بعد ثلاثة أيام من العنف الوحشي ضد المتظاهرين: منظمات حقوقية مصرية تطالب بتقديم قيادات الداخلية والشرطة العسكرية إلى المحاكمة الجنائية

بيان صحفي

22 نوفمبر 2011

قائمة المسئولين تضم العيسوي وسيدهم وبدين والرويني وآخرين... استقالة الحكومة واعترافها بالمسئولية السياسية لن يعفي المتهمين من مسئوليتهم الجنائية عن قتل وإصابة المئات

قالت خمس منظمات حقوقية مصرية إن الاعتداءات الوحشية التي قامت بها قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية وقوات الشرطة العسكرية الخاضعة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة على مدى الأيام الثلاثة الماضية ضد المعتصمين في القاهرة والإسكندرية والسويس والإسماعيلية وأسيوط وبضع مدن أخرى تشكل جرائم جنائية لن تسقط بالتقادم وتوجب تقديم مرتكبيها والمحرضين عليها إلى المحاكمة الجنائية.

وتعهدت المنظمات الخمس ـ وهي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومركز هشام مبارك للقانون ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ـ بمواصلة العمل على تحديد قائمة المسئولين المدنيين والعسكريين المتورطين في قتل المتظاهرين أو فقأ أعينهم أو تكسير عظامهم وجماجمهم على النحو الذي قامت المنظمات ووسائل الإعلام بمتابعته وتوثيقه على مدى الأيام الماضية.

وذكرت المنظمات أن قائمة المسئولين الذين تعتزم مقاضاتهم تضم حتى الآن كلا من اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية، واللواء سامي سيدهم مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن، واللواء عماد الدين الوكيل مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن المركزي، واللواء حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية، واللواء حسن الرويني قائد المنطقة المركزية العسكرية، فضلاً عن مسئولين مدنيين وعسكريين آخرين في عدد من المدن الأخرى التي شهدت جرائم جنائية مماثلة ضد المتظاهرين.       

وأكدت المنظمات أن عدم تقديم المسئولين عن هذه الجرائم إلى المحاكمة بشكل عاجل سيعد دليلا على أن النظام القضائي المصري غير قادر أو غير راغب في تحقيق العدالة، وهو ما يفتح الباب لمقاضاة هؤلاء المسئولين أمام القضاء الدولي عن كافة الجرائم التي ارتكبوها دون أن يحاسبوا عليها. 

واستنكرت المنظمات التصريحات الكاذبة التي أدلى بها مسئولون عسكريون لوسائل الإعلام أمس، والتي زعموا فيها أن دور الشرطة العسكرية قد اقتصر على تأمين مبنى وزارة الداخلية دون التعرض للمتظاهرين. وأكدت المنظمات أن مندوبيها شاهدوا بأنفسهم قوات الشرطة العسكرية وهي تقتحم الميدان في حوالي الساعة الخامسة من يوم الأحد 20 نوفمبر وتعتدي على المتظاهرين بوحشية باستخدام الهراوات قبل أن تقوم بإشعال النيران في خيام ومتعلقات المعتصمين وعدد من الدراجات النارية. كما تبين مقاطع فيديو بثها كل من موقع المصري اليوم وقناة الجزيرة مباشر مصر هجوم أفراد الشرطة العسكرية والمدنية على متظاهرين عزل من ثلاث نواح للميدان، مستخدمين المدرعات والقنابل المسيلة للدموع والعصي، وتظهر ضرب متظاهرين عدة مرات على رؤوسهم بعد ما طرحوا أرضا بالعصي وأقدام العساكر، حتى بعد أن توقف المتظاهرون تماما عن الحركة.

