وعد فأخلف.. ولازال التعذيب مستمرا

بيان صحفي

26 June 2013

بعد أربعة أيام من اليوم، 26 يونيو ..اليوم العالمي لمناهضة جريمة التعذيب والتضامن مع ضحاياه، يمر عام على تولي محمد مرسي رئاسة الجمهورية.. رئيسا مدني منتخبا بعد ثورة أطاحت بمبارك وظلت تلاحق المجلس العسكري بالمظاهرات والاحتجاجات واظهار الأدلة على ما ارتكب من جرائم، حتى سلم السلطة يوم 30 يونيو 2012. وبدا وكأن مصر على وشك ان تبدأ مرحلة جديدة مما عرف بإسم المرحلة الانتقالية والتي برز تحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية ضمن أهم مهامها.. وعدنا، نحن المنظمات الحقوقية والمهتمين والمهتمات بقضايا التعذيب على وجه الخصوص إلى الملفات القديمة، وإلى كل ما أغلق من ملفات التعذيب وأجهض في أدراج مكتب النائب العام.. تصورا أو أملا منا في أن يكون الأوان قد آن لإعادة فتحها وتقديم المتهمين بالتعذيب للمحاكمات العادلة وتحقيق العدالة والكرامة الإنسانية التي نادت بها الثورة.. وكيف لا وقد وعد الرئيس المرشح الشعب بأن مسئولية من قتل وسجن وعذب ظلما مسئولية" في رقبته".. و بعد أن وعد بالقصاص ممن أهانوا الشعب وذلوه وحصدوا شبابه ان لم يكن في المعتقلات وأقسام الشرطة ففي الشوارع خلال الأيام الثمانية عشر الأولى من الثورة ثم خلال ست شهور من حكم العسكر..

وتمر المائة يوم الأولى ثم الست شهور الأولى ثم العام الأول لنكتشف ان "الوعد" لم يكن موجها لمن ظلم وقتل وعذب من أبناء وبنات الشعب. وإنما يبدو أنه كان موجها لرجال النظام من عسكر وشرطة، وكأن الريس كان يعدهم هم بأن يقتص لهم من الشعب الذي ثار عليهم وعلى جبروتهم..

فتوالت أحكام البراءة على القتلة من الضباط وإن حكم فمع وقف التنفيذ

وتوالى الصلح مع رموز نظام مبارك مقابل حفنات من المال هنا وهناك على حين يمضي الثوار شهورا في السجون بتهمة وراء الأخرى، يخلى سبيلهم من إحداها ليجد تهمة تالية تضمن بقائهم وراء القضبان

وبدلا من محاكمة رموز المجلس العسكري على ما اقترفوه من جرائم في حق الثوار داخل المتحف المصري والسجون الحربية.. قلد الرئيس أعلى رموزه أعلى قلادة في البلاد تكريما لما بذلوه من جهد من أجل إنجاح الثورة!

وبدلا من تطهير الداخلية وإصلاحها يبقى الجهاز الأمني على ما هو عليه وقد تبدل اسم أحد أقبح مؤسساته "جهاز أمن الدولة" ليصبح "جهاز الأمن الوطني" وإن لم تختلف أساليبه من خطف وتعذيب واعتقال واقتحام للمنازل وأخذ رهائن..

وبدلا من محاسبة من تسببوا فيما سبق من جرائم التعذيب.. تضخم سجل التعذيب في ظل الحكم "المدني" فلا يكاد يمر يوم أو يومين دون أن نسمع عن ضحية تعذيب جديدة في قسم من الأقسام أو مكتب أمن أو كمين شرطة.. وأصبح إطلاق الرصاص الميري على المواطنين لأبسط سبب أمرا مألوفا سقط بسببه العشرات في الشوارع.

وفي ظل خطاب رسمي يتحدث عن "الحب" والأخلاق والتراحم الخ.. انتشرت ظاهرة التعذيب الجنسي داخل الأقسام والسجون بل وفي الشوارع لا تميز بين رجل وامرأة ولا كبير أو صغير وكأن الأخلاق التي يروجون لها تستثني من يعارضون النظام بعد أن اكتشفوا خواء الوعود واستمرار النظام على ما هو عليه من حيث القمع والتعذيب والظلم.. وإن ذكرنا أنفسنا أن ثورة قامت في يوم الشرطة مدفوعة بغضب ورفض لجبروت الشرطة وجلاديها فلا نبالغ إن قلنا أن النظام لم يبق على ما هو عليه بل أصبح أسوأ، وأصبح التعذيب الجنسي في الأقسام والسجون أحد أقبح ملامحه

بعد أربعة أيام يمر عام على تقلد محمد مرسي مسئوليات الرئاسة.. 365 يوم شهدت مئات المظاهرات والاحتجاجات تذكر الرئيس المنتخب بوعوده قوبلت بالغاز والخرطوش والرصاص الحي والسجن والتعذيب.. 365 يوم رصدت فيها هذه المنظمات ما يقرب من 300 حالة تعذيب فردية، لا تتضمن حالة سوء المعاملة الجماعية في فض الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات.. وما يقرب من 157 حالة قتل ووفاة في المظاهرات وأقسام الشرطة والسجون.. غير مئات المعتقلين ومن بينهم ما يزيد عن 300 طفل غير الضحايا الذين لم تجد أسماءها طريقها إلى الإعلام ولا إلى هذه المنظمات ولا تتضمن أكثر من 60 جثة قيل أنها مجهولة سلمتها أقسام الشرطة للمشرحة وصرحت النيابة بدفنها يعلم الله كيف ومتى وأين وبأي يد قتلت، كما لا تتضمن العشرات الذين فقدوا عيونهم بالخرطوش بعد يوم 11 فبراير 2011 ولا المئات ممن أصيبوا ضربا أو رميا بالخرطوش أو الرصاص سواء من شرطة النظام أو شبابه..

كان المفترض بعد أكثر من عامين على رحيل مبارك وعام من انتهاء حكم العسكر أن نحتفل ببعض من انتصارات على مجرمي التعذيب أو بتعديلات تشريعية تنصف ضحايا التعذيب وتضمن تطبيق العدالة حتى لو كان الجاني موظفا عموميا.. أو ببوادر إعادة هيكلة الداخلية وتطهيرها من رموز القمع والتعذيب.. ناهيك عن باقي مطالب الثورة التي الزم مرسي نفسه بانجازها

لكن شيئا من ذلك لم يحدث.. لذلك نقف اليوم الأربعاء، 26 يونيو، في اليوم العالمي لمناهضة التعذيب رافعين صور الضحايا وصور المتهمين بتعذيبهم.. نؤكد من جديد على أن جرائم التعذيب لا تسقط بالتقادم ونجدد العهد على أننا لن ننسى وسوف نستمر في الحشد والتعبئة والضغط والتضامن، يدعمنا أهالي الضحايا والثوار ومطالب الثورة حتى نطهر هذا البلد من التعذيب وجلاديه..

 

وإن غدا لناظره قريب

 

المنظمات الموقعة (أبجديا):

مؤسسة حرية الفكر والتعبير

المبادرة المصرية للحقوق الشخصية

المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية

مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف والتعذيب

 

القاهرة 26 يونيو 2013