المحكمة العسكرية العليا تقضي بإعدام طفل لم يتجاوز الثامنة عشرة... المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تدعو للإيقاف الفوري لتنفيذ الحكم ولمراجعة شاملة للقضايا التي نظرها القضاء العسكري
بيان صحفي
أبدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية انزعاجها الشديد وقلقها البالغ من حكم المحكمة العسكرية العليا بالإعدام شنقا على أربعة أشخاص بتهمة اختطاف فتاة والاعتداء عليها في القضية رقم 390/2011 جنايات شرق القاهرة، والذي صدر أمس الموافق 16 مايو 2011. ويزداد انزعاج المبادرة المصرية وقلقها من كون أحد هؤلاء الأربعة الذين طالهم حكم "العسكرية" بالإعدام ما يزال طفلا، إذ يبلغ من العمر 17 عاما، وهو ما يتناقض مع قانون الطفل المصري وقانون القضاء العسكري ذاته فضلا بالطبع عن مخالفته للقانون الدولي.
وقال عادل رمضان، المسئول القانوني بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "الحكم الصادر بالإعدام بحق الطفل (أ.م.م) أحد المدانين الأربعة، إنما يعبر عن مدى تجاهل القضاء العسكري للقوانين المدنية والعسكرية على حد سواء، وهو ما يثير شكوكا قوية حول مدى كفاءة القضاء العسكري في تعاطيه مع محاكمات المدنيين في جرائم القانون العام."
وتنص المادة 111 من قانون الطفل المصري المعدلة بالقانون 126 لسنة 2008 على أنه "لا يحكم بالإعدام ولا بالسجن المؤبد ولا بالسجن المشدد على المتهم الذي لم يجاوز سنه الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة..." كما يتعارض الحكم أيضا مع المادة الثامنة مكرر من قانون القضاء العسكري والتي تؤكد على أنه لا يجوز محاكمة طفل من حيث الأصل أمام المحكمة العسكرية طالما لم يكن معه شريك في الجريمة من الخاضعين لأحكام قانون القضاء العسكري وهم العسكريين فقط والمنصوص عليهم في المادة الرابعة من ذات القانون، وهو أمر غير متحقق في تلك القضية حيث أن كافة شركائه من المدنيين.
وتعزز تلك القضية دعوة المبادرة المصرية وكافة منظمات حقوق الإنسان إلى إعادة النظر بصورة كلية في المحاكمات التي طالت أفرادا مدنيين أمام محاكم عسكرية دون أن يتمتعوا بحقهم في المحاكمة أمام قاضيهم الطبيعي وفق الآليات المتعارف عليها.
ومن ناحية أخرى، تكمن الخطورة في عدم توفر بيانات موثقة حول أعمار المحكوم عليهم بالإعدام من قبل القضاء العسكري ـ منذ تفعيله كمنصة تقاضٍ شبه بديلة للقضاء المدني بصورة تكاد تكون شاملة منذ تولي المجلس العسكري إدارة شؤون البلاد في شهر فبراير الماضي ـ فضلا عن عدم توفر ضمانات حقيقية حول إجراء هذه المحاكمات في أجواء تقاضٍ طبيعية تكفل للمتهمين الدفاع عن أنفسهم بصورة شاملة مع توكيل محامين يثقون في جانبهم، إلى باقي ضمانات المحاكمات العادلة.
وأضاف عادل رمضان: "تتعاظم خطورة الوضع حين يصبح القضاء العسكري بآلياته وقابلية تعرضها للخلل ـ بافتراض ارتضائها حكما بين المدنيين ـ محكا ومعيارا لاستحقاق إنسان للحياة من عدمه، وهو ما يتجسد بوضوح باعثا على التوقف والمراجعة في حالة الطفل (أ.م.م) الذي قد تتوقف حياته وأحلامه وطموحاته لدى سن السابعة عشر التي سيفارق الدنيا عندها."
ومن هنا تنادي المبادرة المصرية بالنظر الفوري في إلغاء الحكم الصادر ضد الطفل (أ.م.م)، وإعادة محاكمته أمام قاضيه الطبيعي، نظرا لتعارض الحكم مع كل من مواد قانون الطفل المصري وقانون القضاء العسكري. كما تدعو إلى الإيقاف الفوري لكل المحاكمات العسكرية التي يتعرض لها مدنيون الآن تحت ذرائع مختلفة، تتعارض كلية مع المواثيق الدولية التي وقعتها مصر بخصوص حق الأفراد في المحاكمة العادلة، وتتعارض مع محددات كل من القانون المدني والعسكري في حالات إحالة مدنيين للمحاكم العسكرية.
وتستند مناداة المبادرة المصرية بإلغاء هذه الأحكام وإعادة النظر فيها أمام القضاء المدني، على عمليات رصد موسعة وجهود بحثية موثقة، انتهت ـ وفق الشواهد المعززة ـ إلى أن المحاكمات العسكرية بشكلها الحالي، تخالف كليا بنود وروح العدالة التي يحق للمواطنين أن يتمتعوا بها، حتى في أكثر الظروف إثارة للجدل.
وتصدر المبادرة المصرية خلال أيام تقريرا معمقا حول هذه المحاكمات والخروقات القانونية والإنسانية التي تعتريها، بالإضافة لعدة توصيات من شأنها إماطة اللثام عن الحلول البديلة التي يمكن الأخذ بها قضائيا في الظروف الحالية، وبما يتسق مع المواثيق الدولية، وضمانات العدالة التي يكفلها الدستور والقوانين المصرية.