بمناسبة حكم محكمة أمن الدولة العليا طوارئ في قضية "فتنة أبو قرقاص": المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تطالب الرئيس المؤقت بعدم التصديق على الحكم وإعادة محاكمة المتهمين أمام قاضيهم الطبيعي
بيان صحفي
جددت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية رفضها لمحاكم أمن الدولة وعبرت عن قلقها الشديد من الحكم الصادر يوم 28 يوليو من محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ بمحافظة المنيا، بشأن محاكمة المتهمين في أحداث الاعتداءات الطائفية التي شهدتها قرية أبو قرقاص البلد ومدينة الفكرية جنوب محافظة المنيا يوم 18 إبريل 2011، والمعروفة إعلاميا بـ "فتنة أبو قرقاص". وقد راح ضحية فتنة أبو قرقاص قتيلين وعدد من المصابين من الجانبين، فضلا عن اعتداءات وعمليات سرقة وحرق لعشرات من منازل ومحال تجارية يمتلكها أقباط.
وقد أصدرت المحكمة حكمها برئاسة المستشار طارق محمود وصفي والمنعقدة بمجمع محاكم بني سويف لدواع أمنية، بمعاقبة المتهمين المسيحيين بالسجن المؤبد لمدة 25 عاما، ووضعهم تحت مراقبة الشرطة لمدة 5 سنوات عقب تنفيذهم الحكم، بتهم القتل والتجمهر، ومعاقبة المتهمين المسلمين بالسجن المشدد لمدة 15 عاما ووضعهم تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات عقب تنفيذ عقوبتهم بتهم السرقة والتجمهر والاعتداء على منازل المسيحيين بالقرية.
وقال إسحق إبراهيم مسئول ملف حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية: "محاكم أمن الدولة العليا طوارئ محاكم استثنائية تفتقر ضمانات وشروط العدالة المنصفة، خصوصا أنها تنتهك حق المواطنين في استئناف الأحكام الصادرة ضدهم أمام محكمة أعلى. فهل بعد ثورتين رفعتا مطالب الحرية والعدالة، يستمر انتهاك حقوق المواطنين في التقاضي أمام قاضيهم الطبيعي؟"
تجدر الإشارة إلى أن القضية قد سبق الفصل فيها أمام محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ بالمنيا، وقد قضت المحكمة في 21 مايو 2012 برئاسة المستشار عبد الفتاح أحمد محمد الصغير بالسجن المشدد 25 عاما للمتهمين المسيحيين، وعددهم اثنى عشر متهما، بينما قامت بتبرئة المتهمين المسلمين، وعددهم ثمانية متهمين. وفي 4 ديسمبر 2012 وافق رئيس الوزراء حين ذاك على الالتماس المقدم لرئيس الجمهورية من المتهمين المسيحيين لإعادة المحاكمة مرة أخرى، وأخلى النائب العام سبيلهم، وقد بدأت دائرة أخرى بمحكمة امن دولة عليا طوارئ بالمنيا نظرها في 20 يناير الماضي ثم أصدرت حكمها المشار إليه.
وأضاف إبراهيم: "إجراءات المحاكمة في هذه القضية أمام الدائرتين التي أصدرتا الحكمين تثير الاستغراب والتساؤل حول طبيعة المحاكمة وطريقة تعاملها مع الدعوى، ففي كلاهما لم يتاح لدفاع المتهمين تقديم دفوعهما، وألتفت المحكمة عن الدفع بعدم دستورية نص المادة 19 من القانون 162 لسنة 1958 الخاص بحالة الطوارئ، بالرغم من قبول بعض المحاكم الاخرى لهذا الطلب، مثل الدائرتين اللاتين كانتا تنظرا أحداث إمبابة الطائفية وتفجيرات طابا، وأوقفا نظر الدعويين لحين الفصل في دستورية المادة."