وأضافت المنظمات الحقوقية المصرية أن مندوبيها بدءوا في جمع الأدلة والشهادات، فضلا عن مشاهداتهم المباشرة منذ بدء الاعتداءات والعنف المفرط ظهر يوم السبت 19 نوفمبر، وأن الأدلة والتحقيقات تشير حتى الآن إلى استهداف واضح من قبل الجهات الأمنية للمتظاهرين بهدف إيقاع وفيات أو إصابات جسيمة بينهم عبر إطلاق الذخيرة الحية ورصاص الخرطوش والضرب المبرح والسحل والقذف بالحجارة، فضلاً عن الاستخدام المفرط لقنابل الغاز المسيل للدموع وحرق خيام ومتعلقات أخرى تتبع المعتصمين.

وأكدت المنظمات أن تحقيقاتها المستقلة تشير حتى الآن إلى نمط متشابه من الاستخدام المفرط للعنف المتعمد الذي أوقع حتى الآن ما يقرب من 40 قتيلا من بين المتظاهرين فضلا عن أكثر من ألفي مصاب. وأشارت إلى المعلومات الواردة من مصلحة الطب الشرعي التابعة لوزارة العدل، والتي أفادت بأن المصلحة استقبلت حتى الآن 22 جثة من مستشفيات قصر العيني والدمرداش وأحمد ماهر والهلال وأنها استخرجت 25 رصاصة من أجساد بعض الضحايا وأن أغلب الرصاصات القاتلة استقرت في الجزء العلوي من أجساد الضحايا، وهو ما يتوافق مع ما أكده الأطباء المتطوعون في المستشفى الميداني في التحرير وشهود العيان في المدن الأخرى، فضلا عن البلاغ الذي قدمه اليوم مجلس نقابة الصحفيين إلى النائب العام والذي يؤكد تعمد الاعتداء على الصحفيين وإصابتهم إصابات خطيرة.

ورغم توافر أدلة قاطعة تشير إلى إفراط قوات الأمن في استخدام العنف في التعامل مع المظاهرات، فقد جاءت ردود الأفعال من قبل الحكومة والمجلس العسكري والإعلام الرسمي منذ السبت وحتى مساء الاثنين مجافية للحقيقة ومؤيدة لهذا العنف الوحشي. وتضمنت بيانات وزارة الداخلية كذبا صريحا تضمن إنكار إطلاق قواتها لأعيرة نارية أو مطاطية أو خرطوش من الأصل. وألقت البيانات الرسمية المختلفة باللوم على المتظاهرين دون أي اعتراف بمسئولية وزارة الداخلية والحكومة الانتقالية عما جرى. وكالعادة تبنى الإعلام الرسمي لغة تحريضية ضد من وصفهم مقدمو البرامج بـ "مثيري الشغب" وجاءت تعليقات أغلب برامج التلفزيون الرسمي يوم السبت لتدعم عمليات السحق والسحل تحت مسمى "استعادة هيبة الدولة". بل وصل الأمر إلى أن يعلن مجلس الوزراء يوم الأحد أنه يدعم وزارة الداخلية دعماً كاملاً!.

وشددت المنظمات على أن تقديم حكومة شرف لاستقالتها بعد ثلاثة أيام من العنف الوحشي، أو إعلانها عن تحمل ما أسمته "المسئولية السياسية" للأحداث، أو إعراب المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن "أسفه" بشأن الاعتداءات، كلها إجراءات لا تغير من الطبيعة الجنائية للجرائم التي ارتكبتها قوات الأمن المدنية والعسكرية. وأن أي خطوات تهدف إلى حل سياسي لن تكون كافية ما لم تصحبها إجراءات فورية لمحاسبة المجرمين جنائيا وتحقيق العدالة للضحايا، وإطلاق عملية شاملة لتطهير وإعادة هيكلة وزارة الداخلية، وفتح تحقيقات قضائية مستقلة في كافة الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها عناصر الشرطة المدنية والعسكرية منذ فبراير الماضي، فضلا عن تغيير كافة المسئولين عن الإعلام الرسمي وضمان التزامه بأقصى معايير المهنية والحياد.

المنظمات الحقوقية: المبادرة المصرية للحقوق الشخصية – مركز هشام مبارك للقانون – مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان – مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف – الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.