محاكمة مبارك ستستمر سنتين بتلك الطريقة.. وسيخلى سبيلة
مبارك حر طليق، ولا داعى للدهشة أو الاستغراب، فذلك سيتم بموجب القانون، سوف يخلى سبيله بعد مرور سنتين من قرار حبسه احتياطيا هو وشركائه المتهمين، فقانون الإجراءات الجنائية حدد أقصى مدة للحبس الاحتياطى فى الجنح 6 أشهر وفى الجنايات 18 شهرا، وفى الجنايات المعاقَب عليها بالسجن المؤبد أو الإعدام سنتين، وإذا استمر سير المحاكمة بتلك الطريقة فستمر سنتان ويتم إخلاء سبيل مبارك وهو على ذمة القضية، ونجده هو وأعوانه طلقاء يتمتعون بحريتهم إلى أن يتم الحكم فى القضية، إن شاء الله.
بدأت محاكمة مبارك والعادلى منذ عدة أشهر، ولم يتم فيها سوى بعض الإجراءات القليلة كفضّ الأحراز وسماع عدد قليل جدا من الشهود، رغم أن محامى مبارك طلب سماع 1630 شاهدا واردا بالقضية، فيما عدا ذلك طلبات رد للقضاة، فقد طلب رد القاضى عادل عبد السلام جمعة عن نظر قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها وزير الداخلية السابق العادلى و6 من معاونيه، ثم كلفت الدائرة التى يترأسها المستشار أحمد رفعت نظر الدعويين معا، الخاصة بقتل المتظاهرين ضد العادلى وضد مبارك.
ورغم اعتراض عديد من المحامين على الأسلوب الذى يتبعه المستشار أحمد رفعت مع المحامين، فإن قيامه باستدعاء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة السابق، ووزيرى الداخلية الحالى والسابق، كذلك المشير طنطاوى والفريق سامى عنان، أضاف له شعبية ومصداقية لدى جموع المحامين، إلا أن الحال سرعان ما تبدلت مع مجريات جلسة سماع شهادة المشير طنطاوى، نظرا إلى ما تعرض له المحامون عن أهالى الشهداء والمصابين، من معاملة سيئة واعتداءات، وعدم الالتفات إلى طلباتهم، فجاء قرار رد المحكمة رد فعل اختلف حوله المحامون، وأعلن بعضهم عدم موافقته على رد المحاكمة سواء لرؤيتهم أن المستشار أحمد رفعت قاض عادل بغض النظر عن أسلوب التعامل، أو لعدم تعطيل سير المحاكمة.
وتحددت الدائرة 52 مدنى بمحكمة استئناف القاهرة للفصل فى طلب رد المستشار أحمد رفعت، وما كان من هذه الدائرة سوى التعامل مع الأمر بالطريقة المعتادة وتأجيل الدعوى إلى أمد يمتد بضعة أشهر، وهو ما جرى عليه العمل فى المحاكم المصرية، بحجة قلة عدد القضاة، وكثرة القضايا، وتعدد الإجراءات، فقد تناست الدائرة نصوص قانون المرافعات ووجوب الفصل فى طلب الرد خلال شهر من تقديمه، أى قبل 26 أكتوبر، وأجلت نظر طلب الرد إلى جلسة 26 ديسمبر 2011، ويظن البعض أن ما كان يشغل بال الدائرة هو إبعاد الجلسات عن فترة صخب الانتخابات، وما كان منها بعد هذا الخطأ الجسيم سوى أن تتنحى عن نظر طلب الرد، وكان لا بد من انعقاد جلسة محاكمة مبارك لتجديد حبس المتهمين المحبوسين احتياطيا، وأجلت المحكمة نظر الدعوى إلى جلسة 28 ديسمبر 2011، أى تعطيل المحاكمة لمدة ثلاثة أشهر.
دائما وأبدا نتحدث عن إطالة أمد التقاضى، ففى كثير من الأحيان تحقق المحكمة العدل، ولكن بعد ضياع مستقبل متهم أو إفلات متهم، أو إعادة حق لصاحبه بعد موته، أو… أو… وكنا نظن أن هذا لن يحدث فى مثل هذه المحاكمة التاريخية، إلا أن التاريخ أراد أن يثبت واقع المحاكم المصرية دون تجميل من خلال قضية قتل المتظاهرين.
* نشر هذا المقال في جريدة التحرير 10 نوفمبر 2011.