تواضروس الثاني.. الأوجه المختلفة للبطريرك في ستة أعوام
يطالعنا البابا تواضروس الثاني بطريرك الأقباط الأرثوذوكس منذ جلوسه على كرسي مار مرقس قبل ستة أعوام بما يمكن وصفه بالشخصيات المتعددة، فهو قائد لكنيسة يسعى إلى التجديد ويقود ثورة للانفتاح على الكنائس الأخرى بجدية، ما سبب الكثير من الهجوم عليه من قِبَل أبناء التيار المحافظ التقليدي، وفي الوقت ذاته هو المتحدث الرسمي بلسان الأقباط لدى النظام والمجتمع ككل ويلتمس "للمسئولين" دومًا أعذارًا فيما يتعرض له أبناء كنيسته من اعتداءات طائفية وتمييز غير مسبوق.
وهو قبل كل ذلك قائد روحي ومعلم يسعى من خلال سلوكه إلى تأسيس صورة ذهنية متميزة عن الراعي، بعد حوالي أربعة عقود كان البابا شنودة فيهم ملء السمع والأبصار وترك ميراثًا داخل الكنيسة يصعب على أي خليفة له تفكيكه، حتى لو توافرت له الرغبة في ذلك. فكيف يؤثر تفاعل تلك الوجوه الثلاثة على أحوال الأقباط ومدى تمتعهم بحقوقهم المدنية والسياسية بعد ست سنوات كانت ربما هي الأصعب على أكبر أقلية مسيحية في الشرق الأوسط منذ ظهور بواكير الدولة الوطنية الحديثة في مصر. نكتفي هنا بالعرض السريع فقط لبعض المحطات الرئيسية في مسار البطريرك منذ تاريخ تجليسه الذي حلَّ علينا منذ أسابيع على أمل العودة إلى المزيد من التحليل في المستقبل القريب.
يا أهلًا بالمعارك!
إلى جانب دور البابا تواضروس الثاني الروحي والسياسي الذي أمكن لي متابعته من خلال عملي كباحثة وصحفية، كان لي فرصة رؤية الجانب الإنساني في شخصية البابا يوم إعلان القرعة الهيكلية في 4 نوفمبر 2012.
" جئت من أجل السلام وليس من أجل المعارك والصدام مع الدولة". كان أول تصريح أحصل عليه من البابا تواضروس يوم 4 نوفمبر 2012 عقب إعلان فوزه في القرعة الهيكلية، كبطريرك للأقباط الأرثوذوكس خَلَفًا للبابا شنودة الثالث. لم يكن هذا التصريح للبابا تواضروس حينها ردًّا على سؤال، وإنما تعبيرًا عن استيائه من البروفايل الذي كتبناه عنه في عدد الشروق 1 نوفمبر 2012 بعنوان: "الأنبا تواضروس.. يا أهلًا بالمعارك"، ضمن ملف خاص بالانتخابات البابوية والقرعة الهيكلية بعنوان: "الكنيسة أمام ثلاثة سيناريوهات بعد القرعة الهيكلية".
لم يكن تواجدي في دير الأنبا بيشوي يوم 4 نوفمبر 2012 بمثابة عمل أؤديه فقط، إذ على المستوى الشخصي كان اليوم هامًّا لي كقبطية ترغب في رؤية البطريرك الجديد للكنيسة التي أنتمي إليها، ولعل ما فعله البابا تواضروس الثاني حينها دفعني إلى الاعتقاد بأن عنوان: "يا أهلًا بالمعارك" مناسب له على عكس ما يعتقد هو.
كنا وصلنا إلى الدير ووجدنا الباب مغلقًا، ويقف على حراسته عدد من العمال وصغار الرهبان، وعشرات المسيحيين الذين يأتون لزيارة المكان بشكل اعتيادي أو لزيارة المقبرة التي يرقد فيها جثمان البابا شنودة الثالث وشُيدت خصوصًا له داخل الدير، إلا أنهم مثلنا فوجئوا بمنع الزيارة ﻷن الأسقف الأنبا تواضروس المتواجد داخل الدير قد أُعلن بطريركًا، والدير يستعد لاستقبال كبار الزوار والمهنئين الرسميين فقط.
اقتربنا من الراهب الذي بدا عليه أنه يتولى منصب مدير أمن البوابة، وأفصحنا عن هويتنا الصحفية ورغبتنا في لقاء البابا بشكل مهني، وجاءنا الرد بالرفض أيضًا. كالعادة لم نرضخ للرفض والمنع اللذين نواجههما كثيرًا أثناء عملنا، وانتظرنا أمام الباب بينما يتزايد أعداد الناس. تسربت الهمهمات والشكوى، وكلما عبرت السيارات الفارهة من البوابة يسارع العمال والرهبان إلى تشكيل حاجز بأجسادهم أمام أي منفذ قد يسمح بعبور المترجلين.