وكانت محكمة أمن الدولة العليا طوارئ بجنوب سيناء قد استجابت لطلب المبادرة المصرية بوقف نظر قضية تفجيرات طابا الشهيرة لحين الفصل في الدعوى الدستورية رقم 94 لسنة 34 ق دستورية، وموضوعها عدم دستورية المادة 19 من قانون الطوارئ، الذي تقرر استمرار اختصاص هذه المحاكم بنظر القضايا المحالة إليها رغم انتهاء إعلان حالة الطوارئ، في حين تغل يدها عن قضايا مثيلة وقعت في وقت إعلان حالة الطوارئ، لكنها لم تحال إليها إلا بعد انتهاء إعلان حالة الطوارئ، وهو مما يفرق بين متهم أحيلت دعواه قبل انتهاء إعلان حالة الطوارئ وبين متهم بذات الجرم أحيلت دعواه بعد انتهاء حالة الطوارئ. وقد رفعت حالة الطوارئ في 25 يناير 2012.
وطالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الرئيس المؤقت عدلي منصور بعدم التصديق على الحكم، وكذلك الأحكام الصادرة من المحاكم الاستثنائية وفقا لسلطاته في قانون الطوارئ، مشددة على ضرورة وقف كل أشكال المحاكم الاستثنائية المستمرة حاليا، وإعادة محاكمة المتهمين أمام قاضيهم الطبيعي لضمان محاكمة عادلة ومستقلة للمتهمين.
خلفية الأحداث:
شهدت قرية أبو قرقاص البلد ومدينة الفكرية جنوب محافظة المنيا بداية من الاثنين 18 أبريل 2011 ولعدة أيام تالية أحداث عنف طائفي واشتباكات بين المسلمين والمسيحيين انطلقت شرارتها على خلفية تشاجر سائق ميكروباص مسلم مع عدد من خفر يحرسون فيلا يمتلكها علاء رضا رشدي المحامي، والمرشح السابق للحزب الوطني في انتخابات مجلس الشعب 2010 بسبب مطب صناعي أمام الفيلا بشارع صلاح الدين بأبو قرقاص البلد.
وتطورت المشادة الكلامية إلى اشتباكات بالأيدي، فقام الأخير بإبلاغ أهالي قرية أبو قرقاص البلد، فتوجه بعض الأهالي المسلمين إلى منزل علاء رشدي في الساعة التاسعة مساء لعقد جلسة صلح عرفية وحل الموضوع بشكل ودي لكن لم يتوصل الطرفان لحلول مرضية لكل منهما. خرج بعض الأهالي المسلمون من منزل علاء رضا رشدي، وتوجهوا إلى الجمعية الشرعية – تبعد نحو كيلو متر عن الفيلا - وتزايدت أعداد الحضور لتصل إلى نحو خمسة آلاف مواطن مسلم. جاءت قوات من الشرطة والجيش إلى المنطقة فور علمها بوجود تجمعات لبعض المواطنين المسلمين بالجمعية الشرعية وتمركزت خارجها.
في التاسعة والنصف مساء نفس اليوم، قام مجهولون بإشعال النيران في كافتيريا يملكها علاء رضا رشدي بجوار المرسى السياحي لقرية بني حسن، وذلك بعد سرقتها والتعدي بالضرب على عامل موجود بها يدعى ملاك ميشيل. بالتزامن مع ذلك اقتربت أعداد من المسلمين المتجمهرين من بعض منازل المسيحيين، وهي تردد شعارات دينية وطائفية. وعلى أثر ذلك قام عدد من المسيحيين بالصعود على أسطح منازلهم وإطلاق كميات كبيرة من الأعيرة النارية أدت إلى إصابة أربعة هم على عبد القادر على (48 سنة) ومعبد أبو زيد محمد (28 سنة) ومصطفى جمعة محمد ( 25 سنة) ومحمود جمال حليم (25 سنة) وتم نقلهم إلى المستشفى الأميري بأبو قرقاص ومستشفى المنيا العام، وتوفى المصابين الأول والثاني. وقامت قوات الأمن المتواجدة في المكان بإلقاء القبض على المسيحيين الذين قاموا بإطلاق النار بينما قام باقي مسيحيي المنطقة بالفرار وترك منازلهم. وفي الثانية فجر اليوم التالي تم إشعال النيران في كافتيريا ثانية يملكها علاء رضا رشدي على الطريق السريع بمدينة الفكرية القريبة من موقع الأحداث.
