من الذمية إلى المواطنة المنقوصة: تناقضات الخطاب الأزهري
*نُشرت على موقع المنصة وتنشر على هذه المدوّنة بتصريح كريم من الموقع.
منذ ثورة يناير 2011 صدرت العديد من البيانات والوثائق الأزهرية التي تحمل آراء وتوجهات المؤسسة حيال قضايا المواطنة والحريات الدينية وحقوق الإنسان، سواء تفاعلًا مع مطالبات الربيع العربي بين عامي 2011 و 2013، أو كرد فعل على تصاعد التطرف الديني والحرب الإقليمية والعالمية في مواجهته منذ عام 2014 وحتى لحظة كتابة هذه السطور.
يسعى هذا التقرير إلى بيان كيفية معالجة الخطاب الأزهري خلال هذه الفترة لقضايا الحريات الدينية والمواطنة، ويُركز على كل من: الوثائق المعروفة بوثائق الأزهر التي صدرت بين عامي 2011 و 2013، والكلمات الافتتاحية والبيانات الختامية لعدد من المؤتمرات التي عقدها الأزهر منذ عام 2014 في إطار مساعي تجديد الخطاب الديني التي طالب بها رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى كلمات شيخ الأزهر في هذه المؤتمرات، كما يتناول التقرير بعض الحوارات التليفزيونية مع الشيخ أحمد الطيب التي تطرق فيها لقضايا الحريات الدينية والمواطنة.
وفيما يلي يستعرض التقرير أنماط معالجة الخطاب الأزهري لقضايا الحريات الدينية والمواطنة وأهم الأفكار المطروحة والمتبناة من قبل المؤسسة الأزهرية في هذا الشأن، كما يكشف عن أهم التطورات وأبرز التناقضات في ذلك الخطاب.
من الذمية إلى المواطنة
في أحد أحاديثه التليفزيونية أنكر أحمد الطيب شيخ الأزهر استمرار وصف المسيحيين المصريين بـ"أهل الذمة"، لأن المصطلح كان لظهوره ملابسات وأسباب تاريخية لم تعد موجودة الآن، وأشار إلى الفارق في فلسفة الحكم بين نمط دولة الخلافة الإسلامية في العصور الوسطى والدول القومية الحديثة في العصر الحالي؛ فالأولى كانت تُعتبر "دولة دينية" تقوم بالكامل على الدين الإسلامي، ومن ثم فإن "المنتمي إليها هو من يدين بدين الدولة؛ فكان لا بد من عقد بين الدولة وبين غير المسلمين يدخلون بمقتضاه ضمن رعاياها والتمتع بحمايتها، وهو ما لم يعد موجودًا الآن إذ أصبحت الرابطة بين الدول القومية الحديثة ومواطنيها هي المواطنة وليس الدين". [1]
وكما هو شائع في الفكر الإسلامي المعاصر من تبرير "المواطنة" بوثيقة المدينة في عهد النبي محمد (وهي صحيفة لتنظيم وتحسين العلاقات بين مختلف الطوائف والجماعات الدينية في المدينة آنذاك)؛ يؤكد شيخ الأزهر أنه رغم ظهور مفهوم "الذمة" في السنوات الأولى للإسلام لكن أول دولة قامت في الإسلام وأسسها النبي في المدينة لم تكن قائمة على مفهوم أهل الذمة، بل قامت على رابطة "المواطنة"، حيث تأسس بنود الوثيقة على "تنحية اختلاف الدين جانبًا" ليتولى الجميع الدفاع عن المدينة ومناصرة المظلوم، وهذه الوثيقة "من يقرأها يعرف أن النبي هو أول من أقام الدولة على أساس المواطنة، ونحّى الاختلاف في الأديان والأعراق جانبًا، وإنما أقامها على أساس أن يكون المواطنين سويًا في حراسة هذه المدينة..".
الحلقة الثالثة عشرة من برنامج الإمام الطيب
كما يُبرر هذا التحول من "الذمية" إلى "المواطنة" بانتفاء محل عقد الذمة وعدم وجود طرفي العقد؛ حيث عقد الذمة هو عقد بين دولة الخلافة الإسلامية وغير المسلمين الذين لا يشاركون في الدفاع عن الدولة، ومن ثم يدفعون الجزية للدولة التي تتولى المهام القتالية، وفي الدول الحديثة لم يعد هناك "خليفة ولا خلافة ولا أصبح عندي دولة إسلامية بالمعنى القديم، وإنما أصبحت عندي دول حديثة صحيح مرجعيتها الإسلام، لكن ليست هي الدولة التي بها خليفة يؤم المسلمين ويصلي في الأعياد وكذا وكذا هذا الفقه انتهى.."، وكذلك لم يعد الطرف الآخر من العقد موجودًا، وهو المتمثل في غير المسلمين الذين لا يُشاركون في جيش الدولة الذي يدافع بالأساس عن دين الدولة، ويدفعون الجزية نظير عدم مشاركتهم في هذا الجيش، كما أكد أن الحروب في الوقت الراهن لم تعد أسبابها دينية، مؤكدًا رفضه لمحاولات تلبيس الحروب ثوب الأديان. [2].