"هوه إحنا مش هنخلص من النظام ده بقى؟ حرام عليكوا إشمعني الناس إللي راكبه عربيات فخمة بتدخل؟ همه أحسن مننا في إيه.. لغاية إمتى الكنيسة هيكون فيها نظام ناس وناس؟"، صرخ رجل ستيني يرتدي جلبابًا، جاء برفقة عائلته بأكملها في أتوبيس استئجروه خصوصًا لقضاء اليوم في أديرة وادي النطرون.
وبعد دخولنا الدير بمساعدة أحد الرهبان الكبار الزائرين رأيت البابا تواضروس يجلس على كرسي داخل المضيفة وينحني الجميع لتقبيله واحتضانه، وقبل أن أصل إليه تزاحم راهب ممن كانوا يصدون الزوار على باب الدير للوصول إلى البابا وهمس له في أذنه، نظر إليه البابا بحزم وقال بصوت عالٍ موجهًا حديثه إلى الأساقفة المتواجدين حوله: "افتحوا باب الدير ومتمنعوش أي حد يدخل ومحدش يطلب يشوف البطايق أنا إللي بقول الكلام ده".
تململ الراهب الصغير قليلًا وهو ينظر إلى الأساقفة، فحاول بعضهم الاقتراب من البابا والحديث معه فكرر كلامه مرة أخرى: "أنا هستقبل التهاني من كل الناس مسيحي ومسلم.. الناس فرحانة خليهم يدخلوا".
رغم إصراري حينها على أن يظل موقفي من البابا محايدًا لسببين، أولهما عملي، وثانيهما هو موقفي الشخصي من رجال الدين وخاصة البابا شنودة ﻷسباب شخصية وأخرى عامة، فإنني لم أستطع مقاومة إعجابي بهذا البطريرك الذي قرر تحدي الحاشية المستفيدة من قربها منه ويسارعون من أجل تشييد جدار يضمن عزلته عن بسطاء شعبه.
بعد عناء وصلنا أخيرًا حيث يجلس البابا، رجل في منتصف العمر يرتدي جلبابًا أسود بسيطًا، ويبدو عليه التعب والإرهاق ولكنه مبتسم، لا يكتفي بالتحية بل يسأل كل شخص عن اسمه وأحيانًا وظيفته ويداعب الأطفال، ويرحب بالتقاط الصور.
جاء دوري وسألني عن اسمي، ثم عن عملي. أخبرته أني صحفية في جريدة الشروق، وهكذا أجاب زميلي.
كان هناك عدد من الأساقفة حوله، مال أحدهم عليه وهمس في أذنه بشيء لم نسمعه، تغيرت نظرة البابا إلينا وقال بحدة: "إنتوا إللي كتبتوا عني يا أهلًا بالمعارك.. ده كلام مش كويس أبدًا"، حاولنا أن نشرح له أن العنوان يقصد قدرته على إدارة الكنيسة في ظل وقت شديد الحساسية يحكم فيه الإخوان مصر، لكنه لم يعطنا فرصة أبدًا.
وقال لنا الأسقف: "إسمعوا كلام سيدنا وافهموا".
شرح لنا البابا موقفه الرافض لاستخدام كلمة المعارك التي تعني الصدام، مؤكدًا أنه يميل إلى السلام والهدوء والنقاش. طلب منا توخي اختيار الألفاظ التي ربما يُقصد بها مدح أو خير لكنها تأتي في النهاية بنتيجة عكسية. أخيرًا ابتسم البابا مرة أخرى وقال لي: "يرضيكي يا كوكو إللي إتكتب ده"، جاوبته بتلقائية "يا سيدنا زميلي هو إللي كتب عنك يا أهلًا بالمعارك، مش أنا".
كان البابا تواضروس الثاني متعاونًا مع وسائل الإعلام طوال اليوم رغم الإرهاق والتعب، وأتذكر بوضوح عندما سمح لنا كصحفيين بالجلوس معه وإعطاء كل منا فرصة توجيه سؤال، وكان سؤالي: "يا سيدنا ما مصير الحرس القديم في ظل بابويتك"؟
ابتسم البابا وسألني من أين أنا، فأخبرته أني من المحلة الكبرى، الإيبارشية التي شهدت الإطاحة بأسقفها الأنبا متياس في 2003 بسبب ما تردد عن كيد الأنبا بيشوي، جاء رد البابا على سؤالي: "الكنيسة تفضل شابة بتجديد دمائها، وآبائنا إللي تعبوا كتير في شبابهم وخدموا الكنيسة كتير من حقهم يرتاحوا في أديرتهم ويصلوا من أجلنا ومن أجل الكنيسة".