وفي صباح الثلاثاء 19 أبريل 2011 تعرض كل من بيشوي رضا رشدي ورأفت رضا رشدي وزخارى سامي جيد ورضا صادات بريس – مسيحيون - للضرب بآلات حادة وعصى أثناء توجههم إلى حقولهم الزراعية من قبل مجهولين. كما تعرض مواطن مسيحي آخر للضرب بآلة حادة أثناء ذهابه لشراء خبز من أحد المخابز، وجميعهم تلقوا العلاج بمستشفى المنيا العام. ثم خرجت جنازة أحد الضحيتين من المستشفى الأميري في منطقة الفكرية بأبو قرقاص ظهر الثلاثاء، وخلال مرور المشيعين بشوارع المدينة تم تكسير عدد من المحلات المملوكة لمسيحيين شرق الترعة. وأثناء ذهاب وعودة المشيعين من المقابر احتشد الآلاف من مسلمي أبو قرقاص البلد وأطلق أهالي الضحايا والمصابين أعيرة نارية بشكل عشوائي ثم وقعت سلسلة من أعمال العنف والتخريب والاعتداء على ممتلكات المسيحيين في المناطق ذات الأغلبية المسلمة.
استمرت أعمال العنف من الساعة الثانية ظهرا إلى السابعة مساءً، ولم تتمكن قوات الشرطة والجيش من السيطرة على الاعتداءات التي وقع بعضها في ظل وجود أمني. ولدى المبادرة المصرية مقاطع فيديو تظهر قيام عشرات المواطنين بسرقة منازل وحرقها باستخدام أنابيب الغاز، ويظهر في الصورة بعض جنود القوات المسلحة وأفراد الشرطة.
وطبقا لشهادات متنوعة من سكان المنطقة فان جميع منازل المسيحيين المجاورة للجمعية الشرعية نهبت وحرقت بالكامل، وهى مملوكة لكل من عادل استورا وإبراهيم فانوس وعبد الله الزعيري وإبراهيم صالح وفرج الله بولس وكامل حبيب وعيد حبيب. ودخل عشرات من المسلمين منطقة قبلي ذات الكثافة المسيحية وحاولوا التهجم على منازلهم فتصدى لهم بعض المسيحيين بالحجارة. كما حاولت مجموعات أخرى التعدي على كنيسة للكاثوليك في أبو قرقاص البلد وكذلك كنيسة الأمير تادرس إلا أن تجمعات كبيرة من المسيحيين منعتهم من الاقتراب من موقع الكنائس. ونجحت جهود مسئولي الشرطة والجيش في تحويل مسار جنازة الضحية الثانية بعيداً عن منازل الأقباط.
على إثر ذلك، أعلن الحاكم العسكري لمحافظة المنيا في ذاك الوقت فرض حظر التجول من السادسة مساء حتى السابعة صباحا. بالرغم من ذلك وقعت بعض الاعتداءات وفقا لروايات الشهود على محال تجارية للمسيحيين بعد ميعاد حظر التجوال. ولم تتمكن كنائس القرية من إقامة صلوات "البصخة" التي تقام في أسبوع الآلام السابق لعيد القيامة، بسبب حالة التوتر الأمني.
وقد أعلن المستشار مصطفي عبد الكريم المحامي العام لنيابات جنوب المنيا أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في ذاك الوقت قرر إسناد التحقيقات في الأحداث إلي النيابة العسكرية منذ مساء الثلاثاء. وانتدبت النيابة لجان فنية لمعاينة وحصر التلفيات الناجمة عن أحداث العنف وأدت إلى حرق عشرة متاجر وستة منازل وستة مخازن ومنشآت مختلفة الاستخدامات.
