المبادرة المصرية: سنستمر في العمل رغم القيود لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر
بيان صحفي
دعا مجلس أمناء المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم الحكومة إلى إنهاء حالة الترقب والتهديد المسيطرة على علاقة الدولة بمؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان المستقلة. وأعلن مجلس المبادرة ـ المسجلة حالياًّ كشركة مصرية ذات مسؤولية محدودة ـ أنه رغم رفضه للقيود التي يفرضها قانون الجمعيات المعيب الصادر عام ٢٠٠٢ والساري حالياًّ، فإنه قرر مواصلة النضال الحقوقي المستقل للمبادرة المصرية عبر التقدم لتسجيل أنشطته تحت هذا القانون، مع الاستمرار في العمل على إسقاطه، وأن يستبدل به قانون ديمقراطي لتنظيم العمل الأهلي.
ويأتي قرار مجلس أمناء المبادرة مع استمرار تحفظاته العديدة على قانون العمل الأهلي الساري، لأن تنفيذ هذا القانون يتم بطريقة تسعى إلى تكريس السيطرة الحكومية الكاملة على كل أنشطة وتمويل المنظمات الأهلية، وتعيين أعضاء مجالس إداراتها، فضلًا على تمكين سلطة الحكومة من حل المنظمات دون حكم قضائي وفرض عقوبات سالبة للحريات لمخالفات إدارية. وقد أكدت الحكومة نفسها عدم سلامة الإطار القانوني الحالي حينما أعلنت - أمام مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في سنة ٢٠١٠ عن عزمها تعديل هذا القانون الذي صار متنافيًا مع دستور مصر الصادر في ٢٠١٤، والذي يقر بحق المنظمات اﻷهلية في العمل بمجرد الإخطار.
وقد أعلنت المبادرة المصرية مرارًا، ومعها منظمات حقوقية مستقلة أخرى، أنها ترحب بقانون ديمقراطي، يتماشى مع الدستور القائم والتعهدات الدولية، بما يمَكِّن هذه المنظمات من العمل، ويمَكِّن المجتمع من الرقابة الكاملة على أوجه الإنفاق ولكن دون تدخل في النشاط، طالما كان في إطار الدستور والقانون، ولكن الحكومات المتعاقبة على مدى السنوات الأخيرة أبت أن تضع قانوناً جديدًا يكفل الشفافية، بل وأصدرت عدة تعديلات قانونية في قانون العقوبات كان من آثارها أن أصبح العاملون في النشاط المدني مهددين بالسجن بمدد طويلة تحت مواد قانونية فضفاضة ومطاطية. كما سعت المبادرة ـ مثلها مثل منظمات عدة أخرى في هذا المجال ـ إلى حوار مع وزارة التضامن الاجتماعي لتحديد ماهية الأنشطة التي تخضع لقانون الجمعيات الحالي، ولكن الحكومة اكتفت حتى الآن بالحديث إلى المنظمات المستقلة عبر وسائل الإعلام بدلًا من الاجتماع معها مباشرة.
وتؤكد المبادرة المصرية على أنها ستستمر في النضال من أجل الدفاع عن حقوق وحريات المصريين المدنية والسياسية، والحق في العيش الكريم والعدالة الاجتماعية، وذلك في إطار الوضع القانوني الحالي للمبادرة، والمعترف به من جانب الدولة والمتفِق تماماً مع القوانين المصرية الحالية، وسوف تسعى أيضًا - من أجل تجنب أي تعسف في تطبيق القانون من قبل الجهات الرسمية - إلى العمل على إنشاء منظمة أهلية تزاول من خلالها اﻷنشطة التي قد تخضع لقانون الجمعيات اﻷهلية الحالي، بشرط أن يتم التصريح لهذه المنظمة بالعمل بحرية. ويشدد مجلس الأمناء على عزمه في كل الأحوال أن تواصل المبادرة المصرية عملها في مراقبة الانتهاكات في أقسام الشرطة والسجون ومرافق العدالة الجنائية الأخرى، ومراقبة سياسات الدولة المعنية بضمان العدالة الاجتماعية والاقتصادية وفقًا للدستور ولالتزامات مصر الدولية في مجالات عدة منها الرعاية الصحية وتوفير السكن اللائق والتعليم الجيد للمواطنين.
وأوضح المجلس أن المبادرة المصرية، وغيرها من المؤسسات والشركات والمنظمات المستقلة المعنية بحقوق الإنسان المستقلة في مصر، تعاني منذ وقت طويل من حملات التشويه الإعلامي والتهديد الأمني، ومن اقتحام بعض مقارها. وعانى العاملون فيها من ملاحقات أمنية شملت احتجاز عاملين منهم، بل وسجن بعضهم بتهم ملفقة، نذكر منهم الزميلة يارا سلام، مسؤولة ملف العدالة الانتقالية في المبادرة، المحكوم عليها بالسجن ثلاث سنوات، وعديدين مثلها فقدوا حريتهم بسبب قوانين قمعية وإجراءات قانونية وقضائية تحيط سلامتَها وحياديتها شبهاتٌ كثيرة.
ويؤكد مجلس الأمناء على أن العمل الحر المستقل لمنظمات حقوق الإنسان يساهم بقوة في مواجهة الإرهاب في إطار القانون، ويساهم في إيصال صوت المجتمعات الفقيرة والمهمشة المطالبة بحقوقها، وفي ضمان التزام الأجهزة التنفيذية بالعمل في إطار القوانين التي أقسمت على احترامها. ويلفت المجلس نظر الحكومة إلى عشرات المقترحات والسياسات والقوانين الإصلاحية التي أصدرتها المبادرة المصرية ومنظمات أخرى مستقلة في مجالات عديدة، منها: إصلاح الشرطة، وتأمين الأدوية للفقراء وبخاصة مرضى الكبد، وإعداد قانون متكامل للتأمين الصحي، واقتراح تعديلات تشريعية وتنفيذية واقعية قائمة على خبرات دول مشابهة في مجالات عديدة ولمؤسسات وقوانين مختلفة من أجل ضمان الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
إن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ـ وهي تقرر اليوم مواصلة نضالها الذي بدأت مسيرته منذ تأسست قبل اثنتي عشرة سنة ـ تعلن بدء مرحلة جديدة من هذا العمل، يضمن لها الاستمرار في كشف ومواجهة وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، واقتراح توصيات للعمل على وقف هذه الانتهاكات، ومحاربة كافة القيود والخطط الحكومية الرامية إلى وقف هذا الجهد الوطني الحيوي وتخويف المصريين من الانخراط في صفوفه. وفي الوقت الذي تشهد فيه مصر أسوأ أوضاع حقوق الإنسان وسيادة القانون منذ عقود، فإن أعضاء ومجلس أمناء المبادرة المصرية يؤكدون على أن مواجهة هذه الأزمة الحالية واجبةٌ على كل من شارك في ثورة الخامس والعشرين من يناير وما قبلها وما بعدها من نضالٍ، كان دومًا يطالب بالحرية وبالكرامة وبالعدالة الاجتماعية.