون السبعين من العمر ، وأولادهم وأحفادهم. هاجمت قوات الأمن المنازل فكسرت أبوابها و كل ما وجدته من أثاث وأجهزة كهربائية وأدوات الطعام. كما ألقت بالكيروسين على المياه ومخزون الدقيق والغلال .وحرقت الملابس والأحذية وألقت القبض على كل العائلة، لم تترك إلا طفلين في السابعة والتاسعة من العمر وعلق الضابط على تركهما قائلا لأمهم :" سنتركهم وحدهم بالبلد لتأكلهم الذئاب". ضربت النساء و الرجال والأطفال كما أجبرت النساء على الخروج بدون أغطية الرأس ، و حفاة الأقدام .

ظلت النساء و الأطفال رهن الاحتجاز بقسم شرطة بلقاس لمدة أسبوع، مزقت ملابسهن وأجبرن على الزحف على بطونهن على الرمال الساخنة و هن يضربن على ظهورهن أثناء ذلك، بالأقدام والكابلات، و من السيدات كان هناك اثنتان حوامل، لم يرحما من الزحف والضرب، حتى بعد أن أصيبت إحداهن بنزيف رحمي ، ظلت تعانى منه لمدة شهرين بعد ذلك. كما لم ترحم السيدة زرافات التي جاوزت السبعين من عمرها، ولا الطفل أحمد الذي يعانى من إعاقة عقلية ولا الطفل عرندس، الذي فقد إحدى قدميه في حادث سيارة.

في نهاية أسبوع التعذيب، أجبرت النساء على الخروج للشارع لا تسترهن غير الملابس الداخلية الممزقة. بينما استمر حجز الرجال لمدة سبعة عشر يوما ، ثم أفرج عن بعضهم وصدر قرار اعتقال للبعض، بينما استمر حجز آخرين بقسم شرطة بلقاس. و تردت الحالة الصحية لشاب في السادسة والعشرين من العمر،(ياسر عرندس) وفقد الوعي فنقل على مستشفي المنصورة الجامعي، بعد أن رفضته المستشفى العام.ومما هو جدير بالذكر ،أن ياسر مازال يرقد بالمستشفى حتى وقت إصدار هذا البيان، وبالرغم من أنه مازال في حالة فقدان الوعي إلا أن قسم الشرطة مازال يضع ياسر في الأغلال، ويقف فوق رأسه اثنان من الحرس على مدار الربعة والعشرين ساعة؟! وقد قام مركز النديم والمبادرة المصرية بزيارة لعزبة أبو ماضي واستمعا لشهادات أربع وعشرين من الضحايا من بين ما يقرب من خمسين مواطنا تعرضا للعنف والتعذيب في هذه الأحداث.

2- كفر الجزيرة، مركز زفتي، الغربية.
في 7/7/2002 توفي نبيه شاهين 33 سنة، ومحمد شاهين 44 سنة، بعد أن احتجزا بدون وجهه حق، بمركز شرطة زفتي في 18/6/2002 تعرضا خلال الاحتجاز للتعذيب بالكهرباء و التهديد بالقتل، وبإيذاء الأسرة كلها. كما لم يحترم الضابط المسئول عن التعذيب قرار النيابة بالإفراج عنهما، بل أحتجزهما بدون علم النيابة وبدون أي مسوغ قانوني بقسم شرطة المحلة لمدة عشرة أيام. ثم بقسم شرطة طنطا لمدة يومين، حيث رحلا بعد ذلك لسجن وادى النطرون بعد أن أصدر نفس الضابط قرارين باعتقال المذكورين.

ولم يستمر احتجاز محمد ونبيه بوادى النطرون أكثر من ساعتين ونصف الساعة، وخرجا منه فاقدي الوعي بسيارة السجن، لمستشفى السادات، التي قامت بتحويلهما لمستشفى الدمرداش بالقاهرة، ولكن لفظ محمد أنفاسه قبل الوصول لمستشفى الدمرداش، ولحق به نبيه بعد وصوله المستشفى بحوالي ربع ساعة. وللان ، و بعد خمسة شهور ، مازالت الأسرة الملتاعة في انتظار صدور تقرير الطب الشرعي.

3- قرية البيضاء، مركز الحسينية، محافظة الشرقية.( من تقرير لمركز الأرض لحقوق الإنسان)
في 1/10/2002 قامت سبع سيارات أمن مركزي، وست سيارات من قوة مركز شرطة الحسينية،وخمس جرارت زراعية، إضافة لثلاث سيارات ميكروباس محملة بالبلطجية تابعين لأصحاب أرض مازال النزاع القضائي قائم بينهم وبين الفلاحين المستأجرين للأرض.وذكر الأهالي أن مالك الأرض قريب لقيادة أمنية بأحد محافظات الصعيد. قامت قوات الأمن بالهجوم على القرية، حيث كسرت أبواب المنازل، و حرقت المحاصيل، وقامت الجرارات بتقليب الأرض، وتدمير المحاصيل(157 فدان،قطن وأرز) واعتدت بالضرب المبرح على النساء والأطفال محدثة ببعضهم إصابات بالغة.واعتقلت ما يزيد عن مائة مواطن من الرجال والنساء والأطفال.بل ألقت القبض أيضا على بعض الفلاحين من القرى المجاورة الذين هرعوا لمكان الأحداث للاطمئنان على أقاربهم وجيرانهم. وكما هي العادة يضرب ضباط البوليس بقرارات النيابة عرض الحائط، فقد أصدرت النيابة قرارا بالإفراج عن النساء والأطفال واحتجاز بعض الفلاحين لمدة خمسة عشر يوما. ولكن لم تنفذ الشرطة قرار الإفراج عن النساء والأطفال، واستمرت في احتجازهم وتعذيبهم مما أدى لحدوث كسور بعدد منهم. ومرة أخرى تخالف قرار النيابة، حيث قررت النيابة الإفراج عن بقية المحتجزين من الفلاحين قبل مرور الخمسة عشر يوما، إلا أن مباحث مركز الحسينية أبقت على خمسة أفراد رهن الاحتجاز.

إن المراكز الموقعة على هذا البيان، تهيب بكل من يهمه أمر هذا الوطن، أن يطالب السلطات المعنية بما يلي:
- الوقف الفوري للتعذيب بأقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز الأخرى
- سحب أجهزة التعذيب، وأجهزة الصعق الكهربائي من كافة أماكن الاحتجاز
- إحالة المسئولين عن التعذيب للقضاء، وسرعة البت في القضايا الخاصة بالتعذيب، وفتح الملفات التي أمر بحفظها.
- تعديل القوانين التي تتعارض مع نصوص الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب.
- إلغاء قانون الطوارئ و كافة القوانين الاستثنائية، التي تفتح الباب أمام انتهاك حقوق المواطنين.
- كما نطالب بالإفراج عن المعتقلين، والمحتجزين من عزبة أبو ماضي، وقرية البيضاء، وفك قيود ياسر عرندس" الراقد

بمستشفى المنصورة الجامعي" ورفع الحراسة عنه. كما نهيب بسرعة إصدار تقرير الطب الشرعي الخاص بوفاة محمد شاهين ونبيه شاهين.

المنظمات:
مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
مركز هشام مبارك للقانون

لمزيد من التفاصيل يرجى الاتصال بالمراكز الموقعة على البيان
مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف 5776792
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية 7950582 - 7962682
مركز هشام مبارك للقانون 5758908