المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: على وزير الداخلية أن يسحب فوراً قرار "مكافآت القتل"... سياسة الوزير الجديد تخالف قانون هيئة الشرطة وتفتح أبواب جهنم
بيان صحفي
أدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية سياسة وزير الداخلية الجديدة التي تشجع ضباط الشرطة على استهداف الأشخاص بغرض قتلهم بل وتمنحهم حافزا على ذلك في صورة مكافأة مالية. وقالت المبادرة المصرية أن سياسة الوزير تنتهك جميع القوانين والمعايير المصرية والدولية، وطالبت الوزير بأن يعلن فوراً عن سحب قراره المعيب واستبداله بسياسات رشيدة وقانونية لضبط العمل الشرطي.
وكان وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم المعين قبل أسابيع قليلة في حكومة الدكتور كمال الجنزوري قد أعلن عن سياسته الجديدة من خلال تصريحات صحفية أثناء زيارته لقسم شرطة الفيوم يوم الأحد 1 يناير، جاء فيها أنه سوف يكافئ كل ضابط يقوم بإطلاق النار على بلطجي ويقتله، إذا كان البلطجي بادر بإطلاق النيران.
وقالت ماجدة بطرس، مديرة قسم العدالة الجنائية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "لم نكن نتخيل أن تكون أول أعمال وزير الداخلية الجديد أن يعطي ضباط الشرطة رخصة للقتل مع حافز مالي، وخصوصا بعد أعمال القتل الواسعة التي ارتكبها أفراد الشرطة أثناء الثورة. وبدلا من أن يبدأ الوزير بسن سياسات تشجع على ضبط النفس من قبل قوات الأمن يقول سيادة الوزير لضباطه: اقتلوا ولن نحاسبكم، بل واقتلوا وسوف نكافئكم."
وأضافت: "هذه السياسة تحول الشرطة من هيئة مسئولة عن الحفاظ على أمن المواطنين وضبط المشتبه فيهم لعرضهم على العدالة، إلى هيئة لعقاب المشتبه فيهم فورا، بدون اللجوء إلى القضاء والقانون، وبأبشع الصور: القتل العمد."
وأوضحت المبادرة المصرية أن القانون لا يسمح للضابط بالقتل العمد بمجرد "مبادرة البلطجية بإطلاق النيران" – حسب وصف الوزير – وإن كان يسمح باستخدام السلاح بضوابط محددة. فالمادة 102 من قانون هيئة الشرطة تبيح لرجل الشرطة استعمال السلاح فقط في القبض على متهم متلبس بجنحة يجوز فيها القبض، إذا كان إطلاق النار هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق ذلك، ويجب أن يبدأ رجل الشرطة بالإنذار بأنه سيطلق النار وأن يطلق النار بالطريقة التي تحددها اللوائح. ولا يسمح قانون الشرطة بأي شكل بإطلاق النيران على مواطن بهدف قتله، بل فقط بهدف ضبطه ومنعه من الفرار.
وفي حالة الدفاع الشرعي عن النفس أو عن الغير ضد خطر جسيم يهدد الحياة فإن ذلك أيضا مقيد بشروط قانونية، منها أن يكون الشخص الذي يدافع عن نفسه يواجه خطرا جسيما على وشك الوقوع وألا يكون في قدرة الشخص منعه بطريقة أخرى، طبقاً للمادة 61 من قانون العقوبات. وأضافت المبادرة المصرية أن ضباط الشرطة يمتلكون سلطات تسمح لهم بالدفاع عن النفس وعن الغير بدون اللجوء إلى استخدام السلاح، مثل القبض والتفتيش والاستجواب. وفي جميع الأحوال، فإن أي حادث قتل يستدعي تحقيقا قضائيا حتى ولو كان دفاعا عن النفس، ويقع عبء الإثبات على الضابط المتهم في هذه الحالة.
كما دعت المبادرة المصرية وزير الداخلية لإيجاد حلول عملية ومستدامة للمشكلات الأمنية بعيدا عن التصعيد في استخدام القوة والسلاح، مثل تكثيف الدوريات الأمنية في المناطق النائية مع التدخل السريع والوقائي قبل تفاقم المشاكل الأمنية، إضافة إلى تدريب رجال الشرطة على اتخاذ القرار الأفضل من أجل حفظ السلم العام والحفاظ على الأرواح والتعامل مع الجرائم والمشاكل الأمنية بأقل قوة ممكنة لتنفيذ الهدف.
وقالت ماجدة بطرس: "إن التصعيد في استخدام القوة حتى إذا كان مشروعا يترتب عليه الكثير من العواقب السلبية، وقد يتسبب في ارتفاع الإصابات غير المقصودة ويزيد من احتمالية تعريض المارة للخطر." وأضافت: "إن تسهيل استخدام الأسلحة النارية يخلق حلقة مفرغة من العنف والعنف المضاد بين رجال الشرطة والخارجين عن القانون، وأثبتت تجارب الدول الأخرى أن تصعيد العنف من قبل الشرطة لا يقلل معدلات الجرائم، بل يتسبب في ارتفاع معدل القتلى والإصابات من الجانبين بصفة مستمرة. ففي البرازيل على سبيل المثال أظهرت الدراسات أن ارتفاع معدل لجوء قوات الأمن إلى القوة القاتلة في الفترة ما بين 1999 و 2004 لم يقابله انخفاض في معدل الجريمة بل قابله ازدياد مستمر في تعريض حياة رجال الشرطة للخطر."
وقالت المبادرة المصرية أنه في جميع الأحوال يجب أن تخضع التصرفات المتعلقة بحياة المواطنين لتشريعات صارمة وواضحة ومعلنة إلى الكافة وتحت رقابة القضاء.
يذكر أن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية كانت قد أصدرت في شهر ديسمبر الماضي مدونة قواعد بشأن حفظ الأمن والقدر المسموح به من القوة المشروعة أثناء المظاهرات والاضطرابات العامة.