حظر النشر عن مشروع الضبعة النووي ...مزيد من التخويف والشكوك
بيان صحفي
أعربت المنظمات الموقعة أدناه عن انزعاجها الشديد من الأنباء المتداولة عن قرارٍ بحظر النشر عن مشروع الضبعة النووي، وطالبت الجهات المسئولة بالإفصاح عن ملابسات صدوره وإعلان الرجوع عنه، كما طالبت بضرورة إتاحة المزيد من المعلومات وباحترام مبادئ الشفافية والمشاركة المجتمعية فيما يتعلق بموضوع المحطة النووية التي أحاطها الكثير من التعتيم منذ البداية.
كانت الحكومتان المصرية والروسية قد وقعتا في 19 نوفمبر 2015 اتفاقية لبناء محطة نووية من أربعة مفاعلات لتوليد الكهرباء في الضبعة بطاقة كلية 4800 كيلو وات. وطبقًا لتقارير صحفية فقد تضمنت الاتفاقية عددًا من الوثائق المتعلقة بالوقود النووي والالتزامات الخاصة بكل طرف في أثناء التشغيل وتدريب العاملين والمعايير والبنية التحتية النووية. كما أنه قد تم أيضًا توقيع اتفاقية قرض روسي بمبلغ 25 مليار دولار لتمويل المحطة، يسدد من عائد بيع الكهرباء للمستهلكين عقب تشغيلها.
وفي يوم الاثنين 21 ديسمبر نقلت عديد من وسائل الإعلام عن وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أن النائب العام أصدر قرارًا بحظر النشر في مشروع المحطة النووية بالضبعة إلا بعد الرجوع إلى الجهات الأمنية المعنية، ومكتب وزير الكهرباء، لكن نُشر في اليوم التالي أن القرار لا يستند إلى مصدر قضائي أصلًا، بل أَمْلَته جهة إدارية شفويًّا على محرري الوكالة ﺩﻭﻥ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺪﻭﺍﻓﻊ ﻭﺍﻷﺳﺒﺎب.
لا يبيح القانون المصري حظر النشر إلا من جهات قضائية وفي سياق دعوى قضائية ولمصلحة العدالة والخصوم وينحصر حظر النشر على موضوع الدعوى. وليس من حق السلطة التنفيذية أو رئيس الجمهورية إصدار مثل تلك القرارات إلا لأسباب عسكرية، وهو ما لا ينطبق على مشروع إنشاء محطة لتوليد الكهرباء بالضبعة حتى وإن كانت نووية.
خيار امتلاك محطات نووية ليس خيار الحكومات والمتخصصين فقط بل هو خيار المجتمع الذي سيتحمل عبء هذا الاختيار. فسنوات البناء الطويلة وسنوات تشغيل المحطة التي تصل إلى 60 عامًا، ثم سنوات التكهين والتفكيك وتخزين الوقود النووي التي قد تزيد بمفردها على 100 عام، ثم التكلفة المالية الباهظة لبناء المحطات النووية، ويضاف إلى ذلك مخاوف ومخاطر احتمالات أي خطأ أو كارثة نووية، كل هذا يضع عبئًا ثقيلًا على الأجيال الحالية والقادمة ولهذا يجب أن يتفق ويوافق عليه المجتمع.
لم يتم إقامة حوار مجتمعي واسع حول قرار المحطة النووية يتيح مشاركة المجتمع وقبوله وطمأنته على إجراءات السلامة، كما لم تنشر تفاصيل الاتفاقية في الجريدة الرسمية حتى الآن، ولا أي معلومات حول بنود العقود المتعلقة بالإنشاء والتشغيل والوقود النووي وباقي التفاصيل. وطغت على الساحة الإعلامية الشعارات الحماسية بدلًا من النقاشات العلمية. حق أصيل للمواطنين أن يكونوا على معرفة وبينة بكل تطورات الموضو ع وملابساته وأن يشاركوا في قرارات شديدة الأهمية مثل مصير النفايات النووية على سبيل المثال، وحظر النشر يحرمهم من هذا الحق. وما يثير المزيد من القلق والشكوك أن قرارًا بحظر النشر صدر عقب اجتماع ضم الرئيس ووزير الكهرباء بعد عودته من روسيا لمناقشة عقود وتفاصيل الاتفاق النووي.
يضمن الدستور المصري حق الأفراد في الحصول على المعلومات، ورغم أن القرار كما اتضح لا سند له من القانون، لكنه كفيل بإشاعة مناخ من الترهيب والرقابة الذاتية على كل من يرغب في التعرض للموضوع. وفوق هذا يعبر هذا التصرف من جانب السلطة التنفيذية عن عدم احترام للقانون والدستور وأيضًا عن سيطرة الأسلوب البوليسي في الإدارة. وكان من الأجدى أن تقوم الحكومة بنشر معلومات أكبر عن الموضوع وإتاحة المعرفة بدلًا من حظر النشر الذي يثير الغضب والمخاوف.
المنظمات الموقعة:
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون
المركز المصري للإصلاح المدني والتشريعي
المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
المفوضية المصرية للحقوق والحريات
مركز الحقانية للمحاماة والقانون
مؤسسة حرية الفكروالتعبير