غير أتباع الأديان السماوية
في إجابته عن سؤال بشأن أوضاع غير المؤمنين بالأديان السماوية في المجتمعات الإسلامية، في أحد البرامج التليفزيونية، أكد شيخ الأزهر تمتعهم بحقوق المواطنة والحريات والبر من قِبل المسلمين؛ حيث قال "نحن دائمًا نتحدث عن انفتاح الإسلام على المسيحية وانفتاح الإسلام على المسيحيين واليهود وأهل الكتاب، لكن لنفترض أنهم ليسوا أهل كتاب ولا مؤمنين بأديان مثل الملحدين والوثنيين ممن لا يوجد بيننا وبينهم علاقة دين لكنهم يعيشون معنا، هل لهم قانون أم ليس لهم قانون؟ نعم لهم قانون، وهو لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم... الوثني الذي لايقاتلني ولا يتآمر مع أعدائي ليخرجني من دياري... قانوني معه البر أي المودة مع الرحمة والقسط أي العدل... إذًا ما هو المشترك الذي بيني وبينه يرتب عليّ أن أُعامله بهذا الشكل، يتضح أنه لا مكان لرابطة الدين في هذا المقام، وإنما هي الإنسانية". [3]
هذه التصريحات وإن كانت لم تخرج في شكل بيانات ووثائق أزهرية رسمية لكنها، بحسب تصريح مستشار شيخ الأزهر لشؤون التعليم في مقابلته مع الباحث، تُعبر عن موقف المؤسسة الأزهرية تجاه هذه القضايا، لأن شيخ الأزهر هو من يُمثل هذه المؤسسة وتصريحاته تُعد صادرة عن الأزهر ذاته. [4]
المواطنة كأساس للعلاقة بين الفرد والدولة
تتبنى الكثير من الوثائق الأزهرية والبيانات الختامية للمؤتمرات التي ينظمها الأزهر تأكيد شرعية الدولة "الوطنية الحديثة" باعتبارها إما متوافقة مع الإسلام أو أنها بحد ذاتها "الدولة في الإسلام"، بحسب تعبيرات بعض تلك البيانات، ومن ذلك ما جاء في أولى الوثائق المعروفة بـ"وثائق الأزهر"، التي صدرت تحت عنوان بيان الأزهر والمثقفين حول مستقبل مصر في يونيو/ حزيران 2011، حيث أكدت اتفاق مبادئ الإسلام مع ما أسمته "الدولة الوطنية الدستورية الديموقراطية الحديثة الحديثة التي تعتمد على دستور ترتضيه الأمة ويضمن الحقوق والواجبات لكل أفرادها على قدم المساواة... شريطة أن تكون المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وبما يضمن لأتباع الديانات السماوية الأخرى الاحتكام إلى شرائعهم في قضايا الأحوال الشخصية".
كما أشارت الوثيقة ذاتها إلى ضرورة "الالتزام بالمواثيق والقرارات الدولية والتمسك بالمنجزات الحضارية في العلاقات الإنسانية المتوافقة مع التقاليد السمحة للثقافة الإسلامية والعربية…"، وكذلك "الالتزام بمنظومة الحريات الأساسية في الفكر والرأي، مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والمرأة والطفل، والتأكيد على مبدأ التعددية واحترام الأديان السماوية واعتبار المواطنة مناط المسؤولية في المجتمع". [5]
ونص البيان الختامي لمؤتمر الأزهر العالمي لتجديد الفكر الإسلامي المنعقد في يناير/ كانون الثاني 2020 على أن "الدولة في الإسلام هي: الدولة الوطنية الديمقراطية الدستورية الحديثة. والأزهر ، ممثلًا في علماء المسلمين اليوم، يقرِّر أن الإسلام لا يعرف ما يسمى بالدولةِ الدينية، حيث لا دليل عليها في تراثنا"، أما الخلافة الإسلامية فيُنكر البيان صلاحيتها للوقت الراهن، إذ ينص على أن "الخلافة نظام حكم ارتضاه صحابة رسول الله، ناسب زمانهم، وصلح عليه أمر الدِّين والدُّنيا، ولا يوجد في نصوص الكتاب والسنة ما يلزم بنظام حكم معين، بل كل نظام من أنظمة الحكم المعاصرة تقبله الشريعة مادام يوفَّر العدلَ والمساواة والحرية، وحماية الوطن، وحقوق المواطنين على اختلاف عقائدهم ومِلَلِهم، ولم يتصادم مع ثابت من ثوابت الدين... المواطنة الكاملة: حق أصيل لجميع مواطني الدولة الواحدة، فلا فرقَ بينهم على أساس الدِّين أو المذهب أو العرق أو اللون، وهو الأساس الذي قامت عليه أول دولة إسلامية، وتضمنته صحيفة المدينة المنورة، وعلى المسلمين أن يعملوا على إحياء هذا المبدأ". [6]
