المبادرة تطعن على اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المخلفات بسبب بدائل البلاستيك
بيان صحفي
قدمت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية يوم 19 أبريل 2022 طعنا على اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم إدارة المخلفات، والتي صدرت في 22 فبراير 2022. واختص الطعن المادة 18 من اللائحة التي اعتبرت البلاستيك القابل للتحلل الحيوي من "البدائل الآمنة صديقة البيئة"، وقدمت طائفة من الحوافز والمزايا المادية لتصنيعه واستيراده. لم تحدد اللائحة التنفيذية النوع المقصود من البلاستيك القابل للتحلل الحيوي، لكن وزارة البيئة كانت قد شجعت استخدام النوع القابل للتحلل الحيوي بالأكسدة في وقت سابق، والذي لا يعتبر علميا من البدائل الآمنة للبلاستيك، وتوجد تشريعات تحظر استخدامه في كثير من دول العالم.
من المعروف أن مشكلة مخلفات البلاستيك عالمياً بلغت حدا مخيفا حيث يتراكم فيه أكثر من 6 مليارات طن من هذه المخلفات، ويمثل البلاستيك أحادي الاستخدام -مثل الأكياس البلاستيكية- حوالي نصفها. ويتسرب سنويًّا إلى المحيطات نحو 13 مليون طن من مخلفات البلاستيك. تتناثر تلك المخلفات في البيئة وتتناولها الحيوانات والطيور والماشية فتختنق بها أو تمرض. كما أنها تتسبب في سد القنوات والمجاري المائية، وعند حرقها تتسرب المواد السامة إلى الهواء والمياه الجوفية.
تكمن مشكلة البلاستيك في أنه يتحلل ببطء شديد جدًّا، فتستغرق زجاجة المياه البلاستيكية نحو خمسمئة عام حتى تتكسر إلى حبيبات دقيقة. وهذه الحبيبات (المايكروبلاستيكية) لا تتحلل بشكل كامل في البيئة ولكن تتراكم وتدخل في السلسلة الغذائية.
البلاستيك القابل للتحلل، خصوصا النوع القابل للتحلل عن طريق "الأكسدة"، يُصنع من نفس المواد المستخدمة في صناعة البلاستيك التقليدي، لكنه يحتوي على تركيزات صغيرة من مواد مضافة تسرِّع عملية تكسير البلاستيك إلى جزيئات صغيرة، بزعم أن هذا يسهل بعد ذلك تحللها الحيوي تحت ظروف معينة.
غير أن عددًا كبيرًا من العلماء والمؤسسات الدولية والحكومية والجمعيات التجارية يرى أنه لا يوجد أي يقين بخصوص أن جزيئات البلاستيك القابل للتحلل تتحلل بيولوجيًّا بشكل كامل في البيئة. ويؤكد هؤلاء أنها - على العكس - تزيد من تراكم المايكروبلاستيك في الطبيعة. وقد أشار تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة عام 2015 بعنوان "البلاستيك القابل للتحلل الحيوي بالأكسدة والنفايات البحرية"، إلى أن التحلل الحيوي الكامل للبلاستيك يتطلب ظروفًا لا تتحقق في البيئات البحرية. وأنه فقط يتفتت بشكل بطيء جدا لدرجة أنه يحدث نفس ضرر البلاستيك العادي على الكائنات البحرية. وفي عام 2018 قرر البرلمان الأوروبي أن هذا النوع من البلاستيك لا يطابق معايير الاتحاد الأوروبي، ومنعت دول مثل فرنسا وإيطاليا استخدامه، وعارضه حتى المصنعون والتجار من أصحاب علامات تجارية كبرى مثل Marks & Spencer، وNestle، tesco إلى جانب عدد كبير المنظمات البيئية والأكاديميين والروابط التجارية لمصنعي المواد البلاستيكية وإعادة التدوير. وفي 2017 وجهت 150 جهة عالمية نداء يدعو إلى فرض حظر على المواد البلاستيكية القابلة للتحلل بالأكسدة.
