تحكي لنا عن آخر التقارير وتحلل تدابير المجتمع الدولي للحد من العنف ضد النساء: مسئولة برنامج النوع الاجتماعي بالمبادرة المصرية تحضر كواليس "مجلس حقوق الإنسان" في جنيف

2 يوليو 2012

في هذا التقرير الإخباري تحكي لنا داليا عبد الحميد مسئولة برنامج النوع الاجتماعي وحقوق النساء بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، كواليس وأجواء عمل الدورة العشرين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والمنعقدة في جنيف، وتتعرض عبد الحميد خلال هذا التقرير الحي، للدراسات والأبحاث التي يناقشها المجلس فيما يخص قضايا العنف ضد النساء وجرائم القتل العمدي التي تستهدفهن في بقاع كثيرة من العالم، فضلا عن التطرق بالتحليل لعدد من آليات العمل العاجل المزمع اتخاذه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه

تشهد الدورة العشرون لمجلس حقوق الإنسان في جنيف والمقامة في الفترة من  18  يونيو حتى7 يوليو اهتماما خاصا بقضايا العدالة النوعية والاتجار بالبشر والعنف ضد النساء وجرائم القتل الموجهة التي تستهدف النساء في بقاع جغرافية مختلفة من العالم، لخلفيات مركبة.

وفي خضم هذه القضايا الإشكالية، ناقش المجلس خلال الاسبوع الماضي عددا من التقارير ومشروعات القرارات الخاصة بالمساواة بين الجنسين والعنف ضد النساء.

وكان من أبرز التقارير المقدمة خلال هذه الدورة، تقرير رشيدة مانجو المقررة الخاصة للعنف ضد النساء  والذي يركز على القتل المبني على النوع الاجتماعي.

فقد قامت المقررة بزيارة ثلاثة دول هي:  إيطاليا والأردن والصومال، واعتبرت في تقريرها، حوادث قتل النساء "اقصى تعبير عن العنف المبني على النوع الاجتماعي"، ولم تعتبر مثل هذه الحوادث وليدة الصدفة او مجرد حوادث فردية.

وتستعرض المقررة من خلال عملها اشكال مختلفة لهذا "القتل النوعي" سواء كان مرتكبو هذه الجرائم : ( الدولة او العائلة ) او سواء كانت جرائم مجتمعية ذات خلفيات ثقافية بعينها، ومن بين هذه الممارسات تظهر حوادث قتل النساء المتهمات بالسحر والشعوذة في افريقيا وكذلك ما يطلق عليه جرائم الشرف في الشرق الاوسط، إلى جانب حوادث قتل العرائس في جنوب آسيا لخلافات على المهر وهو ما يعرف باسم " القتل المتعلق بالمهر" dowry related killings.

أما في أوروبا فيزداد انتشار مسمى "جرائم العاطفة او الشغف" والتي يقوم فيها الشريك بقتل حبيبته لخلافات عاطفية او خيانة بينما في أمريكا الوسطى تتعرض النساء المنتميات للسكان الأصليين لمعدلات قتل متزايدة ولا تزال الميول الجنسية وهوية النوع احد العوامل التي تعرض النساء لخطر القتل مثل قتل المثليات أو المتحولات جنسيا في مختلف أرجاء العالم.

ويخبرنا التقرير عن استهداف الناشطات السياسيات بالقتل والتعذيب خلال النزاعات المسلحة. وهو ما تعرب رشيدة مانجو عن قلقها من القبول المجتمعي لمثل هذه الجرائم في مختلف الدول وتمتع مرتكبيها بالحصانة وافلاتهم من العقاب.

من ناحية أخرى يناقش مجلس حقوق الانسان خلال جلسته الحالية تقرير المفوضية العليا لحقوق الإنسان المتعلق بالعنف ضد النساء والفتيات ذوات الإعاقة، ويأتي هذا التقرير استجابة لقرار المجلس رقم 11/17 ليسرد أسباب ومظاهر التمييز والعنف ضد الفتيات والنساء ذوات الإعاقة والظروف التي تجعلهم اكثر عرضة للعنف والتمييز والاستغلال من قبل الذكور.

ومن بين مظاهر العنف الجسدي الذي تتعرض له النساء : الضرب و الاستغلال الجنسي وكذلك التعقيم القسري.

ويشدد التقرير ان النساء والفتيات اللاتي يعشن في مؤسسات علاجية يتعرضن لعنف وتمييز أشد، وبشكل عام فان قلة الوعي المجتمعي بهذه القضية تجعل من الصعب على ذوي الإعاقة الحديث او الشكوى من التمييز الذي يتعرضون له

فضلا عن خوفهم من فقدان الرعاية المنزلية او خوفهم من الإيداع بأحد المصحات او نزع الأهلية عنهم وتعيين وصي قانوني قد يمنعهم من الإبلاغ، علاوة على نظرة المجتمع إليهم وسيادة الخطاب المبني على العمل الخيري والشفقة بدلا من الدمج والتمكين وإعلاء حقوقهم يجعل التمييز الذي يواجهونه وبخاصة تجاه النساء تمييزا مضاعفا.