تحدي الإسلاميين
البابا تواضروس الذي أعلن صراحة سعيه إلى حل المشاكل بالحوار، فرضت المعارك السياسية نفسها عليه عقب خمسة أيام من إعلان اسمه في القرعة الهيكلية، فلم يكن الدستور قد تمت صياغته بشكل نهائي، وأعرب البابا تواضروس عن قلقه من المطالبة بتطبيق أحكام الشريعة في الدستور، ووصف الدستور بالتمييزي وأنه لا يخضع لمظلة المواطنة.
استمر البابا في الحديث عن عدم رضاه عن أوضاع الأقباط بشكل عام، وقال في حوار صحفي في 12 نوفمبر 2012: "لست راضيًا عن أوضاع الأقباط، فالمواطنة تجرح فى مواقف كثيرة للأسف، والدولة الصاحية يجب أن تقوم بترويض المجتمع بالقانون، وتلتزم به لمواجهة أي تجاوزات".
ولم يكد يمر مئة وخمسين يومًا فقط من جلوسه على كرسي مار مرقس، حتى فُرضت عليه معركة استثنائية وهي الاعتداء على الكاتدرائية في 7 إبريل 2013 في سابقة لم تحدث من قبل، وذلك عقب انتهاء صلاة الجنازة على ستة أقباط قتلوا في أعمال عنف في "الخصوص". وقال معلقًا على ما حدث في مداخلة هاتفية: "التشكيلات والمجموعات واللجان والتسميات إحنا شبعنا منها خلاص.. نحن نريد عمل لا مجرد أقوال.. وأنا مش بتكلم في حدود إللي حصل في الخصوص والاعتداء الصارخ على الرمز الوطني، الكنيسة المصرية لم تتعرض لهذا في أسوأ العصور.. أنا منتظر الخطوات إللي تاخدها الدولة"، مشيرًا من طرف خفي إلى تقصير الرئيس محمد مرسي كرأس للنظام الحاكم.
وفي خطوة تصعيدية قرر البابا تمديد فترة وجوده في دير الأنبا بيشوي بصحراء وادي النطرون حيث كان متواجدًا هناك بالفعل في رحلة تفقدية ﻷديرة وكنائس الإسكندرية، كما أعلن عدم نيته تلقي العزاء من المسئولين رافضًا استقبال الوفد الرئاسي، وقام بتكليف الأنبا موسى والأنبا رافائيل باستقبال الوفد.
تمديد إقامة البابا في الدير اعتبره البعض اعتكافًا يشبه ما اعتاد البابا شنودة الثالث نهجه كرد فعل بعد بعض أعمال العنف ضد الأقباط. خطوة البابا تواضروس قوبلت بالرضى والإعجاب بين أوساط الكثير من المعلقين والشخصيات العامة القبطية مشجعين جرأته في أولى معاركه التي بدا أنه قادر على إدراتها لصالح الأقباط دون تنازل.
وعلى إثر موقف البابا أصدرت الرئاسة يوم الثلاثاء 9 إبريل 2013 بيانًا باللغة الإنجليزية فقط تتهم فيه المسيحيين (مشيعي جنازة ضحايا الخصوص) بافتعال الأزمة بدءًا بتخريبهم للسيارات المحيطة بالكاتدرائية مما أدى إلى قيام سكان المنطقة المحيطة بمنعهم من استكمال أعمال التخريب، وأن الأمن قام بضرب قنابل الغاز والرصاص على الكاتدرائية لوجود أشخاص يحملون أسلحة بداخلها.
البيان وصفه البابا بعدها بساعات بالمغلوط والكاذب، وقال: "ده كلام محض افتراء، البيان إللي طلع من مكتبه (الرئيس) بالانجليزي لوزارة الخارجية الأمريكية علشان يبرروا موقفهم ويغطوا، لكن البيان ده كله أكاذيب، ولم يذكر الحقيقة، دي ناس كانت طالعة من جنازة".
استمر البابا في إدارة علاقة الكنيسة بالنظام السياسي في التصعيد، خاصة بعد اتخاذه قرارًا بانسحاب الكنيسة من جلسات الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس محمد مرسي حينها، ووصفه بـ"حوار غير مجدي ولا ثمر له".
وبعد أقل من شهرين كانت دعوات عدد من تشكيلات المعارضة بالخروج في مظاهرات 30 يونيو ضد حكم جماعة الإخوان تتبنى الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة. وعن دور الكنيسة في حث الأقباط سواء بالمشاركة في التظاهرات من عدمه قال البابا تواضروس في لقاء تليفزيوني يوم 18 يونيو: "دي حرية شخصية". وبالفعل خرجت أعداد كبيرة من الأقباط في مسيرات من كل المناطق، إلا أن خروجهم بكثافة كان من منطقتي شبرا والظاهر (الضاهر) حيث يوجد تجمع سكاني قبطي واضح في القاهرة.
