قبل يوم من نظر طعنهم على قرار بنزع الملكية: قطع المياه عن قاطني عقار بالإسكندرية

بيان صحفي

21 ديسمبر 2025

فوجئ سكان برج "لؤلؤة سموحة" الكائن بالمنطقة التي تحمل الاسم نفسه في الإسكندرية، اليوم الأحد الموافق 21 ديسمبر، بقطع مياه الشرب عن عقارهم على يد مجموعة من موظفي شركة مياه الإسكندرية، من بينهم رئيس الشركة بنفسه، وبصحبتهم قوة من قسم شرطة سيدي جابر. وادعى الموظفون وأفراد القوة المصاحبة لهم أن قطع المياه أتى تنفيذًا لقرار من رئيس مجلس الوزراء؛ في وقد جرى ذلك الأمر في إجراء مخالف للقانون، ممثلاً ضغطاً إدارياً غير مشروع على السكان بغرض إخلائهم قسريًا لبناء فندق سياحي. 

جاء قطع مياه الشرب عن السكان بعد إجراءات شملت قطع خدمات الغاز الطبيعي عنهم والتلويح بقطع خدمات أخرى. وتأتي تلك الإجراءات في سياق نزاع ممتد منذ سنوات حول العقار بين السكان وشركة سوليك العقارية، المالكة لمجتمع سكني مسوّر (كُمباوند) ملاصق للمبنى، فيما تملك الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بعض عقاراته. وذكر الأهالي لممثلي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن ضغوطًا تُمارس ضدهم منذ نحو ثلاث سنوات لدفعهم إلى مغادرة البرج مقابل تعويضات زهيدة؛ كما عرض عليهم ترك العقار إلى وحدات سكنية بديلة في عقار آخر -خارج نطاق "الكُمباوند"- وقبل بعض السكان الانتقال بينما يتمسك آخرون بحقهم في البقاء. 

تعود وقائع الأزمة إلى العام 2019، حين أصدر رئيس الوزراء القرار رقم 1820 باعتبار مشروع توسعة شارع النقل والهندسة (شارع 38 سابقًا) ليصبح بعرض 30 مترًا كطريق عرضي من محور المحمودية بمحافظة الإسكندرية من أعمال المنفعة العامة، كما نصّ على الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على الأرض اللازمة لتنفيذ المشروع.

تم تجديد القرار في 2022، ثم مجددًا 2025، وفقًا للتعديلات التي جعلت مدة سريان قرارات المنفعة العامة ثلاث سنوات. وبالرغم من التجديدات المتتالية، إلا أنه طبقًا للقانون 10 لسنة 1990 الخاص بنزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، يسقط قرار نزع الملكية بمرور ثلاث سنوات دون تنفيذه، ويعتبر كأن لم يكن. بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض السكان طعنوا على قرار نزع الملكية الصادر الأصلي أمام القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة 54)، وحددت جلسة نظره الأولى غداً الموافق 22 ديسمبر.

وتؤكد مستندات بحوزة السكان أن وحدات العقار مملوكة بعقود بيع قديمة ترجع إلى عام 1999، وتتضمن أرقام الوحدات والدور والنموذج وقيمة البيع وطريقة السداد، ما يعد دليلاً على أن العقار مأهول بسكان لهم صفة قانونية واضحة، وليس وضعًا عارضًا أو بلا سند. كما تتضمن الأوراق إيصالات سداد خدمات مرافق حديثة، منها فاتورة مياه عن شهر أغسطس لسنة 2025، ما يثير تساؤلًا مباشرًا حول الأساس القانوني والإداري لقطع المياه أو التهديد بقطع مرافق أخرى عن مبنى مأهول. ويضاف ذلك كله إلى مخالفات أخرى تضمنت عدم إجراء حوار مجتمعي مع المتضررين قبل صدور القرار.

أفاد سكان العقار أن المساحة الكلية للعمارة تبلغ نحو 240 مترًا مربعًا وأن المطلوب لتنفيذ مشروع توسعة الشارع هو 100 متر مربع فقط، إلا أن التنفيذ لن يسمح بأخذ جزء دون الآخر لأن ذلك قد يهدد سلامة المبنى، بما يؤدي عمليًا إلى نزع ملكية كامل العقار. وفي هذا السياق، يؤكد السكان وموقع شركة سوليك العقارية على وجود مخطط لإنشاء فندق سياحي، وهو إن صح فإنه ينفي صفة المنفعة العامة عن قرار رئيس مجلس الوزراء. اللافت للانتباه في هذا الصدد، أنه على ذات خط التنظيم يوجد (كمبوند) آخر تابع لشركة "الغنيمي"، ما يعني أن تطبيق التوسعة بذات المنطق يستلزم هدم منشآت أخرى أيضًا من بينها هذا (الكمبوند)، وهو ما لا يبدو مطروحًا ضمن الخطة، ما يثير شبهة الانتقائية والاستهداف في التطبيق. وفي المقابل، تظهر بدائل تبدو أقل كلفة اجتماعية ومادية مدعومة بخرائط وصور ميدانية؛ منها أن نزع "المثلث" المقابل للعمارة (جنوب الشارع)، قد يكون أسهل وأوفر لأنه شارع داخلي وخال من السكان والإشغالات، وبقيمة نزع أقل بكثير من نزع ملكية عمارة مأهولة وما يترتب على ذلك من إخلاء قسري وضرر اجتماعي.

يؤكد الأهالي أن المطلوب الآن هو تدخل قانوني عاجل لوقف إجراءات قطع المرافق، والالتزام باحترام الضمانات الدستورية والقانونية المتعلقة بالملكية الخاصة، والإجراءات الواجبة في حالات نزع الملكية، وضمان إتاحة جميع المستندات الرسمية المتعلقة التخطيط والتنظيم بما يضمن الشفافية والرقابة المجتمعية.