وينتقد التقرير قلة جهود الدول في هذا الشأن على مستويات التشريع والبرامج والسياسات وكذلك على مستوى زيادة وعي المجتمع وعدم توافر البيانات الخاصة بذوي الإعاقة او إدماج منظور نوعي وحقوقي في تناول قضاياهم.

وخلال الأسبوع الماضي أيضاً يستعرض المجلس تقرير مجموعة العمل الخاص بالتمييز ضد النساء في القانون والممارسات، وقد تم تنفيذ هذه الدراسة استجابة لقرار المجلس 15/ 23 وفيه تحدد مجموعة العمل اولوياتها خلال السنتين المقبلتين كما تحدد المجموعة إطار العمل الحاكم لها في هذا الشان، يبدأ التقرير باستعراض تاريخي لتزايد تواجد النساء في المجال العام وفي العمل السياسي وسوق العمل، وكيف لم يكن تطور حقوق النساء مسايرا للتغيرات السياسية فالعديد من الثورات والتغيرات الاقتصادية زادت من عزلة النساء والتمييز ضدهن، ويؤكد التقرير على أهمية سعي الدول لإيجاد ضمانات تشريعية وقانونية لضمان مشاركة النساء الفاعلة في الحياة العامة وتمتعهن بالحريات السياسية والمدنية والذي لن يتحقق إلا من خلال ضمان وصول النساء للحقوق الاقتصادية والاجتماعية المتمثلة في التعليم والصحة والسكن والملكية وغيرها.

الأولوية الأولى للمجموعة هي النساء في الحياة العامة والسياسية مع التركيز على الدول التي تمر بمراحل انتقالية ذلك أن هذه المراحل قد تتضمن فرصا قوية لمشاركة النساء إلا أن معدلات العنف ضد الناشطات تزداد فيها.

وجاءت الحياة الاقتصادية كأولوية ثانية لمجموعة العمل مع التركيز على الدول التي تعاني من أزمات اقتصادية وكيف يمكن حماية النساء في هذه الأوقات من العواقب الاقتصادية والاجتماعية لهذه الأزمات، وستسعى المجموعة لجمع الممارسات الجيدة والواعدة للضمانات القانونية و الدستورية لتحقيق المساواة النوعية وستتنوع آلياتها في العمل بين إقامة الجلسات وزيارة الدول الى جانب العمل مع هيئات الامم المتحدة والمقررين الخواص والتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني.

التقرير الأخير المتعلق بالنساء والمساواة النوعية في هذه الدورة هو تقرير المقررة الخاصة للإتجار بالبشر وخاصة بالنساء والأطفال ويركز التقرير على العدالة الجنائية وبحث كيفية تبني مقاربة حقوقية في قضايا الإتجار وأهم جوانب هذه المقاربة من تجريم الإتجار وعدم تجريم الضحايا وتحسين خدمات الحماية المقدمة لهم، وكذلك كشف الشبكات الدولية في مجال الإتجار فضلا عن تجريم الجرائم الأخرى المتعلقة بالإتجار مثل الفساد وغسيل الأموال وإعاقة العدالة وغيرها وتشدد المقررة على أهمية التعاون الوثيق بين مؤسسات العدالة الجنائية ومنظمات دعم الضحايا والمجتمع المدني.

أما بالنسبة للقرارات المتعلقة بالنساء في هذه الدورة، سيناقش المجلس خلال هذه الجلسة مشروعي قرارين ينتظر تبنيهما في هذه الدورة القرار الاول متعلق بالعنف ضد النساء وهو القرار الثالث في هذه السلسلة ويسعى مشروع القرار الى التركيز على آليات التعويض والحماية والإنصاف ويؤكد مشروع القرار على أهمية وصول النساء اللاتي تعرضن لعنف إلى الرعاية الطبية والدعم النفسي الذي يحتجن اليه ويشير مشروع القرار إلى أهمية ملاحقة الجناة ووجود قوانين ناجزة تعاقب على العنف ضد النساء وأهمية المعالجة المجتمعية للقضية وإزالة الوصمة عن المتعرضات للعنف وإدماج الرجال في مشروعات مقاومة العنف.

مشروع القرار الآخر متعلق بالتمييز ضد النساء والتمييز المتعدد الذي يتعرضن له ويناقش مشروع القرار ظاهرة تأنيث الفقر وزيادة معدلاته بين النساء ويطلب من الدول تعزيز مشاركة النساء في دوائر صنع القرار والتركيز على التعليم كأداة قوية في مكافحة التمييز وتحقيق المساواة النوعية.

هذا ولا تزال البعثة الدبلوماسية لمصر بمجلس حقوق الإنسان تمارس دورا كبيرا في إعاقة تبني مقاربات حقوقية لقضايا النساء ، وترفض البعثة الإقرار أن للنساء حقوق مختلفة أو منفصلة كما أنها لا تقبل ترحب بمصطلحات مثل التمييز المتعدد الذي تتعرض له النساء، بالاضافة الى محاولات البعثة بشتى الطرق تضييق الخناق على منظمات المجتمع المدني وعدم السماح لهم بالمشاركة في الجلسات التشاورية غير الرسمية.