المبادرة المصرية تخاطب رئيس الجمهورية لطلب تفسير المحكمة الدستورية العليا للمواد القانونية المنظمة لمدد الحبس الاحتياطي
بيان صحفي
الثلاثاء ١٢ أكتوبر ٢٠٢١، أودعت المحامية هدى نصر الله، المديرة القانونية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمحامية الموكلة للباحث بالمبادرة المصرية باتريك چورچ زكي، مخاطبةً رسمية لرئيس الجمهورية - بصفته رئيسًا للمجلس الأعلى للهيئات القضائية. جاءت المخاطبة لمطالبة الرئيس بأن يطلب من المحكمة الدستورية العليا - عبر وزير العدل - تفسيرًا للمواد ١٤٣، و١٥١، و٣٨٠ من قانون الإجراءات الجنائية، وهي المواد المنظمة لمدد الحبس الاحتياطي.
بمخاطبة رئيس الجمهورية بصفته رئيسًا للمجلس الأعلى للهيئات القضائية ليطالب المحكمة الدستورية بتفسير المواد الحاكمة لمدد الحبس الاحتياطي، تسعى المبادرة المصرية لتوحيد التطبيق العملي القضائي لتلك المواد لاختلاف تفسيرها بين المحاكم المختلفة. وذلك حتى لا تتعارض التطبيقات مع المادة ٥٤ من الدستور والتي توكل للقانون حق تنظيم مدد وأسباب الحبس الاحتياطي. وحتى لا تتعارض أيضًا مع المادة ١٤٣ من قانون الإجراءات الجنائية والتي نظمت هذا الحق، بألا تتعدى بأي حال من الأحوال مدة الحبس الاحتياطي أثناء التحقيق أو التقاضي أو كليهما في حالة الجنح مدة الستة أشهر. كما تقرر المادة نفسها ألا تتعدى مدة الحبس الاحتياطي في حالة الجنايات الثمانية عشرة شهرًا، وفي حالة الجنايات المعاقبة بالسجن المؤبد أو الإعدام، فلا تتجاوز مدة الحبس بأي حال من الأحوال مدة السنتين.
وقالت نصرالله أن المحاكم الجنائية عند نظرها موضوع الدعوى لا تكون مقيدة بآجال معينة لا تتجاوزها عند الأمر بحبس المتهم، أى أنها ليست ملزمة بمدة 15 يوما أو 45 يوما، وقراراتها غير المنهية للخصومة لا تقبل الطعن عليها. لكن عليها التزام بتطبيق القانون، وألا يؤدى قرارها بحبس متهم إلى تجاوز أقصى مدة حبس احتياطي قررته المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية وفقا لنوع الاتهام ( جنحة – جناية – جناية عقوبتها الاعدام او الحبس المؤبد)، والا اعتبر احتجازًا دون وجه حق.
وهو ما أثاره قرار محكمة جنح أمن دولة طوارئ قسم المنصورة ثان باستمرار حبس باتريك چورچ زكي الباحث بالمبادرة 70 يوما رغم تجاوزه أكثر من تسعة عشر شهرا محبوسا احتياطيا منذ القبض على ذمة القضية. وقد جاء قرار تجديد الحبس التفافا على أقصى مدة حبس احتياطى قررتها المادة 143 إ . ج خلال سائر مراحل الدعوى الجنائية، تذرعًا بالمادة ١٥١ من قانون الإجراءات الجنائية، وادعاء بأنها تمنح المحكمة المحال إليها وحدها حبس المتهم أو الافراج عنه بشكل مطلق في نصها:
"إذا أحيل المتهم إلى المحكمة يكون الإفراج عنه إن كان محبوسًا أو حبسه إن كان مفرجًا عنه من اختصاص الجهة المحال إليها".
كما تذرعت محكمة الجنايات التى نظرت أمر تجديد حبسه من قبل بالمادة ٣٨٠ من قانون الإجراءات الجنائية من أجل تمديد الحبس الاحتياطي دون حد زمني. وتقرر المادة ٣٨٠ أنه:
"لمحكمة الجنايات في جميع الأحوال أن تأمر بالقبض على المتهم وإحضاره، ولها أن تأمر بحبسه احتياطيًّا، وأن تفرج بكفالة أو بغير كفالة عن المتهم المحبوس احتياطيًّا".
