القضاء العسكري يطلب أسئلة طنطاوي وعنان ليجيبا عنها كتابة.. ورفعت يرفض
لم تكن إجراءات التفتيش والتأمين التى رافقت جلسة أمس تشى بالمرة بأن المشير سيمثل بين يدى المحكمة، ليدلى بشهادته بشأن الاجتماعات التى انعقدت قبل وفى أثناء الثورة، وطبيعة القرارات التى اتخذت فى ذلك الحين.
فقد بدا التفتيش والاستنفار الأمنى فى درجة شديدة العادية، لا تعكس أن المشير طنطاوى سيحضر بحال من الأحوال، وفق ما قرره القاضى فى خطوة شجاعة تستدعى الانتباه، وتؤكد أن هناك اتجاها لتسييد القانون على الجميع فعلا. سرت الهمهمات والتوقعات فى قاعة المحاكمة، وبدا أن ثمة أملا يراود الحاضرين فى أن يجىء المشير ويدلى بشهادته، وسط أجواء من الاحتمالات المفتوحة راحت تعتقد أن المشير، وقد بلغت الساعة العاشرة والنصف تقريبا، قرر أن يدخل بعد مبارك لا قبله، فى لمحة ذات مغزى لا يمكن إخطاؤه، فهو الحاكم الفعلى الآن بينما مبارك هو الحاكم السابق/المخلوع.
حسم القاضى أحمد رفعت جدل مجىء المشير من عدمه، بتلاوته نص المكاتبة التى وردت إلى المحكمة من اللواء عادل مرسى رئيس هيئة القضاء العسكرى، بتاريخ 10 سبتمبر، أول من أمس، والتى اعتذرت عن حضور كل من المشير محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ونائبه الفريق سامى عنان رئيس الأركان، نظرا للظروف التى تمر بها البلاد. إلا أن خطاب مرسى إلى المحاكمة طلب موافاته بالوقائع المطلوب استجلاؤها سواء من المحكمة أو من النيابة العامة أو المتهمين ودفاعهم أو دفاع الموكل عن المدعين بالحق المدنى، للإجابة عنها من (سيادتهما). الأمر الذى أثار الاستغراب حول طلب يبدو أقرب ما يكون طلب (مذاكرة) للأسئلة (المحتملة) قبل المثول للشهادة، مما يتنافى مع روح وقوانين الشهادة نفسها أمام المحكمة، التى تبدأ بالقسم بقول الحق، ولا تنتهى باستجوابات متعددة ومختلفة من كل الأطراف، وفقا لما يمليه الموقف.
وبعد تلاوة القاضى رفعت لنص المكاتبة طالب المحامين بالوجود فى قاعة المحكمة حتى تصدر المحكمة قرارها، وهو ما كان بعد نصف ساعة تقريبا، حيث قرر أن مثول المشير للشهادة سيكون يوم 24 من سبتمبر الجارى، ومثول عنان سيكون يوم 25 من نفس الشهر، وأردف: على السيد النائب العام إعلان كل من القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع ورئيس المجلس العسكرى المشير محمد حسين طنطاوى، ورئيس الأركان، نائب وزير الدفاع ونائب رئيس المجلس العسكرى الفريق سامى عنان، واتخاذ الإجراءات القانونية المتبعة فى هذا الشأن، وهو ما انعكس إيجابا، من حيث اللغة والمضمون على المحامين الحاضرين الذين بدا عليهم الاطمئنان، ولو بصورة نسبية، إلى الاتجاه الذى يبدو أن القاضى حسمه، لتسير الدعوى فى طريقه.
بعيدا عن صخب اعتذار المشير والفريق، تكلم كل من حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق، وأحمد رمزى قائد قوات الأمن المركزى، وطلبا الرد على شهادة الشاهد التاسع اللواء حسن عبد الحميد أحمد فرج، مساعد أول وزير الداخلية لقطاع قوات الأمن والتدريب، وقال العادلى إن الشاهد لم يحضر من الاجتماع المشار إليه سوى أول 10 دقائق فقط، ولم يفهم أن الهدف من الاجتماع هو تباحث كيفية تأمين المتظاهرين، وليس المواجهة.
وأضاف العادلى أنه رفض الضرب بالخرطوش، وأشار باستخدام الغاز والمياه، مدللا بأنه لم يكن يوجد فى القاهرة سوى 7 آلاف جندى أمن مركزى، ولا يعقل أنه يمكن أن يواجه متظاهرين يصل عددهم إلى 750 ألف فرد. فى حين كذّب رمزى الشاهد التاسع حين نفى معرفته بطبيعة الخطة 100، التى قيل إن العادلى طلب من رمزى تنفيذها، وسأله عن جهوزيته وقدرته على التنفيذ، فقال رمزى حينها «أسد ونص».
وقال رمزى إن الخطة 100 وضعت عام 1978، وتم تطبيقها بعد اغتيال السادات، وهى جاهزة لكل محافظة، ويفترض أن يكون الشاهد التاسع على علم بها بموجب عمله.
هذان التعقيبان دفعا بكثير من الجدل ليغلف الأجواء، وأثارا التساؤلات حول المفاجآت التى أعلن المحامى العام فى الجلسة السابقة أن النيابة أعدتها، وأن هناك المزيد.. وهل يمكن أن تغير فى سير المحاكمات أم لا فى ظل تشكيك المتهمين ودفاعهم فى كل جديد يجد فى الجلسات؟
* نشر هذا المقال في جريدة التحرير 12 سبتمبر 2011.