الصورة عن RT Arabic

في واقعة تعذيب شاب حتى الموت في قسم المقطم: أهالي المنطقة يدفعون ثمن المساءلة الجنائية للشرطة

بيان صحفي

13 فبراير 2018

أدانت المبادرة المصرية محاولات ترهيب أهالي ضحية المقطم محمد عبد الحكيم محمود الشهير بعفروتو (22 عامًا) والذي قتل داخل حجز قسم شرطة المقطم يوم السبت 6 يناير الماضي، والمتضامنين معهم من أجل الضغط والتأثير على مسار القضية، وتؤكد أنه لا يجب عقاب أهالي منطقة مساكن المقطم لمطالبتهم بمحسابة المسؤولين عن وفاة عفروتو.

وكانت المبادرة المصرية قد تابعت حملات الاعتقالات المتكررة على أهالي منطقة مساكن المقطم، والتى اسفرت عن عددٍ من حالات القبض العشوائي لجيران عفروتو وصل إلى أكثر من مئة شخص، بعضهم لم يتواجد في مكان الواقعة الأصلية.

فقد تم تجديد حبس 92 من المقبوض عليهم لثالث مرة في جلسة استمرت لخمس دقائق فقط يوم 7 فبراير الجاري. ووفقًا لمحامين المتهمين لم يرَ القاضي الذي نظر تجديد أمر الحبس أيًّا من المتهمين، وسمح لاثنين فقط من المحامين بالحديث في الجلسة الأخيرة ثم قام بإصدار قرار بتجديد الحبس لخمسة عشر يومًا إضافيين. في حين قام تسعة من المتهمين من أهالي المنطقة والمحبوسين على ذمة القضية باستئناف أمر حبسهم الصادر بتاريخ 7 فبراير وتحدد لنظر استئناف أمر الحبس في جلسة 12 فبراير وبهذه الجلسة قررت محكمة جنوب القاهرة إخلاء سبيل التسعة بكفالة قدرها خمسة آلاف جنيه لكل منهم.

يذكر أن أحداث التجمهر تعود إلى يوم 6 يناير الماضي عندما عَلِم أهل المنطقة بوفاة الشاب عفروتو أثناء احتجازه داخل قسم المقطم بعد أن قامت قوة من شرطة القسم بالقبض عليه وآخرين من الشارع وضربهم واقتيادهم إلى القسم. على أثر ذلك قام عدد من الأهالي بالتجمع خارج مستشفى المقطم التخصصي حيث قامت الشرطة بنقل الجثة وحاولت إقناع الأهالي الذين تواجدوا بالمستشفى بأن سبب الوفاة لا علاقة له بالقبض عليه ومعاملته داخل الحجز وأنه أصيب بألم حاد في البطن قاموا على أثره بنقله إلى المستشفى حيث تُوفي هناك1. ولاحقًا خرجت تصريحات لمسئولين من وزارة الداخلية تنسب وفاته إلى تناوله كمية كبيرة من المخدر، في حين أن شهادة الوفاة الطبية أقرت بأن سبب الوفاة هو نزيف داخلي بالبطن وتهتك في الطحال2.

نتج عن ذلك بعض الاحتكاكات خارج المستشفى، المجاورة لمبنى قسم شرطة المقطم، فقامت قوات قسم شرطة المقطم بالقبض على عدد ممن تجمهروا خارج المستشفى لتسلم الجثة وللمطالبة بمحاسبة المتسبب في وفاة المجني عليه داخل حجز قسم شرطة المقطم. كما قامت بشن عدة حملات للقبض على آخرين بشكل عشوائي في الأسابيع التي تلت الواقعة الأصلية حتى وصل عدد المقبوض عليهم إلى أكثر من 100 شخص. وقد تحدثت المبادرة المصرية إلى أهالي بعض المقبوض عليهم والذين وصفوا ملابسات القبض على ذويهم وضمهم إلى القضية 88إداري قسم المقطم، التي أحيل فيها ضابط وأمين شرطة من القسم للمحاكمة الجنائية بتهمة الضرب المفضي إلى الموت، وتلفيق اتهامات للعشرات المقبوض عليهم بالتجمهر والاعتداء على قوات الشرطة بالإضافة إلى محاولة سرقة جثمان المجني عليه.

