يناقشه مجلس الشورى دون تشاور مع الحركات والنقابات المستقلة - المبادرة المصرية: مشروع "نقابة الدعاة" استمرار لسياسة الدولة في تقييد المجال الديني والاعتداء على الحرية النقابية
بيان صحفي
حذرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية من إقرار مجلس الشورى مشروع قانون "نقابة الدعاة" المعروض على المجلس حاليا، والذي يتضمن إخلالا بحرية الدين والمعتقد وإخلالا بالحرية النقابية، وقالت إن مشروع القانون أعدته لجنة تضم قيادات وزارة الأوقاف بينما تشكو حركات ونقابات مستقلة للدعاة العاملين بوزارة الأوقاف من عدم التشاور معهم بخصوص مشروع القانون.
وكانت اللجنة التشريعية بمجلس الشورى قد وافقت في 2 أبريل 2013 على مناقشة المشروع المقترح لإنشاء "نقابة الدعاة"، والذي يمنع في مادته السابعة غير أعضاء النقابة من ممارسة الخطابة أو الدروس الدينية، أو تدريس علوم الشريعة بالمساجد أو عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، أو الإنترنت أو غيرها من الوسائل. وهو ما يمثل تقييدا لحرية الدين والمعتقد وحرية التعبير، ويعطي النقابة سلطة احتكار التعبير الديني لأعضائها فقط، وهو ما يمثل امتدادا لسياسات وقرارات وزارة الأوقاف التي تقيد حرية الدعوة والتعبير الديني في المساجد إلا بترخيص من الوزارة، ومحاولة للزج بهيئة نقابية تشارك في ذلك، لعجز وزارة الأوقاف بإمكاناتها المادية والبشرية عن فرض سيطرتها على كل المساجد.
وقال عمرو عزت، مسئول ملف حرية الدين والمعتقد في المبادرة المصرية: "إن مشروع القانون يعطي النقابة سلطة منح تراخيص ممارسة الدعوة الدينية عبر مختلف الوسائط، ويجعل عضويتها إجبارية لمن يريد أن يمارس الدعوة، وهو ما يناقض أقل الحريات النقابية، كما أنه يتجاهل أن ممارسة الدعوة الدينية و التعبير الديني حق لصيق بحرية الفكر والاعتقاد والدين التي لا يجب أن تكون مقتصرة على فئة دون أخرى ولا تحتكرها الدولة أو هيئة أو نقابة".
وينضم هذا المشروع إلى سلسلة من أدوات التسلط من قرارات وسياسات تتبعها القيادات الجديدة لوزارة الأوقاف مثل: مشروع قرار وزير الأوقاف رقم 75 لسنة 2013 بخصوص مجالس إعمار المساجد، وبروتوكول التعاون بين الوزارة وجمعيات بعينها لتنسيق الإشراف على المساجد. وهي كلها سلسلة من محاولات ترقيع الوضع السلطوي الذي يعطي الوزارة حق السيطرة على المجال الديني الإسلامي، الذي استغلته الأجهزة الأمنية من قبل لبسط سيطرتها عبر وزارة الأوقاف. والآن يتم الاستعانة بأدوات جديدة مثل مجالس إعمار منتخبة من جمعيات عمومية من رواد المساجد يحددهم إمام الأوقاف، وبروتوكولات مع جمعيات إسلامية دعوية على رأسهم الجمعية الشرعية التي ينتمي إليها الوزير ورئيس القطاع الديني في الوزارة، ومشروعات نقابات تؤسسها قيادات الوزارة وتشترك مع الوزارة في بسط السيطرة على المجال الديني وتقييده، في استمرار لسياسات النظام السابق مع استبدال الأجهزة الأمنية بأدوات أخرى.
ويتجاهل مشروع القانون أن أحد أسباب الاحتقان والتوتر الحادث الآن بين صفوف الأئمة العاملين في وزارة الأوقاف هو اتهامهم لسياسات وقرارات الوزارة بالانحياز إلى اتجاهات بعينها مقربة من القيادات الجديدة للوزارة، وهو ما يسمح به الوضع السلطوي والمركزي لوزارة الأوقاف برغم تعدد الآراء والمدارس الدينية الإسلامية.
وتقدم بمشروع القانون إلى مجلس الشورى ممثلون عن "نقابة الدعاة" تحت التأسيس، التي يقودها الدكتور جمال عبد الستار، مدير الإدارة المركزية لشئون الدعوة في وزارة الأوقاف، والمنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين. بينما صرح أئمة ينتمون إلى "النقابة المستقلة للدعاة" بأنه تم تجاهلهم في أثناء إعداد مشروع القانون. وأصدرت حركة "أئمة بلا قيود" بيانا أكدت فيه أنه تم تجاهلها أيضا في النقاش حول مشروع القانون قبل التقدم به لمجلس الشورى.
ويمثل القانون أيضا استمرارا لسياسات قمعية تعتدى على الحريات النقابية، وتقيد حق أي مجموعة من أبناء المهن في تكوين نقابة مهنية، وفي حرية الانضمام أو عدم الانضمام إلى أي نقابة، واستمرارا لنهج تقييد العمل النقابي المهني بنقابة مهنية واحدة، ينظمها قانون تصدره الدولة بدلا من حرية أي مجموعة من أبناء المهنة في وضع لوائح ونظما يختارونها، وتخلط النقابة المهنية الواحدة بين العمل النقابي وبين شئون تنظيم ممارسة المهنة إن كان ذلك ضروريا. وهو الوضع الذي كرسه الدستور المصري الحالي، في مخالفة للنصوص التي تحمي الحرية النقابية وتعددها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية واتفاقيات منظمة العمل الدولية.
وطالبت المبادرة المصرية بعدم إقرار مشروع القانون الذي يسير عكس إتاحة الحرية في المجالي الديني. و تنادي بضرورة الاستماع إلى الحركات والمجموعات الممثلة لكافة أطياف الدعاة العاملين بوزارة الأوقاف، والتوقف عن نهج إنشاء نقابات مهنية بقوانين تصدرها المجالس التشريعية، مع فتح الباب أمام النقابات المستقلة وحرية التعدد النقابي .
كما تؤكد المبادرة على موقفها الداعي إلى ضرورة السير في اتجاه تحرير المجال الديني من سلطة الدولة وضمان تعدده ومراجعة وضع المؤسسات الدينية الإسلامية التي لا تزال ذات صلة بالدولة بخاصة وزارة الأوقاف التي تعد جزءا من السلطة التنفيذية و في الوقت نفسه لا تزال تمتلك سلطة الإشراف على كل المساجد وأنشطة الدعوة الإسلامية فيها.