سؤال وجواب حول خلفية وتفاصيل النزاع القضائي بشأن ملكية دير سانت كاترين ومحيطه

بيان صحفي

23 June 2025

متى وكيف نشأت الحياة الرهبانية في سيناء وتأسس دير سانت كاترين؟

بدأ تاريخ الرهبنة في سيناء في القرن الثالث الميلادي، إذ تمركز الرهبان الأوائل فيما يعتقد أنه موقع شجرة العليقة التي تحدث منها الله إلى النبي موسى، وتظهر آثار الكنائس والقلايات التي أقاموا فيها (القلاية مكان سكن الراهب) في أنحاء جنوب سيناء. 

في القرن السادس الميلادي، بين سنتي 527 و565 ميلادية، أمر الإمبراطور يوستينيانوس ببناء كنيسة ضخمة لرهبان سيناء، وأحاط هذه الكنيسة والكنائس والمباني الأخرى الموجودة قبل القرن السادس بأسوار عالية، كما أمر بإرسال جنود لبناء الكنيسة والحصن، على أن تستمر إقامتهم في المنطقة لحمايتها. كل المباني والكنائس الموجودة داخل الحصن صارت فيما بعد دير سانت كاترين. ويُقدَّر أنه بحلول القرن السابع الميلادي، كان حوالي ستمائة راهب يعيشون في منطقة سيناء.


إلى أي كنيسة ينتمي دير سانت كاترين؟

يتبع دير سانت كاترين أبرشية الروم الأورثوذكس المستقلة بسيناء، التي تربطها علاقة تاريخية بكنيسة الروم الأورثوذكس باليونان، كما تربطها علاقة روحية بكنيسة الروم الأورثوذكس بالقدس، فبعدما ينتخب رهبان الدير مُطرانهم، وهو نفسه مطران أبرشية الروم الأورثوذكس بسيناء، يقوم بطريرك القدس بتكريسه (أي إقامة الشعائر الدينية المرتبطة بتوليه هذا الدور). 

ومنذ نشأتها، كانت أبرشية سيناء للروم الأورثوكس تابعة لبطريركية القسطنطينية، حتى حصلت على طوموس (قرار) استقلالها في عام 1575، ومن حينها حتى الآن ظلت أبرشية سيناء للروم الأورثوذكس كنيسة أورثوذكسية مستقلة. 


متى أدرجت منطقة سانت كاترين في قائمة التراث العالمي باليونسكو؟

في عام 1998، تقدمت وزارة الثقافة بطلب إدراج دير سانت كاترين وجبل موسى على قائمة التراث العالمي باليونسكو. تزامن ذلك مع إعداد مصر خطة للتنمية المستدامة لمدينة سانت كاترين في العام نفسه. تقدمت بها إلى اليونسكو التي أوصت بتنفيذها بعد مراجعتها.

وعندما زارت لجنة التراث العالمي سانت كاترين، اقترحت ضم رقعة أوسع من المناطق المحيطة بالدير، والتي ستُسمى فيما بعد بمنطقة سانت كاترين، لما فيها من منظومات بيئية خاصة ونادرة.

وبالفعل، تقدمت مصر في عام 2002 بطلب لإدراج منطقة سانت كاترين -المعينة في طلب اليونسكو- لقائمة التراث العالمي، والتي تُقَدَر مساحتها بحوالي 60,100 هكتارًا.
 

ما هو مشروع التجلي الأعظم؟

هو مشروع أطلقته الحكومة المصرية في نوفمبر 2021، ويهدف إلى تسويق مدينة سانت كاترين عالميًا كوجهة للسياحة الروحانية، باعتبارها ملتقى للديانات الإبراهيمية الثلاثة. ويشمل المشروع بناء فندق بجوار الجبل ومنتجع بيئي لتوفير 366 غرفة، وحوالي 1500 شاليه وفيلا، وقاعة مؤتمرات وقاعة احتفالات، ومسرح ومتحف، وتشييد مناطق سكنية وسياحية جديدة، وتطوير المناطق القديمة، وتحسين الطرق ومخرات السيول، وغيرها. وكان من المفترض إنهاء تنفيذ المشروع بنهاية عام 2022.


