في تعليقها على ﻻئحة انتخاب بابا اﻷقباط اﻷرثوذكس ـ التي أعلنتها الكنيسة ـ المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تطلب تفسيرًا للمادة الثالثة من الدستور لتفادي خروج ﻻئحة تمييزية بشكل صارخ
بيان صحفي
للمرة الأولى منذ عقود، سمحت ثورة الخامس والعشرين من يناير للأقباط أن يتعاملوا كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات من خلال منظمات المجتمع المدني المختلفة، كالأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية وغيرها، متحررين إلى حد ما من وصاية الكنيسة.
كان رد فعل الحكومات المتعاقبة بعد تنحي مبارك هو التعامل مع الملف القبطي بطريقة أدت إلى استمرار احتكار الكنيسة حقَّ تمثيل الشأن المسيحي. وبعد الإطاحة بنظام محمد مرسي، عاد الحضور القوي للكنيسة والبابا في الدفاع عن حريات الدين والاعتقاد والحق في عدم التمييز للمواطنين اﻷقباط، وتسييد وجهات نظرها الخاصة حول مضمون وضمانات وحدود هذه الحريات والحقوق.
وفي سياق ذلك التوجه الاحتكاري، أقر المجمع المقدس لائحة جديدة لانتخاب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، في جلسة استثنائية انعقدت بتاريخ 20 من فبراير 2014 برئاسة البابا تواضروس.
بعنوان: "ديمقراطية اﻹكليروس"، أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم، الاثنين، تعليقها على مشروع اللائحة تنتقد فيه انفراد الكنيسة بإعداد اللائحة عبر مشاورات مغلقة تفتقر إلى الشفافية، وباﻻستناد إلى تفسير ضيق للمادة الثالثة من دستور 2012 المعدَّل، التي تنص على حق غير المسلمين من أتباع الديانات السماوية في اختيار قياداتهم الروحية بوصفه حقًّا حصريًّا للكنيسة في اﻻستئثار بصياغة القواعد المنظِّمة لعملية اﻻختيار تلك. وكانت المبادرة قد انتقدت تلك المادة في تعليقها على مشروع الدستور المعدل لتضييقها على حريات الأفراد لصالح المؤسسات الدينية.
ونتيجة لهذه الممارسة المستندة إلى مادة دستورية فضفاضة، تحمل دلالات مختلفة، فقد خرج مشروع اللائحة حافلًا بأوجه مختلفة للتمييز بين المواطنين اﻷقباط، سواءكان ذلك عبر تضييق قاعدة المرشحين المحتملين وفتح المجال لرجال المجمع المقدس في هندستها، أو التمييز داخل الهيئة الناخبة على حسب اﻷصل الاجتماعي، وإتاحة المجال واسعًا لرجال الدين ـ أيضًا ـ للتدخل في اختيار القاعدة الناخبة وغياب أي ضمانات للتمثيل النوعي للنساء والشباب.
هذا، وقد قال إسحق إبراهيم، المسئول ببرنامج حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية وكاتب التعليق: "لم يعد انتخاب أو اختيار بابا الكنيسة الأرثوذكسية شأناً قاصرًا في أهميته على رجال الدين، بل هو شأن مسيحي ووطني عام يتطلب توفر مجموعة من الحقوق والمعايير لضمان استقلال المؤسسة الدينية، بما يعني عدم خضوعها لأية تدخلات خارجية أو سلطة عليا على صناعة القرار داخلها، وفي نفس الوقت عدم قيامها ـ الكنيسة ـ بممارسة أية أدوار سلطوية على أعضائها، وهو ما يصب في النهاية في سبيل صون حرية الدين والمعتقد".
هذا، وينقسم التعليق إلى ثلاثة أقسام، يتناول القسمُ اﻷولُ الصراعَ على صياغة القواعد المنظِّمة لعملية اختيار القيادات الروحية القبطية، منذ بداية تنظيم العلاقة بين الكنيسة والدولة والمحطات الرئيسية لهذا الصراع. ويتناول القسم الثاني شرح أهم بنود مشروع اللائحة المقترح عبر مقارنته بلائحة 1957 الحالية. ويتناول القسم اﻷخير بالنقد بعض الجوانب اﻹشكالية لهذا المشروع خصوصًا فيما يتعلق بالتمييز بين المواطنين اﻷقباط في الترشح واﻻنتخاب وحدود اختصاص الكنيسة في عملية صياغة القواعد المنظِّمة لاختيار القيادات الروحية القبطية وفقًا لنص المادة الثالثة ـ الملتبس ـ من الدستور.
يأتي هذا التعليق في ضوء اهتمام المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بدراسة تحوﻻت علاقة المؤسسات الدينية الرسمية بالدولة، وكذلك في محاولتها استكشافَ أوجه الغموض واﻻلتباس في النصوص الدستورية، التي قد تفتح الباب لانتهاكات واسعة تطال الحريات الدينية.
للاطلاع علي التعليق: اضغط هنا