وظهر البابا تواضروس في خطاب 3 يوليو ممثلًا عن الكنيسة والأقباط في مشهد عزل مرسي ضمن ممثلين عن مؤسسات أخرى مثل القوات المسلحة والأزهر. في المقابل خرج مؤيدو الإخوان في مظاهرات في محافظات مختلفة، واعتدوا على عشرات الكنائس والممتلكات الخاصة لأقباط في عدد من محافظات الصعيد. وقال البابا تواضروس في أول تعليق له عن هذه الأحداث: "قلبي مع كل المصابين وأشعر جُوَّايا إن بلادنا مصر، كل ما يحدث فوق أرضها هذه الأيام ليس مصري.. وأعلم أن الشرطة والجيش والإعلام وإخواتنا المعتدلين تحملوا الكثير".
شخصية البابا تواضروس في الفترة ما بين نوفمبر 2012 وحتى يونيو 2013 اتسمت بالجرأة، وبدا البابا الجديد لا يسعى إلى الصدام والمعارك، ولكنه ينوي إدارة الأزمات بقوة ودون الرضوخ لضغوط النظام على حساب مصالح الأقباط، بل ورفض استخدام أيًّا من العبارات أو المصطلحات المستخدمة عادة في التعليق على الأزمات، فأعلن مثلًا عدم تقبله مصطلح "فتنة طائفية" لوصف أعمال العنف التي يتعرض لها الأقباط، وقال: "كلمة فتنة طائفية كلمة غير محددة".
ترشيح السيسي واجب وطني!
تُقيَّم مواقف الكنيسة كمؤسسة في تعاملها مع الأزمات التي يتعرض لها الأقباط _من خلال التصريحات الصادرة عن رجالها من الأساقفة وقبلهم بالطبع تصريحات البابا وردود أفعاله_ ووحده البابا يملك القدرة على تصعيد حدة ردود الفعل، إما بالاعتكاف وإما إلغاء عظته أو إلغاء احتفالات الأعياد أو حتى فرض صوم وصلاة استثنائية، وهي كلها إجراءات ربما لا تغير كثيرًا على أرض الواقع، ولكنها قد ترسل إشارات قوية حول مدى رضاء الكنيسة عن هيكل العلاقة مع النظام القائم.
ومنذ 30 يونيو 2013 بدا واضحًا مدى التناغم بين الكنيسة كمؤسسة والقائد الأعلى للقوات المسلحة عبد الفتاح السيسي وتجلت ملامح ذلك التناغم عندما قال البابا تواضروس الثاني في تصريحات لقناة الوطن الكويتية منتصف مارس 2014: "ترشح بات واجب وطني"، وذلك قبل أن يعلن المشير نيته بالأساس للترشح.
وكانت مشاركة الأقباط في الانتخابات الرئاسية في مايو 2014 في كافة المحافظات لافتة، وظهر البابا تواضروس وهو يدلي بصوته، ومعروف مسبقًا لمن أعطى صوته، وبالتبعية كما هو مفترض لمن أدلى أغلبية الأقباط بأصواتهم.
توالى ظهور رجال الدين من الأساقفة والرهبان والراهبات بزيهم الرهباني في الطوابير، واصطفاف الناخبين الأقباط في المناطق الأكثر كثافة للتواجد القبطي، بالإضافة إلى إعلان ممثلين لأقباط المهجر الحشد من أجل التصويت للسيسي مقابل منافسه الوحيد حمدين صباحي.
حسمت انتخابات الرئاسة للمشير عبد الفتاح السيسي بفوز بنسبة 91,96% مقابل صباحي، وبثت تلك النتيجة الطمأنينة في بعض الأوساط القبطية، لتأتي زيارة الرئيس السيسي للكاتدرائية للتهئنة بعيد الميلاد في يناير 2015 تأكيدًا على مزاعم دعمتها الكنيسة حول بداية عهد جديد يعيش فيه الأقباط كمواطنين متساوين بلا تمييز.
إلا أن شهر فبراير 2015 قد حل ليرسم خطًّا من الدماء لا يزال مستمرًّا، وذلك بنشر داعش فيديو لذبح واحد وعشرين قبطيًّا في ليبيا. ذبح الأقباط في ليبيا وصفه البابا بالحادث الذي جعل النسيج الوطني قويًّا وأكثر التحامًا، وقال: "الزيارات إللي مستمرة للكاتدرائية وللقرى إللي فيها بيوت الشهداء بتجعلنا نشعر وكأن الشهداء دول من كل بيت مصري وليس من بيوت محددة".
استغل رجال الكنيسة الحادث للحديث عن قبول الاضطهاد والموت بفرح وصمت كونه جزءًا أصيلًا من المسيحية، الصمت الذي يضمن لمؤسسة الكنيسة علاقات طيبة مع النظام كما أوضح البابا صراحة ردًّا على سؤال حول غضب الشباب من ردود أفعال البابا وأن ما يكنه للرئيس السيسي من حب يدفعه إلى التفريط في حقوق الأقباط.
