ﺿﺪ ﻣﻮﻧﺴﺎﻧﺘﻮ
ﺳﺘﺸﮫﺪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﺪن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻮم اﻟﺴﺒﺖ اﻟﻘﺎدم 25 ﻣﺎﻳﻮ ﻣﺴﯿﺮات ﺷﻌﺒﯿﺔ ﺿﺪ ﺷﺮﻛﺔ ﻣﻮﻧﺴﺎﻧﺘﻮ وھﻰ ﺷﺮﻛﺔ اﻟﺒﺬور واﻟﻜﯿﻤﺎوﻳﺎت اﻟﻌﻤﻼﻗﺔ واﻟﻤﺴﺌﻮﻟﺔ ﻋﻦ إﻧﺘﺎج اﻟﻐﺎﻟﺒﯿﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ ﻣﻦ اﻟﺒﺬور اﻟﻤﻌﺪﻟﺔ وراﺛﯿﺎ ﻛﻤﺎ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﻤﺘﻠﻚ ﺣﻖ اﻟﻤﻠﻜﯿﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻷﻋﺪاد ﻣﺘﺰاﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﺒﺬور اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ. وﻛﺎن اﻟﺴﺒﺐ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻹطﻼق ھﺬه اﻟﺪﻋﻮة واﻟﺘﻰ ﺑﺪأت ﻓﻰ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﯿﺔ ھﻮ ﻧﺠﺎح ﻣﻮﻧﺴﺎﻧﺘﻮ ﻣﺆﺧﺮا ﻓﻰ ﺗﻤﺮﻳﺮ ﻗﺎﻧﻮن ﻳﻤﻨﺤﮫﺎ ﺣﺼﺎﻧﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﯿﺔ ﺑﺤﯿﺚ أﺻﺒﺢ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻘﺎﺿﺎﺗﮫﺎ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺛﺒﺖ أن ﻣﻨﺘﺠﺎﺗﮫﺎ ﺗﺴﺒﺐ أﺿﺮارا ﺻﺤﯿﺔ وﺑﯿﺌﯿﺔ. أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻮﻧﺴﺎﻧﺘﻮ ﻓﻌﻠﯿﺎ ﺑﻔﻀﻞ ﻣﺎ أﺻﺒﺢ ﻳﺴﻤﻰ ﺑـ «ﻗﺎﻧﻮن ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻣﻮﻧﺴﺎﻧﺘﻮ» ﻓﻮق اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻷﻣﺮﻳﻜﻰ ﺑﻞ وﻓﻮق اﻟﺪوﻟﺔ.
ﻳﺤﺪث ھﺬا ﻓﻰ دوﻟﺔ ﻣﺴﺘﻘﺮة ﻟﺪﻳﮫﺎ ﻣﺆﺳﺴﺎت وآﻟﯿﺎت ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ وﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺪﻧﻰ ﻗﻮى ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻔﻌﻠﻪ ﺑﺪوﻟﺔ ﻣﺜﻞ ﻣﺼﺮ وﻓﻰ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺘﻰ ﻧﻌﯿﺸﮫﺎ ﺣﯿﺚ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻗﺎﻧﻮن وﻻ ﻣﺆﺳﺴﺎت وﻻ ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ وھﻰ ﻓﺘﺮة ذھﺒﯿﺔ ﻟﯿﺲ ﻓﻘﻂ ﻟﻠﺴﻠﺐ واﻟﻨﮫﺐ وإﻧﻤﺎ ﻟﻺﻧﺘﮫﺎﻛﺎت اﻟﻌﻤﯿﻘﺔ ﻟﺜﺮوات اﻟﺒﻼد وﺗﺮاﺛﮫﺎ وﻣﻮاردھﺎ اﻟﺜﻤﯿﻨﺔ ــ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻧﻨﺘﺒﻪ وﻧﺪﻓﻊ ﺗﻠﻚ اﻷﺧﻄﺎر ﺑﺄﻧﻔﺴﻨﺎ ﺳﻨﺨﺮج ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺑﺨﺴﺎﺋﺮ ﻻ ﺗﻌﻮض ﻣﻦ آﺛﺎرﻧﺎ وﺗﺮاﺛﻨﺎ اﻟﻌﻘﺎرى وأراﺿﯿﻨﺎ اﻟﺰراﻋﯿﺔ وﻣﻨﺎﺟﻤﻨﺎ وﻛﻨﻮز ﺑﺤﻮرﻧﺎ وﺳﻼﻣﺔ ﺑﯿﺌﺘﻨﺎ. وأﻓﻌﺎل ﻣﻮﻧﺴﺎﻧﺘﻮ ھﻰ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻨﻮع اﻟﺬى ﻳﺮﺗﺐ آﺛﺎرا داﺋﻤﺔ ﻻ رﺟﻌﺔ ﻓﯿﮫﺎ.