متى ومِمَن أُقيمت الدعوى ضد مُطران دير سانت كاترين؟ 

بدأ النزاع القانوني في 30 نوفمبر 2014، حينما وجه الممثل القانونى لمحافظة جنوب سيناء، والممثل القانوني للوحدة المحلية لمدينة سانت كاترين، إنذارًا إلى ديمترى ساماتريس دميانوس، مُطران دير سانت كاترين. ثم لجأ المسؤولان الحكوميان إلى المحكمة وأقاما دعوى مدنية بطلبات عُدِلَت مرتين من خلال تصحيح شكل الدعوى. 


 ما الطلبات التي تقدمت بها محافظة جنوب سيناء ومعها الوحدة المحلية لمدينة سانت كاترين في دعواهما الأساسية؟ 

1 - طرد مطران دير سانت كاترين، بشخصه وليس بصفته، من 29 قطعة أرض تمثل المواقع ذات الطابع الديني.

2 - الحكم باستبقاء المباني والمنشآت المقامة على هذه الأراضي، مقابل قيمتها مستحقة الهدم.

3 - إلزام مطران دير سانت كاترين بدفع مبلغ خمسة ملايين جنيه تعويضًا عن التعدي على هذه الأراضي مما أدى إلى تعطيل حق الجهتين المدعيتين في الانتفاع بها. 


 لماذا وكيف صححت الجهتان المدعيتان شكل الدعوى؟

 

 صُحِح شكل الدعوى للمرة الأولى بغرض تعديل الطلبات وإضافة طلبات أخرى وإدخال خصوم جُدُد في الدعوى. والهدف من ذلك هو ضمان قبول الدعوى لرفعها من ذى صفة؛ حيثُ تخضع الأراضي المُتنازع عليها لولاية وزارة الآثار ورئيس مجلس إدارة جهاز شؤون البيئة، لكون منطقة سانت كاترين محمية طبيعية.
 

خلال هذا التصحيح، قام المدعيان بـ: 

  • إضافة طلب بطرد مُطران دير سانت كاترين من 42 قطعة أرض أخرى، ليصبح مجموع قطع الأراضي التي تطالب الدعوى بسحبها 71 قطعة.

  • إضافة طلب الحكم بعدم أحقية المطران بصفته بمطالبة المدعيين بقيمة المنشآت أو الغراس أو المزروعات أو المطالبة بالتعويض. 

  • إضافة طلب بإلزام مطران دير سانت كاترين، بصفته، بدفع تعويض قيمته 10 ملايين جنيه عن حرمان المدعيين الأصليين (المحافظة والوحدة المحلية) من الانتفاع بتلك الأراضي.

  • اختصام مطران دير سانت كاترين بصفته وليس بشخصه.

  • طلب إدخال وزير الآثار بصفته رئيسًا للمجلس الأعلى للآثار، ورئيس مجلس إدارة جهاز شؤون البيئة بصفته، كخصمين منضميْن للمدعين.

  • تصحيح أخطاء وردت في أرقام الأراضي الـ29 المُقَدَمة في الدعوى الأساسية.

وفي 11 أغسطس 2020، صٌحِح شكل الدعوى للمرة الثانية، وذلك من خلال تضمين حدود ومواصفات قطع الأراضي محل النزاع. 


هل حدثت تغييرات أثناء نظر الدعوى؟ 

 

أدخل المدعيان كلاً من رئيس هيئة المساحة ومدير هيئة المساحة إلى قائمة الادعاء كخصمين منضميْن للمدعين. وتدخل مؤسس جبهة الدفاع عن جنوب سيناء اللواء أحمد رجائي هجوميًا في الدعوى، مطالبًا المدعيين بتنفيذ قرارات الإزالة الصادرة ضد مطران دير سانت كاترين. أما المُطران، فقد طالب في مذكرة دفاعه أثناء نظر الدعوى باكتساب ملكية الأراضي التي في حوزته بالتقادم المُكسِب للملكية. جدير بالذكر أن رجائي لواء جيش سابق ومن أوائل من شنوا هجومًا إعلاميًا على الدير اتهمه، بالسيطرة على مساحات كبيرة من أراضي مدينة سانت كاترين وحرمان الأهالي من الاستفادة منها والدخول إليها.


