بعد إرسالها بعثة لتقصي الحقائق في وفاة شهيد السويس... "المبادرة المصرية": انتهاكات متكررة للحريات الشخصية في السويس وتراخي الشرطة في مواجهتها مقدمات لجريمة مقتل الطالب أحمد عيد

بيان صحفي

11 يوليو 2012

تصريحات وزير الداخلية مؤشر سلبي على تبرير جهاز الشرطة للانتهاكات وعدم مواجهتها

أوفدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بعثة لتقصي الحقائق في واقعة وفاة أحمد حسين عيد، الطالب بكلية الهندسة بإحدى الجامعات الخاصة بالقاهرة، والمقيم في مدينة السويس، أثناء تلقيه العلاج في المستشفى الجامعي في الإسماعيلية مساء الأحد 1 يوليو الجاري، متأثرا بإصابة في فخذه طولها سنتيمتران اثنان، كما أفاد التقرير الطبي المبدئي لمستشفى التأمين الصحي في السويس. وزارت البعثة مدينتي السويس والإسماعيلية.

واستمع باحثو المبادرة المصرية إلى شهود من المترددين على مكان الحادث، والذي يعد منتزها لأهالي السويس، حيث أفاد عدد منهم عن تكرار واقعة توقيف بعض الأفراد لبعض المترددين على المكان وسؤال الرجال والنساء المتواجدين معا عن درجة القرابة التي تربطهم، وتوبيخهم على ما يعتبرونه "مخالفة للشرع والآداب". وأن ذلك تسبب في عدد من المشادات والمشاجرات.

وأفاد الشاهد (أ. ع.) أنه تعرض للتوقيف من اثنين من الأفراد أثناء تواجده مع إحدى قريباته في منطقة الكورنيش في نوفمبر الماضي. وطلبا منه إبراز ما يثبت قرابتها له وقال أن أحدهم قام بتوبيخه وتعدى عليه بالضرب الخفيف وحدثت مشادة بينهما تدخل على إثرها أفراد من الشرطة والشرطة العسكرية. وقال أنهم كانوا يعرفونه وينادونه بـ"الشيخ وليد". واتهم الشاهد أمين شرطة بالاشتراك مع الشيخ وليد في توبيخه وقاما بفض المشادة، وأمره وقريبته بالانصراف من المكان.

وأفاد الشاهد (م. ع.) -سائق تاكسي- أنه تكرر مشاهدته لمشاجرات في منطقة الكورنيش بسبب قيام أفراد بتوقيف آخرين والاعتراض على سلوكهم، وأنه تم توقيفه شخصيا قبل حوالي شهر من قبل شابين بسبب توقفه إلى جوار الطريق ومعه إحدى قريباته في السيارة، وسألاه عن درجة قرابتهما وحدثت مشادة بينهما لرفضه الرد على أسئلتهما وقيامهما بسبه وتوجيه الاتهامات إليه وأنه اضطر لتهديدهما باستعمال العنف معهما حتى ابتعدا عنه.

وأفاد الشاهد إسلام شاهين، مهندس، أثناء تواجده مع زوجته في حديقة عامة مقابلة لنقابة المهندسين بجوار منطقة الكورنيش في نفس يوم الحادثة، أنه شاهد ثلاثة على موتوسيكل توقفوا أمام الحديقة وتوجهوا إلى شاب وفتاة جالسين وبدأوا في توجيه النصح إليهما والاعتراض على سلوكهما وحدثت مشادة بين أحدهم والفتاة بعد اتهامه لها بأنها "غير محترمة" واعتراضها بحدة على تدخلهم. ورحل الأفراد الثلاثة على الموتوسيكل بعد فترة من الاشتباك اللفظي. ونقل والد المجني عليه عن الشاهدة التي كانت بصحبته وقت إصابته، حيث لم يتسنى لباحثي المبادرة لقاءها، أن أحمد تعرض لاعتداء من شخص حاول هو واثنان معه التعرض لهما في أثناء تواجدهما بجوار سينما رينسانس في شارع الجيش بالسويس يوم 25 يونيو حوالي الساعة السابعة مساء. ونقل الأب أيضا أن ثلاثة أفراد قاموا بسؤالها هي والمجني عليه عن وجودهما في هذا المكان ووبخوهما وحدثت مشاجرة بينهم وبين المجني عليه تلقى على إثرها طعنة من أحدهم بآلة حادة في فخذه. وذكرت له أنها في أثناء محاولة الاستغاثة بأحد المارة، قال أحدهم كان بالقرب من المشاجرة أن واحدا من الثلاثة يدعى "الشيخ وليد". وقامت الشاهدة بالاتصال بالنجدة التي وصلت بعد نصف ساعة وتم نقله إلى مستشفى التأمين الصحي بالسويس وتم تحرير محضر رقم 2577 جنح السويس في نقطة الشرطة التابعة للمستشفى.

