ما الذي يهدد رجولة تامر أمين؟
خصص المذيع تامر أمين أجزاء طويلة من حلقات برنامجه على إحدى القنوات الفضائية لمتابعة الفيديو الذي انتشر على يوتيوب وعرف بـ «حفل زواج مثليين»، ويظهر الفيديو رجلين يتبادلان الخواتم وحولهما جمع محتفل. خلال الحقات المختلفة بدا تامر أمين غاضبًا جدًّا من الفيديو، كيف لا ورجولته، وهى أعز ما يملك، فيما يبدو، مهددة؟ وقبل أنيذيع الفيديو علق تامر أمين قائلاً إن هذه الواقعة تمثل نشرًا للفجور والرذيلة. وطالب تامر أمين الدولة بسرعة التحرك، ففي حال سكوتهم لن يكونوا رجالاً كما قال بل سيكونون «خواجات»- في إشارة إلى اللفظ المهين الذي يستخدم لوصف المثليين.
لم تأل الشرطة جهدًا للقبض على هؤلاء «الجانحين»، فسخّرت أجهزتها الأمنية للقبض على كل من قد تبدو عليه إمارات المثلية الجنسية كالشباب الذين يرتدون ملابس ضيقة أو يمشون بطريقة تثير فيهم الريبة. وقامت الشرطة في يومي 3، 4 سبتمبر
باصطياد العشرات من شوارع وسط البلد ورمسيس، وقاموا بحبسهم في مجمع التحرير وضربهم بالعصي وتهديدهم وتفتيش قوائم اتصالاتهم بغرض الحصول على معلومات تمكّنهم من الوصول للشابين بطليّ الفيديو، وأطلقوا سراح الغالبية العظمي منهم بعد تعرضهم لسيل من اﻹهانات.
أثارت هذه الحملة الأمنية والإعلامية فزع أحد الشابين فقرر الظهور من خلال مداخلة هاتفية في برنامج تامر أمين، أملاً في أن ينفي عنه هذا الاتهام وخوفًا من ملاحقات أمنية محتملة، دافع الشاب عن نفسه وقال إن هذا الفيديو لا يعني شيئًا وأنه مجرد احتفال بعيد ميلاد، وأنها كانت مجرد مزحة ولا شيء أكثر من ذلك.
إلا أن رجولة تامر أمين المهددة منعته أن يصدق الشاب، هل يكتفي مثلاً بتصديق أن ذلك ليس زواجًا أو أن الشاب ليس مثليًّا؟ هل من الممكن أن يعتبر أن الشاب ندم أو أنه خائف؟ هل اهتم تامر أمين أن الشاب لا ينام أو أنه خائف من المشي في الشارع وأنه فقد الكثير ممن يعرفونه؟ بالطبع لا فمكارثيته تجعله واثقًا أن هذا الشاب مثلي، والدليل الدامغ أن كل حضور الحفل في الفيديو رجال ولا توجد بينهم «نتاية»- على حد تعبيره.
هذا هو نفس «التامر» الذي انتفضت رجولته أيضًا مدافعًا عن متحرشي جامعة القاهرة، في الواقعة التي حدثت في شهر مارس الماضي عندما تم التحرش الجماعي بفتاة جسديًّا ولفظيًّا داخل الحرم الجامعي، وفي دولة مثل مصر تعاني من معدلات عنف جنسي وبائية وجد تامر أمين في نفسه ما يكفي من الاطمئنان للوم الفتاة على اعتبار أن ملابسها المثيرة هي السبب في تحرش الطلاب الذكور بها فهو لبس “
شراشير” كما قال في برنامجه – في إشارة إلى لفظ مهين آخر لوصف العاملات بالجنس التجاري. لم يشعر مثلاً يومها بتهديد لرجولته، فالعنف كما نعلم جميعًا صفة محمودة تزيد الرجل ذكورة. على الأقل فهو متيقن أن هؤلاء المتحرشين يفضلون النساء، وبالتالي فهم رجال وليس هناك ما يعيبهم.
يقول أحد الشباب الذين قبض عليهم في عمليات القبض العشوائية الأخيرة إن الضابط أخبره أنه في وجود رئيس مثل السيسي لن يكون من المسموح أبدًا وجود مثل تلك الممارسات، فالسيسي لا يقبل بمثل هذا السلوك. لم ينكر السيسي ذلك فهو منذ اليوم الأول تعهد بمراقبة أخلاق الشعب ومبادئه ودينه واعتبر نفسه المسؤول عنها، هو رجل يفي بوعوده.
حمدًا لله تم القبض ليس فقط على الشابين اللذين تبادلا الخواتم ولكن على سبعة أفراد آخرين ممن كانوا يشاهدون الفيديو، فالمشاهدة هي اشتراك في الجرم أيضًا، هي إقرار بالموافقة الضمنية. النيابة بالطبع لديها ما يكفي من القوانين الفضفاضة والمطاطة التي ستوجهها للمقبوض عليهم بداية من تهم اعتياد الفجور ووصولاً إلى تهمة الإعلان عن مواد تتضمن إغراءً بالفجور.
الشباب لم يقبض عليهم متلبسين وكذلك الفيديو لا يثبت شيئًا، كيف إذن يمكن التثبت من صحة الادعاء بأنهم مثليون سوى من خلال «الكشف الطبي»، وهو كشف يقوم فيه أطباء تابعون لمصلحة الطب الشرعي وهو عبارة عن فحوصات شرجية على المتهمين ليبرهنوا إذا ما كان هؤلاء المتهمون «تم استخدامهم جنسيًّا أم لا». هذه الفحوصات تتم بالطبع دون أخذ موافقة المحتجزين، ووفقًا للقانون الدولي فإن مثل هذه الممارسات تعد معاملة مهينة غير إنسانية. ورغم أن الطب الشرعي قام بتوقيع الكشف الطبي عليهم وأعلن أنهم «طبيعيون ولا تبدو عليهم علامات الشذوذ«إلا أنه أثناء عرضهم على النيابة يوم الثلاثاء 9/9 تم تجديد حبسهم لمدة 15 يومًا أخرى وتم رفض استئنافهم الذي قدموه طعنًا على قرار النيابة بتاريخ14/9.
تامر أمين رجل مهذب فهو يدين تصرفات المثليين ويلوم الفتيات على ملابسهن، ويعف لسانه عن النطق بألفاظ خارجة يستحقونها ولكنه كذلك ذكي ونابه فهو يعرف هذه الألفاظ ويشير إليها بشكل غير مباشر لئلا يخدش حياء المشاهدين. سينام تامر أمين ليلته قرير العين فالمشتبه بكونهم مثليين في السجون يتعرضون للضرب والإهانة، لقد نجونا من أن نكون خواجات، وأثنى تامر أمين في
حلقة لاحقة على مباحث الآداب والداخلية. ولكن فيما يقضي ليلته نائمًا ستُغتصب امرأتان كل ساعة، وسيغتصب رجال زوجاتهن دون أن تتمكن الزوجات من الإبلاغ ﻷن الاغتصاب الزوجي غير مجرَّم، إلا أن كل ذلك لا يهم.. طالما ظلت الرجولة في أمان.
- تم نشر هذا المقال علي موقع المصري اليوم بتاريخ 24 سبتمبر 2014