تدوينة: مش ناسيين
في مايو ٢٠١٤ كنت راجعة من رحلة شغل، في الطيارة، بالصدفة، أخدت الجرنال من المضيفة وبدأت أقرأ. كان فيه خبر عن القبض على مجموعة بيستغلوا الأطفال ومتوجهلهم اتهامات تانية كتير. كان باين ساعتها من الخبر إن القضية متفبركة، بس ما كانش فيه أسماء المتهمين. وصلت القاهرة وعرفت إن القضية فيها آية. بعد شهر أنا كمان كنت في سجن القناطر باتهامات كتيرة متلفقة.
خرجت من حوالي ٥ شهور بعد ما اتحكم علينا في الأول بتلات سنين، وبعدين نزلوا لسنتين، قضينا منهم ١٥ شهر قبل ما نخرج بعفو رئاسي، وآية لسه في السجن بتنزل جلسات، ولسه مش واضح هتقعد قد إيه هناك. اتعرفت على آية حجازي في ٢٠٠٧ في نشاط لطلبة الجامعة بيحَضَّر كل سنة إنه يعمل أنشطة فنية للأطفال الفلسطنيين اللاجئين. المجموعة كانت صغيرة إلى حد ما، ورغم إننا عشنا شهر مع بعض في صيف السنة دي إلا إني اتصاحبت على ناس تانية أكتر. يمكن علشان آية كانت خجولة أو مش بتتكلم كتير، مش عارفة. بس اللي أنا عارفاه هو إني لما شُفتها في السجن في صيف ٢٠١٤ ما كانتش اتغيرت.
الأسبوع ده قابلت واحد في الشارع ما أعرفوش وقفني وقالي: "حضرتك كنتي بتشوفي آية في القناطر؟"، قلتله آه. قالّي: "أصل أنا كنت متطوع معاهم في الجمعية (جمعية بلادي لرعاية أطفال الشوارع)، بس حظي إني ما كُنتش موجود يومها، كان ممكن يتقبض عليا أنا كمان. سافري يا أستاذة اليومين دول وما ترجعيش غير لما الموضوع يتحَسّن شوية، أنا أعرف ناس كتيرة محبوسة ظلم". يومها كنت عيانة ومستعجلة لما شُفته. لما رجعت البيت قعدت أفكر في ليه حد واضح إنه قاعد في مصر مش ماشي عايز حد يمشي ويسيبه بدل ما كلنا نواجه ده مع بعض؟
آية رجعت من أمريكا على أمل إنها تعمل حاجة إيجابية للأطفال اللي عايشين في الشارع. ما كُنتش شفتها من صيف ٢٠٠٧ لصيف ٢٠١٤، ودي مدة كافية لخلق الأمل وقتله.
لغاية ما خرجت من السجن، اللحظات القليلة اللي كنت قادرة أسلم على آية فيها (إدارة السجن كانت مانعة إن أي حد من قضيتنا يتكلم مع المساجين التانيين، حتى بعد شرح إني أعرف آية من قبل ما تجمعنا القناطر تاني) ما حسيتش إن آية متغيرة. كنت مستغربة من الأمل المستمر، بالرغم من إني شخص متفائل وعندي دايمًا أمل. آية كانت دايمًا بتتأثر لما تعرف إن الناس برة لسه فاكراها. الواحد جُوه السجن دايمًا بيفَكَر إنه هيتنسي في مرحلة أو أخرى.
مش ناسيين يا آية وهنفكر بعض علشان ما ننساش إن فيه ناس بتدفع تمن الأمل من عمرها علشانا كلنا، ولما كل الناس تطلع الحياة هتاخد لحظة سكون للاعتراف بالتَمن اللي اتدفع في السجون، من ناس كل اللي كانت بتفكر فيه هو إزاي تساعد بلدنا تبقى أحسن.
الأمل أبقى.
تم نشر هذه التدوينة عبر موقع مدى مصر بتاريخ 10 فبراير 2016