إلى متى المحاكمة مستمرة؟
اليوم بدأت أولى جلسات إعادة محاكمة مبارك والعادلى ومساعديه فى قضية قتل المتظاهرين. وجاء قرار المحكمة، الذى لم يكن مفأجاة، بالتنحى عن نظر القضية استشعارا للحرج، فقد تفادى المستشار مصطفى حسن عبدالله ما كان سوف يوجه اليه من عدم حيدته لتكوينه عقيدة مسبقة بعدم إدانة المتهمين، نظرا لسبق تبرئته الجناة فى القضية المعروفة بموقعة الجمل، وهو ما وجهه اليه بالفعل محامو الضحايا فى بداية الجلسة وقبل سماع قراره بالتنحى.
حضر مبارك للمحاكمة وهو محبوس احتياطيا، لكنه محبوس على ذمة قضية أخرى. فمنذ عدة أيام تم اتهامه بالاستيلاء على المال العام وقررت النيابة العامة حبسه احتياطيا لمدة خمسة عشر يوما، وكانت هذه هى الطريقة الوحيدة حتى يمثل أمام المحكمة فى قضية قتل المتظاهرين مقيد الحرية، فوفقا لقانون الاجراءات الجنائية المصرى أقصى مدة حبس احتياطى فى الجرائم المعاقب عليها بالاعدام هي سنتين من تاريخ اول قرار بالحبس الاحتياطى. والجريمة الموجهة تهمتها الى مبارك هى الاشتراك فى القتل والتى تصل عقوبتها للاعدام، لذلك يجب الافراج عن مبارك اعتبارا من 12 أبريل 2013 لمرور سنتين من تاريخ حبسه. قاضى اعادة المحاكمة ليس له سلطة حبس مبارك احتياطيا لمرور سنتين على حبسه، والاستثناء الوحيد فى القانون لاطالة مدة الحبس الاحتياطى عن سنتين، هو حالة صدور حكم بالاعدام ونقض الحكم. فلمحكمة النقض او محكمة الاعادة مد مدة الحبس الاحتياطى، ومبارك لم يحكم عليه بالاعدام ، لذلك اذا لم يتم تجديد حبسه فى قضية الاستيلاء على المال العام المتهم فيها حديثا، سوف يخلى سبيله، ويصبح حرا.
تنحى القاضى عن نظر القضية وارسالها مرة اخرى لرئيس محكمة الاستئناف لتحديد دائرة أخرى تنظر القضية قد يستغرق شهور، وبعدها تبدأ إعادة المحاكمة مرة أخرى، وننتظر من محكمة الاعادة تفنيد الأدلة وعدم الالتفات عنها تماما كما فعلت المحكمة الاولى، خاصة مع اعداد تقرير لجنة تقصى الحقائق الأخيرة، وتسليمه للرئيس الحالى، فما فائدة هذه اللجان اذا تم ايداع تقاريرها الادراج، او ارفاقها بملف القضايا دون النظر الى ما جاء بها.
والا على المحكمة اعمال المادة 11 من قانون الاجراءات الجنائية، واعادة أوراق القضية للنيابة العامة لاستيفاء التحقيقات والا لن نصل الى الحقيقة ونتدارك قصور النيابة فى التحقيقات وافلات فاعليين اصليين او شركاء فى قتل المتظاهرين من العقاب.
استغراق المحاكمة عدة شهور يعنى ان مبارك سوف يستفيد مما جاء به الدستور الجديد الصادر فى ديمسبر 2012 ، من اعمال التقاضى على درجتين فى الجنايات، وذلك خلال عام من صدور الدستور، يمكن لمبارك اذا صدر حكم ضده ان يستأنفه، ويحق له ايضا نقض الحكم الصادر فى الجناية امام محكمة النقض، واذا قبلت محكمة النقض نقض الحكم، سوف تعاد المحاكمة مرة اخرى، وتظل المحاكمة الى ما شاء الله.
قد نستوعب اطالة أمد التقاضى اذا كان الهدف منها الوصول الى الحقيقة وعدم إدانة برىء، انما انخشى ان تكون عائقا امام تحقيق العدالة.
*نشر في جريدة التحرير الأحد 14 أبريل 2013