متى صدر حكم أول درجة؟ وما مضمونه؟ 

 

صدر حكم أول درجة من محكمة جنوب سيناء، في الدعوى رقم 24 لسنة 2015 مدني كلي شرم الشيخ، في 30 مايو 2020. وقضى الحكم بالتالي: 

  • رفض تدخل أحمد رجائي الهجومي موضوعًا. 

  • طرد مُطران دير سانت كاترين من قطع الأراضي الـ 29 المبينة بتقرير الخبير، وتسليمها بما عليها من منشآت، واعتبار المنشآت تعويضًا عن عدم الانتفاع بالأراضي المحددة من تاريخ "الغصب" حتى تاريخ الحكم. 

  • رفض أية طلبات أخرى، حيثُ لم يُحدِد المدعون بدقة أماكن الـ 42 قطعة أرض التي أضافوها في تصحيح شكل الدعوى للمرة الثانية، فلم يتمكن الخبير الذي أعد التقرير للمحكمة من معاينتها.

كما ورد في حيثيات الحكم، أن الأراضي الـ 29 محل الحكم من أملاك الدولة، يخضع بعضها لولاية وزارة الآثار بينما يخضع البعض الآخر لولاية وزارة البيئة، ولذلك لم يُقبَل طلب ضم كل من رئيس هيئة المساحة ومدير هيئة المساحة إلى الدعوى. 


من استأنف على هذا الحكم؟ وما أسباب استئناف كل طرف؟

 

لم يرضِ الحكم أيًا من المدعيين أو المدعى عليه (الدير)، فتقدم كل من الطرفين باستئنافه وطلباته الخاصة. قدم المدعيان –محافظ جنوب سيناء والوحدة المحلية – الاستئناف رقم 226 لسنة 32 قضائية، وانضم كلٌ من وزير الآثار ورئيس مجلس إدارة جهاز شؤون البيئة إلى المدعيين في هذا الاستئناف، بينما قدم المدعى عليه –مطران دير سانت كاترين– الاستئناف رقم 228 لسنة 32 قضائية.

 استأنف المدعون لعدم قبول طلباتهم المتعلقة بطرد مُطران دير سانت كاترين من باقي الأراضي محل النزاع وعددها 42 قطعة، فضلًا عن عدم الحكم بتعويضهم بمبلغ 10 ملايين جنيه وهو أحد مطالبهم في دعواهم الأولى. بينما استأنف مُطران الدير لرفض طلبه المتعلق بالحكم بثبوت ملكية الدير والأراضي التي بحيازته، ورفضه الحُكم بطرده من 29 قطعة أرض من أصل الـ 71 قطعة محل النزاع. 


متى صدر حكم الاستئناف؟

 

صدر الحكم من محكمة استئناف الإسماعيلية في الدعويين رقم 226 و228 لسنة 32 قضائية، طعنًا على الحكم رقم 24 لسنة 2015، مدني كلي شرم الشيخ، في 28 مايو 2025.


كيف صنفت المحكمة الأراضي محلّ النزاع في حيثيات حكمها؟

 

 صنفت المحكمة الـ 71 قطعة أرض محلّ النزاع في أربعة أقسام: 

  • القسم الأول: أراضٍ لم يثبُت أنها في حيازة مطران دير سانت كاترين. 

  • القسم الثاني: أراضِ ذات طابع ديني، من أملاك الدولة، وحيازة المُطران لها إنما هي بالإنابة عن رئيس الجمهورية. 

  • القسم الثالث: أراضٍ مُحَرَر عنها عقود بيع ابتدائية بين مطران الدير ومحافظ جنوب سيناء منذ 2004. 

  • القسم الرابع: الأراضي التي سيطرد منها مُطران الدير، وتوجد ببعضها أماكن ذات طابع ديني، مثل القلايات (غرف الرهبان). ووفقًا لتعريف الحُكم لـ"الحيازة الدينية" في حيثياته، فقد فصل الحكم الأماكن ذات الطابع الديني عن غيرها. 


ما هي "الحيازة الدينية"؟

 

"الحيازة الدينية" مصطلح ومفهوم قانوني جاء به الحكم. واعتُمِد في صياغته وتعريفه على التعريفات الواردة بقانون بناء الكنائس رقم 80 لسنة 2016، من ضمنها تعريف الكنيسة ومشتملاتها وتعريف الدير والصفة الدينية والكنسية للكنيسة والدير. 

