مع تزايد اتجاه الحكومة لحل أزمة الطاقة دون أدنى احترام للبيئة أو لبعد الاستدامة، المبادرة المصرية تنتقد التوجه المستجد للتوسع في استخدام تقنيات خطرة لاستخراج الغاز الطبيعي
بيان صحفي
تعرب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن قلقها الشديد إزاء أدلة على توجه الحكومة الحالية إلى عمليات استخراج الغاز الطبيعي الصخري، التي تستخدم تقنية التكسير الهيدروليكي، تلك التقنية تعتمد في الأساس على ضخ خلطة كيمائية سامة بضغطٍ عالٍ في أعماق الصخر الحاوي للغاز لتكسيره واستخراج الغاز من بين مسامه المتفتحة.
كانت شركة "هاليبرتون" الأمريكية قد نظمت مؤتمرًا بالتعاون مع وزارة البترول والهيئة المصرية العامة للبترول فى الـ26 من يونيو في العام الماضي استعرضت فيه فرص استخدام "التكسير الهيدروليكي" في مصر. لحق ذلك ـ مؤخرًا ـ تصريح المتحدث الرسمي لمجلس الوزراء في الـ 20 من مارس ـ بأن: "التكسير الهيدروليكي والطاقة الشمسية هم مستقبل الصناعة في العالم".
وتشير الأبحاث إلى معاناة المجتمعات المجاورة لحقول استخراج الغاز بالتكسير الهيدروليكي من آثار خطيرة، منها تلوث المياه الجوفية، وارتفاع معدلات التلوث الهوائي، والزلازل والهزات الأرضية. ولهذا السبب فإن دولًا مثل فرنسا وبلغاريا وعدة ولايات في الولايات المتحدة الأمريكية ـ منها نيويورك ـ قد حظرت استخدام هذا الأسلوب، بينما فرضت دولٌ وولايات أخرى أحكامًا بوقف تلك العمليات إلى حين استكمال دراسات تثبت على نحوٍ شافٍ آثار التكسير الهيدروليكي على البيئة والصحة العامة، وذلك في ظل ضغوط شعبية في تلك المناطق ومعاناة عدة مجتمعات من آثار تلك العمليات السلبية عليها.
وكانت المبادرة المصرية قد حذرت في بيان لها في نهاية عام 2012 من عواقب استخدام التكسير الهيدروليكي في مصر، وبخاصة في غياب أية لوائح تنظيمية ورقابية خاصة بهذا الأسلوب غير التقليدي، كما هو الحال في الدول التي تسمح باستخدام التقنية، وطالبت الحكومة بوقف استخدامه. كما طالبت المبادرةُ الحكومةَ بإجراء دراسات علمية شاملة ومحايدة وعلنية حول الآثار البيئية لهذه التقنية واحتمالات تسرب أو ارتشاح المواد الكيميائية المستخدمة في التكسير إلى المياه الجوفية، وكذا إلزام الشركات المستخدِمة لهذه التقنية بالإفصاح الكامل عن أوجه وتفاصيل تلك العمليات والتركيب الكيميائي للخلطة المستخدمة.
وتشدد المبادرة المصرية مرة أخرى على غياب الرؤية لدى الحكومات المتعاقبة فيما يتعلق بسياسة الطاقة، حيث تَعتمد جميع الخطط والحلول المطروحة على إطالة الاعتماد على الوقود الأحفوري - لعل آخرها قرار مجلس الوزراء الحالي بالسماح للصناعات باستخدام الفحم لتوليد الطاقة، دون أية مراعاة لبعد الاستدامة، وبغض النظر عمَّا يحمله هذا الاعتماد من كلفة اقتصادية وبيئية، سيتم توريثها للأجيال القادمة.ويشار بالوقود الأحفوري إلى المحروقات المشتقة من مواد بترولية والمستخرجة من باطن الأرض. وجميعها مواد غبر مستدامة تستنفد ولا تتجدد، ولذلك فإن الاعتماد عليها يمثل تقويضا مستمرا للاكتفاء الذاتي من الطاقة؛ كما يضاف للآثار البيئية المباشرة لاستخراجه وعدم عدالة اقتصادياته انبعاث غازات الاحتباس الحراري أثناء حرقه، وهي المسبب الرئيسي لتغير المناخ، الذي تعد مصر من أكثر الدول حساسية لظواهره.
وتؤكد المبادرة المصرية على أن حل مشاكل الطاقة في مصر يتمثل في تحول نحو المصادر المتجددة مثل الشمس والرياح، ويتمثل في دعم الدولة بكامل أجهزتها ذلك التحول، الذي من شأنه ضمان استقلالية مصادر الطاقة، وتقليل العبء البيئي والاقتصادي عن الأجيال القادمة. وتؤكد أن إطالة الاعتماد على الوقود الأحفوري لا يمكن أن تتم بالتوازي مع التحول إلى مصادر متجددة، بل من شأنه فقط فرض ما يبدو كحل سريع ذي آثار عالية الكلفة في المستقبل تلبية لعوائد استثمارية سريعة، وتأجيل التحول الضروري نحو المصادر المتجددة، الذي يمثل الخيار العادل اقتصاديًّا واجتماعيًّا والأكثر أمنًا إستراتيجيًّا، والأكثر استدامة.
* لمزيد من المعلومات عن التكسير الهيدروليكي وآثاره: اضغط هنا.