السياسات الدوائية فى نظام التأمين الصحى الشامل
فى تقارير وأدبيات منظمة الصحة العالمية ما يحفز الدول والحكومات على احترام وحماية الحق فى الصحة والإتاحة المتساوية فى الحصول على الدواء اللازم للعلاج لجميع المواطنين دون تمييز وتؤكد دائما أن عدم المساواة والتمييز فى الحصول على الأدوية الأساسية وخاصة للفئات الأكثر فقرا من التحديات الرئيسية للصحة العامة فى عصرنا الحالى.
ورصدت منظمة الصحة أيضا فى تقاريرها الدولية أن الأدوية الأساسية للأسف لا تتوافر بانتظام لقرابة مليارى فرد فى بلدان العالم وهو ما يعادل ثلثى السكان وخاصة فى البلدان الأقل دخلا من إفريقيا وآسيا.
وإن نموذج الأدوية الأساسية كما حددتها منظمة الصحة هى قائمة ﻻ يمكن اﻻستغناء عنها فى أى نظام صحى وهى تحدث باستمرار حيث وصل عددها فى آخر تحديث للمنظمة إلى قرابة 433 صنف دوائى فى يونيو من عام 2017 تغطى اﻻحتياجات الصحية الأساسية عالميا.
وإن إتاحة الأدوية الأساسية كحق من حقوق الإنسان وفى إطار عمل منظمة الصحة، والتى تشمل أربعة محاور تتمثل فى اﻻختيار الرشيد للدواء والأسعار الميسورة للمواطن والتمويل المستدام لها وتأسيس نظام صحى متكامل وأنظمة تمويل يمكن اﻻعتماد عليها.
وفى هذا الإطار العام عملت اللجنة القومية التى صاغت قانون التأمين الصحى الشامل على وضع أسس عامة داخل مواد القانون وسياسات خاصة بالدواء فى الإطار التأمينى الجديد تراعى ضرورة إتاحة الأدوية الأساسية واﻻستخدام الرشيد للدواء، الذى يعنى حصول المريض وفق النظام على الأدوية المناسبة لاحتياجاته السريرية بجرعات تحقق متطلباتهم الصحية ولفترة كافية من الوقت وبأقل تكلفة ومساهمة ممكنة فى ثمن الدواء ووفق الإرشادات اﻻكلينيكية للعمل والممارسة الطبية ومستويات الإحالة المحددة فى القانون واﻻتجاه اﻻستراتيجى لاستخدام اﻻسم العلمى للدواء فى وصفات طبية معتمدة.
وفى ندوة أخيرة دعت إليها شعبة الدواء فى اتحاد الغرف التجارية حضرها لفيف من الخبراء والصيادلة أثيرت تخوفات الصيادلة فى القطاع الخاص الصيدلى يمثلون قرابة أصحاب 72 ألف صيدلية خاصة حول علاقاتهم ودورهم فى هذا القانون الجديد للتأمين.
وقام الخبراء بتوضيح ملامح النظام الجديد باعتباره أداة الإصلاح الصحى الأساسية، وباعتباره نظام شامل يغطى تكافليا جميع المواطنين وأسرهم وإنه قانون إلزامى للجميع يقدم خدماته فى حالات المرض لكافة الأمراض وإصابات العمل بجميع مستويات الرعاية الصحية على أساس الاتاحة المتساوية والإنصاف، ويختص بحصر وقيد المواطنين المنخرطين فيه وتجميع الموارد وإدارتها فى صندوق لتوزيع مخاطر المرض، وشراء الخدمة عن طريق التعاقد مع جميع مقدمى الخدمة بما فيها الصيدليات العامة والخاصة ومصنعى الدواء وفقا لمعايير الجودة التى تصدر عن الهيئة العامة للرقابة واﻻعتماد. كما أوضحوا أن النظام الجديد سيقوم بتوفير وإتاحة العلاج لجميع الأمراض بخدمات ذات جودة من خلال شبكة معتمدة من مقدمى الخدمة ويقوم بتوفير وإتاحة الخدمات الدوائية حيث يتم صرف الدواء والعلاج الدوائى والكيميائى وغيره لكل ما تقدم داخل وخارج المستشفيات وعلى مدى المدة اللازمة للعلاج كما تقوم اللجان المتخصصة فى هيئة التأمين بتحديد المجموعات الدوائية أو الأصناف باﻻسم العلمى والتجارى طبقا لقوائم الدواء الأساسية والتكميلية وحسب تعريف منظمة الصحة العالمية ويتم صرف الدواء بكل مرحلة من مراحل تقديم الخدمة الصحية بناء على تذكرة طبية محررة ومعتمدة بالتوقيع والختم من الطبيب المعالج ويتم اﻻنتقال تدريجيا إلى الصرف الإلكترونى طبقا للتقدم فى استكمال قواعد البيانات فى الهيئة والجهات المتعاقدة معها كما يتم التعاقد مع الصيدليات الخاصة عند بداية التطبيق طبقا للبرنامج الزمنى لمراحل التطبيق وفقا للقانون المنظم لقطاع الصيدلة (سواء قانون 127 لسنة 1955 أو تعديلاته وملحقاته)
ومن ذلك فقد انتهت الندوة إلى تحديد أسس السياسات العامة الدوائية فى القانون فى الآتى:
السعى لتنظيم وتحسين كفاءة سوق الدواء القائم وإشراكها فى المنظومة الصحية المتكاملة الجديدة والسعى لترشيد استهلاك الدواء وفقا لقواعد الجودة والحد من عشوائية وعدم رشادة اﻻستهلاك (34% حجم الإنفاق على الدواء من الإنفاق الكلى الصحي) إلى جانب تشجيع صناعة الدواء الوطنية عبر آليات تسمح بالشراء المجمع للدواء وبكميات تتيح نمو القطاع الدوائى الوطنى وتشجع استخدام اﻻسم العلمى فى تداول الدواء تدريجيا والعمل على تطوير التشريعات المكملة لقانون التأمين الصحى الشامل الخاصة بتنظيم قطاع الدواء وممارسة مهنة الصيدلة ووضع معايير اعتماد لجميع المنشآت الخدمية الصحية بما فيها الصيدليات الخاصة وتوفير قاعدة بيانات ومعلومات حول جميع عناصر تسجيل وتسعير ورقابة الدواء وخطط اﻻستيراد والتصدير تتسم بالشفافية والتحديث بما يؤدى فى النهاية إلى بناء نظام صحى وطنى تأمينى متكامل تشارك فيه جميع الأطراف بما فيها قطاع الصيدلة الخاص والعام لضمان الحق فى الحصول على الدواء لجميع المواطنين دون تمييز كجزء ﻻ يتجزأ من الحق فى الصحة الذى أكد عليه الدستور المصرى الأخير.
تم نشر هذا المقال عبر موقع الشروق بتاريخ 21 اكتوبر 2018