هل يحتاج أحد ضحايا التعذيب لمزيد من الألم وهو على فراش الموت؟
بيان صحفي
ناشد كل من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومركز النديم للتأهيل النفسي لضحايا العنف، و مركز هشام مبارك للقانون المسئولين اليوم للالتفات إلى معاناة الشاب ياسر عرندس عبد المقصود الذي يرقد مقيداً إلى سريره بالأغلال في مستشفى المنصورة الجامعي منذ أكثر من خمسة أشهر وقد تدهورت حالته الصحية.
وكان ياسر (26 سنة) قد فقد الوعي نتيجة تعرضه للضرب على رأسه داخل قسم شرطة بلقاس عقب اعتقاله وعدد كبير من أفراد عائلته يوم 7 يونيو 2002، وتم نقل ياسر إلى مستشفى المنصورة الجامعي، بعد أن رفض مستشفى سجن المنصورة ومستشفى المنصورة العام استقباله. وأثناء وجود ياسر بالمستشفى أثبتت الفحوص التي أجريت عليه إصابته بحالة متأخرة من السرطان بالتجويف الصدري.
وفي يوم 18 نوفمبر الماضي توجه وفد من أطباء مركز النديم ممثلين عن المنظمات الثلاث بناء على رغبة الأهل إلى المستشفى ليتفقدوا حالة ياسر والتقوا به وبأحد الأطباء المعالجين. ووجد الوفد أن ياسر قد أصيب بضمور في الأطراف نتيجة تقييده بالأغلال في السرير طيلة خمسة أشهر متصلة. كما وجد أنه يعاني من اختلال بالذاكرة واكتئاب نفسي شديد حتى فقد القدرة على الحركة بمفرده أثناء فك القيود لاصطحابه إلى دورة المياه. وقال ياسر للنشطاء باكياً: "وقت الإفطار يتجمع كل [مرضى] العنبر ويفطرون معاً، وأنا لا أستطيع تناول إفطاري معهم لأني مقيد في السرير زي الكلاب."
وقد بعثت المنظمات الحقوقية الثلاث اليوم برسائل إلى كل من السادة وزير الصحة ووزير التعليم العالي ورئيس جامعة المنصورة ومدير مستشفى المنصورة الجامعي، طالبوا فيها بـ
o فك قيود المواطن ياسر عرندس (الذي يعول ثلاثة أطفال أكبرهم لم تبلغ التاسعة)، وعرضه على أخصائي العلاج الطبيعي لعمل ما يلزم إزاء ضمور الأطراف.
o عرض المواطن المذكور على أخصائي بالطب النفسي.
o رفع الحراسة التي تقف فوق رأسه، و الاكتفاء بحراسة خارج العنبر، لحين الإفراج عنه.
إن تقييد مريض يتلقى العلاج الكيميائي من مرض فتاك في السرير طوال هذه الفترة والتسبب في إصابته بهذه المضاعفات يمثل دون شك ضرباً من المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة التي تجرمها المادة 16 من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، والتي أصبحت جزءاً من التشريع الداخلي بتصديق الحكومة المصرية عليها عام 1987.
كان بيان صدر هذا الأسبوع عن المنظمات الثلاث حوى توثيقاً لنتائج بعثة تقصي الحقائق التي قام بها وفد من نشطاء تلك المنظمات وأثبتت تعرض ياسر وبقية أهالي عزبة أبو ماضي التابعة لمدينة بلقاس بمحافظة الدقهلية لطائفة واسعة من الانتهاكات شملت الرجال والنساء (وبينهن حوامل) والأطفال والشيوخ ضمن ما بدا أنها حملة انتقام جماعي من أهالي العزبة التي كان أحد أبنائها قد أطلق عياراً نارياً في الهواء احتجاجاً على تعرض والده للضرب والإهانة على يد رجال الشرطة أثناء القبض عليه في قضية شيك بدون رصيد صبيحة اليوم ذاته.
وشملت الانتهاكات المصاحبة للحملة: العنف الشرطي والقبض العشوائي والاحتجاز غير القانوني والتعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة وأخيراً الاعتقال الإداري وفقاً لقانون الطوارئ. وتعرض لهذه الانتهاكات عدد لا يقل عن 50 شخصاً من أهالي العزبة سجلت بعثة تقصي الحقائق شهادة 24 منهم.
وتجدد المنظمات الثلاث عزمها على مواصلة العمل باستخدام الآليات المحلية والدولية حتى إنصاف هؤلاء الضحايا، وتطالب السلطات المصرية باحترام التعهدات القانونية التي اختارت أن تقطعها على نفسها والتي تلزمها بفتح تحقيق عاجل ونزيه بشأن كل هذه الانتهاكات، وإحالة من تظهر مسئوليته عن أي منها إلى المحاكمة، وإتاحة الفرصة للضحايا لتلقي التعويض العادل عما تعرضوا له.