وقال البابا: "العلاقات الطيبة بين المسئولين دي حاجة تفرحنا.. هوه لازم المسئولين يصطدموا.. أو يكونوا في حالة جفاف.. يعني الناس دي إيه المطلوب، نوع من الخلاف والصدام ونوع من الزعامة".
توالت المعارك الحقيقية التي كان على الكنيسة خوضها عوضًا عن الأقباط كونهم رعايا تابعين لها، وليسوا مواطنين في الدولة، فكانت حادثة تعرية سعاد ثابت المعروفة بـ"سيدة الكرم" في مايو 2016، الحادثة التي أثارت جلبة في الإعلام على المستوى المحلي والعالمي، وتفاعل معها شريحة كبيرة من المجتمع، وتصدر هاشتاج "مصر اتعرت" مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلق السيسي على الحادث قائلًا: "الإساءة لسيدة مصرية شوفوا أنا مقلتش سيدة كذا مصرية إحنا كلنا واحد، لينا حقوق متساوية وعلينا واجبات متساوية"، موجهًا اعتذاره إلى السيدة سعاد ثابت.
ورغم الضجيج وفداحة الحادث، اكتفى البابا ببيان مقتضب قال فيه: "المسئولين في الدولة أكدوا إن الأم المصرية وأن صيانة شرفها واجب ومسؤولية الجميع". جدير بالذكر أن قضية سيدة الكرم قد انتهت بالحفظ وحبس ابنها على الرغم من عدم وجود دليل حول الشائعة التي لحقت به.
عام 2016 كذلك شهد نقلة نوعية في الأعمال الإرهابية بتفجير كنيسة البطرسية في 11 ديسمبر 2016، وراح ضحيته تسعة وعشرون أغلبيتهم من النساء وأصيب العشرات، وراهن البعض على غضب البابا وتوتر ربما يحدث في العلاقة بين مؤسسة الكنيسة والرئاسة. إلا أن البابا حسم التكهنات في أول تعليق له عقب الجنازة العسكرية لضحايا البطرسية: "نحب نشكر الرئيس ونشكر كل القيادات في الدولة والقوات المسلحة وقوات الشرطة في هذا التكريم الذي تقدمه الدولة على أعلى مستوى للأحباء الذين استشهدوا في حادث البطرسية في الأمس، وكما قال الرئيس: المحن تزيدنا صلابة وارتباط".
وما كاد يمر شهران على تفجير البطرسية، حتى جرى تهجير أغلبية أقباط العريش في فبراير 2017 بعد مقتل سبعة أقباط في أسبوعين، وتهديدات للآخرين بالقتل إذا لم يغادروا العريش، الأحداث التي أعلنت جماعات إرهابية موالية لتنظيم داعش مسئوليتها عنها.
وأعرب البابا عن استيائه من لفظة "تهجير" أو "نزوح" وقال في بيان: "تعبير تهجير الذي شاع في الإعلام هذا تعبير مرفوض تمامًا، نحن نسكن في الوطن ويتعرض أبناؤنا في القوات المسلحة والشرطة ومؤسسات الدولة وأبناؤنا المصريون الأقباط كما المسلمين أيضًا يتعرضون لهذا العنف".
لفظة التهجير التي أعرب البابا عن رفضه لها في وصف ما حدث مع أقباط العريش، سبق له وأن استخدمها بنفسه في يوم إعلان القرعة الهيكلية 4 نوفمبر 2012 واصفًا هجرة الأقباط الاختيارية خارج مصر بالتهجير، وقال: "تهجير الأقباط شيء يشوه صورة مصر أمام العالم، وهو شيء غير مقبول وبغيض ودور الدولة حماية رعاياها".
واستمرارًا لسلسلة الهجمات الإرهابية، جاءت تفجيرات أحد السعف المعروفة بـ"الأحد الدامي" في إبريل 2017، واستهدفت كنيسة مار جرجس في طنطا والكنيسة المرقسية في الإسكندرية، وراح ضحية التفجيرين أربعة وأربعون شخصًا وأصيب ما يقرب من مئة وثلاثين شخصًا. ومن اللافت في هذه التفجيرات وجود البابا تواضروس الثاني بالكنيسة المرقسية بالعباسية بالإسكندرية لصلاة قداس أحد الشعانين، إلا أنه لم يتعرض ﻷذى.
لم يُدلِ البابا حينها بتصريح مباشر، وعندما قرر الكلام كان خلال لقائه مع خدمة الإعلام الديني التابعة لمجلس الأساقفة الإيطاليين، وصرح بأن استهداف المسيحيين هو اختبار لقوة الوحدة الوطنية، وأنه يؤثِّر على الحياة الاقتصادية والاجتماعية في مصر، وقال: "إن أول فكرة راودتني تتعلق بصورة مصر في جميع أنحاء العالم، حيث تؤثر هذه الهجمات على الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد".
