تقف الأوضاع المزرية للسجون المصرية في تناقض صارخ مع الضمانات الدستورية التي تنص على حق السجناء في المعاملة الكريمة، وما أعلنت عنه وزارة الداخلية من احترام لحقوق الإنسان. إن السجون المصرية، على جميع الأصعدة، تقصر دون التزاماتها الدستورية والدولية وتخفق في إعادة تأهيل السجناء ومعاونتهم على الاندماج في المجتمع من جديد. وتدور شكاوى السجناء حول ظروف المعيشة المتسمة بالقذارة و الاكتظاظ، ونقص ما يتم توزيعه من ماء وطعام من حيث الكم والكيف ونقص أو انعدام الوصول إلى الهواء الطلق وأية أنشطة ترفيهية أو تعليمية، وتقييد حقوق الزيارة والتواصل مع العالم الخارجي.
كما أن تردي الخدمات الطبية أو انعدامها في بعض الأحيان قد أثار بواعث قلق متكررة، كما يتضح من التصاعد في حالات الوفاة التي كان يمكن منعها وسط النزلاء بسبب الإهمال الطبي أو ظروف المعيشة غير الصحية. ويظل التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة بأيدي الضباط والمرشدين مثار قلق كبير.
فمع أن السجناء اشتكوا في معظم الحالات التي وثقتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية من التعذيب البدني في فترة الاحتجاز المبدئي أو عند الوصول إلى السجن، فيما يطلق عليه "حفلة الاستقبال" المتمثلة في الضرب بالعصي وغيرها من الأدوات، أو الإرغام على الزحف على الأرض، فإن العديد من حوادث التعذيب البدني الأخرى في السجون قد تم توثيقها. وتتواصل عمليات الاعتداء بالضرب والجلد والحبس الانفرادي المطول في زنازين مظلمة.
وقد ترقى ظروف الاحتجاز المروعة بذاتها في بعض الحالات إلى مصاف التعذيب. أما ظروف السجناء المعيشية ووصولهم إلى الاحتياجات الضرورية، بل والمعاملة، فهي تتوقف إلى حد بعيد على قدرتهم على الدفع، فيتحمل ذوو الدخول المتواضعة أشد المعاناة.
تنشر المبادرة المصرية على مدار الشهور القادمة حلقات بعنوان "تشريعات السجون المصرية"التي تشمل الحديث عما جاء بالتشريعات المصرية وما تم إدخاله عليها من تعديلات منذ عام 1956 وحتي تاريخه عن أنواع السجون وتصنيف المسجونين وإمساك الدفاتر بها وتقسيم المسجونين ومعاملتهم ومعاملة المحبوسين احتياطيا ومعاملة النساء السجينات وقبول المسجونين وتشغيل المسجونين وأجورهم و تثقيف المسجونين و حياتهم الدينية و الرعاية الصحية وعلاج المسجونين و الزيارة والمراسلة والاتصال بالعالم الخارجي والتأديب والعقاب داخل السجون المصرية ولإفراج عن المسجونين والإفراج تحت شرط و الإدماج في المجتمع والمحكوم عليهم بالإعدام والإدارة والنظام والتفتيش والإشراف القضائي مع مقارنة كل ما سبق بما جاء بالمبادئ النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء "قواعد نيلسون مانديلا" . ويُختتم كل فصل بسلسلة من التوصيات لتعديل الإطار القانوني المصري بحيث يساهم في ضمان حقوق السجناء وحمايتهم من الانتهاكات.