المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تنتقد تعامل أجهزة الدولة مع أحداث كفر درويش وتحذر من التوسع في استخدام التهجير كعقوبة اجتماعية
بيان صحفي
تابعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بمزيد من القلق تعامل الأجهزة الأمنية والسلطات المحلية مع وقائع التوترات والاعتداءات الطائفية بقرية كفر درويش بمركز الفشن جنوب محافظة بني سويف، التي انتهت بتهجير خمس أسر مسيحية، نتيجة لاتهام أحد أفرادها بنشر صورة مسيئة للإسلام وللرسول، قبل عودتهم -أمس- بعد عرض وسائل الإعلام هذه المشكلة وانتقادها مسلك المسئولين.
كان جمع من أهالي القرية المسلمين قد اعترضوا على قيام مسيحي، غير مقيم بمصر ويعمل بدولة اﻷردن، بنشر صورة اعتبرت مسيئة إلى الإسلام على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، وعقدت عدة جلسات عرفية، بدأت بمطالبة الأسرة بدفع مبلغ مالي كتعويض للمسلمين عن هذا الخطأ، ثم بتقديم والد المسيحي كفنًا رمزيًّا في سرادق يقام خصيصى لذلك وبحضور قيادات المحافظة، وانتهاء بتهجير الأسر بموافقة الجهات الأمنية والمسئولين.
وأوضحت المبادرة المصرية أن عودة الأسر المهجرة إلى القرية من خلال جلسة عرفية جديدة، خطوة غير كاملة ولن تحل مشاكل التوتر الطائفي طالما أن أجهزة الدولة لا تزال تتساهل في التعامل مع هذه النوعية من الانتهاكات والاعتداءات على ممتلكات المواطنين والتعامل مع هذا الملف بشكل انتقائي دون تطبيق القانون بعدالة على الجميع.
وقال إسحق إبراهيم الباحث ومسئول برنامج حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية إن "حادثة تهجير أقباط كفر درويش ليست الأولى خلال الفترة الأخيرة، ففي السابق قامت جلسات عرفية عقدت في قرية الناصرية بالمنيا وميانة ببني سويف خلال إبريل ومايو الماضيين بتهجير أقباط لمجرد اعتراض بعض المسلمين على آرائهم المنشورة على مواقع التواصل اﻻجتماعي، وحشد غاضبين لمهاجمة منازلهم وإجبارهم على الرحيل من موطنهم الأصلي الذي يعيشون فيه منذ عشرات السنين". وأضاف: "التهجير عقوبة قاسية تترك آثارها على المهجرين لفترة طويلة، فهؤلاء ينتقلون إلى أماكن جديدة، وهم غير مرحب بهم، ثم يبحثون فيها عن عمل و مدارس لأبنائهم وعلاقات اجتماعية جديدة".
وانتقدت المبادرة المصرية لجوء المسئولين إلى الجلسات العرفية، التي تحولت إلى ما يشبه قضاء موازيًا يفتقر إلى الحد اﻷدنى من ضمانات المحاكمة العادلة وعدم التمييز، ويفرض ألواناً مختلفة من العقاب الجماعي، لأسباب عائليه ودينية، منها التهجير القسري الذي يعد عقوبة تتعرض لها أسر بكاملها، بعض أفرادها لم يكن متورطًا في الخلاف أو متعاطفًا معه. وأضافت المبادرة بأن التوسع في اللجوء إلى التهجير قد يخلق على المدى البعيد تقسيمًا جغرافيًّا لقرى أو مناطق قاصرة على أتباع ديانة واحدة، وهو ما يزيد التوتر وحدة الانقسام داخل المجتمع.
وقالت المبادرة المصرية إن الدستور المصري نص في مادته (63) على حظر "التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله، ومخالفة ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم"، وهو ما لم تلتزم به جلسات الصلح العرفي التي عقدت بقرية كفر درويش وحضرتها القيادات الأمنية بالمحافظة واتخذت قرارًا بتهجير الأسر القبطية تحت التهديد.
ودعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى إحداث تغير جوهري في التعامل مع ملف الاعتداءات الطائفية، وعدم التعويل على الحلول الأمنية فقط، مع تطبيق القانون لضمان جبر الضرر لضحايا الاعتداءات ومنع تكرارها. كما طالبت المبادرة بإحالة المسئولين عن واقعة التهجير في كفر درويش إلى المساءلة وتحديد أدوراهم في انتهاك القانون والتهاون مع الاعتداءات على ممتلكات الأقباط، وكذلك بالقبض على المتورطين في الاعتداءات على الممتلكات الخاصة وتقديمهم إلى العدالة.