ويبدو أن صورة مصر أمام العالم كان من نصيبها مرة أخرى أن تتأثر في العام ذاته بضربة إرهابية أخرى تستهدف الأقباط حيث وقعت مذبحة دير الأنبا صموئيل المعترف في فجر 26 مايو وراح ضحيتها تسعة وعشرون قبطيًّا كانوا في طريقهم لزيارة دير الأنبا صموئيل.
وظهر البابا ﻷول مرة عقب حادثي التفجير والمذبحة في لقاء تليفزيوني في يونيو 2017 يقول فيه: "الحادث مش ضد المسيحيين ده ضد مصر.. وأمثال هذه الحوادث تزيد الوحدة الوطنية.. "، وتحدث عما لمسه خلال لقاءاته الرسمية في إنجلترا وروسيا من رضى عن النظام الحاكم في مصر بصورة عامة، وعن شخص السيسي بصفة خاصة.
مذبحة دير الأنبا صموئيل تكررت بالسيناريو ذاته يوم الجمعة 2 نوفمبر 2018 وراح ضحيتها سبعة أشخاص، ستة من أسرة واحدة وسائق الميكروباص الذي تعرض للهجوم، ولم يخرج بيان البابا عن نفس المنوال من أن الحادث يستهدف جميع المصريين. وقال البابا: "أرسل كل تعزياتي لأسر الضحايا وأسر المصابين.. ونشكر أيضًا السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي لاتصاله هاتفيًّا وطلب مننا أن ننقل تعزياته لأسر كل الشهداء والمصابين وتحدثه عن كيف أن مصر بتماسكها وقوتها سوف تهزم الإرهاب".
ضمير البابا
منذ أن شرعت في كتابة تلك السطور أجدني مضطرة إلى العودة إلى عام 2013 باستمرار رغم اختلاف الظرف السياسي والاجتماعي، إلا أنها ضرورة لفهم التحولات التي طرأت على سياسة البابا تواضروس.
"قرار بناء كنيسة واحدة مفيهوش أي استرضاء، فين الاسترضاء في بنى كنيسة واحدة، ممكن يكون فيه استرضاء لو طلع قرار ببناء 10 كنائس"، رد البابا تواضروس يوم 18 يونيو 2013 عن أسباب صدور القرار الجمهوري رقم 345 لسنة 2013 ببناء كنيسة "الرسولين بطرس وبولس" في النوبارية بالبحيرة ومدى ارتباطه بسعي الرئيس محمد مرسي لاسترضاء الأقباط عقب دعوات الخروج للتظاهر في 30 يونيو.
القرار الجمهوري ببناء كنيسة واحدة في عام 2013 لم يكن شيئًا مرضيًا، إلا أن إعلان الرئيس السيسي عن إنشاء كنيسة كاتدرائية العاصمة الإدراية الجديدة خلال زيارته للكاتدرائية بالعباسية في قداس عيد الميلاد عام 2017 "يعبر عن الترابط والوحدة والبعد الإيماني" كما قال البابا واصفًا القرار.
أما عن ادعاءات أن الأقباط كتلة بشرية يسهل التحكم في قرارهم السياسي من خلال شخص البابا الذي يقود الكنيسة، قال البابا في حوار في 18 يونيو 2013: "ليه دايمًا ألبس في سؤال من الإعلام إن الأقباط قطيع بيتحرك وبيتوجه ككتلة واحدة، ده حصل قبل كده ﻷن ده كان نظام البلد كلها.. حزب واحد ونظام واحد.. لكن ده اتغير بعد ثورة 25 يناير ودي حاجة كويسة والشباب ليه رأي ودي بركة ثورة 25 يناير".
هكذا يرى البابا تواضروس الأقباط، خاصة الشباب بعد أن أصبح لهم رأي، وبعد أن تغير نظام الحزب الواحد، إلا أن حشد الأقباط في سبتمبر 2018 من أجل استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي في نيويورك خلال مشاركته في الدورة الـ٧٣ للجمعية العامة للأمم المتحدة أسماه البابا: "سلوك وطني". وقال البابا في اجتماعه بكنيسة الشهيد مار مرقس الرسول بويست هنريتا روتشستر يوم 17 سبتمبر 2018: "لما يبقى جاي رئيس بلدك إللي فيها كنيستك الأم وجاي يزور هنا (الولايات المتحدة) أو يؤدي مهمة أقل حاجة تروح تستقبله".
