فى فقه التأمين الصحى والإتاحة المتساوية والإنصاف
ﻻ يخلو بيت أو أسرة من التعرض لأزمات صحية تضع الأسرة فى دوامة مواجهة تكاليف العلاج التى تصاعدت فى العقود الأخيرة بوتيرة متسارعة بسبب استخدام تكنولوجيا طبية معقدة ومركبة فى الأدوية وخلافه من التدخلات الطبية الحديثة مثل نقل وزرع الأعضاء أو العلاج بالخلايا الجزعية أو التدخلات الجينية إلى آخره.
وهذا ما يدفع المرضى لهوة العوز الصحى والمالى ولم يعد أمام المجتمعات والدول من وسيلة لحماية الإنسان من عوز المرض سوى وجود أطر للحماية الاجتماعية والصحية تتمثل فى نظم التأمين الصحى بتطبيقاتها المتنوعة.
فى هذا السياق باتت قضايا التأمين الصحى المثارة الآن بين المواطنين حتى المقتدرين منهم قضية ﻻ تقبل التهاون أو التأجيل وتبرز إشكاليات ومفاهيم تستحق المناقشة المعمقة كالعدالة الاجتماعية فى الصحة رغم أنها كانت وما زالت مفاهيم جدلية تحتمل فى الاقتصاد تفسيرات مختلفة إلا أنها فى الصحة أكثر تحديدا حول مفهوم الوصول إلى خدمات الرعاية (Access) التى ينظر إليها كحق أصيل من حقوق الإنسان قد حددته العديد من الوثائق القانونية المحلية والدولية بجلاء.
وترتبط فكرة الوصول إلى الرعاية الصحية بالفرص المتساوية (Equal opportunities)، وهذا يثير حزمة من التساؤلات. كيف نحقق ونكفل هذه الفرص المتساوية فى قانون التأمين الصحى الشامل للحصول على الرعاية بآليات محددة كالفرص المتساوية للإتاحة والتى تعنى غياب أى تمييز سلبى ولكنها ليست مرادفا للمساواة المطلقة وهى تؤكد على أهمية الإنصاف (Equity) وتدعم التمييز الإيجابى لكبار السن والنساء والأطفال وذوى الاحتياجات الخاصة ويشير التضامن فى نظم التأمين بوصفه شرطا للقدرة المتساوية على الوصول إلى الرعاية الصحية إلى مفهوم العدالة الاجتماعية وتقتضى العدالة الاجتماعية ضمنا إعادة توزيع السلع والخدمات الصحية بشكل منصف ومع ذلك فهناك من يؤكد فى هذا الإطار أهمية تبرير حالات التمييز الإيجابى والتفاوت فى العلاج الطبى بناء على مبدأ الاختلاف الذى أشرنا إليه إذا كان هذا التباين أو الاختلاف مصمم لجلب منفعة أعظم فائدة للآخرين الأسوأ وضعا.
تم نشر هذا المقال عبر موقع الشروق الإلكتروني بتاريخ 17 يناير 2018