وقال والد المجني عليه أن مستشفى التأمين الصحي أخبرتهم أن المجني عليه مصاب في شرايين فخذه الأيسر وأنه لا يوجد في المستشفى أو أي من مستشفيات السويس جراح للأوعية الدموية، فتم نقل المصاب إلى المستشفى الجامعي بالإسماعيلية التي رفضت استقباله وقال مسئولوها أنه لا توجد أماكن كافية. وبعد محاولات مع عدة مستشفيات في الإسماعيلية رفضت استقباله، مثل المستشفى العام ومستشفى الجلاء، عاد الأب مع ابنه المصاب إلى المستشفى الجامعي واستقبلته بعد إلحاح منه.

وحسب التقرير الطبي للمستشفى الجامعي في الإسماعيلية فإن المجني عليه، أحمد حسين عيد، دخل المستشفى يوم 26 يونيو 2012 وهو يعاني من جرح طعني بالفخذ الأيسر أدى لإصابة شريان الساق اليسرى، وكانت حالته العامة سيئة ومصاب بنزيف حاد وهبوط في ضغط الدم، وتم حجزه في العناية المركزة وأثناء ذلك حدث توقف مفاجئ للقلب والرئتين وباءت محاولات إنعاشهما بالفشل وتوفى الساعة السادسة مساء الأحد 1 يوليو 2012.

وأفاد استقصاء باحثي المبادرة المصرية أن المشهور بـ"الشيخ وليد" يدعى وليد حسين بيومي، عامل، وهو ينتمي إلى أوساط السلفيين، غير معروف انتماؤه إلى جماعة أو حزب محدد. ولكنه يؤم المصلين أحيانا في مسجد "النبي موسى". ولم يجد باحثو المبادرة المبادرة أية أدلة أو شهادات على وجود ما أشيع أنه تنظيم "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".

وتعبر "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" عن إدانتها لأي محاولات من مواطنين لتوقيف آخرين واستجوابهم بدون صفة أو داع وبشكل ينتهك حرياتهم الشخصية بدوافع الوعظ أوحماية الشرع والآداب العامة.

وتطالب النيابة العامة بسرعة التحقيق والكشف عن أسباب الوفاة، بما فيها مدى إهمال أو تقصير الإسعاف ومستشفيات السويس والإسماعيلية التي رفضت أو تراخت في إسعاف المجني عليه حتى موته متأثرا بالإصابة -  حيث اتهم والد المجني عليه في أقواله مستشفى التأمين الصحي بالسويس والمستشفى الجامعي بالإسماعيلية بالإهمال في علاج نجله - وتقديم الجناة جميعهم إلى المحاكمة العادلة.

كما تعبر عن إدانتها لتقصير جهاز الشرطة في التدخل وحماية المواطنين من هذه المحاولات، وتطلب التحقيق مع أفراد الشرطة في تراخيهم عن مواجهة مثل هذه الأفعال ومحاسبة المقصرين في مواجهتها أو الاشتراك فيها. وتدين تصريحات وزير الداخلية الذي تجاوز دوره في محاسبة الخارجين على القانون، باختلاق عذر يخفف جريمتهم بدعوى أن الشاب المجني عليه قاومهم، بدلا من أن يرفض محاولة توقيف الشاب والتعدي عليه من جانب أفراد غير ذي صفة.

وقال عمرو غربية مدير الحريات المدنية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "إن في تصريحات وزير الداخلية مؤشر على تبرير الوزارة لانتهاك الحريات الشخصية بما يخالف القانون، وهي بالتالي إشارة سلبية أخرى على كفاءة أدائها لوظيفتها في حماية الأفراد من هذه الانتهاكات التي يبررها الوزير بنفسه، بل و يلوم فيها القتيل على عدم اعتذاره للجناة".

وترفض المبادرة المصرية اتهام تيار أو جماعة أو فئة من فئات المجتمع بأكملها بجريمة أفراد أو استغلال ذلك للتحريض عليه، ولكنها في الوقت نفسه لا تخلي الدعاة ورموز بعض التيارات والأحزاب الإسلامية من مسؤوليتهم، وتناشدهم مراجعة خطابهم بخصوص الحريات العامة والشخصية والدعوة لتقييد بعضها بمبررات دينية، وهو ما يفتح الباب لبعض المتأثرين بهذا الخطاب إلى محاولة تقييد سلوك بعض المواطنين أو الاعتراض عليه بمبادرات شخصية منهم.

وأضاف غربية: "على الأفراد في المجتمع احترام الحريات الشخصية للآخرين وتجنب التعدي عليها بدعوى تطبيق القانون أو حفظ الآداب العامة، وهو ما قد يؤدي لاحتكاكات عنيفة تؤدي إلى تكرار مثل هذه الحادثة."