مواجهة الطائفية ودعم الحوار الإسلامي-المسيحي
في الوثيقة الصادرة في أكتوبر 2011 بعنوان بيان الأزهر والمثقفين لدعم إرادة الشعوب العربية، التي عكست تأييدًا وحماسًا شديدًا لموجة ثورات الربيع العربي، تمت مطالبة قوى الثورة بتجنب الحساسيات الدينية والطائفية واحترام حقوق المواطنة على أساس المساواة والعدل [7]، وفي يناير لعام 2012 صدرت وثيقة الأزهر حول "منظومة الحريات الأساسية"، التي تضمنت، تحت بند حرية العقيدة، نصوصًا بالغة الأهمية في تأكيد حرية الاعتقاد مع تأكيد "احترام الأديان السماوية"، وحق المجتمع في الحفاظ على عقائده، دون تفصيل فيما هو المقصود بذلك؛ حيث تنص الوثيقة على أن "تُعتبر حرية العقيدة، وما يرتبط بها من حق المواطنة الكاملة للجميع، القائم على المساواة التامة في الحقوق والواجبات حجر الزاوية في البناء المجتمعي الحديث.. فلكل فرد في المجتمع أن يعتنق من المبادئ ما يشاء، دون أن ينقص ذلك من أهليته باعتباره مواطنًا حرًا مسؤولًا عن تصرفاته، ودون أن يمس حق المجتمع في الحفاظ على عقائده، فللأديان السماوية قداستها؛ وللأفراد حرية الاختيار دون عداون على مشاعر بعضهم البعض أو مساس بحرمتها قولًا وفعلًا. ولما كان الوطن العربي مهبط الوحي السماوي وحاضن الأديان الإبراهيمية الثلاثة فهو أشد التزامًا برعاية قداستها واحترام شعائرها وصيانة حقوق الأفراد في الإيمان بحرية وكرامة.
ويترتب على احترام حرية العقائد التسليم بمشروعية التعدد، ورعاية حق الاختلاف، ووجوب مراعاة كل مواطن مشاعر الآخرين، والمساواة الكاملة بينهم على أساس متين من المواطنة والشراكة وتكافؤ الفرص في جميع الحقوق والواجبات... كما يترتب أيضًا على على احترام حرية الاعتقاد: رفض نزعات الإقصاء والتكفير وإدانة عقائد الآخرين أو التفتيش في ضمائرهم، بناء على ما استقر من نظم دستورية، وعلى ما استقر بين علماء المسلمين من تقاليد سمحة قررتها الشريعة في القول النبوي الشريف "هل شققت عن قلبه..". [8]
في شهر مارس/ أذار لعام 2014، وفي ظل ارتفاع موجة الحرب على الإرهاب ومواجهة جماعات الإسلام السياسي، تأسس ما يٌعرف بـ"مجلس حكماء المسلمين" برعاية الإمارات، وبرئاسة شيخ الأزهر، وهو المجلس الذي ظل مرتبطًا اسمه باسم الأزهر في أغلب الفعاليات منذ ذلك التاريخ، ويُعلن المجلس أن من أهدافه "إرساء التعاون والتعايش بين مواطني البلد الواحد والبلدان المسلمة المختلفة، وتعزيز الثقة وتشجيع العلاقات الودية والاحترام المتبادل بين أصحاب الديانات والمذاهب المتعددة داخل المجتمع الواحد تحقيقًا للسلم والوئام العالمي". [9]
واعتناء بالحوار الإسلامي المسيحي يتبنى المجلس مشروع تحت عنوان حوار نحو عالم متفاهم ومتكامل؛ بالتعاون مع شركائه العالميين مثل الفاتيكان وجميعة سانت إيجيديو ومجلس الكنائس العالمي وكنيسة كانتربري ومجلس كنائس الشرق الأوسط؛ حيث "يتلاقى فيه علماء ورجال دين ومفكرون ومثقفون وأهل رأي ومعرفة وخبرة من المسلمين والمسيحيين ووجهائهم وشخصياتهم الدينية والمدنية، للتداول في قضايا المواطنة والحريات والتنوع الاجتماعي والثقافي في العيش المشترك والمتعدد". [10]
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2014 انعقد مؤتمر الأزهر العالمي لمواجهة التطرف والإرهاب، الذي أكد بيانه الختامي أهمية التعدد واحترام الحريات مناشدًا دول العالم استبعاد تسهيل الهجرة من جدول المساعدات التي تقدمها للمضطهدين دينيًا؛ لأن الهجرة تحقق أهداف من وصفهم البيان بـ"قوى التهجير العدوانية" التي تستهدف "ضرب دولنا الوطنية وتمزيق مجتمعاتنا الأهلية". [11].
