الملاحقات الأمنية مستمرة: ارتفاع عدد المقبوض عليهم على أساس المعتقد الديني واللادينيين إلى 20 شخصًا

خبر

6 نوفمبر 2025

لا تزال حملة الاعتقالات  على أساس الدين والمعتقد مستمرة منذ منتصف سبتمبر الماضي بحق  اللادينيين والملحدين وأصحاب الآراء الدينية المخالفة للسائد. إذ وثقت  المبادرة المصرية للحقوق الشخصية القبض على ستة أشخاص جدد منذ منتصف أكتوبر الماضي، ليصل عدد المحبوسين على ذمة القضية رقم 6954 لسنة 2025 (حصر أمن الدولة العليا) إلى 20 شخصًا على الأقل، وجهت لهم تهم الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام الدستور والقانون، والتعدي بإحدى الطرق العلنية على أحد الأديان التي تؤدى شعائرها علنًا. 

تأتي الاعتقالات الأخيرة في ضوء تزايد وتيرة الملاحقات الأمنية لمعتنقي ديانات وعقائد غير معترف بها في القانون المصري، أو أصحاب آراء تخالف أو تنتقد ما تتبناه المؤسسات الدينية الرسمية. فبإضافة الستة المضمومين للقضية المذكورة، يصل عدد المقبوض عليهم الذين وجهت لهم اتهامات مرتبطة بدينهم أو معتقدهم منذ بداية عام 2025 إلى 45 شخصًا موزعين على ست قضايا مختلفة. وتعرض عدد من المقبوض عليهم للإخفاء عدة أيام قبل ظهورهم بنيابة أمن الدولة العليا التي تولت التحقيق معهم. 

وتكرر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية - التي يمثل محاموها عددًا من المقبوض عليهم في هذه القضايا  إدانتها لهذه الحملة ومطالبتها بالإفراج الفوري عنهم، لما يمثله احتجازهم من انتهاك سافر للالتزامات الدستورية بضمان وحماية حريات الدين والمعتقد والرأي والتعبير، والتي وعدت الحكومة باحترامها  في الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان

بل إن هذه الهجمة الأمنية تخالف حتى التصريحات العلنية الشهيرة لرئيس الجمهورية نفسه قبل أربع سنوات والتي قال فيها "أنا أحترم عدم الاعتقاد ولو حد قالي أنا مش أي دين في الدنيا انت حر بشرط الأ تفرض رأيك".

كما تدين المبادرة المصرية حرمان كافة المحبوسين على ذمة القضية من حقهم في التريض، وهو ما ينتهك لائحة السجون المصرية التي كفلت في مادتها 85 حق السجناء في التريض لمدة ساعتين يوميًا موزعتين على فترتين، صباحًا ومساءً، عدا أيام الجُمع والإجازات، على أن يُعطى المسجونون نصف ساعة يوميًا في حال زادت الإجازة عن يوم واحد. 

وفي حين ينبغي أن يكون الحق في التريض مكفولًا لجميع السجناء، ويُعدّ الحرمان منه في ذاته انتهاكًا لحقوقهم؛ ففي حالة المحبوسين على ذمة القضية 6954 يؤدي الحرمان من الحق في التريض إلى مزيدٍ من التدهور في حالتهم الصحية؛ إذ تبين فور ظهورهم أمام النيابة أن سبعة منهم على الأقل يعانون من مشكلات صحية سابقة على احتجازهم، من ضمنها ما يرتبط بصحتهم النفسية. ولذلك فإن حرمانهم من التريض يشكل انتهاكًا إضافيًا لحقوقهم الدستورية؛ إذ تنص المادة 55 من الدستور على أن "كل من يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًّا أو معنويًّا، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًّا وصحيًّا". وكذلك تنص المادة 56 على أن "السجن دار إصلاح وتأهيل. تخضع السجون للإشراف القضائي ويحظر فيها كل ما ينافي كرامة الإنسان، أو يعرض صحته للخطر".

كما تعرض أحد المسجونين إلى إصابات إثر انقلاب عربة الترحيلات أثناء نقله إلى السجن، ومنذ ذلك الحين لم يُعرض على طبيب ولم تجر له أية فحوصات أو إجراءات طبية ضرورية للاطمئنان على صحته وتقديم الرعاية الطبية اللازمة له، رغم شكواه المتكررة أمام النيابة من شعوره بآلام في الصدر بعد تعرضه لحادثة. وتدين المبادرة المصرية تقاعس إدارة السجن حتى الآن عن توفير الرعاية الصحية اللازمة لهذا السجين واثنين آخرين ذكروا أمام النيابة أنهما مصابين بأورام وكانا يخضعان للعلاج قبل القبض عليهم. 

كانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية - التي يمثل محاموها عددًا من المقبوض عليهم في هذه القضايا- قد أدانت حملة  الاعتقالات التي تمثل انتهاكًا سافرًا للالتزامات الدستورية بضمان وحماية حريات الدين والمعتقد والرأي والتعبير، والتي وعدت الحكومة باحترامها  في الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وأكدت مرارًا على كفالتها في تقاريرها المقدمة إلى الأمم المتحدة وشركائها من المانحين والمقرضين.

وتحذر المبادرة المصرية من ازدياد حالة التربص بحرية الرأي والتعبير وثيقة الصلة بممارسة الحق في حرية الاعتقاد، وهو حق مكفول لكافة المواطنين بموجب المادة  64 من الدستور التي أكدت أن "حرية الاعتقاد مُطلقة". وتشدد على ضرورة الالتزام بما ورد في المادة 18 العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي يعد جزءًا من التشريع المصري بموجب الدستور، فقد شددت  اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تفسيرها  الرسمي للمادة 18 على أن المادة "تحمي العقائد التوحيدية وغير التوحيدية والإلحادية، والحق في عدم اعتناق أي دين أو عقيدة". كما تحظر الفقرة الثانية من المادة الإكراه الذي من شأنه أن يضر بالحق في اعتناق دين أو معتقد، وفسرت اللجنة الأممية القائمة على مراقبة تطبيق العهد "الإكراه" بأنه يشمل  استخدام التهديد باستخدام القوة الجسدية أو عقوبات جناية  "لإكراه المؤمنين أو غير المؤمنين على التمسك بمعتقداتهم الدينية أو التخلي عنها".