وهكذا يبدو التناقض واضحا بين المادتين ١٥١ و٣٨٠ من جانب وفقرات المادة ١٤٣ من جانب آخر.
تضع الفقرة الثالثة من المادة ١٤٣ من قانون الإجراءات الجنائية، وهي اللاحقة زمنيا للمادتين السابقتين، مددًا محددة للحبس الاحتياطي تماشيًا مع نصوص الدستور، ولا تترك لتقدير المحكمة فرصة تقييد حرية المتهمين خلال فترات محاكمتهم. تنص الفقرة الثالثة من المادة ١٤٣ على :
"ولا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي على ثلاثة أشهر، ما لم يكن المتهم قد أعلن بإحالته إلى المحكمة المختصة قبل انتهاء هذه المدة، ويجب على النيابة العامة في هذه الحالة أن تعرض أمر الحبس خلال خمسة أيام على الأكثر من تاريخ الإعلان بالإحالة على المحكمة المختصة وفقًا لأحكام الفقرة الأولى من المادة ١٥١ من هذا القانون لإعمال مقتضى هذه الأحكام، وإلا وجب الإفراج عن المتهم. فإذا كانت التهمة المنسوبة إليه جناية فلا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي على خمسة شهور إلا بعد الحصول قبل انقضائها على أمر من المحكمة المختصة بمد الحبس مدة لا تزيد على خمسة وأربعين يومًا قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة، وإلا وجب الإفراج عن المتهم.
وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا يتجاوز ستة أشهر في الجنح وثمانية عشر شهراً في الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام"
في مخاطبتها إلى رئيس المجلس الأعلى للهيئات القضائية، نوهت المبادرة المصرية إلى حالات أخرى تم فيها اتخاذ قرارات بالإفراج عن المحبوسين احتياطيا حالما تنتهي المدد القانونية المقررة لذلك. وضربت مثالا على هذا بحالة المتهم محمد حسني مبارك في القضية رقم ٣٦٤٢ لسنة ٢٠١١ جنايات قصر النيل. وحيث ثبت للمبادرة المصرية أن المادة نفسها تستخدم بصور متناقضة، وأن الكثيرين، ومنهم باحث المبادرة باتريك چورچ زكي، يعانون من انتهاك حقهم في التنقل والاعتداء على حريتهم الشخصية التي تكفل الدستور بحمايتها نتيجة التناقض بين نصين قانونيين، فقد لجأت المبادرة إلى المسار القانوني الذي يجب اتباعه في هذه الحالة.
يأتي هذا المسار القانوني اعتمادًا على المادتين ٢٦ و ٣٣ من قانون المحكمة الدستورية العليا. تنص المادة ٢٦ على التالي:
"تتولى المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية والقرارات بالقوانين الصادرة عن رئيس الجمهورية وفقًا لأحكام الدستور وذلك إذا أثارت خلافًا في التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها".
وتنص المادة ٣٣ من ذات القانون على التالي:
"يقدم طلب التفسير من وزير العدل بناء على طلب مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية. ويجب أن يبين في طلب التفسير النص التشريعي المطلوب تفسيره وما أثاره من خلاف في التطبيق ومدى أهميته التي تستدعي تفسيره تحقيقًا لوحدة تطبيقه".
ومن ثم تقدمت المبادرة المصرية بالطلب إلى رئيس الجمهورية، بصفته رئيسًا للمجلس الأعلى للهيئات القضائية، يطالبه بتفعيل المادة ٣٣ من قانون المحكمة الدستورية العليا، وذلك بتكليف وزير العدل بطلب تفسير للمواد الثلاثة من قانون الإجراءات الجنائية للحد من إطلاق مدد الحبس الاحتياطى وضمان تطبيق المادة ٥٤ من الدستور.
يذكر أن قرارات تجديد حبس باتريك چورچ وكثيرين غيره تأتي في سياق إطلاق الدولة المصرية للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتي نوّهت في أكثر من موضع إلى ضرورة تعزيز الضمانات المقرة في نصوص القانون بالفعل والتي تضبط مدد ومبررات الحبس الاحتياطي. ويأتي خطاب المبادرة كاقتراح بإجراء محدد لوقف هذا الانتهاك الفادح للحق في التنقل وللحريات الشخصية الأصيلة.