 

واستند الحكم في استحداثه لمفهوم "الحيازة الدينية" إلى أن مُطران دير سانت كاترين، بصفته الدينية والكنسية، يتوافر له المبرر لحيازة الكنائس الموجودة ضمن المواقع الدينية لكونه المنوط بإقامة الشعائر الدينية. 


ما الفرق بين الملكية والحيازة والانتفاع؟ 

 

الملكية تمنح الحق في التملك الكامل بما في ذلك حق الاستخدام والاستغلال والتصرف، بينما الحيازة تعني مجرد السيطرة المادية على العقار أو استخدامه، ولا تمنح الحائز حقوقًا كاملة مثل المالك، بل تمنحه حق الانتفاع فقط، أي حق الاستخدام والاستغلال. وحق الانتفاع يمكن اكتسابه عن طريق الحيازة أو كافة أشكال التعاقد أو بموجب الأحكام القضائية.


كيف تعاملت المحكمة مع الأراضي ذات الطابع الديني الواردة في التصنيف الثاني؟ 

 

رفضت المحكمة طلب مُطران دير سانت كاترين بثبوت ملكية هذه الأراضي، متغاضيةً عن وضع يد الرهبان على الدير ومحيطه لما يقارب الـ 14 قرنًا وظهورهم بمظهر المالك الأصلي. واستندت المحكمة إلى عدم توافر كافة شروط تحقق وضع اليد المُكسِب للملكية، وهي كما جاءت في حيثيات الحكم: 

1) أن يكون ظاهرًا وغير خفي لصاحب الملك وأن يكون الظهور مجابهًا للمالك.

2) أن يكون واضحًا غير مبهم أو غامض بتصرفات صريحة في مواجهة المالك لا تحتمل الغموض.

3) أن تكون الحيازة من اليوم الأول بقصد الملكية، بأن يظهر مدعى الملكية بمظهر المالك بتصرفات في مواجهة المالك تنكر عليه الملكية. 

4) أن يكون مدعي الملكية بوضع اليد يحوز العقار من اليوم الأول لنفسه وليس نائبًا عن المالك أو غيره.

5) ألا تكون حيازة مدعى الملكية ناقصة أو عارضة وليست بنية التملك. 

وأردفت المحكمة بأنه في حال عدم تحقق أي من هذه العناصر، تفقد الحيازة أركان اعتبارها من مُسببات الملكية، أيًا كانت مدتها. 

وإذ اعتبرت المحكمة هذه الأراضي ملكًا للدولة، واستنادًا إلى أن تعيين مطران دير سانت كاترين كان بالقرار الجمهورى رقم 306 لسنة 1974، استنبط الحكم من ذلك أن حيازة المطران للدير هي "حيازة دينية" بالإنابة عن رئيس الدولة، وليست حيازة أصلية. 

من ناحية أخرى، فإنه قبل صدور القانون رقم 147 لسنة 1957، كان يجوز اكتساب ملكية أموال الدولة الخاصة بالتقادم، ولكن المحكمة قالت إن لا المُطران ولا أسلافه قد تقدموا بطلب اكتساب ملكية هذه الأراضي بالتقادم قبل 1957، وهو ما استدلّت المحكمة من خلاله على أن حيازة المطران وأسلافه للدير لم تكن بهدف الملكية. 


ما هي المواقع التي اعتبرتها المحكمة ذات طابع ديني؟

 

كنيسة ومقام النبى هارون، وكنيسة القديس ثيورزي، وكنيسة البستان، وغرف سُكنى الرهبان وملحق بها مخزن وحوض مياه، وكنيسة ابوستيلي ومباني سُكنى الرهبان والمخازن، وكنيسة التريازة، والثالوث المقدس، وغرفتا جبل موسى، وكنيسة وسكن الرهبان بفرش ايليا، وكنيسة القديس استفانوس، وكنيسة القديس يؤانس برودروموس، وكنيسة القديس غريغوريوس، وكنيسة القديس زوني، وكنيسة القديس بانتيليمون، والكنيسة الحمراء، وكنيسة أنا، وكنيسة العذراء كولومبيا، وكنيسة حجر موسى وكنيسة صغيرة ملحق بها حجرة راهب، وكنيسة القديسة كاترين، وكنيسة واستراحة التلعة، وكنيسة وادى التلعة، ومقبرة ومنزل عمران، وكنيسة القديس جون كليماكس، وبقايا دير رمحان، وكنيسة القديسين السنائيين، وكنيسة الصليب.

وأضاف الحكم إليها دار الضيافة الواقع بمدخل دير سانت كاترين، والذي وافقت الآثار على أعمال الإحلال والتجديد به بناء على طلب المطران في غضون عام 2000


كيف تعاملت المحكمة مع الأراضي المحررة عنها عقود ابتدائية الواردة في التصنيف الثالث؟

 

رغم تمسك المدعين بأن العقود المحررة باطلة لأن الأراضي من أملاك الدولة ولا يجوز اكتساب ملكيتها، فالمحكمة ردت على ذلك بأنه طالما لم يصدر حكم بإبطال هذه العقود، فإنها تنفي عن المطران كونه مغتصبًا للأرض وقضت بحيازته لها على سند. ولكن حيثيات الحكم في نفس الوقت أفادت بعدم اكتمال صحة سند حيازة المُطران لهذه الأراضي، وذلك لأن عقود البيع الابتدائية لا تصلح أن تكون سندًا للملكية، حيثُ لا تنتقل الملكية إلا بالتسجيل؛ ما يعني أنه في حال الحكِم ببطلان عقود البيع الابتدائية في المستقبل، ستكون حيازة مطران سانت كاترين للأراضي موضوع العقود مهددة، بينما لو حُكِم بثبوتها ستُقَر ملكية المطران. 

بالإضافة لذلك، ذُكِر في أحد بنود عقود البيع الابتدائية أن بموجبها يقر المشتري، أي مُطران سانت كاترين، أنه استلم العين موقع التداعي، أي الأراضي المُحرَرة عنها عقود البيع الابتدائية. فاعتبرت المحكمة أن هذا البند يعني إقرار المُطران باستلام هذه الأراضي في عام 2004، عند تحرير العقود، واستنتجت من ذلك أن المطران قد تنازل عن التمسك بحيازته لهذه الأراضي قبل تاريخ إبرام العقد. 


 ما منطوق الحكم الصادر من محكمة الاستئناف؟

شمل حكم الاستئناف 71 قطعة أرض، من بينها 29 قطعة مقامة عليها مواقع دينية، و17 قطعة أرض محررة عنها عقود بيع ابتدائية وأراضي أخرى، بينما اقتصر حكم أول درجة على الـ 29 قطعة أرض فقط والتي بها مواقع دينية. 

ورغم عدم إقرار كلا الحكمين بملكية مطران سانت كاترين للأراضي، واعتبارها من أملاك الدولة، فلم ترَ محكمة الاستئناف أن حيازة المُطران للأراضي حيازة ناتجة عن "الغصب"، على عكس حكم محكمة أول درجة. 

كما اقتصر حكم محكمة الاستئناف على طرد المطران من بعض المواقع الحائز لها حيازة فعلية، لكنها ليست من المواقع الدينية المحددة (29 قطعة أرض) أو المحررة عنها عقود (17 عقدًا) على أن تُسلّم هذه الأراضي بما عليها من منشآت وغراس كتعويض عن عدم الانتفاع بها.
 

بينما كانت محكمة أول درجة قد قضت بطرد المُطران من الـ 29 قطعة أرض التي بها مواقع دينية، وتسليمها بما عليها من منشآت وزرع كتعويض عن عدم انتفاع المدعين بها، ولم يشمل الـ 42 أرضًا الأخرى بسبب عدم تحديدها على وجه الدقة من جانب المدعين. 

ما الذي أسسه حكم محكمة الاستئناف الصادر في 28 مايو 2025؟ 

 

قرر الحكم أن الأراضي موضوع النزاع من أملاك الدولة، ونظرًا لطبيعتها فهي خاضعة لإشراف الآثار والبيئة. كما لم يثبت الحكم ملكية مُطران كنيسة سانت كاترين للدير، بل أقر بحيازته الدينية للكنائس فقط. بالإضافة لذلك، لم يثبت الحكم ملكية أراضي دير سانت كاترين والأراضي المحيطة به لأبرشية الروم الأرثوزكس في سيناء، التي يمثلها مطران دير سانت كاترين، برغم توفر حيازته القانونية لها، أي سيطرته المادية الظاهرة الواضحة المستمرة القائمة لقرون قبل عام 1957، حين كان يجوز اكتساب ملكية أملاك الدولة الخاصة بالتقادم. 