عادت أجواء التوتر للمدينة مرة أخرى مساء يوم الخميس 21 إبريل عندما نظم عشرات من النشطاء السياسيين وأهالي مدينة الفكرية مسيرة سلمية تجوب شوارع المدينة وترفع شعارات للوحدة الوطنية. تعرضت المسيرة لإطلاق بعض الأعيرة النارية عند المرور بالقرب من إحدى الكنائس، ربما خشيةً من الاعتداء على الكنيسة.
أكد نائب الحاكم العسكري بالمنيا صباح الجمعة 22 أبريل أنه "قد تقرر إحالة أحداث الفتنة الطائفية التي وقعت في مركز أبو قرقاص إلي النيابة العسكرية وسيتم اتخاذ إجراءات رادعة ضد كل من تسول له نفسه زعزعة الاستقرار والمساس بالوحدة الوطنية". ثم كثفت قوات الأمن من تواجدها أمام الكنائس لاسيما في ظل وجود صلوات الجمعة العظيمة للمسيحيين. على الرغم من ذلك، أصيب فوزي أنور جاد الله مزارع مسيحي بطلق ناري غير معروف مصدره أثناء تواجده بحقله صباح الجمعة.
في نفس اليوم الجمعة 22 إبريل، خرج عدة آلاف من مسلمي الفكرية وأبو قرقاص البلد عقب انتهاء صلاة الجمعة للتظاهر والتنديد بمقتل مسلمين مرددين هتافات تطالب بالقصاص من المتهمين ثم حاولوا المرور من أمام كنيسة مار جرجس إلا أن قوات الأمن قامت بمنعهم وقامت مجموعات من المتظاهرين برشق ثلاث كنائس أخرى هي النعمة الرسولية والأخوة والإنجيلية بالحجارة مما أدي إلى تهشيم زجاج النوافذ الخارجية لها.
تحقيقات النيابة وإجراءات المحاكمة:
أحيلت القضية من النيابة العسكرية إلى نيابة أمن الدولة العليا لإجراء التحقيقات، والتي قامت فيما بعد بإحالة 20 متهما للمحاكمة كالتالي:
أولا: 12 متهم مسيحي، هم:
علاء الدين رضا رشدي، ويعقوب فضل عكوش، وعبد الله ميخائيل عبد الله، وعادل عبد الله ميخائيل، وفانوس نادي إبراهيم، ومجدي نادي إبراهيم، وجمال فؤاد ملك، وعيد إبراهيم فانوس، وصفوت كمال حبيب، وعيد عبد الله ميخائيل عبد الله، ومجدي عبد الله ميخائيل، وسعيد وحيد ضيف.
ووجهت نيابة أمن الدولة العليا للمتهمين الأول والثاني أنهما دبرا تجمعاً مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه تكدير السلم العام وإحداث فتنة طائفية والإضرار بالوحدة الوطنية، وكان الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على المسلمين باستعمال القوة والعنف بالمنطقة المحيطة بمقر الجمعية الشرعية بقرية أبو قرقاص البلد.
بينما وجه للمتهمين من الثالث حتى الحادي عشر الاشتراك وآخرين مجهولين في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يجعل السلم العام في خطر بإحداث فتنة طائفية والإضرار بالوحدة الوطنية وكان الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على المسلمين باستعمال القوة والعنف بالمنطقة، وقاموا بقتل المجني عليهما معبد أبو زيد معبد وعلى عبد القادر على عمدا مع سبق الإصرار.
