بيان صحفي: المجتمع المدني يرفض مشروع قانون الحق في الحصول علي المعلومات
بيان صحفي
يعلن الموقعون على هذا البيان رفضهم لمسودة مشروع قانون “الحق في المعلومات” الذي أعلنته وزارة العدل يوم الخميس 2 مايو. ذلك المشروع الذي تم الإعلان عنه من خلال مؤتمر صحفي تحدث فيه ممثل وزارة العدل عن إيجابيات القانون، وعملية صياغته التي جرت بمشاركة المجتمع المدني، والاستعانة بخبراء دوليين للاستفادة من تجارب البلدان الأخرى على حد قوله. ومن ناحية المشاركة، فقد شاركت بعض منظمات المجتمع المدني بالعديد من الاقتراحات حرصاً على أن يكون هناك توازن بين الاستثناءات التي قد يطرحها القانون على حرية تداول المعلومات وبين آليات الإتاحة والإفصاح التي يحددها ، وعلى الرغم من تأكيد مشروع القانون في مواد الإصدار على أن الحق في المعرفة والحصول على المعلومات حقوق أساسية، وأن هذا القانون تتحدد وظيفته في صيانتها، إلا أن المسودة النهائية التي أعلنتها الوزارة احتوت على قيود يرى الموقعون على هذا البيان انها سوف تنتقص من الحق في الحصول على المعلومات الذي أكدته نصوص أخرى في ذات المسودة.
ووجه الموقعون على هذا البيان العديد من الانتقادات لمشروع القانون المقدم من وزارة العدل، الذي أسند إدارة منظومة الإفصاح عن المعلومات لهيئة عامة تسمى المجلس القومي للمعلومات الذي يغلب على تشكيله الطابع الحكومي، مع تمثيل غير كاف للمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، فضلاً عن إسناد تعيين رئيس المجلس لرئيس الجمهورية، وهو ما يضع الهيئة بأكملها تحت سطوة السلطة التنفيذية مما يؤدي إلى فقدانها لاستقلاليتها.
كذلك أغفل مشروع القانون المقترح وضع تعريف محدد لمفهوم “الأمن القومي” الذي جاء كاستثناء يجوز رفض طلب الإفصاح عن المعلومات إذا كان من شأنه الإضرار به، وقد أوصت منظمات المجتمع المدني بضرورة وضع تعريف واضح لهذا المصطلح حتى لا يتم التعسف في تطبيقه أو تفسيره على نحو واسع يؤدي إلى تحول الاستثناء إلى قاعدة عامة، بل وأكثر من ذلك تقدمت المنظمات بإقتراح بتعريف لما يسمى ” بالأمن القومي ” ليشمل كل ما يمت بصلة للقدرات العملياتية للقوات المسلحة، لكن وزارة العدل خرجت علينا بهذا الاستثناء الخطير دون أن تقول للجمهور ماذا تقصد تحديداً بالأمن القومي.
إضافة إلى ما تقدم خرق مشروع القانون أحد اهم معايير حرية تداول المعلومات، المتعلق بضرورة خضوع كافة الأجهزة الحكومية للقانون، وذلك بالنص صراحة على عدم خضوع جهازي المخابرات العامة والمخابرات العسكرية له، مما يضع هذين الجهازين فوق المحاسبة، وهو مؤشر خطير على رؤية الحكومة المصرية لقضية تداول المعلومات، وقد رفضت المنظمات هذا الاستثناء انطلاقا من انه وإن كان من الجائز استثناء بعض المعلومات ذات الصلة بأحد الأجهزة الحكومية من وجوب الإفصاح إلا أن الأجهزة ذاتها يجب أن تخضع للقانون، ولا يستثنى من ذلك أي جهاز مهما كانت طبيعته أو اختصاصاته.
أيضاً حدد مشروع القانون مدة حجب المعلومات بخمسة وعشرين عاماً يجوز تمديدها لمدة مماثلة إذا طلب أحد جهازي المخابرات ذلك، وهو ما يعني أن مدد الحجب التي يطرحها القانون تصل إلى خمسين عاماً، وهو ما يعتبر توسعاً في الاستثناء، فضلاً عن إعطاء سلطة تمديد مدة الحجب لأجهزة لا تخضع للقانون من الأساس،وبالتالي لا يجوز مسائلتها عن أي أمر يتعلق بتطبيق أحكام القانون.
كذلك لا يلزم القانون الهيئات المخاطبة بأحكامه بمواعيد محددة لتحديث بياناتها، وهو ما أوصى به ممثلو المجتمع المدني، بل نص فقط على أن تحدث بصورة دورية وهو أحد أبرز النقاط التي تسمح بانتشار الفساد المالي في آليات صرف الميزانيات العامة والمناقصات.
أخيراً أفرد مشروع القانون الفصل الأخير فيه للعقوبات الخاصة بمخالفة أحكامه، وقد جاءت العقوبات مفتقدة لمعايير الضرورة والتناسب التي ينبغي توافرها حتى يتسنى تجريم أي فعل، وحتى لا تتحول سياسة التجريم والعقاب إلى إيلام غير مبرر، ومن الأمثلة على ذلك النص على معاقبة من يقوم بالإفصاح عن أي معلومات تدخل في نطاق الاستثناءات المنصوص عليها في القانون بالحبس أو الغرامة، وهو ما سوف يترتب عليه دفع المخاطبين بأحكام هذا القانون لفرض رقابة ذاتية على أنفسهم خوفاً من السقوط في شباك الإثم الجنائي، إضافة إلى عدم وجود نص يحمي المبلغين عن الجرائم، واللذين قد يضطرون إلى الإفصاح عن بعض من هذه المعلومات لإثبات جدية بلاغاتهم خاصة في جرائم الفساد.
إن هذا المقترح مرفوض جملة وتفصيلاً لأنه يكرس ويعزز من ممارسات السلطة التنفيذية الحاجبة للمعلومات، ويقضي على أية فرص لتمكين الجمهور من مساءلة السلطات والهيئات العامة. ويكرس لغياب الشفافية بإطار قانوني يحرم الجمهور من حقه الأساسي في مراقبة أعمال الموظفين العموميين، ويحرمهم من المشاركة الفعالة في تحديد مصائرهم وأوجه إستخدام موارد المجتمع.
وبناء عليه، وبالرغم من الجهود التي بذلناها في المشاركة في تقديم مشروع قانون للحق في المعلومات يليق بمصر ما بعد الثورة، نرفض نحن الموقعون أدناه مشروع القانون كما خرج بشكله الحالي.
القاهرة 22 مايو 2013
مركز دعم لتقنية المعلومات
مؤسسة حرية الفكر والتعبير
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
د/ خالد فهمي، أستاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة
د/ نجلاء رزق، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة