
انهيار منظومة حماية اللاجئين في مصر.. تقرير مشترك يكشف: انتهاكات منهجية واسعة النطاق لمبدأ عدم الإعادة القسرية وحق اللجوء
بيان صحفي
كشف تقرير مشترك أعدته منصة اللاجئين في مصر والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن أن السلطات الأمنية في مصر دأبت على ممارسة انتهاكات واسعة النطاق لحقوق اللاجئين وطالبي اللجوء في مصر، وتصر على الإخلال بالتزام الدولة بمبدأ "عدم الإعادة القسرية" للاجئين وطالبي اللجوء، في غياب الضمانات القانونية وتصاعد اتباع الوسائل الأمنية في التعامل مع ملف اللاجئين.
ووثقت منصة اللاجئين والمبادرة المصرية تلك الانتهاكات التي رصدتها الجهتان منذ نهايات عام 2023 وحتى الربع الأول من العام الجاري 2025، في التقرير الصادر اليوم، 18 أغسطس، بعنوان "انهيار منظومة حماية اللاجئين في مصر: انتهاك منهجي وواسع النطاق لمبدأ عدم الإعادة القسرية وحق اللجوء".
يوثق التقرير تحولًا خطيرًا في تعامل الحكومة المصرية مع اللاجئين. فلطالما استضافت مصر على طول تاريخها مئات الآلاف من اللاجئين من الدول المجاورة، وزادت هذه المسؤولية بشكل ملحوظ منذ عام 2023 بسبب الحرب المدمرة في السودان. ومع ذلك، فقد سعت السلطات المصرية مؤخرًا إلى إرساء نظام داخلي يقيد الوصول إلى الأراضي المصرية، ثم بدأت في اتباع سياسات استهداف -من أجل القبض والترحيل- مع الأشخاص الذين وصلوا إلى مصر طالبين الحماية القانونية من الدولة المصرية. ووجد التقرير أن تلك السياسات تبدو مصممة لترسيخ صورة عن مصر على أنها "لم تعد مكانًا آمنا للاجئين والهاربين من الحروب والاضطهاد". وتتمثل السياسات المرصودة في حملات اعتقال جماعية وترحيل قسري منظمة وعلى مستوى قومي، من دون مراجعة قضائية، إضافة إلى مداهمات للمنازل التي يسكنها لاجئون أو طالبو لجوء، واستهداف عنصري على أساس لون البشرة أو الحي السكني.
وقد أدت هذه المداهمات والتوقيفات -التي شملت في بعض الأحيان ما يصل إلى مائة شخص في الحملة الواحدة- إلى العديد من حالات الاحتجاز، والترحيل فيما بعد. كان العديد من اللاجئين المقبوض عليهم يحملون وثائق قانونية من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلا أن ذلك لم يمنع السلطات من احتجازهم وترحيلهم بعد مصادرة وثائق المفوضية. ويرصد التقرير تلك الممارسة الأمنية المنتشرة منذ عام 2024، إذ رحَّلت السلطاتُ لاجئين وطالبي لجوء حاملين للوثائق، أو أحالتهم إلى القضاء بتهمة تتعلق بالوجود غير القانوني على الأراضي المصرية، بعد مصادرة أوراقهم التي تثبت قانونية وضعهم.
وفي بعض الحالات داهمت السلطات منازل اللاجئين وطالبي اللجوء في الأحياء المعروفة بتجمع أعداد كبيرة منهم، وهي ممارسة أخرى تكاد تكون جديدة تمامًا على سياسات الدولة المصرية تجاه مجتمعات اللاجئين.
كما يسجل التقرير أنماط انتهاكات طالت مئات الحالات، ومن تلك الانتهاكات استخدام ما تُسمى "العودة الطوعية" غطاءً للإعادة القسرية، إضافة إلى التسبب في تشتيت العائلات نتيجة ترحيل الأطفال أو ذويهم، واحتجاز لاجئين مسجلين لدى المفوضية وترحيلهم دون تمكينهم من أي ضمانات قانونية، وترحيل الأشخاص إلى بلدان ثالثة معرَّضين فيها للخطر.
يعتمد التقرير على توثيق ميداني مباشر، ومقابلات مع لاجئين/ات ومحامين ومنظمات مجتمع مدني، فضلًا عن مراجعة مستندات رسمية صادرة من الحكومة المصرية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وشهادات من ضحايا الانتهاكات وأسرهم. كما يتضمن تحليلًا قانونيًّا للتشريعات والسياسات والممارسات على الأرض.
وتحذر المنظمتان من التداعيات الجسيمة المحتملة حال تطبيق قانون اللجوء الجديد رقم 164 لسنة 2024 المعيب، خاصة مع غياب أي نصوص تتناول مرحلة الانتقال من النظام القانوني القائم إلى النظام الجديد. فنصوص القانون في شكلها الحالي تمنح السلطة التنفيذية صلاحيات موسعة في ترحيل اللاجئين، وتقلل من مركزية مبدأ عدم الإعادة القسرية، وتكرّس بيئة قانونية وإدارية تجعل الوصول إلى الحماية والإقامة أمرًا بالغ الصعوبة، ما قد يفاقم من الأوضاع والأنماط المرصودة في السنتين الماضيتين، اللتين ظهر فيهما تحول غير مسبوق في سياسات الدولة تجاه اللاجئين والمهاجرين بشكل عام.
يبرز التقرير أيضًا تعذُّر وصول ملتمسي اللجوء إلى الأراضي المصرية أو إلى مكاتب المفوضية للتسجيل، بسبب قرارات إدارية وقيود أمنية وتعسف في التعامل مع الفارين من الحرب في السودان بشكل خاص. ما يدفع اللاجئين إلى الدخول غير النظامي بما يترتب عليه من مخاطر تهدد حياتهم. فقد رصدت المنظمتان خلال الفترة الممتدة من فبراير/شباط إلى أغسطس/آب 2024، عشرات الحوادث التي أسفرت عن مقتل 19 وإصابة 165 مهاجرًا سودانيًّا، فضلًا عن تعرضهم لحملات قبض واسعة النطاق، حتى في حال امتلاكهم وثائق قانونية.
كما يُظهر أن عمليات الاحتجاز والترحيل تلك لم يعد ممكنًا وصفها إلا بكونها ممنهجة ومقصودة لإسقاط الحماية عن اللاجئين، وتشتيت الأسر وتدمير حياة الهاربين من النزاعات. وقد وثَّقت الجهات المحلية الفاعلة في مجال الحماية ترحيل أكثر من 20 ألف لاجئ إلى السودان خلال عام 2024 فقط، وهو ما يعادل سبعة أضعاف عدد المرحلين في عام 2023. ما يؤكد التحول الجذري في السياسة الرسمية تجاه مجتمعات اللاجئين.
ورغم خطورة هذه الانتهاكات، يُسجّل التقرير تقاعس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن أداء دورها الرقابي والحمائي، واكتفائها ببيانات رسمية وتصريحات دبلوماسية، في مقابل استمرار الاتحاد الأوروبي في تقديم الدعم المالي والسياسي للحكومة المصرية دون اشتراطات واضحة لحماية اللاجئين.
وفي ختام التقرير، وجهت المنظمتان توصيات عاجلة للحكومة المصرية، منها:
-
الوقف الفوري للإعادة القسرية، ولا سيما إلى السودان التي تحظر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين رد اللاجئين إليها تحت أي ظرف.
-
الإفراج غير المشروط عن جميع المحتجزين تعسفيًّا من اللاجئين/ات وطالبي/ات اللجوء.
-
تأجيل تطبيق قانون اللجوء الجديد وإعادة صياغته بما يتوافق مع المعايير الدولية.
-
ضمان الوصول العادل إلى التسجيل والإقامة القانونية.
-
احترام التزامات مصر الدولية، وعلى رأسها اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين.
لقراءة التقرير كاملًا اضغط هنا
للتواصل الإعلامي: