وزارة الداخلية تحول بين المواطنين وبين إثبات ديانتهم
بيان صحفي
اتهمت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم وزارة الداخلية بانتهاك حقوق المواطنين المصريين الراغبين في اعتناق الإسلام أو المسيحية، وذلك بالامتناع عن إثبات ديانتهم الفعلية رغم حصول بعضهم على أحكام قضائية تكفل لهم هذا الحق.
وقد قام برنامج الحق في الخصوصية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بتوثيق ما لا يقل عن 54 حالة اضطر أصحابها للجوء إلى القضاء للتظلم من تعسف مصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية في إثبات ديانتهم بالبطاقة الشخصية.
وتضمنت هذه الدعاوى ثلاث حالات امتنعت فيها مصلحة الأحوال المدنية عن إثبات اعتناق مواطنين مسيحيين للإسلام، و32 حالة رفضت فيها المصلحة إثبات رجوع مواطنين مسيحيين إلى ديانتهم المسيحية بعد اعتناقهم الإسلام، إضافة إلى 18 حالة يشكو أصحابها البالغون من قيام المصلحة بتغيير ديانتهم من المسيحية إلى الإسلام دون إرادتهم أو علمهم نتيجة اعتناق الأب للإسلام قبل بلوغ الأبناء سن الأهلية.
وقال حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "طالما أن الحكومة تتجاهل كل الدعوات إلى إلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية فإن عليها على الأقل أن تلتزم بإثبات ديانة المواطنين في أوراقهم الرسمية حسب معتقدهم الفعلي وليس حسب أهواء موظفي وزارة الداخلية".
وكانت محكمة القضاء الإداري قد أصدرت أحكاماً نهائية في تسعة على الأقل من هذه الدعاوى منذ إبريل 2004 وحتى الآن، قالت فيها جميعاً:
"إن هذا الموقف من جانب الإدارة يعد تدخلاً لا مبرر له من جانبها، ويشكل إجباراً منها [للمدعي] على اختيار عقيدة ودين معين وهو ليس راغباً فيه".
ورغم صدور هذه الأحكام النهائية من محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرارات السلبية الصادرة عن مصلحة الأحوال المدنية بالامتناع عن تغيير بيانات المدعين بأوراقهم الرسمية، إلا أن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قد علمت أن وزارة الداخلية قد رفضت تنفيذ ما لا يقل عن ثلاثة من هذه الأحكام، وهي تلك الصادرة في الدعاوى المقامة من كل من جهاد حسني ماهر، وغادة سيد بدوي، وحنان سمير إقلاديوس. وقد قام محامي المدعيات الثلاث بتقديم بلاغ للنائب العام بهذا الشأن في يوم 6 يوليو الماضي، تم تسجيله برقم 242/2005 (شكاوى النائب العام).
وفي إحدى الحالات الصارخة التي قام بتوثيقها برنامج الحق في الخصوصية بالمبادرة، رفضت مصلحة الأحوال المدنية استخراج بطاقة الرقم القومي لسيدة تحولت من المسيحية إلى الإسلام أمام لجنة الفتوى بالأزهر منذ تسعة عشر عاماً. ورغم ذلك أصرت المصلحة على إثبات ديانتها المسيحية، وقال محامي السيدة إن موظفي المصلحة "أفادوها بأن هناك تعليمات لا تبيح إثبات الديانة الإسلامية لأي شخص كان مسيحي الديانة".
وفي حالة مزعجة أخرى قامت المبادرة بتوثيقها رفضت المصلحة إثبات عودة مواطن إلى الديانة المسيحية بعد أن تحول إلى الإسلام لفترة، رغم حصوله على قرار من المجلس الإكليريكي لبطريركية الأقباط الأرثوذكس بعودته إلى المسيحية منذ 27 عاماً. مما اضطر هذا المواطن إلى اللجوء لمحكمة القضاء الإداري التي نظرت القضية وأصدرت حكماً نهائياً في 26 مارس الماضي جاء فيه:
"لا يسوغ بحال من الأحوال أن تتخذ جهة الإدارة من سلطتها الإدارية المخولة لها قانوناً وسيلة لإجبار المدعي على الاستمرار في الإسلام".
وقالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن ضخامة عدد الدعاوى المرفوعة من مواطنين يشكون تعسف وزارة الداخلية في إثبات تحولهم إلى الإسلام أو المسيحية - والذي تجاوز الخمسين دعوى – يعد مؤشراً أن هذه الدعاوى لا تمثل حالات فردية، وإنما تعبر عن سياسة لوزارة الداخلية التي تصر على التعامل مع الشئون الدينية بمنظور أمني متعسف.
وأضافت المبادرة أن رفض إثبات الديانة في معظم هذه الحالات كان يتم في المقر الرئيسي لمصلحة الأحوال المدنية وليس فقط أمام مكاتب السجل المدني بالمحافظات، مما يدل كذلك على أن الأمر يمثل توجهاً عاماً لدى وزارة الداخلية ممثلة في مصلحة الأحوال المدنية. ووردت معلومات إلى المبادرة تشير إلى أن الأمر وصل إلى إحالة الراغبين في اعتناق الإسلام أو المسيحية إلى مديرية الأمن أولاً للتحقيق معهم.
وأضاف بهجت: "إن حق المواطنين في الخصوصية وفي حرية المعتقد مكفول بموجب الدستور المصري والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الملزم قانوناً للحكومة. وعلى وزارة الداخلية أن تقوم فوراً بمعالجة هذا الوضع الفاضح الذي يشكل انتهاكاً سافراً للقانونين المصري والدولي".