ثانيا: 8 متهمين مسلمين الثمانية، هم:
أحمد مصطفي ربيع، وطاهر عاطف طاهر، وخالد إبراهيم محمد، وأحمد بدر محمد ، ورضا سيد محمد، ورمضان عبد المنعم محمد، وإسماعيل ممدوح محمود، وأكرم عبد النبي محمد. ووجهت لهم نيابة أمن الدولة العليا تهم الاشتراك وآخرين مجهولين في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه يجعل السلم والأمن العام في خطر بإحداث فتنة طائفية والإضرار بالوحدة الوطنية، وكان منه ارتكاب جرائم الاعتداء على ممتلكات المسيحيين بقرية أبو قرقاص البلد حال كونهم حاملين أسلحة بيضاء من شانها أحداث الموت، ووضعوا وآخرون مجهولون النار عمدا في مبان كائنة بالقرية بأن أوصلوا مصدر حراري سريع ذو لهب مكشوف بأخشاب ومفروشات داخل مساكن فانوس نادي إبراهيم وعبد الله ميخائيل الزعيري وصفوت كامل حبيب، وأحرزوا بغير ترخيص أسلحة بيضاء - سكين وخنجر - دون أن يوجد لحملها مسوغ قانوني.
نظرت محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ بالمنيا القضية، وعقدت جلساتها بمجمع محاكم بني سويف لدواع أمنية، ثم أصدرت حكمها في 21 مايو 2012 في القضية رقم 10379 لسنة 2011 والمقيدة برقم 58 لسنة 2011 جنايات أمن الدولة العليا، وقضت المحكمة برئاسة المستشار عبد الفتاح أحمد محمد الصغير بالسجن المشدد 25 عاما للمتهمين المسيحيين، وعددهم اثني عشر متهما، بينما قامت بتبرئة المتهمين المسلمين، وعددهم ثمانية متهمين.
وخلال جلسات المحاكمة التي حضرها باحث المبادرة المصرية لم تفض هيئة المحكمة أحراز القضية أمام هيئة الدفاع، ولم تستجيب لطلباتها بالاستماع لشهود النفي، واكتفت فقط بالاستماع لشهود الإثبات وممثل الطب الشرعي.
ورفضت المحكمة طبقا لحيثيات الحكم – لدى المبادرة المصرية نسخة منه - الدفع بأن المتهمين المسيحيين كانوا في حالة دفاع عن النفس، وقالت إنه دفع غير سديد حيث أن المتواجدين أمام الجمعية الشرعية كانوا عزل ولم يصدر منهم أي فعل مادي قبل المتهمين. وقد وصفت المحكمة الدفع بعدم اختصاص محاكم أمن الدولة العليا طوارئ بنظر القضية والمطالبة بعدم دستورية المادة 19/1 من القانون 162 لسنة 1958 بأنه غير سديد. وقالت أنه يقصد بالإرهاب الوارد في أحكام القانون كل من استخدم القوة والعنف والتهديد والترويع ويلجأ إليه الجاني لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعرض سلامة للخطر. وأضافت أن القرار الذى نص على إلغاء العمل بقانون الطوارئ والصادر في 25 يناير 2012 قد جاء بما لا يجوز تطبيق الأثر الرجعي على تلك الواقعة إذ تمت إحالة الدعوى للمحاكمة بتاريخ سابق لصدور قرار إلغاء حالة الطوارئ.
وقد أخذت المحكمة بتحريات المباحث في الجزء الخاص بالاتهامات الموجه للجانب المسيحي في حين رفضت التحريات للمتهمين المسلمين، فقد قالت المحكمة أن الدفع ببطلان تحريات المباحث (تقول إن المتهمين المسيحيين قتلوا 2 من المسلمين وشرعوا في قتل 2 آخرين وحملوا أسلحة نارية لتنفيذ ذلك ودبروا تجمهراً من شأنه جعل السلم العام في خطر) والمقدم من المتهمين غير سديد، وأن المحكمة تطمئن للتحريات، وترتاح لها، وهى صريحة وواضحة وتمت بمعرفة الرائد حمدي رفعت رئيس مباحث أبو قرقاص. بينما قالت المحكمة في تحريات رئيس المباحث بالنسبة للجانب المسلم أنها " مجرد تحريات لا تطمئن إليها المحكمة ولا يوجد دليل يساندها." وبررت ذلك بأنه في حالة المتهمين المسيحيين فأن المحكمة لها الحق في وزن أقوال الشهود وتقديرها وتنزيلها المنزلة التي تراها وقد اطمأنت لأقوال شاهد الإثبات على المتهمين المسيحيين الرائد حمدي رفعت. وقالت فيما يخص عدم أخذها بتحريات المباحث للمتهمين المسلمين أن "هناك شكاً في مصداقيتها وتناقضا لا تطمئن المحكمة إليه فهي مجرد تحريات شرطية لا تعبر إلا عن وجه نظر مجريها" موضحا أن الشهود شاهدوا أفراداً يخرجون من المنازل المحترقة وقاموا بضبط بعضهم، وهذا لا يقطع بأنهم هم من أشعلوا النيران.
