المبادرة المصرية: على البنك الدولي أن يحسن من اختيار شركائه، ويلتزم بأقصى درجات الإفصاح عن هويتهم
بيان صحفي
أكثر من نصف الشركات الخاصة التي يستثمر بها البنك الدولي لأغراض تنموية، لديها أو تملكها شركات لديها فروع في ملاذات ضريبية وسرية، كما أن ثلث محفظة مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، مستثمرة في شركات يملكها أشخاص ذوو صلات سياسية. هذه نتائج دراسة "من وراء حجاب: استثمارات البنك الدولي بين السرية المالية ووعود التنمية - حالة مؤسسة التمويل الدولية في مصر"، التي تطلقها المبادرة المصرية اليوم بالتزامن مع اجتماعات الربيع للبنك وصندوق النقد الدوليين التي بدأت يوم الثلاثاء الماضي 17 إبريل، وتمتد حتى يوم 22 إبريل في العاصمة الأمريكية واشنطن، وبالتحديد، يوم الجمعة 20 إبريل، الساعة 2 بتوقيت جرينيتش بحضور مسؤولين من البنك الدولي وعدد من منظمات المجتمع المدني المعنية بالعدالة الضريبية وبسياسات الوصول إلى المعلومات التي تطبقها مؤسسات التمويل الدولية، مثل: البنك والصندوق الدوليين.
يقول أسامة دياب الباحث في وحدة العدالة الاقتصادية والاجتماعية في المبادرة المصرية: "هذه النتائج لا تتوافق مع المهمة التي أخذتها مؤسسة التمويل على عاتقها وهي تعزيز قواعد الإفصاح والشفافية الضريبية في مشاريع التنمية التي يقوم عليها القطاع الخاص بالتعاون معها، فلا يمكن تخيل تنمية حقيقية بدون تسديد الشركات الكبرى نصيبها العادل من الضرائب على الأرباح الفلكية التي تحققها".
تصدر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية هذا التقرير الذي يهدف إلى تقييم جانب من الدور التنموي الذي تقوم به مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي في مصر. ويقوم على تحليل بيانات كل المشروعات التي قامت المؤسسة بتمويلها منذ بداية عملها في مصر في عام 1995 وحتى منتصف عام 2017. وذلك بالاعتماد على الوثائق المنشورة على الموقع الرسمي للمؤسسة، وكذلك عبر البحث في مواقع الشركات الممولة، ومواقع معنية بالرقابة على أنشطة الشركات في الملاذات الضريبية. وقد أجرى الباحثون مقابلة مع مسؤول من مؤسسة التمويل لمناقشة تلك النتائج.
وقام باحثو المبادرة أيضًا، من خلال هذا التقرير، بالعمل على ثلاث دراسات حالة على أُسس ثلاثة بهدف البحث في تلك الحالات بشكل أوفى. أولها: ثبوت التورط في التجنب الضريبي، والثاني وجود نفوذ سياسي لأصحاب الشركة، وأخيرًا تورط الشركة أو صاحبها في قضايا فساد. وعلى أساسه يعرض التقرير دراسات حالة أعمق للمجموعة المالية هيرمس ومجموعة أوراسكوم القابضة ومجموعة القلعة القابضة.
وترى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن البنك الدولي يخالف واحدًا من الأدوار التنموية التي من المفترض أن يدعمها من خلال استثماراته. فبجانب خلق فرص العمل ومساندة الأهداف الاقتصادية مثل دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والمشروعات التنموية مثل مشروع الطاقة الشمسية بأسوان، يجب أن يتأكد البنك الدولي وذراعه التمويلية من أن تلعب تلك الشركات دورها القانوني في تعزيز الحصيلة الضريبية التي تنعكس بدورها على مزيد من الإنفاق على الخدمات العامة. ويذكر أن شبكة العدالة الضريبية ومصادر أخرى رسمية قدرت خسائر التجنب الضريبي في مصر بحوالي 68 مليار جنيه في عام 2011/2012 وهو ما يعادل ثلث الإيرادات الضريبية في ذلك العام.
ووجد باحثو المبادرة أن الموقع الرسمي لمؤسسة التمويل الدولية لا يُفصح عن المعلومات حول المالك الحقيقي (المنتفع) لـ40% من الشركات التي تمولها المؤسسة وأن 50.5% من الشركات لديها فروع في ملاذات ضريبية و21.5% من الشركات تعمل في مناطق حرة محلية و37% من الشركات يملكها أشخاص نافذون سياسيًّا و23% تورطوا في قضايا فساد داخل أو خارج مصر، منهم من تمت إدانتهم وآخرون تمت تبرئتهم أو لا تزال محاكمتهم جارية.
وترحب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالدور الذي تقوم به الحكومة المصرية في مكافحة أساليب التجنب الضريبي ومنها مراجعة اتفاقيات الضرائب الثنائية التي وقعتها مصر مع دول أخرى وتوخي مزيد من الحذر في توقيع اتفاقيات جديدة. ويقول عبد الحميد مكاوي، الباحث في وحدة العدالة الاقتصادية والاجتماعية والذي شارك في إعداد التقرير: "إن البنك الدولي من خلال مؤسسة التمويل الدولية لا يلعب دورًا مساندًا لهذه المجهودات المصرية التي تهدف إلى مكافحة تحويل الأرباح إلى خارج البلاد. كما أن تلك الممارسات التي تمر من تحت أنف مؤسسة التمويل تحرم الدولة من موارد عامة للإنفاق الاجتماعي، وتنشر مناخًا مواتيًا للتهرب الضريبي".
وفي النهاية، تطالب المبادرة المصرية مؤسسة التمويل الدولية بتعديل سياستها لمكافحة التجنب الضريبي الصادرة في يونيو 2014 لتنص على ضرورة أن تفصح المؤسسة بشكل كامل عن الملاك المنتفعين من تمويلها وأن تشجع الشركات على مزيد من الإفصاح عبر مواقعها الإلكترونية. وأن تتبنى المؤسسة تفسيرًا أشد لتعريف الملاذات الضريبية. وترى المبادرة أيضًا ضرورة أن تركز مؤسسة التمويل الدولية في دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تساهم في تحقيق الأهداف التنموية وتوفير فرص العمل، بدلًا من دعم المستثمرين النافذين سياسيًّا. كما تؤكد المبادرة على ضرورة أن تتوقف المؤسسة عن تمويل أو مشاركة أي مستثمر نافذ سياسيًّا أو ممن تورطوا في قضايا فساد من قبل من خلال أعمالهم في مصر.