وفقًا لأهل المقبوض عليهم فإن عدد المقبوض عليهم قد تجاوز 140 شخصًا من سكان المنطقة وأنهم موزعون بين سجون طرة و15 مايو، وقامت المبادرة المصرية بالتحقق من 92 حالة فقط (ولم تستطع التحقق من العدد الكامل حتى الآن) تم عرضهم بشكل جماعي على قاضي المعارضة يوم الأربعاء 7 فبراير وتجديد حبسهم جميعًا في جلسة لم تَدُم أكثر من 5 دقائق.

وتطالب المبادرة المصرية بإخلاء سبيل الحالات التي انتفت مبررات حبسها الاحتياطي وإسقاط الاتهامات الملفقة عنهم في القضية 88 لسنة 2018 إداري قسم المقطم، حيث يظهر من هذه الحالات التي قامت المبادرة بتوثيقها ومن مقطع الفيديو وشهادات الشهود مستوًى غير مسبوق من التنكيل العشوائي بأهل المنطقة الذين تضامنوا مع أهل المجني عليه. وعلى الرغم من أن تلك الممارسات متكررة في الحالات التي تبدأ النيابة العامة فيها في محاسبة أحد رجال الشرطة، وأنها عادة ما تستخدم للضغط على أهل المجني عليهم أو على المتضامنين معهم، فإن عدد المقبوض عليهم والذي يقترب أو يزيد على المئة شخص غير مسبوق في هذا السياق. وعليه فان تجديد الحبس لهم بشكل مستمر لا يهدف إلا للتنكيل والعقاب الجماعي لسكان المنطقة.


شهادات عدد من أهل المقبوض عليهم

قال إبراهيم محمد أحمد، أخو أحد المقبوض عليهم يوم وفاة المجني عليه وهو مصطفى محمد (23سنة يعمل نقاشًا) إن يوم مقتل عفروتو توجه عدد من جيران وأهالي المجني عليه إلى مستشفى المقطم التخصصي والتي تبعد مسافة بسيطة عن مقر سكنهم، وأن الأهالي كانوا غاضبين بعد أن وردت أنباء بأن عفروتو تعرض للضرب والتعذيب داخل حجز القسم حتى الموت، وزعم أن أخاه مصطفى وآخرين قاموا بتخليص أحد ضباط القسم الذي كان متواجدًا بالمستشفى من الجموع التي كادت أن تفتك به عند خروج الجثمان ثم عادوا إلى منزل أهل الضحية. وعند عودة الأهل إلى منزل أسرة عفروتو الذي يقع بمساكن المقطم تطوع مصطفى بالنزول من منزل الأسرة لاستجلاب بعض ألواح من الثلج مع شاب آخر من أصدقاء المجني عليه يدعى بلال ولم يعد. وعلم إبراهيم فيما بعد أنهم قُبِض عليهم في الشارع التجاري وهم في طريقهم للبحث عن ألواح ثلج يركبون دراجة بخارية.

وتتم معاملة المقبوض عليهم وذويهم بتعسف غير مسبوق، ويظن أهل الضحية وأهالي المقبوض عليهم أن الشرطة كانت تحاول مساومتهم والضغط على أهل المنطقة المتضامنين مع أهل عفروتو من أجل التنازل عن محاسبة الضابط والأمين المتهمين في القضية. وصف إبراهيم معاملة المقبوض عليهم قائلًا: "واحدة ست شغالة في كشك هيه إللي شافتهم بيتقبض عليهم في الشارع التجاري. رحنا القسم ما لقيناش حاجة، معرفناش همه فين إللي إتاخدوا غير من واحد غريب كلمنا قال لي أخوك في قسم طرة. الأيام إللي بعد القبض ما حولناش نروح طرة لإن بقية الأهل معرفوش يدخلوا ولا يدَخَّلوا لهم حاجة. أول جلسة كانت بعد أربع أيام رحنا معهد الأمنا ومعرفناش نشوفهم برضه. رحنا عند نيابة زينهم ما شفناهمش وتاني جلسة معرفناش نشوفهم برضه، منعونا من الدخول جُوَّا، العربيات كانت بتنزل تحت (في مبنى المحكمة) والقرار يطلع ولما معرفناش نشوفهم إدينا الأكل للعساكر وعرفنا إنه ما وصلهمش أبدًا".