وبمشاهدة اللقاء يمكن ملاحظة كم كان البابا غاضبًا، وأبدى تعجبه من سؤال حول توقيت زيارته لنيويورك وتزامنها مع زيارة السيسي مما يجعلها زيارة ذات طابع سياسي، وقال: "أنا مفهمش سياسة ولا بعمل سياسة، زيارتي كانت مترتبة من السنة إللي فاتت، وإللي بيسأل السؤال ده هل تعرف أن الإنجيل قال خافوا الله وأكرموا الملك.. لو بتقرا الإنجيل هتعرف إن دي وصية الله".
رحلة البابا الرعوية للولايات المتحدة التي تلقى فيها الكثير من الأسئلة عن أحوال الأقباط في مصر، كونها تأتي عقب حوادث كبيرة وأعمال عنف ضد الأقباط في الصعيد، إلا أنه أبدى تعجبه من سؤال عن تصاعد وتيرة أحداث العنف ضد الأقباط، قال: "عندنا في مصر 27 محافظة، وعندنا أكثر من6آلاف قرية، حصلت مشكلة في قرية أو اتنين، بس هي الأخبار تعبر الأطلنطي تتغير"، يرى البابا أن ما يصل إلى الخارج من أخبار عن أقباط مصر كلها مغلوطة ولا صحة لها.
موقف البابا من "المعارك" أو للدقة من النظام بات واضحًا، كما أن موقف الأقباط من بطريركهم يشهد تحولًا يمكن رصده من خلال عدة متغيرات تُشير إلى تراجع كبير في شعبيته، ولعل أداء قطاع معتبر من أقباط المهجر خلال زيارته الأخيرة خير دليل، بعد أن اعتادوا دعمه خلال السنوات الأخيرة، كان حشدهم هذا العام صعبًا ولم تتجاوز تجمعاتهم العشرات، بل استدعى الأمر من الكنيسة أن تُغريهم بوجود الساندوتشات والبيبسي ومجانية الأوتوبيس، فقط ليخرجوا في استقبال السيسي.
وظهر البابا تواضروس في فيديو آخر يتحدث فيه أحد أقباط المهجر داعيًا رواد الكنيسة إلى الحشد من أجل السيسي خاصة وأن البابا بنفسه موجود وقال: "عشان كده اهتمام البابا بزيارة الرئيس السيسي إحنا مطلعين أتوبيسات والبارك ببلاش.. فياريت المرة دي عشان قداسة البابا هنا يكون خروجنا أكبر وأقوى مرة لينا إننا نطلع نرحب بسيادة الرئيس.. وكل حاجة مجانًا".
وبدا واضحًا تكرار توجيه الأسئلة بخصوص الشأن السياسي خلال لقاءات البابا بأقباط المهجر في كنائس متعددة الأمر الذي أربكه بوضوح وتسبب في غضبه في أكثر من لقاء، وفي أحد اللقاءات عندما ألح الحضور على سماع إجابات وافية قال: "أقول بضمير صالح كما أني مطلع على حاجات كتير، ليست منشورة، مصر تتغير إلى الأفضل".
هدم وبناء
لم يكن البابا تواضروس محظوظًا بالأجواء التي جاء خلالها بطريركًا، حيث المناخ السياسي متوتر وصعب، ولم يختلف عنه الكنسي، مع رحيل رئيس عُمِّر في السلطة لثلاثين عامًا، رافقه توديع الأقباط بطريركًا ظل في مركزه أربعين عامًا، أرسى خلالها قوانين وقواعد أرثوذوكسية خاصة به، وكشفت أخيرًا الحوادث المتتالية عقب مقتل الأنبا أبيفانيوس رئيس دير الأنبا مقار عن الأزمات التي ترتبت على ما أرساه البابا شنودة.
مواقف البابا تواضروس الثاني طوال ما يقرب من ستة أعوام من جلوسه على كرسي مار مرقس يمكن فيها لمس سعيه إلى خوض معارك من أجل طبع بصمته الخاصة وإرساء أفكاره المناقضة ﻷفكار سلفه خاصة فيما يخص علاقة الكنيسة الأرثوذكسية بالكنائس الأخرى، وإن كانت هذه المساعي بالذات لا تلقى قبولًا لدى رجال الكنيسة حراس بوابة مقاطعة الكنائس الأخرى، القطيعة التي يتمسك بها قطاع عريض من الأقباط إيمانًا منهم بما أرساه البابا شنودة الثالث من كراهية لأبناء الطوائف الأخرى.
جاءت أولى خطوات البابا تواضروس على مسار إرساء علاقات بالكنائس الأخرى بمشاركته وإلقاء كلمة في مراسم تجليس بطريرك الأقباط الكاثوليك إبراهيم إسحق يوم 12 مارس 2013. وتأكيدًا على موقفه الواضح من ضرورة تقريب الكنيسة الأرثوذوكسية بالكنائس الأخرى، كانت أول حلقة له من برنامج "البابا وأسئلة الشعب" يوم 12 مايو 2014 المذاع على القنوات المسيحية بعنوان: "الوحدانية"، تحدث فيها عن كون الوحدة هي الأصل في الكنيسة، وضرورة العودة مرة أخرى إلى هذه الوحدة.