إن تسويق البلاستيك القابل للأكسدة على أنه حل لمشكلة تراكم البلاستيك يضعف جهود المواجهة الشاملة للمخلفات البلاستيكية، ويشجع فقط على استبدال الكيس التقليدي بآخر من البلاستيك أيضا بدعوى أن الأخير صديق للبيئة، ما يقلل من حرص الجمهور على التخلص من الأكياس التقليدية، ويشجع سلوكيات تزيد تناثر المخلفات. ولأن المنتج البديل رخيص السعر فهو ينافس ويتفوق على منتجات التغليف صديقة البيئة حقًّا لأنها في الأغلب أغلى سعرًا، إضافة إلى أنه يضر بالاستخدام طويل الأجل. كما يضعف هذا النوع من البلاستيك من جودة منتجات إعادة التدوير بسبب المواد المضافة إليه، التي تساهم في تفتته، وبالتالي تقلل من إتاحة المنتجات النهائية لإعادة التدوير.
وقال أحمد الصعيدي المحامي المختص بقضايا البيئة في المبادرة إن "قانون تنظيم إدارة المخلفات الصادر في أكتوبر 2020 هو أول تشريع يتناول تنظيم المخلفات البلاستيكية أحادية الاستخدام، ويضع ضوابط على تصنيعها وتداولها نظرا لخطورتها على الصحة والبيئة، ويعتبر إصداره خطوة جيدة، لكن استبدال الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام بالأكياس البلاستيكية القابلة للتحلل، الذي أشارت إليه اللائحة التنفيذية، يفرغ جهود محاربة البلاستيك من مضمونها وقد يزيد من الأضرار على البيئة".
وطبقا للصعيدي فإن الفقرات المعنية في المادة 18 من اللائحة تتضمن مخالفة صريحة للمواد 45، 46 من الدستور المصري والذى يحظر التعدي على البيئة البحرية وعدم تلويثها، والاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية وعدم الإضرار بها. وكذلك نص المادة 48 من قانون حماية البيئة الذي يهدف إلى حماية البيئة البحرية من كافة أشكال التلوث، ونص المادة 27 من قانون تنظيم إدارة المخلفات الذي استهدف البدائل الآمنة صديقة البيئة.
هناك كثير من المصنعين والتجار يؤيدون استخدام البلاستيك القابل للتحلل بالأكسدة ربما لأنه الحل السهل للحفاظ على أرباح صناعة البلاستيك، لأنه البديل الأرخص والذي لا يتطلب إنتاجه تعديلًا كبيرًا في التقنية أو الماكينات أو في تدريب العمال. لكن واجب المشرع والإدارة هو حماية الأفراد والبيئة في المقام الأول قبل مكاسب التجار.
يستخدم المصريون نحو 12 مليار كيس بلاستيكي كل عام، وتتصدر مصر الدول المطلة على شاطئ المتوسط من حيث إلقاء مخلفات البلاستيك في البحر. والإسكندرية هي ثالث مدينة من حيث معدلات التلوث على شواطئ جنوب المتوسط. وتواجه مصر صعوبات كبيرة في التعامل مع المخلفات، ولا تكاد نسبة المخلفات البلدية التي يتم جمعها تصل إلى نصف الكمية الموجودة في المناطق الحضرية، أما في الريف فتتراوح بين 0- 30%، بينما يتراكم الباقي في الطرق والمجاري المائية أو يتم حرقه على المكشوف.
يعاد تدوير 10% من المخلفات التي يتم جمعها فقط والباقي كله تقريبا يتم التخلص منه على الأغلب في مكبات مفتوحة. وفي ظل ضعف البنية التشريعية والإدارية والتمويل وضعف القدرات والسلوكيات السائدة، فإن السماح بالبلاستيك القابل للتحلل بالأكسدة لن يزيد الوضع إلا سوءاً.
لمزيد من المعلومات عن البلاستيك القابل للتحلل بالأكسدة يمكنكم زيارة "أسئلة وأجوبة حول البلاستيك القابل للتحلل بالأكسدة"