كما أكد أن الحكم في الإسلام يتأسس على قيم العدل والمساواة "وحماية حقوق المواطنة بلا تمييز بسبب اللون أو الجنس أو المعتقد"، وأن كل نظام يحفظ هذه القيم يكون شرعيًا من المنظور الإسلامي.
وفي البيان الختامي لما عُرف بـ"لقاء جنيف"، وهو عبارة عن ندوة نظمها كل من مجلس حكماء المسلمين ومجلس الكنائس العالمي للتباحث حول دور الأديان في نشر السلام ونبذ العنف والكراهية في مدينة جنيف، في سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول عام 2016، تم تأكيد أن "يتمتع الجميع بالحقوق والمسؤوليات المتساوية باعتبارهم مواطنين في بلدانهم" و"رفض كل أشكال التعصب والتمييز العنصري بسبب الدين أو العرق أو الجنس أو الأصل". [12]
وفي كلمته الافتتاحية لمؤتمر الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل في 28 فبراير/ شباط و30 مارس 2017، قال شيخ الأزهر مؤكدًا مكانة الحرية الدينية في المنظور الإسلامي "يُنبهنا الإسلام إلى حق أصيل، هو حق الحرية والتحرر من الضغوط، وبخاصة ما يتعلق بحرية الدين والاعتقاد والتمذهب، "لا إكراه في الدين"، "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعًا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"، "لست عليهم بمسيطر"، "إن عليك إلا البلاغ "، و"كان من بين البنود التي اشتمل عليها كتاب رسول الله إلى أهل اليمن أنه من كره الإسلام من يهودي أو نصراني فلا يُحول عن دينه، إلى آخر هذه النصوص الدينية المؤسسة لحق الحرية والتحرر".[13]
الكلمة الافتتاحية لشيخ الأزهر أحمد الطيب، في مؤتمر "الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل"
وكان البيان الختامي لذلك المؤتمر عبارة عما عُرف بـ"إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك"، وينص على أن "مصطلح المواطنة هو مصطلح أصيل في الإسلام، وقد شعت أنواره الأولى من دستور المدينة وما تلاه من كتب وعهود لنبي الله يحدد فيها علاقة المسلمين بغير المسلمين، ويبادر الإعلان إلى تأكيد أن المواطنة ليست حلًا مستوردًا، وإنما استدعاء لأول ممارسة إسلامية لنظام الحكم الذي طبقه النبي وفي أول مجتمع إسلامي أسسه، وهو "دولة المدينة"، كما يؤكد أن "هذه الممارسة لم تتضمن أي قدر من التفرقة أو الإقصاء لأي فئة من فئات المجتمع آنذاك، وإنما تضمنت سياسات تقوم على التعددية الدينية والعرقية، وهي تعددية لا يُمكن أن تعمل إلا في إطار المواطنة الكاملة والمساواة". [14]
وواصل البيان تأكيده رفض مصطلح الأقليات لارتباطه بعهود الاستعمار وتسببه في توزّع الولاءات والتبعية لمشروعات خارجية، كما أعرب الإعلان عن طموح الأزهر ومجلس حكماء المسلمين من وراء هذا المؤتمر إلى "التأسيس لشراكة متجددة أو عقد مستأنف بين المواطنين العرب كافة، مسلمين ومسيحيين وغيرهم من ذوي الانتماءات الأخرى، يقوم على التفاهم والاعتراف المتبادل والمواطنة والحرية". [15]
ويظهر من الإعلان بشكل عام تأكيد حقوق المواطنة وحرية الاعتقاد بشكل كبير، والمساواة بين المسلمين والمسيحيين بشكل خاص في حقوق المواطنة وفي أوضاعهم القانونية داخل الدولة، مع إشارة إلى "ذوي الانتماءات الأخرى"، باعتبارهم أحد أطراف هذا العقد بين المواطنين العرب كافة، بحسب تعبيره.