وبالرغم مما يتعرض له من انتقاد وهجوم، استمر البابا في سياسة الانفتاح على الكنائس الأخرى وخلال زيارته لدولة السويد في أكتوبر 2015، شارك في الصلاة في كنيسة السويد التي ترأسها أنتجي جاكلين، وتُلقب برئيس الأساقفة، وتنتمي كنيسة السويد إلى المذهب اللوثري، وهي أكبر كنيسة لوثرية في أوروبا وثالث أكبر كنيسة لوثرية على مستوى العالم.
هوجم البابا بسبب مشاركته تلك، فقال في أول ظهور له ردًّا على الهجوم: "كنيسة اختارت واحدة ست رئيسة أساقفة، همه أحرار في كنيستهم.. أنا حضرت الصلاة معاهم وأنا مش بفهم لغة السويد وملبستش لبس الخدمة".
ويبدو أن البابا لم يتأثر بالهجوم عليه بسبب زيارته تلك، وتأكيدًا على موقفه من كنيسة مارتن لوثر عاد واستقبل أنتجي جاكلين رئيس أساقفة كنيسة السويد في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية خلال زيارتها لمصر في نوفمبر 2016 والوفد المرافق لها.
الصراع بين أفكار وسياسة البابا تواضروس وشبح البابا شنودة لم يعد خفيًّا، خاصة كون أن الأخير تحول من بطريرك جلس على كرسي مار مرقس ورحل مثلما رحل 116 بطريركًا قبله، ليصبح هو بشخصه وأفكاره مذهبًا كنسيًّا داخل الكنيسة يعتنقه الكثيرون من أبناء الطائفة الأرثوذوكسية، والحياد عنه يعد خروجًا من الملة.
لا يأبه البابا تواضروس بالخروج عن ملة شنودة، وقال في حوار صحفي في 2016: "لا طلاق إلا لعلة الزنا، ليست آية، دي مقولة كتبها البابا شنودة في أحد المقالات"، تصريحه الهادئ أثار زوبعة مرة أخرى، لدى مُريدي البابا شنودة، خاصة أنه أوضح في الحوار ذاته أن قانون الأحوال الشخصية الذي تم تطبيقه طوال خمسة وثلاثين عامًا سبب الكثير من المتاعب للأقباط.
موقف البابا من قانون الأحوال الشخصية للأقباط هدفه تسهيل حياة الأقباط على حد قوله، وأوضح أن تحرير الأقباط في الشق المدني للطلاق بمعنى تغيير أوراقهم الثبوتية أمر مهم، وأما ما يتبعه فيما بعد من قرار بالتصديق من الكنيسة على الطلاق أو إعطاء تصاريح للزواج الثاني هو شأن كنسي بحت لن يكون لقانون الأحوال الشخصية تأثير عليه.
سياسة البابا الداخلية حجَّمت أيضًا جزءًا من سلطات بعض قيادات الحرس القديم وتسببت في غضبهم وشن الحرب عليه عقب كل قرار يتخذه في مسيرة العلاقات بالكنائس الأخرى، وظهر ذلك بوضوح عقب توقيع وثيقة مع نظيره بابا روما حول الاعتراف المتبادل بالمعمودية وما ترتب على التوقيع من غضب بين الأوساط القبطية بإيعاز من بعض الأساقفة، الأمر الذي دفع البابا إلى إنكار التوقيع موضحًا أنها مجرد وثيقة لاستمرار السعي في المباحثات.
ست سنوات على كرسي مار مرقس للبطريرك الـ 118 يمكن تلخيصها بأنه لم يعد خفيًّا انحيازه بشكل ما للسلطة منذ عام 2013، ويصعب تخمين هل تأييده المطلق يأتي بإرادته أو رغمًا عنه، إلا أنه تأييد أدى إلى تراجع شعبيته على المستوى الكنسي لما يفسره شريحة كبيرة من الأقباط بأنها مؤازرة للسلطة وتجنبًا للصدام على حساب الرعية حفاظًا على مصلحة البابا الشخصية وليس مصالح الأقباط.
البابا تواضروس الثاني لا تزال المقارنات بينه وبين البابا شنودة الثالث تلاحقه، وتزداد وتيرتها وحدتها عقب كل حادثة عنف ضد الأقباط، ويبدو أنها مقارنة أصبحت مزعجة بالنسبة إليه وفي أحد الحوارات الصحفية في مارس 2018، ردًّا على سؤال: هل واجه موقفًا تمنى فيه حضور البابا شنودة بجواره؟ قال: "لا لم يحدث، كل زمن له معطياته".