وبعدما سلب الحكم الملكية من يد أبرشية الروم الأورثوذكس في سيناء، سلب أيضًا حيازة عدة أراض، وصنف الحيازة بأشكال مختلفة: 

أولًا، "الحيازة الدينية": وهو مفهوم قانوني جديد أسسه الحكم، وعرفها في حيثياته بأنها الحيازة الناتجة عن إقامة الشعائر الدينية، وترتب على هذا المفهوم المُستَحدَث فصل الحكم تمامًا بين الدير والكنائس، التي قال الحكم بأن حيازة المطران لها هي "حيازة دينية"، وبين باقي الفضاءات والأراضي التي كانت جزءًا أساسيًا من الحياة الرهبانية في الدير، واعتبر الحكم أن حيازة مُطران سانت كاترين لهذه الفضاءات ليست حيازة دينية إنما هو "حارس عليها لمصلحة الدولة". 

ثانيًا، الحيازة المؤقتة: نظرًا لأن عقود البيع الابتدائية لا تنقل الملكية، ففي حال حُكِم بإبطال هذه العقود، لكونها "أملاك دولة"، ستكون الحيازة مُهددة. وهذا هو وضع الـ 17 عقدًا المحررين بين مطران دير سانت كاترين ومحافظة جنوب سيناء. فبالرغم من أن هذه العقود تنفي عن المُطران التعدي واغتصاب الأراضي، بل وتُعد سندًا لحيازته هذه الأراضي قبل صدور الحكم، فإذا حٌكِم ببطلانها ستكون حيازة مطران سانت كاترين لها مهددة، بينما لو حُكِم بثبوتها تُقَر ملكية المطران. 

ثالثًا، الحيازة غير القانونية: وهي حيازة باقي الأراضي التي حُكِم بطرد المُطران منها، رغم أنها في حيازته الفعلية. وإلى جانب الطرد، قضى الحكم بتسليمها بما عليها من منشآت وغراس كتعويض عن تعطيل المدعين عن الانتفاع بها. 


هل تعد كافة اﻵثار من الأموال العامة؟

 

وفقًا لنص المادة السادسة من قانون حماية اﻵثار رقم 117 لسنة 1983، "تعتبر من الأموال العامة جميع الآثار العقارية والمنقولة والأراضي التي اعتبرت أثرية عدا ما كان وقفًا أو ملكًا خاصًا فيجوز تملكه وحيازته والتصرف فيه في الأحوال والشروط المنصوص عليها في هذا القانون ولائحته التنفيذية". يعني ذلك أن القانون يجيز تملك الآثار العقارية واﻷراضي، والمنقولات أيضًا، إذا كانت وقفًا أو ملكية خاصة، لكن وفق شروط محددة.


ما هي صلاحيات حائز الأثار؟

 

قبل صدور القانون رقم 3 لسنة 2010 بإلغاء المادة التاسعة من قانون حماية اﻵثار، كان "يجوز لحائز الأثر التصرف فيه بأي نوع من أنواع التصرفات بعد الحصول على موافقة كتابية من الهيئة (المقصود المجلس الأعلى للآثار) وفقًا للإجراءات والقواعد التى يصدر بها قرار من الوزير المختص بشؤون الثقافة (حاليًا وزير السياحة والآثار) وبشرط ألا يترتب على التصرف إخراج الآثار خارج البلاد.

وتسرى على من تنتقل إليه ملكية أو حيازة الآثر وفقًا لحكم هذه المادة أو بطريق الميراث أحكام الحيازة المبينة في هذا القانون.

وفي جميع الأحوال يكون للهيئة أولوية الحصول على الأثر محل التصرف مقابل تعويض عادل، كما يحق للهيئة الحصول على ما تراه من آثار أو استيراد الآثار المنتزعة من عناصر معمارية الموجودة لدى التجار أو الحائزين مقابل تعويض عادل.