محكمة النقض ترفض طعن كيرلس ناشد.. وتنزع عن مطران المنوفية صفة المُكَلّف بخدمة عامة 

بيان صحفي

1 June 2025

قضت محكمة النقض، اليوم، الأول من يونيو، برفض الطعن رقم 8468 لسنة 94 قضائية، المُقَدم من كيرلس رفعت ناشد، ضد الحكم الصادر من محكمة جنح اقتصادية طنطا، في 6 فبراير 2024، بحبسه ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ وغرامة 100 ألف جنيه، وأداء تعويض مدني مؤقت قدره 20 ألف جنيه. وهو الحكم الذي أيدته محكمة جنح مستأنف طنطا، في 21 أبريل 2024. وجاء الحكم من دائرة الأحد "و" بمحكمة النقض في الجلسة المنعقدة بدار القضاء العالي.

وصدر الحكم ضد "ناشد" المدرس المساعد بكلية الهندسة الإلكترونية بجامعة المنوفية، على خلفية بلاغ قدمه ضده الأنبا بنيامين مطران المنوفية، بعد مناقشات دينية جمعت المدرس الجامعي وكهنة كنيسة الشهيد مار جرجس بمدينة منوف. 

ووجهَت النيابة العامة إلى ناشد ست تهم بناء على بلاغ المطران. وتمت تبرئته، في حكم الدرجة الأولى، من تهمتي ازدراء أحد الأديان السماوية (الدين المسيحي) وإنشاء وإدارة حساب على تطبيق فيس بوك بهدف ارتكاب الجرائم محل الاتهامات، في حين صدر بحقه الحكم في التهم الأربعة المتبقية، وهي: سب وقذف المجني عليه بطريق التليفون، والاعتداء على المباديء والقيم الأسرية في المجتمع المصري، وانتهاك حرمة الحياة الخاصة للأنبا بنيامين مطران المنوفية، وتعمُّد إزعاجه بإساءة استعمال أجهزة الاتصال.

ودفع محامو المبادرة أعضاء هيئة الدفاع عن ناشد، ببطلان الحكم الصادر ضده لعدة أسباب من أهمها صدور الحكم من محكمة "الجنح" غير المختصة نوعيًا بجرائم النشر المرتكبة ضد "غير آحاد الناس"، والتي تختص بنظرها محاكم الجنايات وفقًا للمواد 214 و 215 و 216 من قانون الإجراءات الجنائية.

بناءً على أحكام النقض السابقة، فالمقصود بعبارة "غير آحاد الناس" هم الموظفين العموميين والمكلفين بخدمة عامة وأصحاب الصفة النيابية، ويُعتَبَر أي شخص يقوم بخدمة عامة لصالح المجتمع مُكلفًا بخدمة عامة، طالما كُلِف بالعمل لحساب الدولة أو شخص معنوي عام، وعُهِدَت إليه سلطة مختصة بموجب هذا التكليف، وحتى لو لم يكن موظفًا أو مأمورًا. ولذلك، فإن الأنبا بنيامين، مطران المنوفية، صاحب الدعوى، في حكم الموظف العام وفي عِداد المكلفين بخدمة عامة.

وتُعتَبر طائفة الأقباط الأورثوذكس شخصية اعتبارية؛ فبإصادر الأمر العالي، في 14 مايو 1883، اعترف المشرع بطائفة الأقباط الأورثوذكس واعتبر البطريرك نائبًا ومعبرًا عن إرادتها، وهو ما يمنحها صفة الشخصية الاعتبارية وفقًا للمادتين 52 و53 من القانون المدني. كما أقرت المحكمة الإدارية العُليا بأن "بطريركية الأقباط الأورثوذكس، وما يتفرع عنها من هيئات إدارية، تُعتَبَر شخصًا من أشخاص القانون العام، وهي تقوم على رعاية المرافق الدينية التابعة لها مستعينةً في ذلك بقسط من اختصاصات السلطات العامة، وليس هناك ما يحول دون اعتبار قراراتها إدارية". 

وتمسك الدفاع بتوافر أسباب النقد المباح (التي تُبيح نقد المواطنين لأعمال موظف عام  أو من في حكمه) فيما صدر من كيرلس رفعت ناشد، وهي الأسباب التي حددها قانون العقوبات في الفقرة الثانية من مادته الـ 302، وهي: أن يكون النقد بسلامة نية، وألا يتعدى أعمال الخدمة العامة التي يقوم بها الموظف العام أو من في حكمه، وأن يثبت المتهم حقيقة كل فعل أسنده إلى المجني عليه لسلطة التحقيق أو المحكمة. وعند تحقق هذه الشروط، لا يُجَرَم ما صدر عن المواطن من نقد فيما يتعلق بأعمال  الموظف العام أو من فى حكمه. 

مع أخذ ما سبق في الاعتبار، إضافةً إلى نص المادة 65 من الدستور المصري، التي تفيد بأن لكل إنسان حق التعبير عن رأيه بأي وسيلة من وسائل التعبير والنشر، وحكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 42 لسنة 16 ق دستورية، والذي ورد فيه "أن الحق في النقد يعتَبَر إسهامًا مباشرًا في صون الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وضرورة لازمة للسلوك المنضبط في الدول الديمقراطية (...) والحق في الحوار العام هو حق يجب أن يكون مكفولًا لكل مواطن وعلى قدم المساواة الكاملة"، فقد دفع محامو المبادرة المصرية بأن ما صدر من ناشد، تحت بند الاتهام بقذف وسب الأنبا بنيامين، كان في إطار النقد المباح، ومن ثَم وجب إسقاط العقوبة المبنية عليه، حيثُ إنه مارس أحد حقوقه المُباحة قانونًا. 

وبينما أقرت نيابة النقض، فى مذكرتها المقدمة بالطعن، بإباحة نقد الموظف العام أو من في حكمه، فإنها استندت إلى القانون المعني بإنشاء هيئة الأوقاف القبطية الأورثوذكسية، لنزع صفة الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة عن الأنبا بنيامين، إذ لم يُذكر اسمه في قرار رئيس الجمهورية رقم 198 لسنة 2019 بأسماء أعضاء مجلس إدارة أوقاف الأقباط الأرثوذكس. ولكن القرار الذي استندت إليه نيابة النقض يقتصر على أعضاء إدارة الأوقاف القبطية فقط، ولا يشمل كافة شؤون الطائفة القبطية الأورثوذكسية. بالإضافة لذلك، حاجَّت النيابة بعدم توافر شروط إباحة نقد الموظف العام، أومن في حكمه، فيما صدر من ناشد بحق الأنبا بنيامين.

وأخيرًا، دفع محامو المبادرة أعضاء هيئة الدفاع عن ناشد، بأن الحكم الصادر ضد ناشد لم يتضمن ما استندت إليه المحكمة كأركان لتحقق جريمة انتهاك الحياة الخاصة، وهي الجريمة التي ليس لها تعريف واضح يحدد ما يُعّد انتهاكًا للخصوصية، بموجب المادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.