ومع ذلك، فما ورد في المقدمة التمهيدية لهذا الإعلان، في نسخته المنشورة عبر مجلس حكماء المسلمين، يُعتبر استكمالًا لما بدأه الأزهر منذ عام 2011 من إصدار للوثائق والبيانات "التي أكدت الاهتمام بالرسالة نفسها: رسالة المواطنة والوحدة الوطنية والحريات والعيش المشترك (الإسلاميّ-المسيحي) في مصر وبقية الأقطار العربية"، وتنتهي المقدمة إلى الإعراب عن الأمل في صدور "إعلان الأزهر للعيش الإسلامي المسيحي المشترك الذي يقتضي العيش سويًا في ظل المواطنة والحرية والمشاركة"، وتعكس هذه النصوص أن الهم الأعظم لهذه الوثائق والحوارات والمؤتمرات المختلفة إنما هي قضية التعايش بين المسلمين والمسيحيين والتصدي للأحداث الطائفية المتكررة في مصر خصوصًا، وفي العالم العربي عمومًا؛ باعتبار أن الطوائف المسيحية تُمثل أكبر الأقليات الدينية في مصر والعالم العربي وأكثرها تأثيرًا.
وفي فبراير 2019، نظم مجلس حكماء المسلمين المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية بالتزامن مع زيارة كل من بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر لمدينة أبو ظبي، وفي كلمته بهذا المؤتمر وتحت عنوان "لستم أقلية" وجه شيخ الأزهر حديثه للمسيحيين في الشرق قائلًا "أنتم جزء من هذه الأمة، وأنتم مواطنون، ولستم أقلية. وأرجوكم أن وحدتنا هي الصخرة الوحيدة التي تتحطم عليها المؤامرات التي لا تفرق بين مسلم ومسيحي"، وتوجه للمسلمين في الغرب قائلًا "وكلمتي للمواطنين المسلمين في الغرب أن اندمجوا في مجتمعاتكم اندماجًا إيجابيًا، تحافظون فيه على هويتكم الدينية كما تحافظون على احترام قوانين هذه المجتمعات… وإن صدر من القوانين ما يفرض عليكم مخالفة شريعتكم فالجأوا إلى الطرق القانونية، فإنها كفيلة برد الحقوق إليكم وحماية حريتكم". [16]
المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية. الصورة: الصفحة الرسمية لمشيخة الأزهر
وصدرت عن هذا المؤتمر الوثيقة المعروفة بـ "وثيقة الأخوة الإنسانية" التي جاء فيها "الحرية حق لكل إنسان: اعتقادًا وفكرًا وتعبيرًا وممارسة، وأن التعددية والاختلاف في الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية، قد خلق الله البشر عليها، وجعلها أصلًا ثابتًا تتفرع عنه حقوق حرية الاعتقاد، وحرية الاختلاف، وتجريم إكراه الناس على دين بعينه أو ثقافة محددة، أو فرض أسلوب حضاري لا يقبله الآخر".
و"أن مفهوم المواطنة يقوم على المساواة في الواجبات والحقوق التي ينعم في ظلالها الجميع بالعدل؛ لذا يجب العمل على ترسيخ مفهوم المواطنة الكاملة في مجتمعاتنا، والتخلي عن الاستخدام الإقصائي لمصطلح "الأقليات" الذي يحمل في طياته الإحساس بالعزلة والدونية، ويمهد لبذور الفتن والشقاق، ويصادر على استحقاقات وحقوق بعض المواطنين الدينية والمدنية، ويؤدي إلى ممارسة التمييز ضدهم".
فيما نصت خاتمة الوثيقة "لتكن هذه الوثيقة دعوة للمصالحة والتآخي بين جميع المؤمنين بالأديان، بل بين المؤمنين وغير المؤمنين، وكل الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة". [17]
تحفظات أزهرية على الحريات الدينية
رغم ما يبدو في تلك النصوص من تأكيد على القيم الحديثة في الحكم الديمقراطي والدولة الوطنية مثل المساواة بين المواطنين ونبذ خطاب الكراهية والتمييز على أساس الدين، يتضمن الخطاب الأزهري ذاته، وعبر البيانات والوثائق ذاتها قيمًا ودعوات أخرى مناقضة للحريات الدينية ومبدية للكثير من التحفظات بشأنها؛ ومن ذلك أن وثيقة الأزهر الأولى المعروفة بـ"بيان الأزهر والمثقفين حول مستقبل مصر"، التي نصت على الالتزام بالمواثيق والقرارات الدولية والمنجزات الحضارية المتوافقة مع التقاليد الإسلامية، شهدت اجتماعاتها التحضيرية جدال بين الحضور حول مضمون المسودة الأولى من الوثيقة التي كانت تؤكد بوضوح أن المواثيق الدولية متوافقة توافقًا تامًا مع التقاليد الإسلامية والتجربة الحضارية للشعب المصري، فكان نص هذا البند هو "تأكيد الالتزام بالمواثيق والعهود الدولية، والتمسك بالمنجزات الحضارية في العلاقات المجتمعية الدولية، لتوافقها التام مع التقاليد السمحة للثقافة الإسلامية والتجربة الحضارية للشعب المصري العريق". [18]
