أوقفو سلخانة قسم المطرية ،علي النيابة أن تقوم بتحقيق جاد و حيادي في حالات القتل داخل القسم
بيان صحفي
قدم أهل عادل عبد السميع -أحد ضحايا قسم المطرية الذي توفي في أكتوبر ٢٠١٥- اليوم 3 فبراير بلاغًا للنائب العام برقم 1398 لسنة 2015 عرائض النائب العام- للتحقيق في ملابسات وفاته بعد تواتر شهادات عن تعذيبه داخل القسم ومشاهدة الأهل للإصابات في جسده خلال فترة احتجازه ومعاينة الإصابات في الجثة والحروق في ذراعه بعد وفاته . و تطالب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية النيابة العامة بالقيام بتحقيق جاد و حيادي في مسؤولية وزارة الداخلية تجاه مقتل عادل عبد السميع أثناء احتجازه في قسم المطرية.
قسم المطرية أصبح من أخطر الأقسام علي حياة و حقوق المحتجزين حيت شهد قسم المطرية على الأقل 14 حالة قتل داخل القسم في العامين الماضيين
ويعتبر قسم المطرية مثال لما يحدث عند إطلاق يد الشرطة مع اطمئنانهم على الإفلات من العقاب، فنرى أداءهم الانتقامي والثأري مع المحتجزين سواء كانوا سياسيين أو جنائيين وبخاصة منذ مقتل رئيس مباحث القسم وائل طاحون في أبريل الماضي.
و تُعَدُّ وزارة الداخلية مسؤولة عن مقتل المواطن عادل عبد السميع الذي توفي يوم 22 أكتوبر وهو رهن الاحتجاز في قسم المطرية. ورغم ادعاء الداخلية بوفاة عادل نتيجة لمرض جلدي، وهو الأمر الذي لا يتفق مع وجود إصابات واضحة بكافة أنحاء جسده مثل إطفاء السجائر والجروح القطعية الظاهرة للعين المجردة، . وادعاء الداخلية هذا رغم عدم صحته لا ينفي مسؤوليتها عن وفاة محتجز في أثناء فترة الاحتجاز نتيجة الإهمال الطبي.
و في مثال آخر يكشف عن كيفية استخدام رجال الشرطة سلطاتهم في التلاعب بالأدلة تفجرت أزمة الأسبوع الماضي بين نقابة الأطباء و وزارة الداخلية بعد اعتداء اثنين من أمناء الشرطة بقسم المطرية على طبيبين بمستشفي المطرية لرفضهم إثبات إصابات غير حقيقية بتقرر طبي.
على مدار العامين الماضيين تصدر قسم المطرية قائمة أماكن الاحتجاز فى مجال الوفيات نتيجة للتعذيب بـأجمالي 14 حالة قتل داخل أماكن الاحتجاز بسبب التعذيب - بواقع6 حالات خلال عام 2014 و8 حالات خلال عام 2015. وفي شهر فبراير ٢٠١٥ قاما ضابطا الأمن الوطني بتعذيب المحامي كريم حمدي حتى الموت وفي ديسمبر ٢٠١٥ حكمت عليهم محكمة جنايات شمال القاهرة بالسجن 5 سنوات.
كانت قوة من قسم المطرية قبضت على عادل عبد السميع فى المطرية للاشتباه في سرقته لهاتف محمول في 4 أكتوبر 2015، و في مساء ذات اليوم أتت قوة لتفتيش المنزل وكانت آثار الضرب واضحة على وجه عادل وآثار الدماء على ملابسه (التي شيرت الذي كان يرتديه) من آثار التعذيب، و بعد التفتيش و عدم العثور على شيء تم اقتياده إلى قسم المطرية. وقد قررت النيابة حبسه 4 أيام على ذمة التحقيق بتهمة سرقة تليفون محمول، ثم أتبعتها بحبسه 15 يومًا على ذمه التحقيق، قضاها كلها في قسم المطرية.
و في أثناء الزيارات اليومية لأهل عادل كانوا يلاحظون التدهور في صحته ومظهره العام حيث تقول أخته الكبرى إنها في أول زيارة له في اليوم التالي للقبض عليه أتى لهم محمولًا من قبل سجين آخر وأنه لم يستطع الوقوف على قدمه، وفي اليوم الرابع له كان مريضًا للغاية وعندما طلبت أخته الكبرى من الضابط أن يعرضه على طبيب، قام أحد أمناء الشرطة بالسخرية قائلًا لها "إحنا مبنعالجش حد هنا."
آخر مرة شاهد فيها أهل عادل ذويهم كان يوم عرضه على المحكمة يوم 22 أكتوبر 2015 حيث ظهر في ملابس مختلفة عن الملابس التي تم احتجازه بها. في مساء ذلك اليوم تلقى أهل عادل مكالمة من أهل أحد المحتجزين أخبرهم فيها بأن "عادل تعبان أوي"، وعند ذهاب أهل عادل إلى القسم أبلغ أمين الشرطة أخت عادل بأنه سيخبرها بمكان عادل مقابل أن تخرج أولادها الشباب خارج القسم. ولاحقًا أخبرها أمين الشرطة بأن عادل في مستشفى المطرية. وعند ذهابهم إلى المستشفى علموا بوفاة عادل، و بأنه أتى رأسًا إلى المشرحة. وجدوا قوة حاولت منعهم من الدخول ليروا جثة عادل ولكن استطاع أولاد أخت عادل الشباب الدخول وعند مشاهدتهم آثار إطفاء السجائر في ذراع عادل وإصاباته الحادة في منطقة الفخذ بالإضافة إلى إصابات في رأسه ووجهه قاموا بتصوير الجثة.
الإفلات من العقاب العام في قضايا التعذيب يجعل الكثير من العائلات لا يرون فائدة في محاولة تقديم بلاغات للتحقيق مع الشرطة أو يخافون من الضغوط عليهم من القسم الذي يكون عادة في منطقة سكنهم. في الحالات النادرة التي تحاول فيها العائلة الحصول على حق الضحية عن طريق تقديم بلاغ في النيابة تجد أنها تخوض معركة أخرى لكي يحقق وكيل النيابة بجدية وحياد في البلاغ.
في منتصف ديسمبر توجه أهل عادل إلى وكيل نيابة الحوادث شرق القاهرة، وقد حاول إثناءهم عن اتهام الداخلية بالتعذيب وأخبرهم بأن عادل مات نتيجة مرض جلدي. و عندما سألته محامية العائلة عن تقرير الطبيب الشرعي أخبرهم بأنه لم يظهر بعدُ، رغم مرور شهرين على الواقعة. وبعد إصرار العائلة على الإدلاء بأقوالهم ترك وكيل النيابة أهل عادل لمدة ساعات دون سماع أقوالهم. وفي النهاية سمح لأمه فقط بالإدلاء بأقوالها ورغم هذا تقول محامية العائلة بأن وكيل النيابة كان يتعمد بتر إجابتها، ورفض أن يثبت طلبها بالادعاء المدني ضد وزير الداخلية وضباط مباحث قسم المطرية، وقد واجهت المحامية التي تمثل عائلة عادل صعوبات في تصوير أوراق القضية و لم يتم تمكينها من الاطلاع على التقرير المبدئي للطب الشرعي.
و يعد السبب الرئيسي من وراء تكرار حالات التعذيب في مصر هو عدم وجود رقابة على أماكن الاحتجاز بالمعنى الحقيقي فلا تفتيش يتم على الأقسام ولا يوجد مساحة للسجناء للشكوى ولا يسمح بالزيارات المفاجئة لجهات مستقلة. ويشعر رجل الشرطة اليوم بأنه معصوم وأن الدولة ستحميه من أي محاولات لمحاكمته. الإفلات من العقاب في جرائم التعذيب يعني عدم التمكن قانونيًّا أو فعليًّا من إلقاء المسؤولية على مرتكبي هذه الانتهاكات في الدعاوى (سواء أكانت المسؤولية جنائية أو مدنية أو إدارية أو تأديبية الطابع) ويعود ذلك إلى قصور النصوص المجرِّمة للتعذيب والإيذاءات البدنية، إفلات الأشخاص في كل تحقيق يسمح بتوجيه التهمة إليهم وبتوقيفهم ومحاكمتهم لتمتعهم غالبًا بصفة الموظف العام مما ينعكس على التحقيقات فتتسم بعدم الجدية والتباطؤ، طمس أدلة الجريمة التي تقوم بجمعها الشرطة، عندما يتم توجيه الاتهام إلى رجالها، وعدم وجود ضمانات كافية لحماية الشهود، وفي حالة ثبوت الاتهامات تصدر الأحكام بعقوبات غير مناسبة لجرم الفعل وليس للضرر الواقع على الضحية.
الدستور المصري والمواثيق الدولية تؤكد مسؤولية الدولة في حماية وصيانة أراوح المحتجزين لديها، فالمادة 52 من الدستور تؤكد أن "التعذيب بجميع صوره وأشكاله، جريمة لا تسقط بالتقادم"، وبالمادة 55 من الدستور والتي تنص على "كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته، تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًّا أو معنويًّا، ولا يكون حجزه، أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًّا وصحيًّا، ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقًا للقانون." وقد أفردت المواثيق الدولية الكثير من النصوص لمعالجة الانتهاكات داخل أماكن الاحتجاز، وقد نصت المادة 7 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي أقرته مصر وفقًا للقرار الجمهوري 537 لعام 1981 "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب أو للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة"، وقد أوضحت اللجنة فى تفسيرها العام رقم 2 بأن على الدول مسؤولية توفير الحماية للأفراد المحتجزين من التعذيب ومن المعاملة القاسية.
شهدت نهاية عام 2015 تفجرًا في قضايا التعذيب في مصر وبخاصة مع المظاهرات الحاشدة في الأقصر مع وفاة طلعت شبيب نتيجة للتعذيب في مدينة الأقصر في شهر نوفمبر ٢٠١٥، وهوما تكرر بذات الشهر مدينة الإسماعيلية عندما خرجت مظاهرات بعد مقتل الطبيب عفيفي حسن نتيجة للتعذيب في قسم شرطة أول الإسماعيلية.
وتطالب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية جهات التحقيق باتخاذ إجراءات جدية للكشف عن الجناة الحقيقين وعدم التباطؤ الذي قد ينتج عنه الإفلات من العقاب مشيرة إلى أن جهات التحقيق يجب عليها مراجعة الأدلة المقدمة من الشرطة بما أنها الخصم في مثل تلك القضايا وتطالب الدولة بمراجعة تشريعاتها الداخلية والتصديق على البروتوكول الإضافي لمناهضة التعذيب وذلك حتى تتمكن من الالتزام بتعهداتها الدولية.