شهادة عبد الرحمن هانى عن حادثة قطار البدرشين
الساعة 12 الصبح كنت فاتح الفيس بوك وعرفت ان فيه حادث قطار في البدرشين و كان محمل بالمجندين، قررت اني اتوجه لمكان الحادث، وبالفعل رحت البدرشين حوالي الساعة 2 صباحا و كان المشهد كالآتي:
وصلت مكان الحادث عند اخر عربيتين اللى انفصلوا عن القطار، كان فى اعداد غفيرة من المجندين اللي نجوا من الحادث واللي غضبانين علي اصحابهم اللي فقدوهم في عدة ثواني ومش عارفين يعملوا ايه، يعتصموا في مكان الحادث ولا يسمعوا كلام القيادات الامنية اللي بتطالبهم بكل الطرق انهم يمشوا ومايعملوش تجمهر و اعتصام، وأنه "حقكم مش هيجي هنا". مجموعة من المجندين – اعمارهم تتراوح ما بين 19 ل 22 سنة - كانوا مذهولين من اللي بيحصل وكان مشهدهم وهما بيبكوا علي صحابهم من اصعب المشاهد اللي ممكن اكون شفتها ف حياتي، شباب زي الورد راح كدا في ثواني.
شوية و ابتدت اتوبيسات النقل العام توصل لمكان الحادث لنقل المجندين، واللي كان متوجه لهم تعليمات يقولوا لأي حد يسألهم انهم جنود امن مركزي مش تابعين للقوات المسلحة، ودا تأكدت منه لما وصلت لمستشفى البدرشين وقابلت مجموعة من المصابين، وأكدوا لي انهم تابعين للقوات المسلحة – الجيش – وهما لسه سامعين السلاح بتاعهم وكانت رحلة القطار المميت دي هيا بداية حياتهم داخل الخدمة العسكرية. حسب شهادات مجموعة المجندين عرفت منهم انهم ركبوا القطار بالضرب والشتيمة عشان هيا دي العسكرية. لازم تتكدر عشان تبقي راجل.
مجند منهم يدعى (ر. أ) قالي انه لما ركبوا القطار، كان عايز ينام شوية قبل ما يوصلوا، فنام علي الارض بين كراسي القطار، عشان يوسع لأصحابه اللي كانوا محشورين فوق بعض من شدة التكدس في عربية القطار. قالي كمان انه فاق من النوم علي صوت العربية وهي بتترج جامد وصوت الحديد وهو بيخرج عن القضبان، فكلم المشرف عليهم بأنه في حاجه غريبة بتحصل في العربية وانه سائق القطار مزود السرعة، فالمشرف وبخه ومصدقش كلامه، بعد الموقف ده بربع ساعه – حسب شهادة المجند - العربية اللي كانوا راكبين فيها وعربية اخري انفصلوا عن بقية القطار، وبعدها هو محسش بحاجه إلا وهو في المستشفى ومصاب بجروح وكدمات في الرأس.
بعد كده روحت عند اول عربية فى القطار – اللى اصطدمت بقطار البضائع - وهناك قابلت مجموعة من شباب اللى ساكنين فى مركز البدرشين، واللي كانوا اول ناس تواجدت في محيط الحادث واول ناس ساعدوا في اجلاء المصابين واشلاء الجثث حسب روايتهم، وديه مجموعة من شهادات عن الحادثة:-
شريف الشيخ (35 سنه): شاب من مركز البدرشين، قال انهم كانوا لوحدهم ومكانش في اي حد من اي جهة موجود ساعة الحادث وانهم استطاعوا في اجلاء جزء محدود من المصابين نظرا لصعوبة رفع عربات القطار اللي تحتها مصابين. مشهد اخر رواه شريف عن مصاب كان محاصر بين الارض وجزء من عربية قطار ومش عارفين يرفعوا حديد العربية عنه عشان يخرج من تحت وللأسف وهما بيرفعوا العربية، وقعت منهم علي المصاب وتوفي في نفس اللحظة .
حكاية عن شهيد اخر قال احمد عبد المغني (21 سنه) من شباب مركز البدرشين: انه لما وصلت قوات الامن طلبوا منهم "كوريك" من اي عربية شرطة عشان يرفعوا ما تبقي من اجزاء القطار ولكن طلبهم "البسيط" و "الضروري" قوبل بالرفض و السكوت المخزي.
وانا واقف مع شباب المنطقة، شوفت مجموعة من عمال السكة الحديد ماشيين على القضبان بعربية صغيرة وبيقفوا كل شوية يصلحوا حاجات فى القضبان، الشباب أول ما شافوهم قالولي بص كل حادثة علي كدا، نلاقي بعد الحادثة علي طول عمال الصيانة بيشتغلوا عشان يداروا أي عيوب بالقضبان، فصورت عمال الصيانة.
وكان السؤال عندي، ازاي الناس دي بتعمل كدا وفي مكان الحادث كل قيادات مديرية امن الجيزة والنيابة العامة و الاخطر من ذلك هو وجود فريق المعامل الجنائية واللي كانوا اخر ناس وصلوا مكان الحادث. كل الرتب و القيادات الامنية دي موجودة وعمال الصيانة بينسفوا الدلائل الجنائية بمكان الحادث، ومفيش اي حد قال لهم انتوا بتعملوا ايه؟!
واحنا واقفين كان في على نفس شريط القطار بس على قضبان موازية، 3 عربيات من قطار أخر متكسرين وواقفين مكانهم وزجاج الشبابيك متكسر على الأرض، ولما سألتهم ايه حكاية العربيات دول، قالولى ان ديه كانت حادثة تانية من 3 شهور ومحدش عمل حاجه ولا حد يعرف. وانه فى حوادث قطارات كتير بتحصل فى المنطقة عندهم، وهما بيطلبوا انه يكون في وحدة انقاذ سريع.
بعد كده الشباب دول دخلونى مستشفي البدرشين العام، ولما وصلت لغرف المصابين لاحظت تواجد افراد من النيابة العامة والنيابة العسكرية داخل غرف المصابين و بيحققوا معهم و بياخدوا اقوالهم عن الحادث، وكان المخزي ايضا نوع الرعاية المقدمة من المستشفى واللي هي اصلا مش موجودة. فكان كل غرفة فيها حوالي ستة او ثمانية مصابين، كل اتنين علي سرير ومرمي بجوارهم عيش ناشف وعلبة عصير او علبتين لكل مصاب. اكتر حاجه كانت وجعاني اني اشوف المصابين دول وهما شبه فاقدي الوعي ومطلوب منهم الإدلاء بأقوالهم و مطلوب برضه منهم "التركيز الشديد" عشان محدش يغلط اثناء التحقيقات.