قبل كورونا وبعده.. محنة الأطباء المصريين
في 11 مارس 2020 ،أعلنت منظمة الصحة العالمية )WHO )أن فيروس كورونا جائحة عالمية. ومنذ ذلك الحين، اتخذت الحكومات مجموعة واسعة من التدابير والسياسات بهدف الحد من الإصابة والوفيات الناجمة عن الفيروس. كان الهدف حماية المواطنين وإنقاذ أنظمة الرعاية الصحية من زيادة الضغط عليها. وفي مصر، أعلن مجلس الوزراء في 16 مارس 2020 ،قراره بتقليص عدد الموظفين في الدوائر الحكومية، وتعليق ً الرحلات الجوية، وتعليق الدراسة في المدارس والجامعات، بالإضافة إلى إجراءات أكثر تقييدًا شملت حظر ًا جزئيّا للتجوال. ومع ذلك، ومن أجل أن تؤتي هذه الجهود النتائج المتوقعة، كان التعاون الكامل من جميع أصحاب المصلحة ً ضروريّا، وفي القلب منهم بطبيعة الحال الأطباء والفرق الطبية. ً على المستوى الوطني، في 25 مارس 2020 ،،بعنوان: »كن بطل ًا«، للمتطوعين من أطلقت وزارة الصحة المصرية نداء الطاقم الطبي لدعم إدارة واحتواء تفشي كوفيد-19. وبعد عام من الجائحة، تنعي مصر وفاة 500 من أطبائها. يحدث هذا في الوقت الذي يتسبب فيه الوباء في أعلى عدد من الوفيات والإصابات، حيث تحولت ظواهر انتشار الإصابة في المجتمعات المحلية إلى انتشار على المستوى الوطني ً ً ا علنيّا. وأصبح فشل التواصل بين نقابة الأطباء ووزارة الصحة أمر تعتبر القوى العاملة الصحية واحدة من الأعمدة الستة الأساسية للنظام الصحي. ولتحسين تغطية الخدمات الصحية وجودتها ونتائجها، يجب أن يوضع في الاعتبار بشكل جدي وضع العاملين الصحيين ونظم إدارتهم. وينطبق ذلك بشكل خاص في سياق وباء كوفيد-19 .لقد ألقى الوباء الجديد الضوء على عيوب النظم الصحية في جميع أنحاء العالم، وكشف عن مدى أهمية مناقشة الصحة العامة ونظم إدارتها، ووضعها على رأس جداول الأعمال الوطنية. لطالما ظهرت الحاجة إلى تدخلات جذرية فيما يتعلق بالأطباء المصريين، كما كانت الدعوة إلى تدخل منهجي وتشاركي مطروحة دائم ًا. اليوم، نعاني من آثار تأخر تلك المناقشات والتدخلات التي تأتي في وقت تتخذ فيه مصر خطواتها الأولى نحو خطة تأمين صحي شامل، وتتعرض لوباء عالمي خطير. حددت منظمة الصحة العالمية العديد من القضايا المتعلقة بالقوى العاملة الصحية، والتي تشمل الصعوبات في الأداء والتعليم والتوظيف والتوزيع والإبقاء عليها. ومن الضروري أخذ هذه العوامل كلها في الاعتبار، لكن هذه الورقة تتناول موضوع الإبقاء على العاملين الصحيين في مصر، مع التركيز على الأطباء، نظر ًا إلى أن البيانات المتعلقة بهم، على الرغم من م ً حدوديتها، متاحة نسبيّا أكثر من باقي أعضاء الطاقم الطبي. يعد عدم القدرة على الإبقاء على الأطباء المصريين داخل البلد قضية حاسمة، ويستلزم التحقيق في جذور هذه المشكلة إجراء تحليل شامل للأوضاع في بيئة عمل الأطباء وظروفهم، والتي تمس الأعمدة الأساسية الأخرى للنظام الصحي، مثل: التمويل الصحي والحوكمة والقيادة وسهولة الحصول على الأدوية وتقديم الخدمات. إن أوجه القصور في هذه الأعمدة الأساسية تعني حوافز أقل للاحتفاظ بالأطباء في القطاع العام، بل ويمكن القول، في البلد عمومًا. لذلك فإن المراجعة النقدية لهذه الجوانب المختلفة، من وجهة نظر الأطباء، ستلقي الضوء على أوضاع بيئة العمل الحالية وتكشف عن السياسات اللازمة للاحتفاظ بـ«الجيش الأبيض« في مصر. لماذا كانت هناك حاجة إلى مزيد من الأطباء في مصر؟ ماذا يخبرنا هذا عن البيئة التي يعمل فيها الأطباء؟ كيف يمكن تحسين ذلك؟ ماذا يقدم نظام التأمين الصحي الجديد؟ وما هي أدوار أصحاب المصلحة الآخرين؟ تمثل جائحة كوفيد-19 فرصة لإعادة التفكير في النظام الصحي المصري. هذه محاولة لإعطاء صورة أوضح عن الأطباء في مصر. تهدف هذه الورقة إلى بدء حوار بين أصحاب المصلحة من أجل إيجاد مسارات مختلفة لتحسين ظروف الأطباء المصريين. وتشمل مراجعة مكثفة للأدبيات المتاحة ومقابلات مركزة مع مصادر مهمة للمعلومات ومع الأطباء، الذين هم الموضوع المركزي للورقة، وذلك لتعميق التحليل والتحقق من النتائج.