بينما استقر النص النهائي للوثيقة على الالتزام بالمواثيق والقرارات المتوافقة مع التقاليد الإسلامية والعربية، باعتبار هذا التوافق مع التقاليد العربية والإسلامية شرطًا لقبول الوثائق والقرارات الدولية، ويرجع ذلك، بحسب شهادة صلاح فضل أحد المفكرين الحاضرين بهذه اللقاءات، إلى تحفظ ممثلي الأزهر على بعض مضامين المواثيق والعهود الدولية المتعلقة بالحريات وحقوق الإنسان لعدم توافقها مع التقاليد العربية والإسلامية. [19]
كما كانت المسودة الأولى من الوثيقة ذاتها تضمنت النص على "قداسة دور العبادة وضمان الممارسة الحرة لجميع الشعائر الدينية دون تعويق"، غير أنه تم الاتفاق في الصياغة النهائية للوثيقة على قصر الحريات الدينية على أصحاب الأديان السماوية وحدهم [20]؛ حيث نصت على "تأكيد الحماية التامة والاحترام الكامل لدور العبادة لأتباع الديانات السماوية الثلاث، وضمان الممارسة الحرة لجميع شعائرها الدينية دون أية معوقات، واحترام جميع مظاهر العبادة بمختلف أشكالها، دون تسفيه لثقافة الشعب أو تشويه لتقاليده الأصيلة"، وهذه، بحسب شهادة صلاح فضل أيضًا، كانت رغبة ممثلي الأزهر في هذه اللقاءات [21]، وكذلك فإن الوثيقة ذاتها في إشارتها إلى حقوق التحاكم إلى الشرائع الدينية في قضايا الأحوال الشخصية، قصرت هذا الحق على أصحاب الأديان السماوية وحدهم.
وتحت بند "حرية الرأي والتعبير" في وثيقة الأزهر حول "منظومة الحريات الأساسية"، سيطر هاجس "احترام المعتقدات الدينية" والحفاظ على "الأمن القومي" والنسيج المجتمعي عندما تطرق الحديث إلى الآراء الدينية؛ فجاء في الوثيقة "لكن من الضروري أن نُنبه إلى وجوب احترام المعتقدات والشعائر الدينية، وعدم المساس بها لما في ذلك من خطورة على النسيج الاجتماعي والأمن القومي. فليس من حق أحد أن يُثير الفتن الطائفية باسم حرية التعبير".
وفي الوثيقة ذاتها، وتحت بند "حرية الإبداع الأدبي والفني" كان التحفظ الوحيد على حرية الفن والسينما والأدب متعلق بالمساس بـ"المشاعر الدينية والقيم المجتمعية"، فتنص الوثيقة على أن "القاعدة الأساسية التي تحكم حدود حرية الإبداع هي قابلية المجتمع من ناحية، وقدرته على استيعاب عناصر التراث والتجديد في الإبداع الفني والأدبي من ناحية أخرى، مع الاحتكام لرأي الخبراء والنقاد والعارفين بهذه الفنون، وعدم التعرض لها ما لم تمس المشاعر الدينية أو تؤذ القيم المجتمعية". [22]
ما يوحي بالرغبة في إقرار رقابة دينية من المؤسسة الأزهرية على الإنتاج الفني، والحد من حرية التعبير بشكل أو بآخر، لأن المرجعية في تحديد إيذاء المشاعر الدينية والقيم المجتمعية غالبًا ما تكون للأزهر والمؤسسات الدينية الرسمية.
ويشير إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك إلى بعض التصرفات التي اعتبرها تتعارض مع مبدأ المواطنة، وينبني عليها تمييز بين المسلم وغير المسلم؛ ومن بينها ما أسماه بـ"ممارسات ازدراء الأديان". [23] فهذه الإشارة تحتمل أوجهًا غير ديموقراطية ومنافية للحقوق والحريات الدينية؛ خاصة في ظل ما هو شائع ومعمول به في الدولة المصرية تحت تهمة "ازدراء الأديان"؛ فوفقًا لبعض التقارير الحقوقية فإن الاتهام بازدراء الأديان يُعد من أبرز وسائل انتهاك حرية الدين والمعتقد؛ خاصة لغير المنتمين للديانات السماوية وأصحاب المذاهب الإسلامية غير السنية الذين يُتهم بعضهم بازدراء الإسلام عند التعبير عن آرائهم الدينية. [24]
ختام مؤتمر المواطنة والعيش المشترك
وفي كثير من المناسبات يؤكد الخطاب الأزهري أنه في نظره لقضايا المواطنة والعيش المشترك لا ينطلق من منطق الكثرة والقلة العددية، ومن ذلك ما ورد في المقدمة التمهيدية لإعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك والتي نصت على أن "الأزهر ومجلس حكماء المسلمين لينظران إلى مشكلات العيش والتنوع والاختلاف الديني والثقافي بمنطق القيم وليس بمنطق القلة أو الكثرة". [25]
غير أن هذا الاهتمام بالحوار بين المسلمين والمسيحيين وتأكيد حقوق المواطنة للمواطنين المسيحيين بشكل خاص، مرده بالفعل إلى الكثرة العددية للطوائف المسيحية في مصر والدول العربية، والوجود التاريخي لهذه الطوائف في المجتمعات العربية، وهذا ما أكده مستشار شيخ الأزهر للتعليم، الدكتور عبد الدايم نصير، في حواره مع الباحث [26]، الأمر الذي يُثير التساؤلات بشأن حقيقة موقع الملحدين والأقليات الدينية غير المعترف بها، مثل البهائيين والشيعة والأحمديين، من الرؤية الأزهرية للحريات الدينية؛خاصة أن هذه الطوائف تشكو دائمًا من تعرضها للتمييز الديني وانتهاك حرياتها الدينية.