وقدم محامو المتهمين المسيحيين خلال شهر مايو 2012 التماسا بإعادة المحاكمة إلى الحاكم العسكري المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم للبلاد في هذا التوقيت، ثم أعيد تقديمه إلى الرئيس محمد مرسي رئيس الجمهورية، وفي 4 ديسمبر وافق رئيس الوزراء على الالتماس المقدم لرئيس الجمهورية من المتهمين المسيحيين لإعادة محاكمتهم مرة أخري، وأخلى النائب العام سبيلهم في الأسبوع الأول من يناير الماضي مع صدور قرار بمنعهم من السفر.
تضمن قرار إعادة المحاكمة تسعة متهمين مسيحيين، وذلك بعد وفاة متهم نتيجة حادث سيارة وانقضاء الدعوى الجنائية ضده، كما أن هناك متهمين اثنين هاربين ولم يشملهما قرار إعادة المحاكمة كما شمل القرار 8 متهمين مسلمين تم تبرئتهم.
وفي 18 يناير أصدر وزير العدل قرارا بنقل مقر انعقاد المحكمة من محافظة المنيا إلى مجمع محاكم بني سويف.
عقدت محكمة امن دولة عليا بالمنيا أول جلسة لإعادة المحاكمة في 20 يناير 2013 وتم التأجيل لجلسة 14 أبريل 2013 لإعلان المتهمين، ولم يحضر المتهمون الجلسة.
في الجلسة الثانية 14 أبريل لم يحضر المتهمون –أيضا- الجلسة، فقامت المحكمة بتأجيل نظر القضية لجلسة 4 مايو 2013 – اليوم السابق لعيد القيامة للمسيحيين - كما أمرت بالقبض على المتهمين، وسحب جوازات سفرهم، ووضعهم على قوائم الممنوعين من السفر. وعلى أثر ذلك تقدم منير سامي جرجس محامي المتهمين المسيحيين بطلب لرد هيئة المحكمة معللا ذلك بأن المستشار رئيس المحكمة يعمل خلال الأسبوع الثالث من كل الشهر، وبالتالي كان يجب عليه تحديد أي من أيام دور عمله لكنه أصر على تحديد يوم 4 مايو وهو وقفة عيد القيامة، وقد استشعر عدم الاطمئنان للمحكمة، خصوصا أنه هيئة المحكمة رفضت تأجيل الجلسة يومين. وقد رفض طلب رد المحكمة خلال يونيو الماضي.
وأصدرت محكمة امن الدولة العليا طوارئ بالمنيا في 28 يوليو حكمها بمعاقبة المتهمين المسيحيين بالسجن المؤبد لمدة 25 عاما، ووضعهم تحت مراقبة الشرطة لمدة 5 سنوات عقب تنفيذهم الحكم ومعاقبة المتهمين المسلمين الـ 8 بالسجن المشدد لمدة 15 عاما ووضعهم تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات عقب تنفيذ عقوبتهم. هذا. وقد غاب المتهمون من الجانبين عن حضور الجلسة، وصدر الحكم دون المرافعة وسماع الشهود في وقائع القضية.