●●●
ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻮﻧﺴﺎﻧﺘﻮ ﻓﻰ ﻣﺼﺮ ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮة وﻧﺴﺘﮫﻠﻚ ﻧﺤﻦ ﻣﻨﺘﺠﮫﺎ ــ دون ﻋﻠﻤﻨﺎ وﻻ اﺳﺘﺸﺎرﺗﻨﺎ ــ ﻣﻦ اﻟﺬرة اﻟﻤﻌﺪﻟﺔ وراﺛﯿﺎ واﻟﺘﻰ ﺗﺰرع اﻵن ﻓﻰ ﻣﺼﺮ ﻣﻨﺬ 2008 وﺑﺎﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻢ ﺗﻨﺠﺢ ﺟﮫﻮد ﺟﻤﺎﻋﺎت ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﻤﺴﺘﮫﻠﻜﯿﻦ واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻤﻨﺎھﻀﺔ ﻟﻤﻮﻧﺴﺎﻧﺘﻮ ﻓﻰ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪةاﻷﻣﺮﻳﻜﯿﺔ ﻓﻰ إﺟﺒﺎر اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻋﻠﻰ وﺿﻊ إﺷﺎرة ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت ﺗﻔﯿﺪ ﺑﺎﺣﺘﻮاﺋﮫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﻮﻧﺎت ﻣﻌﺪﻟﺔ وراﺛﯿﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن ﻟﻠﻤﺴﺘﮫﻠﻚ ﺣﻖ اﻻﺧﺘﯿﺎر وذﻟﻚ رﻏﻢ وﺟﻮد وﻋﻰ ﻛﺒﯿﺮ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻘﻀﯿﺔ ورﻏﻢ ﻗﻮة اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻤﻨﺎھﻀﺔ ﻟﮫﺎ وﺧﻮﺿﮫﻢ ﻣﻌﺮﻛﺔ طﻮﻳﻠﺔ ﻟﻢ ﺗﻔﺾ إﻟﻰ ﺷﻰء ﺣﺘﻰ اﻵن ــ ﻓﺘﺨﯿﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻮاﺟﮫﻪ ﻧﺤﻦ إزاء ﻣﻄﻠﺐ ﻛﮫﺬا.
وﻗﺪ ﺗﺴﻠﻠﺖ إﻟﯿﻨﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت دون أن ﻧﻌﻠﻢ ﺷﯿﺌﺎ ودون أن ﻳﻜﻮن ھﻨﺎك ﻧﻘﺎش ﻳَُﻤﻜِﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ أن ﻳﺘﺨﺬ ﻗﺮاره ﻓﻰ ﺷﺄن ﺧﻄﯿﺮ ﻛﮫﺬا ــ ﻓﺪﺧﻮل اﻟﻤﺤﺎﺻﯿﻞ اﻟﻤﻌﺪﻟﺔ وراﺛﯿﺎ إﻟﻰ ﺑﻠﺪ ﻣﺎ ھﻮ ذﻟﻚ اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻘﺮارات اﻟﺘﻰ ﺗﺮﺗﺐ آﺛﺎرا داﺋﻤﺔ ﻻ رﺟﻌﺔ ﻓﯿﮫﺎ وﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺪارﻛﮫﺎ ﻻﺣﻘﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﯿﺌﺔ وﻋﻠﻰ ﻧﻤﻂ اﻟﺰراﻋﺔ. ھﺬا ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ان اﻟﻤﺤﺎﺻﯿﻞ اﻟﻤﻌﺪﻟﺔ وراﺛﯿﺎ ﺗﻤﺜﻞ ﺧﻄﺮا ﺷﺪﻳﺪا ﻋﻠﻰ اﻟﺴﯿﺎدة اﻟﻐﺬاﺋﯿﺔ ﺑﺘﮫﺪﻳﺪھﺎ ﻷﺻﻨﺎف اﻟﺒﺬور اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ وﻻﺳﺘﻘﻼﻟﯿﺔ اﻟﻤﺰارع اﻟﻤﺼﺮى ﺣﯿﺚ ﺗﺤﺘﻜﺮ اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻧﺘﺎج اﻟﺒﺬور وﺗﻤﺘﻠﻚ ﺣﻘﻮق اﻟﻤﻠﻜﯿﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻟﮫﺎ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻰ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻰ اﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء واﻟﻤﺤﺎﺻﯿﻞ اﻻﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺔ اﻷﺧﺮى. ﻓﻠﯿﺴﺖ اﻟﻌﺒﺮة أﺑﺪا ﺑﻜﻤﯿﺔ اﻟﻤﺤﺼﻮل وإﻧﻤﺎ ﺑﺎﻟﺠﮫﺔ اﻟﻤﺘﺤﻜﻤﺔ ﻓﻰ اﻻﻧﺘﺎج. واﻵن ﺣﯿﺚ ﺗﺤﺘﻞ ﻗﻀﯿﺔ اﻻﻛﺘﻔﺎء اﻟﺬاﺗﻰ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺢ ﺣﯿﺰا ﻛﺒﯿﺮا ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎش اﻟﻌﺎم أﺣﯿﻠﻜﻢ إﻟﻰ ﻣﻘﺎل واﺋﻞ ﺟﻤﺎل «ﻻ ﻧﺮﻳﺪ ذﻟﻚ اﻻﻛﺘﻔﺎء اﻟﺬاﺗﻰ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺢ» وھﻮ ﻣﻘﺎل ﻣﮫﻢ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻧﺸﺮ ﻓﻰ ﺟﺮﻳﺪة اﻟﺸﺮوق ﺑﺘﺎرﻳﺦ 5 أﻛﺘﻮﺑﺮ 2010 وﻗﺖ ﻣﺎ ﺑﺪأ ﻧﻈﺎم ﻣﺒﺎرك أﻳًﻀﺎ ﻳﺮﻓﻊ ھﺬا اﻟﺸﻌﺎر اﻟﺒﺮاق وﻳﺸﺮح واﺋﻞ ﺟﻤﺎل ﻛﯿﻒ أن ھﺬا اﻟﺸﻌﺎر ﻣﺮﺗﺒﻂ أﺳﺎﺳﺎ ﺑﺨﻄﻂ ﺗﺮوﻳﺞ اﻟﻤﺤﺎﺻﯿﻞ اﻟﻤﻌﺪﻟﺔ وراﺛﯿﺎ وﻧﻜﻮن ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﺳﻠﻤﻨﺎ ﻣﻘﺎدﻳﺮ إﻧﺘﺎج اﻟﻐﺬاء إﻟﻰ اﻟﻤﺤﺘﻜﺮﻳﻦ وﺳﻠﻤﻨﺎ زراﻋﺘﻨﺎ وﺑﯿﺌﺘﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺠﮫﻮل ﻓﻰ أﻓﻀﻞ اﻟﺤﺎﻻت.
ھﺬا إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ اﻟﻤﺘﺰاﻳﺪة اﻟﺘﻰ ﺗﺤﺬر ﻣﻦ اﻟﺨﻄﻮرة اﻟﺼﺤﯿﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻤﺤﺎﺻﯿﻞ واﻟﺘﻰ ﺗﺒﻘﻰ آﺛﺎرھﺎ طﻮﻳﻠﺔ اﻟﻤﺪى ﻏﯿﺮ ﻣﻌﺮوﻓﺔ وإن دﻟﺖ اﻟﻤﺆﺷﺮات ﻋﻠﻰ اﺣﺘﻤﺎﻻت ﻗﻮﻳﺔ ﻵﺛﺎر وﺧﯿﻤﺔ ﺳﺘﺘﻀﺢ ﻻﺣﻘﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻮات اﻵوان إن ﻟﻢ ﻧﺘﺤﺮك اﻵن.
●●●
ﺳﺘﺸﺎرك ﻣﺼﺮ أﻳﻀﺎ ﺑﻤﺴﯿﺮة ﺿﺪ ﻣﻮﻧﺴﺎﻧﺘﻮ ﻳﻮم 25 ﻣﺎﻳﻮ ــ وإذا ﻛﺎن اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻤﻈﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻰ ﺳﻄﻮة اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﻌﻤﻼﻗﺔ اﻟﻌﺎﺑﺮة ﻟﻠﺤﺪود اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻓﺈن ﻣﻮاﺟﮫﺘﮫﺎ ﺗﺴﺘﻠﺰم ﺣﺮﻛﺎت ﺷﻌﺒﯿﺔ ﻋﺎﻟﻤﯿﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺑﯿﻦ اﻟﺸﻌﻮب و ھﻮ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻤﺸﺮق ﻣﻦ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ.
ﺑﺎﺣﺜﺔ مصرية
منشور بجريدة الشروق بتاريخ 19 مايو 2013