وفي البيان الختامي لمؤتمر الأزهر العالمي لتجديد الفكر الإسلامي المنعقد في يناير 2020 وُصف الإلحاد بأنه "خطر يعمل على ضرب الاستقرار في المجتمعات التي تقدس الأديان، وتحترم تعاليمها، وهو أحدُ أسلحة الغزو الفكري، التي يُراد من خلالها، بدعوى "الحرية الدينية"، هدمُ الأديان، وإضعافُ النسيجِ المجتمعي، وهو سبب مباشر من أسباب التطرُّف والإرهاب، وعلى المجتمعات أن تتيقظ للآثار السلبية التي تترتب على دعوات الإلحاد، وإنكار وجود الله، وبلبلةِ أفكار المؤمنين به".
بذلك، فالمؤسسة الأزهرية لا تكتفي بالنظر إلى "الإلحاد" كتوجه فكري وعقائدي يخالف المعتقد الإسلامي، بل تعتبره تهديدًا للأمن القومي وللنسيج الوطني الذي يجب، بنظرها، أن يتحدد بانتماءات عقائدية ودينية بعينها، وفي حين يتضح ذلك بدعوة الأزهر للمواجهة الأمنية للإلحاد، غير أن البيان قد أشار في الفقرة ذاتها إلى ضرورة المواجهة الفكرية للأفكار الإلحادية، حيث نص على أنه "يجب على العلماء التسلح بمنهج تجديدي في التعامل مع مخاطره تستصحب الأدلةَ العقلية والبراهينَ الكونية ونتائج العلوم التجريبية الحديثة باعتبارِها تؤيد الحقائق الإيمانية، وذلك من خلال الالتقاء بالشباب والحوار معهم، والإفادة من وسائل التواصُل الحديثة في هذا المقام". [27]
وهو ما قد يوحي بتناقض غير مفهوم في الخطاب الأزهري، بشأن تناول قضية الإلحاد بين الدعوة للمواجهة الأمنية أو اعتماد الحوار الفكري والعقلي لمواجهة الأفكار الإلحادية.
ولا تقتصر التحفظات الأزهرية على الحريات الدينية للأديان والمعتقدات غير الإسلامية فحسب؛ وإنما تمتد هذه التحفظات لتشمل دعوات أزهرية للتضييق على التوجهات الإسلامية الخارجة عن المنهج الأزهري "الوسطي" باعتباره ممثلًا للإسلام الصحيح؛ وتتمثل هذه التوجهات بالتحديد في التيارات السلفية التي دعا البيان الختامي لمؤتمر الأزهر العالمي لتجديد الفكر الإسلامي إلى مزيد من رقابة الدولة المشددة على وسائل الإعلام لغلق المنافذ أمام دعاتها وفتاواها، كما طالب البيان من وصفهم بـ"غير المؤهلين" بتجنب الخوض في مسائل تجديد الخطاب الديني لأن التجديد ، بحسب وصف البيان، صناعة دقيقة لا يُحسنها إلا الراسخون في العلم، ولأن تصدّر غير المؤهلين سيُحوّل التجديد إلى تبديد؛ في إشارة غير مباشرة إلى التيارات "التنويرية" والأطروحات الناقدة للتراث الإسلامي، في سعي أزهري قديم ومتجدد لاحتكار الخطاب والمرجعية الدينية الإسلامية.