وتابع إبراهيم: "بعد جلسة التجديد التانية مكالمة تليفونية جات لنا، قالوا لنا إنه إترحل لسجن 15 مايو. معرفتش أشوفه غير في الزيارة في السجن وكانت حالته النفسية صعبة قوي ومش عارفين إتقبض عليهم ليه وإتضربوا في القسم وفي 15 مايو. والدي إتوفى من الصدمة". (توفي والد مصطفى محمد أحمد قبل جلسة التجديد الأخيرة ببضعة أيام).

قابلت المبادرة المصرية زوجة أحد المقبوض عليهم في الحملات العشوائية اللاحقة، يوم 18 يناير أي بعد الواقعة الأصلية بما يقرب من أسبوعين، وهو محمد عبد المجيد محيسن (39 سنة ويملك محل فراشة بالمنطقة)، وقالت زوجته:

"يوم الوفاة رئيس مباحث القسم إتصل بجوزي، وهوه معروف ليهم من الشغل، سأله تعرف عفروتو قال له ده زي إبني. وقال له إنه إتوفى وطلب منه يبلغ أهله. جوزي كلم أم عفروتو ونزلنا عند محل جوزي تحت البيت وفيه ظابط مباحث هناك قال لها إبنك مات وكل إللي جوزي عمله إنه أخد أهل عفروتو في عربيته ووداهم المستشفى، ووقف معاهم في المستشفى وعمل لهم العزا، جوزي عنده محل فراشة، بدون مقابل طبعًا. إتاخد يوم 18 يناير، المباحث إتصلت بجوزي قالوا له تعالى اجتماع الفراشين مع مباحث القسم وده بيحصل كل فترة. راح يحضر الاجتماع، كل الفراشين خرجوا ما عدا هو. فضلت أكلمه تليفونه مقفول لحد ما العمال في المحل جولي وبيقولوا إلحقي الأسطى إتحبس وإتعمل له ضبط وإحضار في قضية عفروتو! وإترحل على سجن مايو. جوزي كل إللي عمله إنه وِقِف مع أهل عفروتو وعمل لهم العزا ووصَّلهم المستشفى وراجل مريض سكر وفتاء".

كما وصف محمود عبد الحكيم أخو الضحية ملابسات القبض على أحد العمال في محل فراشة محمد عبد المجيد محيسن، وهي القصة التي أكدها الشاهد إبراهيم محمد كذلك: "سامى إتقبض عليه من بيته وهو بيستحمى، هو ساكن في البدرومات في المساكن هنا وراجل غلبان والشرطة يومها دخلوا القهوة وكانوا عايزين يقبضوا علي اتنين قاعدين، قام الراجل بتاع الفراشة قال لهم دول أهل الميت وجايين من محافظات تانية وجايين يعزوا، وفعلًا بطايقهم من محافظات تانية فراحوا الشرطة طلعوا على الأُوض وعلى بيت سامى وقبضوا عليه وهو بيستحمى وبرضه بيت على عبد الحميد إللى قاعد في الدور الأرضى فى البدرومات وكسروا الباب الخشب للشقة ودخلوا قبضوا عليه".

وذكر إبراهيم محمد أنه أثناء زيارته لمصطفى في سجن 15 مايو بعد أكثر من أسبوعين لم ينجحوا فيه في رؤية ذويهم، شاهد من ضمن المقبوض عليهم بائعين فى السوق بمنطقة سكن عفروتو، يؤكد إبراهيم أنه لا علاقة لهم بالقضية ولم يتواجدوا في محيط المستشفى يوم الواقعة الأصلية فهم ليسوا من المقربين ولا من معارف أهل المجني عليهم. وقال إبراهيم إن من ضمن المقبوض عليهم مجند في الداخلية كان قد عاد إلى مساكن المقطم في إجازة وقبض عليه بشكل عشوائي كذلك. كما عاينت المبادرة المصرية مقطعًا تم تصويره على أحد كاميرات المراقبة3 في أحد محلات الألبان الموجودة بالشارع المتقاطع مع شارع 9 والذي يفصل بين قسم الشرطة ومستشفى المقطم التخصصي، يُظهر اقتحام الشرطة للمحل والاعتداء والقبض العشوائي على صاحب المحل واثنين آخرينِ تواجدوا في المحل بالصدفة.

المصادر:
 

  1. http://www.almasryalyoum.com/news/details/1241407
  2.  https://www-madamasr-com.cdn.ampproject.org/c/s/www.madamasr.com/ar/2018...سياسة/تفاصيل-اللحظات-الأخيرة-في-حياة-عفروت/amp/
  3.  https://www.facebook.com/profile.php?id=100008223996466