صورة أرشيفية

المبادرة المصرية تعترض على القوانين المتعلقة بالطاقة النووية وتطالب بعدم توقيع عقود المحطة النووية قبل مراجعة القوانين

بيان صحفي

10 ديسمبر 2017

أعلنت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اعتراضها على قوانين الطاقة النووية التي تم إصدارها أخيرًا، حيث تتعارض هذه القوانين مع عدد من المبادئ القانونية والدستورية وتنتقص من استقلالية هيئة الرقابة النووية وضمانات الأمان النووي كما تؤدى إلى إهدار موارد الدولة، وطالبت بضرورة مراجعتها وعدم توقيع عقود المحطة النووية الآن.كما اعترضت المبادرة كذلك على الطريقة التي تم بها إصدار هذه القوانين في عجالة ودون فرصة حقيقية للنقاش وعن قلقها من استمرار أسلوب التعتيم الشديد والانفراد بالقرار الذي صاحب المشروع النووي منذ بدايته، وطالبت بالتروي وباتباع مبادئ الشفافية والمشاركة الشعبية.

وكان البرلمان المصري قد عقد جلسة عامة طارئة بتاريخ 27 نوفمبر 2017، وافق خلالها، دفعة واحدة، على ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالطاقة النووية تقدمت بهم الحكومة، هي مشروع قانون "بإنشاء الجهاز التنفيذي للإشراف على مشروعات إنشاء المحطات النووية لتوليد الكهرباء"، ومشروع قانون بتعديل بعض أحكام "القانون رقم 13 لسنة 1976 بإنشاء هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء"، ومشروع قانون بتعديل بعض أحكام "قانون تنظيم الأنشطة النووية والإشعاعية رقم 7 لسنة 2010".

وكان السيد رئيس البرلمان قد صرح في صدر جلسة البرلمان بأن هناك حاجة إلى سرعة إصدار هذه القوانين، فيما يبدو أنه تحضير لتوقيع عقود الضبعة أثناء زيارة الرئيس الروسي المرتقبة، وبالفعل تم عرض مشروعات القوانين الثلاثة والموافقة عليها في نفس الجلسة، الأمر الذي يصعب أن يتصور معه توفر فرصة حقيقية للنقاش، وقد صدرت القوانين ونشرت في الجريدة الرسمية بتاريخ 29 نوفمبر 2017.

وتقول د. راجية الجرزاوي الباحثة في مجال البيئة في المبادرة المصرية: إن الشفافية واستقلالية الهيئات الرقابية من أهم ضمانات الأمان النووي، ولكن للأسف لا يبدو أن التوجهات وراء إدارة الملف النووي، التي أدت إلى إصدار القوانين التي تقضى على استقلالية هيئة الرقابة وتحشد ممثلي الحكومة في المنظومة النووية وتفتح الباب أمام التربح، والتي تتصف بالاستبعاد وحجب المعلومات، تأبه كثيرا لسياسات الأمان النووي، وأضافت أن الطاقة النووية شأن يخص المجتمع كله.

كما صرحت المبادرة المصرية بأن العوار التشريعي الأخطر الذي أتت به هذه القوانين يتمثل في القضاء على استقلالية هيئة الرقابة النووية والإشعاعية، وهي الهيئة التي تتولى المسئولية التنظيمية والرقابية المتعلقة بالأنشطة النووية،وحيث ضمان كفاءة واستقلالية هيئة الرقابة شرط أساسي من شروط الأمان النووي، فهيئة الرقابة النووية هي المسئولة عن وضع شروط التصاريح وإصدار اللوائح ووضع معايير الأمان والإرشادات وعن منح التصاريح للمنشآت النووية أو إلغائها، كما أنها المسئولة عن التفتيش والرقابة على المرافق والأنشطة وضمان امتثالها للمعايير وهي أيضًا المسئولة عن إصدار اللوائح ووضع معايير الأمان والإرشادات وغير ذلك من سياسات الأمان النووي.

وأوضحت المبادرة المصرية أن القوانين الثلاثة شاركت في الانتقاص من هذه الاستقلالية، إذ ضم مجلس إدارة الجهاز التنفيذي في عضويته، وهو الجهاز المنوط به الإشراف على إنشاء المحطة النووية، ممثلًا عن هيئة الرقابة النووية، في مخالفة مباشرة للقانون رقم 7 لسنة 2010 نفسه الذي يحظر على أعضاء هيئة الرقابة أي صلة بالمرافق التي يراقبونها، كما يخالف متطلبات الأمان التي تصدرها الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتي تحظر على هيئات الرقابة ممارسة أنشطة تتعارض مع دورها الرقابي.

وفوق ذلك فقد ملأت القوانين الثلاثة مجالس إدارات هذه الكيانات الثلاثة بممثلي الوزارات والجهات العامة المعنية بما في ذلك مجلس إدارة هيئة الرقابة النووية نفسها، وهو ما يؤدي إلى سيطرة الجهات التنفيذية على الهيئة الرقابية المنوط بها مراقبة أداء هذه الجهات نفسها ويقضي على دورها الرقابي كليًّا.

ولمزيد من تعقيد الوضع سمح تعديل قانون تنظيم الأنشطة النووية والإشعاعية، في سابقة نادرة عالمياً، لهيئة الرقابة النووية والإشعاعية بإنشاء شركاتٍ لاستثمار أموالها، الأمر الذي يشكل تحديًا صعبًا حقًّا حول إمكانية ضمان عدم تعارض المصالح بين المنافع الاقتصادية للهيئة وبين نزاهة واستقلالية دورها الرقابي.

وبخصوص إهدار موارد الدولة أوضحت المبادرة المصرية أن قانون "إنشاء الجهاز التنفيذي للإشراف على المحطات النووية"، ينشئ كيانًا يتشابه ويتداخل في اختصاصاته وصلاحياته وموارده مع كيان قائم بالفعل هو "هيئة المحطات النووية"، التي من مهامها أيضا إنشاء محطات نووية، الأمر الذي يؤدي إلى إهدار موارد الدولة البشرية والمادية، وكان مجلس الدولة نفسه قد علق على هذا التداخل في الاختصاصات عندما عُرض عليه مشروع القانون، ورغم ذلك صدر القانون.

كما يقدم قانون هيئة المحطات النووية حزمة هائلة من الإعفاءات والمزايا والاستثناءات المالية إلى الهيئة وإلى مشروعاتها، إذ يعفي القانون المحطات النووية من جميع الضرائب والرسوم، ويعفى ما تستورده الهيئة من الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم، كما يعفيها من كافة الضرائب على فوائد القروض الخارجية التي تعقدها، ويعفي ما تستورده الشركات والهيئات المتعاقدة مع هيئة المحطات النووية والمقاولين من الباطن من جميع الضرائب والرسوم ومن الالتزام بالحد الأدنى لنسب توزيع الارباح، ويعفي الأجانب العاملين في مشروعات الهيئة من كافة الضرائب على المرتبات والأجور والمكافآت والمهن الحرة ومن الضريبة العامة على الإيراد.

وترى المبادرة المصرية  أن هذه الإعفاءات والمزايا غير المبررة تمثل إهدارًا لموارد الدولة، إذ أن مشروع المحطة النووية هو مشروع مربح، وكان ضمن مبررات إنشاء المحطة النووية: إنها ستحقق أرباحًا عالية تضمن أداء القرض، الذي يبلغ 25 مليار دولار، وتزيد، وهو ما ينفي وجود أي مبرر لهذا الفيض من المنح والإعفاءات والاستثناءات وإضاعتها على خزانة الدولة، خصوصاً أن القانون يسمح للهيئة بتأسيس شركات لاستثمار فائض أموالها في أنشطة، قد لا تكون بالضرورة، متعلقة بالطاقة النووية، وأن هذه المزايا المالية تمتد قانونيًّا إلى كافة مشروعات الهيئة. بما في ذلك التي ليس لها علاقة بالطاقة النووية، وجدير بالذكر أن وزارة المالية اعترضت على هذه الإعفاءات خصوصًا، وأن الهيئة والجهاز التنفيذي يحصلان على مخصصات من خزينة الدولة. كما أوضحت المبادرة أن هذا الوضع يمثل تمييزًا للطاقة النووية على مصادر توليد الكهرباء الأخرى التي لا تتمتع بهذه المزايا.