وختامًا، يُمكن القول إنه ثمة تطورات إيجابية في الخطاب الأزهري بشأن الحريات الدينية، لكنه من الضروري حسم التناقضات المشار إليها وتقديم إجابات واضحة حول التساؤلات والإشكاليات العالقة بشأن رؤية الأزهر للحريات الدينية لغير المؤمنين بالأديان السماوية في مصر بشكل خاص، وغير المؤمنين بأي دين على الإطلاق؛ حقوقهم في ممارسة شعائرهم والتعبير عن معتقداتهم دون الخوف من المحاكمات بتهم ازدراء الأديان أو تهديد الأمن القومي، وحقوقهم الكاملة كمواطنين لهم كافة الحقوق والواجبات المدنية والسياسية، كما ينبغي التخلص من الدعوات الأزهرية للسلطات السياسية بالتضييق على وسائل الإعلام، ومنع تيارات دينية معينة من الظهور بها أو السعي لاحتكار الخطاب الديني والقضاء على التنوع بداخله.
كما تجدر الإشارة إلى أن أغلب البيانات والمؤتمرات الأزهرية في حديثها عن الحريات الدينية لا تنطلق من الإيمان العميق بالديموقراطية وحقوق الإنسان بقدر انطلاقها من موقعها في الصراع السياسي والأيديولوجي مع تيارات الإسلام السياسي والتوجهات الدينية الإسلامية المختلفة، ولعل ذلك من أسباب ظهور تلك التناقضات في الخطاب الأزهري بين دعم الحريات الدينية من جهة وتقليصها وانتهاكها من جهة أخرى.
المراجع:
1) الحلقة الثالثة عشرة من برنامج الإمام الطيب 2 : غير المسلمين في المجتمعات المسلمة، قناة الأزهر الشريف على يوتيوب، 8 يونيو 2017.
2) المرجع السابق.
3) الحلقة العاشرة من برنامج الإمام الطيب 2 : غير المسلمين في المجتمعات المسلمة، قناة الأزهر الشريف على يوتيوب، 5 يونيو 2017.
الاقتباس بالنص مع تصرف بسيط.
4) حوار للباحث مع الدكتور عبد الدايم نصير مستشار شيخ الأزهر لشئون التعليم، بمكتبه بمشيخة الأزهر بالقاهرة، 4 مارس 2020.
5) الوثائق الصادرة عن الأزهر الشريف، بوابة الأزهر.
6) أخبار اليوم، 28 يناير 2020.
7) الوثائق الصادرة عن الأزهر الشريف، بوابة الأزهر، مرجع سابق.
8) المرجع السابق نفسه.
9) الكتيب التعريفي لمجلس حكماء المسلمين، ص7.
10) المرجع السابق، ص11، 12.
11) الأزهر في مواجهة الفكر الإرهابي، من أعمال مؤتمر الأزهر العالمي لمواجهة التطرف والإرهاب، القاهرة، 3-4 ديسمبر 2014، ص239،340.
12) لقاء جنيف..دور الأديان في نشر السلام ونبذ العنف والكراهية، من أعمال الندوة الدولية لمجلس حكماء المسلمين ومجلس الكنائس العالمي، جنيف، 30 سبتمبر - 1 أكتوبر 2016، ص97.
13)من أعمال مؤتمر الأزهر ومجلس حكماء المسلمين المنعقد بالقاهرة 28 فبراير و 1 مارس 2017، الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل، الأزهر الشريف-مجلس حكماء المسلمين، ص 18،19.
14) المرجع السابق، ص 15.
15) المرجع السابق، ص18.
16) أعمال المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية، أبو ظبي، 3-4 فبراير 2019، الحكماء للنشر والتوزيع، ص 34.
17) المرجع السابق، ص 47،48،50
18) صلاح فضل، وثائق الأزهر ما ظهر منها وما بطن، دار بدائل، القاهرة، الطبعة الأولى 2017، ص60.
19) مكالمة هاتفية مع د/ صلاح فضل، بتاريخ 1 مارس 2020.
20) صلاح فضل، وثائق الأزهر ما ظهر منها وما بطن..، مرجع سابق، ص60.
21) مكالمة هاتفية مع د/ صلاح فضل، بتاريخ 1 مارس 2020.
22) الوثائق الصادرة عن الأزهر الشريف، بوابة الأزهر، مرجع سابق.
23) من أعمال مؤتمر الأزهر ومجلس حكماء المسلمين المنعقد بالقاهرة 28 فبراير و 1 مارس 2017، الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل، ص17.
24) إسحق إبراهيم، حصار التفكير.. قضايا ازدراء الأديان خلال عامين من الثورة، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ص 42، 43، 44 ، 51، 52، 88.
25) إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك. البيان الختامي لمؤتمر الأزهر ومجلس علماء المسلمين، القاهرة، 29 فبراير و 1 مارس 2017، ص 7-10.
26) حوار للباحث مع الدكتور عبد الدايم نصير مستشار شيخ الأزهر لشئون التعليم، بمكتبه بمشيخة الأزهر بالقاهرة، 4 مارس 2020
27) أخبار اليوم، مرجع سابق.